نواح القلم
ولد ارنستو جيفارا والملقب ب تشي جيفارا في 14 من يونيو سنة 1928م ، في مدينة “روساريو” بالأرجنتين ، من عائلة ميسورة الحال حيث تربع جده المركز الثاني كأغنى رجل في أمريكا الجنوبية ، اقتصرعمل أسرته في تجارة المواشي كما كانوا من ملاك الأراضي . ينحدر جيفارا من أصول اسبانية ايرلندية ، حيث كان جيفارا هو الابن الأكبر بين خمسة أطفال ، وعرف بكونه كارها للاستحمام في طفولته ؛ كانت عائلته ذات ميول سياسي يساري وكثيرة التنقل ، مما سيأثر عليه في مستقبله ، كما عرف بإعطائه لأغراضه وألعابه وبثوريته ودفاعه عن أصدقائه منذ طفولته ، لكنه كان يعاني من نوبات الربو شديدة الحدة منذ الثالثة من عمره ، رغم ذلك لم يؤثر عليه الأمر حيث كان محبا للرياضة والحركة ، عرف جيفارا أيضا بذكائه الحاد ، حيث أحب لعبة الشطرنج وكان يلعبها مع والده ، كما كان عاشقا للشعر ومهتما كبير بالأبيات الشعرية .
دخل جيفارا إلى جامعة \” بوينس أيرس \” سنة 1948م ليدرس فيها الطب ، وهذا يعود إلى معاناة جدته من مرض القلب ، مما دفعه ليدرس الطب عوض الهندسة التي كان يحبها ، وقد قام بإنهاء دراسته في ثلاث سنوات فقط عوض ستة سنوات .
قبل تخرج جيفارا بسنة (1951م) أخذ اجازة عام كامل ، ليأخذ دراجته هو وصديقه \” ألبيرتو غرانادو \” ، لزيارة كل دول قارة أمريكا الجنوبية ، وقد تعرضوا لحادث بالدراجة كاد أن يودي بحياتهم ، وفي أثناء الرحلة تأثر جيفارا بالفقر والمجاعة التي تشهدها القارة ، بسبب الاحتكار الذي تقوم به الامبريالية الرأسمالية . وقد عمل جيفارا وصديقه مع الفقراء كي يلبوا متطلبات العيش خلال الرحلة ، رغم كونهم يملكون المال الكافي لأداء رحلتهم ، وهنا عرف جيفارا طريقة عيش الفقراء وطريقة تفكيرهم ، بسبب التصادم الذي كان يلاقيه العمل معهم ، وهنا كون جيفارا عدائه للمتسلطين والحكام الدكتاتورين والموجوعون للشعوب ، ليعود بعد ذلك جيفارا إلى الأرجنتين ليكمل دراسته ، ليحصل على شهادة الطب سنة 1953م ، وعمل كممرض على متن البواخر ، لكنه ظل متصلا بالقارة اللاتينية التي أثرت عليه .
رحلة تشي جيفارا الثانية ( غواتيمالا )
قرر جيفارا في السابع من يوليو سنة 1953م ، الذهاب إلى غواتيمالا التي تعاني من الحروب الأهلية والفقر المدقع ، وبرحلته هذه ازداد سخط جيفارا عن الرأسماليين الذين يستغلون البلاد ، ومن هنا انضم جيفارا إلى كتيبة ثائرة على الاقلاب العسكري ، ليحارب مع الثوار الذين عارضو الانقلاب الذي قاده اليميني المتطرف \” كارلوس كاستيلو أرماس \” ، والذي دعمته الولايات المتحدة الأمريكية ليطيح بالنظام الشرعي ، بغية السيطرة على البلاد والتحكم في اقتصادها ؛ وهذا بعدما قررت حكومة \” أربينز \” قبل سنة من الانقلاب اعادة توزيع الأراضي ، التي كان 2% من الشعب يمتلكون 70% من الأراضي الزراعية ، بالطبع هذا أغضب الاقطاعيين الرأسماليين والذي استعانوا بالجيش لإعادة سلطتهم .
وهذا ما أثر في تشي وجعله يتعاطف مع الحكومة الشرعية ، التي كانت تود كسر مظاهر الاستغلال والعبودية في البلاد ، حيث كان يسعف المصابين من الثوار ، كما انضم إلى الفرقة المسلحة ، وكان يرى أن على الحكومة تسليح الشعب بأكمله لمواجهة المرتزقة القادمة من الحدود الهند وراسية ، لكن الجيش كان له رأي آخر ، وفي نهاية المطاف وبسبب ضغوطات الجيش استقال أربينز متقدما نحو السفارة المكسيكية ، وانهارت الحكومة بعده ملتجئين إلى سفارات الدول الأخرى ، خشية التعرض للاعتقال أو الاغتيال ، وهنا جيفارا تقدم هو الأخر إلى السفارة الأرجنتينية لكنه طلب التأشيرة من السفارة المكسيكية ، لكن حبيبته \” هيليدا \” تعرضت للاعتقال مما جعله ينهار ، وقد أراد أن يسلم نفسه إلى الشرطة هو الأخر ، لكن أصدقائه منعوه من الأمر .
زواج ارنستو جيفارا
تزوج ارنستو من صديقته \” هيليدا جاديا أكوستا \” التي تكبره بسنتين ، وهي مواطنة من البيرو تعرف عليها ارنستو في غواتيمالا ، وقد ساعدته في التعرف على السياسيين البارزين في غواتيمالا ، مستغلة منصبها في الحزب اليساري \” أمريكانا \” ، وقد تزوجوا في سبتمبر سنة 1955م في المكسيك ؛ لكن لم يستمر زواجهم كثيرا حيث انفصلوا في مايو سنة 1959م ، بعدما أنجبو طفلة أسموها هيلدا . ليتزوج بعد ذلك تشي جيفارا بعشيقته \” أليدا مارش \” التي ترك من أجلها زوجته السابقة ، وهي شابة حاربت بجانبه أثناء الثورة ، حيث كانت تصغره بتسع سنوات ، وقد عقدوا القران في 2 يونيو سنة 1959م ، وقد أنجبت من جيفارا أربعة أبناء وهما أليدا ، وكاميلو ، وسيليا ، وارنستو . رغم كون أليدا كانت تعيش مع ارنستو منذ سنة 1958م ، وهو في هذه الحال كان لا يزال متزوجا ب هيليدا
الأنفاس الأخيرة للثائر تشي جيفارا
سيطر جيفارا على مدينة “سامايباتا” البوليفيا ، بعد الاستلاء على ثكنتها العسكرية ، وقد بدأ تشي بعلاج أهل القرية دون الكشف عن هويته واسمه الحقيقي ، لكن وجد جيفارا مشكلة في التواصل مع رفاقه في المناطق الأخرى ، لذلك كان يستعين بفلاحين لاستدلاله على الطرق ، وهنا تعرض جيفارا ورفقائه للوقوع في خدعة منسقة مع الجيش البوليفي ، حيث أقدم فلاح على اصالهم إلى أحد الأنهار للوصول إلى الضفة الأخرى ، لكن ومع الوصول إلى منتصف النهر بدأت أصوات الرصاص ترتفع ناحيتهم ، وهنا وقعت مذبحة بين الثوار ، هرب جيفارا ومن معه متجهين نحو الشمال قاصدين “وادي تشورو” ، وقد كانوا حذرين من التصادم مع الجيش بشكل مباشر ، نظرا لقلة أعدادهم بالمقارنة مع الخصم . وبسبب المرضى والمصابين الذين كانوا معه كان تقدمهم بطيئا ، مما جعل بعض الفلاحين يوشون بهم ، وهذا ما سهل محاصرتهم .
أصيب جيفارا في أحد ساقيه مما اضطر صديقه إلى تسليم أنفسهم ، إلى أحد الجنديين اللذان كانا يبحثان عنهم ، لينقلاهما إلى الضابط البوليفي “غاري برادو سالمون” والذي نقلهم بدوره إلى بلدة “لاهيغييرا” ، بعدما وصلوا إلى البلدة ب 18h حكم على جيفارا بالإعدام . ليموت الأسطورة الثائر في 9 من تشرين الأول أكتوبر سنة 1967م ، في ” لاهيغييرا ” ب بوليفيا ، ليقبر في حفرة سرية هو ورفاقه في ” فايي غراندي “- بوليفيا ، وفي سنة 1997م نقل رفاته إلى ” سانتا كلارا ” ب كوبا .
تعليق