علي البدر وبدر شاكر السياب وليلته الأخيرة
((بدر شاكر السياب... صرخة في ضمير الشعب))
25 كانون الثاني 1926 - 24 كانون الثاني 1964
وتمر السنون وتعود ذكريات جامع السيف في البصرة ونحن طلبة المرحلة المتوسطة. رجل خليجي عرفنا لهجته أنه كويتي يسأل عن بيت السياب.
- من أنت يا عم؟
- أنا صديقه. جلبته محمولاً بصندوق خشبي فقد مات غريباً في المستشفى الأميري. ذهبتُ للمعقل ووجدت ان العائلة قد طُرِدَت من البيت وإن السياب قد فُصل من دائرته في الموانئ وهو على فراش الموت.
تجمع البعض وحملوا التابوت من سقف سيارة التاكسي وأدخلوه الجامع. رحت مهرولاً إلى البيت وأنا أبكي حيث تذكرت أبي الذي لم أره في حياتي، فقد توفي وأنا طفل أحبو. إرتميت على صدر أخي الكبير "أحمد" وهو معلم ذو أفكارِ ثورية وأخبرته بما حدث حيث عرف الاسم وتألم وقال: سيأتي يوم ويتغير كل شيء وقد أكون غير موجود إما مقتولاً أو معتقلاً أو مهاجراً. وفعلاً وقف السياب شامخاً على ضفاف شط العرب وشاع اسم جيكور وبيت الأقنان وكوت المراجيج "المراقيق أو الرق أو العبيد" واشتهر نهر البويب كما اشتهر نهر التايمز او السين والفرات و النيل وكأنه نهر كبير مهيب. وكبرت بعد ان تربيت على مكتبة أخي الذي غادرنا كما توقع وعلمت ان الشخص الذي حمل التابوت هو الأديب الشاعر الكويتي المرحوم "علي السبتي." كتبت رسالة إليه وأرسلتها بالبريد مع نسخة من قصتي القصيرة "سلاماً يا بدر بن شاكر" حيث أجابني ممتناً ونشر القصة في مجلة اتحاد أدباء الكويت، وانا احتفظ برسالته كوثيقة عزيزة. الحديث يطول والتأريخ ينزف ألماً ..تحياتي اليكم احبتي..
عراق يا عراق حتى الظلام فيك أجمل.
أجل صوت السياب يصدح مردداً وهو في آخر أيامه، بل في آخر حياته... في ليلته الأخيرة
تحياتي إليك أيها الوفي لتربة العراق وها أنا أحاور ليلتك الأخيرة وأنت تعود إلينا يبللك المطر.
علي البدر
قاص وناقد أدبي وتشكيلي
**********************************************
قصيدة "الليلة الأخيرة" بدر شاكر السياب
أن يَكتُبَ اللهُ ليَ العودةَ إلى العراق
فَسَوفَ ألثُمُ الثرى، أعانقُ الشَّجر
أصيحُ بالبَشَر:
" يا أرج الجنةِ، يا أخوةَ يا رِفاق،
الحسنُ البصريُّ جابَ أرضَ واق واق
ولندنَ الحديدِ والصَّخَر،
فما رَأى أحسنَ عَيشاً مِنه في العراق"
قصيدة "العودة" علي البدر
كَتبَ اللُه العودة لكَ
يا سيّابُ إلى العراق
مَحمولاً بِصندوقٍ
وأنتَ باشتياق
إلي الماءِ إلى الثرى إلى الشجَر
والشوقُ من جَسدِكَ انهمر
وَداعاً يا ألم
حَبيبي يا عِراق
جيكورُ بانتظار،
تفتحُ النوافذ الكثار.
تغنّي أُنشودةَ المطر
وَداعاً يا فِراق.
أتوسد الثرى
وبين ظلال الشجر
"مطر. مطر. مطر"..
.
علي البدر/ العراق
((بدر شاكر السياب... صرخة في ضمير الشعب))
25 كانون الثاني 1926 - 24 كانون الثاني 1964
وتمر السنون وتعود ذكريات جامع السيف في البصرة ونحن طلبة المرحلة المتوسطة. رجل خليجي عرفنا لهجته أنه كويتي يسأل عن بيت السياب.
- من أنت يا عم؟
- أنا صديقه. جلبته محمولاً بصندوق خشبي فقد مات غريباً في المستشفى الأميري. ذهبتُ للمعقل ووجدت ان العائلة قد طُرِدَت من البيت وإن السياب قد فُصل من دائرته في الموانئ وهو على فراش الموت.
تجمع البعض وحملوا التابوت من سقف سيارة التاكسي وأدخلوه الجامع. رحت مهرولاً إلى البيت وأنا أبكي حيث تذكرت أبي الذي لم أره في حياتي، فقد توفي وأنا طفل أحبو. إرتميت على صدر أخي الكبير "أحمد" وهو معلم ذو أفكارِ ثورية وأخبرته بما حدث حيث عرف الاسم وتألم وقال: سيأتي يوم ويتغير كل شيء وقد أكون غير موجود إما مقتولاً أو معتقلاً أو مهاجراً. وفعلاً وقف السياب شامخاً على ضفاف شط العرب وشاع اسم جيكور وبيت الأقنان وكوت المراجيج "المراقيق أو الرق أو العبيد" واشتهر نهر البويب كما اشتهر نهر التايمز او السين والفرات و النيل وكأنه نهر كبير مهيب. وكبرت بعد ان تربيت على مكتبة أخي الذي غادرنا كما توقع وعلمت ان الشخص الذي حمل التابوت هو الأديب الشاعر الكويتي المرحوم "علي السبتي." كتبت رسالة إليه وأرسلتها بالبريد مع نسخة من قصتي القصيرة "سلاماً يا بدر بن شاكر" حيث أجابني ممتناً ونشر القصة في مجلة اتحاد أدباء الكويت، وانا احتفظ برسالته كوثيقة عزيزة. الحديث يطول والتأريخ ينزف ألماً ..تحياتي اليكم احبتي..
عراق يا عراق حتى الظلام فيك أجمل.
أجل صوت السياب يصدح مردداً وهو في آخر أيامه، بل في آخر حياته... في ليلته الأخيرة
تحياتي إليك أيها الوفي لتربة العراق وها أنا أحاور ليلتك الأخيرة وأنت تعود إلينا يبللك المطر.
علي البدر
قاص وناقد أدبي وتشكيلي
**********************************************
قصيدة "الليلة الأخيرة" بدر شاكر السياب
أن يَكتُبَ اللهُ ليَ العودةَ إلى العراق
فَسَوفَ ألثُمُ الثرى، أعانقُ الشَّجر
أصيحُ بالبَشَر:
" يا أرج الجنةِ، يا أخوةَ يا رِفاق،
الحسنُ البصريُّ جابَ أرضَ واق واق
ولندنَ الحديدِ والصَّخَر،
فما رَأى أحسنَ عَيشاً مِنه في العراق"
قصيدة "العودة" علي البدر
كَتبَ اللُه العودة لكَ
يا سيّابُ إلى العراق
مَحمولاً بِصندوقٍ
وأنتَ باشتياق
إلي الماءِ إلى الثرى إلى الشجَر
والشوقُ من جَسدِكَ انهمر
وَداعاً يا ألم
حَبيبي يا عِراق
جيكورُ بانتظار،
تفتحُ النوافذ الكثار.
تغنّي أُنشودةَ المطر
وَداعاً يا فِراق.
أتوسد الثرى
وبين ظلال الشجر
"مطر. مطر. مطر"..
.
علي البدر/ العراق