ما هي نظرية كل شيء
في عصرنا هذا، عصر التطوّر العلمي الرهيب، وصلنا إلى نقطةٍ استثنائيّةٍ في تقدّم العلوم لم تبلغها البشريّة سابقًا على حدّ علمنا، والكثير من الفيزيائيين الرائديين يعتقدون أننا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى نظريّةٍ علميّةٍ فزيائيّةٍ شاملة، أُطلق عليها نظرية الكل شيء وتمثّل الصيغة الرياضيّة الموّحدة التي تنضوي تحتها جميع النظريات الفيزيائيّة.
فما هي نظرية الكل شيء وما هي تفاصيلها؟ وهل اقتربنا حقًّا من الوصول إلى مثل هذه النظريّة؟ أم أن علماءنا في أوهامٍ بعيدةٍ؟ في مقالنا هذا سنجيب عن كل هذه التساؤلات مستفيضين في ذكر تفاصيل نظريّة الكل شيء التي تحوم حولها جهود العلماء الحثيثة منذ قرن العشرين وحتى وقتنا الحاضر.
تعريف نظرية الكل شيء
نظرية الكل شيء (Theory of Everything واختصارًا TOE أو ToE) أو النظريّة النهائيّة أو النظريّة الكلّية أو النظريّة الرئيسيّة، جميعها أسماءٌ شائعة تلخّص معنىً عميقًا يصف نظريّةً افتراضيّةً، يعتقد العلماء أنها ستشكل الإطار النظري الذي يضمُّ جميع العلوم والجوانب الفيزيائيّة للكون بشكلٍ كاملٍ ويقوم بشرحها وربطها وجمعها معًا في خندقٍ واحد.
على وجه الخصوص يرى العلماء أن نظرية الكل شيء ستغدو مفتاح الربط بين الصرحين الفيزيائيّين الأساسيّين للقرن العشرين، ألا وهما النظرية النسبيّة العامّة ونظرية الكموميّة. وبما أن النظريّة النسبية العامة تصف الأجسام الكبيرة جدًا والمجريّة، في حين أن النظرية الكموميّة تتطرّق للأجسام الصغيرة جدًّا ودون الذريّة، فإن الجمع بين هاتين النظريّتين بنظريّةٍ واحدةٍ شاملةٍ سيتيح لنا وصفًا لكل من الأجسام الصغيرة والكبيرة، بالتالي وصفًا شاملًا لعالمنا، وهذه النظريّة الشاملة دُعيت بنظريّة الكل شيء (ToE).
نظرية الكل شيء وقوى الكون الأربعة
تنصّ نظرية الأوتار (String theory) على أنّه منذ نشأة الكون كانت هناك قوّةٌ واحدةٌ رئيسيّةٌ تفرّعت عنها، مع نشأة الكون وخلقه، أربع قوى فرعيّة أساسيّة، وجميع القوى الأخرى التي نعرفها مشتقّة بدورها من هذه القوى الأربعة، وهذه القوى هي: القوى النووية الشديدة، التأثير الكهرومغناطيسي، القوى الضعيفة، و أخيرًا قوى الجاذبية.
وهنا يأتي دور نظرية الكل شيء فأي نظريّةٍ حتى يتم قّبولها كنظريّةٍ شاملةٍ يجب أن تشمل القوى الأربعة الأساسيّة. لحسن الحظ فإن القوتين النووية الشديدة والضعيفة وكذلك التأثير الكهرومغناطيسية تجمعهم النظريّة الكموميّة مسبقًا. لكن الصعوبة الأساسيّة في صياغة نظريّة الكل شي تمثّلت في الواقع في إيجاد صلة ربطٍ بين القوى الثلاثة السابقة وقوى الجاذبيّة، فأي جُسيمٍ ذريٍّ أو دون ذري يحمل ضمنه القوى الثلاث (الكموميّة)، لكن لا يوجد أيّ منها يحمل داخله أو يمكن أن يتأثر بقوى الجاذبيّة.
والجدير بالذكر أن بعض الفيزيائيين يعتقدون وجود مثل هذا الجُسيم وأطلقوا عليه اسم "غرافيتون Graviton". جسيمات غرافيتون هذه يجب عليها أن تمتلك كتلةً معدومةً وأن تدور باتجاهٍ معينٍ ووفق محورٍ محددٍ، بالإضافة إلى أن سرعتها يجب أن تعادل سرعة الضوء. ولكن للأسف لم يستطع أي أحدٍ اكتشاف مثل هذه الجسيمات حتى وقتنا الحاضر.
تقدّم العلماء في صياغة نظرية الكل شيء
في سبيل ربط القوى الأربع معًا لشرح نظرية الـ ToE، ربط العلماء في سبعينيات القرن الماضي القوى الكهرومغناطيسية، التي توجّه سلوك الضوء والبنية الذرية، بالقوى النووية الضعيفة التي تدعم الطريقة التي تتحلّل بها الجزيئات. ثم أرادوا إيجاد طريقةٍ لربط هاتين القوّتين بالقوى النووية القوية، التي تجمع بين جزيئات أصغر مثل البروتونات والنيوترونات في النوى الذريّة. وتركوا قوى الجاذبية جانبًا ذلك لأنهم لا يملكون حتى الآن صيغةً لذلك، لكنهم يقتربون من ذلك مع الملاحظات القيّمة التي وصلوا إليها في سبتمبر 2015.
المشكلة في الخروج من نظرية الكل شيء بوصف لجميع الظواهر الفيزيائيّة تكمن في أن كل قوّةٍ من القوى الأربع تعبر عن نفسها بشكلٍ مختلفٍ، والجمع بينها في نظريةٍ واحدةٍ أمرٌ صعبٌ. فكر في الأمر مثل الحكاية الهنديّة القديمة التي تذكُر الرجال الثلاثة العميان والفيل. كل رجلٍ من الرجال الثلاث قام بلمس جزءٍ مختلفٍ من جسم الفيل، معتقدًا أنه جسمٌ منفصلٌ. الرجل الذي لمس الذيل ظنّه حبلًا، والآخر الذي لمس السّاق اعتقده عمودًا، وهكذا. ولأنهم كانوا عاجزين عن الرؤية لم يعرفوا أن ما لمسوه كان جسمًا واحدًا هو الفيل، وليست أجسامًا منفصلة.
وكذلك يفترض الفيزيائيون أن كل شيءٍ ينشأ من منبعٍ واحدٍ متأصّل، لكنهم لم يجدوا حتى الآن الصيغة الرياضية التي يمكن لها أن تصف كل الظواهر والقوى من حولنا بشكلٍ فرديٍّ وبصورةٍ مجتمعةٍ.
إمكانيّة وجود نظريّة ToE من الأصل!
في الواقع هناك الكثير من العلماء والفيزيائيين الذين يعتبرون نظرية الكل شيء طريقًا مسدودًا وأن لا طائلة ولا فائدة تُرجى من التعمّق ومحاولة الخروج بمثل هكذا نظريّة. العالم بيتر وويت Peter Woit، فيزيائيٌّ نظريٌّ في جامعة كولومبيا، كان دائمًا ما يلوم زملائه في محاولاتهم الضائعة للبحث وصياغة نظريّة ToE، والتي اعتبرها وهمًا غير موجود.
وكتب وويت في مدوّنته "أن المشكلة في توحيد العلوم في نظريّةٍ واحدةٍ ليست بأن الأبحاث التي سعت من أجلها خلال الثلاثين سنة الماضية كانت بطيئةً جدًا"، وأضاف "بل المشكلة الحقيقية أن الأدلة التي تظهر مرارًا وتكرارًا للباحثين تُفضي دومًا إلى نتائجَ سلبيّةٍ تدحض وجود وصحّة مثل هذه النظريّة".
وهكذا نرى أن خروجنا بنظريّةٍ موحّدةٍ تجمع كل الفروع الفيزيائيّة والظواهر الكونيّة المختلفة في خندقٍ واحدٍ، قد لا يكون بعيدًا وقد يكون بعيدًا جدًا او مستحيلًا في نفس الوقت، ولكن مع ذلك لا زالت جهود العلماء والباحثين مستمرّةً لابتكار صيغةٍ واضحةٍ وشاملةٍ من نظرية الكل شيء والتي ستغدو نقلةً نوعيّةً في قرننا الواحد والعشرين، إن حدثت طبعًا.
في عصرنا هذا، عصر التطوّر العلمي الرهيب، وصلنا إلى نقطةٍ استثنائيّةٍ في تقدّم العلوم لم تبلغها البشريّة سابقًا على حدّ علمنا، والكثير من الفيزيائيين الرائديين يعتقدون أننا قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى نظريّةٍ علميّةٍ فزيائيّةٍ شاملة، أُطلق عليها نظرية الكل شيء وتمثّل الصيغة الرياضيّة الموّحدة التي تنضوي تحتها جميع النظريات الفيزيائيّة.
فما هي نظرية الكل شيء وما هي تفاصيلها؟ وهل اقتربنا حقًّا من الوصول إلى مثل هذه النظريّة؟ أم أن علماءنا في أوهامٍ بعيدةٍ؟ في مقالنا هذا سنجيب عن كل هذه التساؤلات مستفيضين في ذكر تفاصيل نظريّة الكل شيء التي تحوم حولها جهود العلماء الحثيثة منذ قرن العشرين وحتى وقتنا الحاضر.
تعريف نظرية الكل شيء
نظرية الكل شيء (Theory of Everything واختصارًا TOE أو ToE) أو النظريّة النهائيّة أو النظريّة الكلّية أو النظريّة الرئيسيّة، جميعها أسماءٌ شائعة تلخّص معنىً عميقًا يصف نظريّةً افتراضيّةً، يعتقد العلماء أنها ستشكل الإطار النظري الذي يضمُّ جميع العلوم والجوانب الفيزيائيّة للكون بشكلٍ كاملٍ ويقوم بشرحها وربطها وجمعها معًا في خندقٍ واحد.
على وجه الخصوص يرى العلماء أن نظرية الكل شيء ستغدو مفتاح الربط بين الصرحين الفيزيائيّين الأساسيّين للقرن العشرين، ألا وهما النظرية النسبيّة العامّة ونظرية الكموميّة. وبما أن النظريّة النسبية العامة تصف الأجسام الكبيرة جدًا والمجريّة، في حين أن النظرية الكموميّة تتطرّق للأجسام الصغيرة جدًّا ودون الذريّة، فإن الجمع بين هاتين النظريّتين بنظريّةٍ واحدةٍ شاملةٍ سيتيح لنا وصفًا لكل من الأجسام الصغيرة والكبيرة، بالتالي وصفًا شاملًا لعالمنا، وهذه النظريّة الشاملة دُعيت بنظريّة الكل شيء (ToE).
نظرية الكل شيء وقوى الكون الأربعة
تنصّ نظرية الأوتار (String theory) على أنّه منذ نشأة الكون كانت هناك قوّةٌ واحدةٌ رئيسيّةٌ تفرّعت عنها، مع نشأة الكون وخلقه، أربع قوى فرعيّة أساسيّة، وجميع القوى الأخرى التي نعرفها مشتقّة بدورها من هذه القوى الأربعة، وهذه القوى هي: القوى النووية الشديدة، التأثير الكهرومغناطيسي، القوى الضعيفة، و أخيرًا قوى الجاذبية.
وهنا يأتي دور نظرية الكل شيء فأي نظريّةٍ حتى يتم قّبولها كنظريّةٍ شاملةٍ يجب أن تشمل القوى الأربعة الأساسيّة. لحسن الحظ فإن القوتين النووية الشديدة والضعيفة وكذلك التأثير الكهرومغناطيسية تجمعهم النظريّة الكموميّة مسبقًا. لكن الصعوبة الأساسيّة في صياغة نظريّة الكل شي تمثّلت في الواقع في إيجاد صلة ربطٍ بين القوى الثلاثة السابقة وقوى الجاذبيّة، فأي جُسيمٍ ذريٍّ أو دون ذري يحمل ضمنه القوى الثلاث (الكموميّة)، لكن لا يوجد أيّ منها يحمل داخله أو يمكن أن يتأثر بقوى الجاذبيّة.
والجدير بالذكر أن بعض الفيزيائيين يعتقدون وجود مثل هذا الجُسيم وأطلقوا عليه اسم "غرافيتون Graviton". جسيمات غرافيتون هذه يجب عليها أن تمتلك كتلةً معدومةً وأن تدور باتجاهٍ معينٍ ووفق محورٍ محددٍ، بالإضافة إلى أن سرعتها يجب أن تعادل سرعة الضوء. ولكن للأسف لم يستطع أي أحدٍ اكتشاف مثل هذه الجسيمات حتى وقتنا الحاضر.
تقدّم العلماء في صياغة نظرية الكل شيء
في سبيل ربط القوى الأربع معًا لشرح نظرية الـ ToE، ربط العلماء في سبعينيات القرن الماضي القوى الكهرومغناطيسية، التي توجّه سلوك الضوء والبنية الذرية، بالقوى النووية الضعيفة التي تدعم الطريقة التي تتحلّل بها الجزيئات. ثم أرادوا إيجاد طريقةٍ لربط هاتين القوّتين بالقوى النووية القوية، التي تجمع بين جزيئات أصغر مثل البروتونات والنيوترونات في النوى الذريّة. وتركوا قوى الجاذبية جانبًا ذلك لأنهم لا يملكون حتى الآن صيغةً لذلك، لكنهم يقتربون من ذلك مع الملاحظات القيّمة التي وصلوا إليها في سبتمبر 2015.
المشكلة في الخروج من نظرية الكل شيء بوصف لجميع الظواهر الفيزيائيّة تكمن في أن كل قوّةٍ من القوى الأربع تعبر عن نفسها بشكلٍ مختلفٍ، والجمع بينها في نظريةٍ واحدةٍ أمرٌ صعبٌ. فكر في الأمر مثل الحكاية الهنديّة القديمة التي تذكُر الرجال الثلاثة العميان والفيل. كل رجلٍ من الرجال الثلاث قام بلمس جزءٍ مختلفٍ من جسم الفيل، معتقدًا أنه جسمٌ منفصلٌ. الرجل الذي لمس الذيل ظنّه حبلًا، والآخر الذي لمس السّاق اعتقده عمودًا، وهكذا. ولأنهم كانوا عاجزين عن الرؤية لم يعرفوا أن ما لمسوه كان جسمًا واحدًا هو الفيل، وليست أجسامًا منفصلة.
وكذلك يفترض الفيزيائيون أن كل شيءٍ ينشأ من منبعٍ واحدٍ متأصّل، لكنهم لم يجدوا حتى الآن الصيغة الرياضية التي يمكن لها أن تصف كل الظواهر والقوى من حولنا بشكلٍ فرديٍّ وبصورةٍ مجتمعةٍ.
إمكانيّة وجود نظريّة ToE من الأصل!
في الواقع هناك الكثير من العلماء والفيزيائيين الذين يعتبرون نظرية الكل شيء طريقًا مسدودًا وأن لا طائلة ولا فائدة تُرجى من التعمّق ومحاولة الخروج بمثل هكذا نظريّة. العالم بيتر وويت Peter Woit، فيزيائيٌّ نظريٌّ في جامعة كولومبيا، كان دائمًا ما يلوم زملائه في محاولاتهم الضائعة للبحث وصياغة نظريّة ToE، والتي اعتبرها وهمًا غير موجود.
وكتب وويت في مدوّنته "أن المشكلة في توحيد العلوم في نظريّةٍ واحدةٍ ليست بأن الأبحاث التي سعت من أجلها خلال الثلاثين سنة الماضية كانت بطيئةً جدًا"، وأضاف "بل المشكلة الحقيقية أن الأدلة التي تظهر مرارًا وتكرارًا للباحثين تُفضي دومًا إلى نتائجَ سلبيّةٍ تدحض وجود وصحّة مثل هذه النظريّة".
وهكذا نرى أن خروجنا بنظريّةٍ موحّدةٍ تجمع كل الفروع الفيزيائيّة والظواهر الكونيّة المختلفة في خندقٍ واحدٍ، قد لا يكون بعيدًا وقد يكون بعيدًا جدًا او مستحيلًا في نفس الوقت، ولكن مع ذلك لا زالت جهود العلماء والباحثين مستمرّةً لابتكار صيغةٍ واضحةٍ وشاملةٍ من نظرية الكل شيء والتي ستغدو نقلةً نوعيّةً في قرننا الواحد والعشرين، إن حدثت طبعًا.