نظرية التطور والارتقاء
البذور الأولى حول نظرية التطور والارتقاء
في القرن 500 قبل الميلاد عاش الفيلسوف الإغريقي أناكسيماندر في ميليتوس (تركيا)، والذي لاحظ أن أطفال البشر يولدون ضعفاء، وقد فكر أن الإنسان لا بدّ وأنه قد انحدر من نوعٍ آخر من المخلوقات الأكثر شبابًا وقدرةً على العيش بدون أي مساعدةٍ. واستنتج أن هؤلاء الأسلاف يجب أن يكونوا سمكًا، لأن السمك يفقس من البيض ويبدأ حياته مباشرةً بدون مساعدةٍ من والديه. ومن هذا التساؤل افترض أن الحياة كلها بدأت في البحر، وكانت تلك الهواجس اللبنات الأولى لأفكر نظرية التطور والارتقاء لاحقًا.
وفي القرن 18، بدأ العالم كارل لينيوس بتصنيف الأنواع حسب صفاتها المتشابهة وترك خلفه رسمًا بعدة فروعٍ تنحدر من عدة جذوعٍ، وحسب شجرة العائلة فإن الأنواع تربطها قرابةٌ ونشأت من أسلافٍ مشتركين، الأمر الذي ألهم إيرسموس داروين وكتب قصيدةً ألمحت إلى التطور البيولوجي، وهو ما رآه حفيده تشارلز بوضوحٍ لاحقًا بعد رحلةٍ حول العالم.
وخلال رحلته توقف تشارلز في جزيرة غالاباغوس، وهناك وجد عدة أدلةٍ. كان الدليل الرئيسي اكتشافه لعدة أنواعٍ من الطائر المحاكي، باختلافاتٍ طفيفةٍ بينها خاصةً في المنقار. أما الدليل الآخر فوجده خلال قراءته للاقتصادي مالتوس الذي اعتقد في بداية الثورة الصناعية ومع تصاعد مشكلات التضخم السكاني أن الكثير من الأشخاص يولدون أكثر مما يمكنهم البقاء على قيد الحياة، بسبب قلة الطعام والمساحة.
وقد ارتكب داروين بعض الأخطاء، خاصةً فيما يتعلق بعدم شرحه لأصل الأنواع، فاليوم نعرف أن السبب يعود للتحول الجيني، ونعرف حالاتٍ من التطور السريع مثل البكتيريا التي أصبحت خلال سنواتٍ أكثر مقاومةً للمضادات.
داروين وأصل الأنواع
في القرن التاسع عشر وضع تشارلز داروين وألفريد رسل والاس (Alfred Russel Wallace) نظرية التطور والارتقاء لكن داروين كان الأكثر شهرةً من زميله الذي طور أيضًا هذه النظرية، والتي هي اختصارٌ من عبارة نظرية التطور بالاصطفاء الطبيعي، والتي تهدف فكرتها إلى شرح كيفية تغير الكائنات الحية، أو تطورها.
وصاغ تشارلز داروين النظرية لأول مرة في كتابٍ عن أصل الأنواع عام 1859 وقد هوجم بقسوةٍ عندما نشره وتعرض للسخرية برسمه كاريكاتوريًّا بجسم قرد. مع أنه لم يقل أبدًا أن الإنسان أصله قرد ولم يخترع أي نظرية نشوءٍ، لكنه بنى نظريةً كاملةً من تلك الفكرة، وطافت في سماء العلم لنحو قرنٍ من الزمن.
نظرية التطور والارتقاء
تعتبر نظرية التطور بالاصطفاء الطبيعي واحدةً من أقوى النظريات في تاريخ العلم، حيث دُعمت بأدلةٍ من تخصصاتٍ علميةٍ واسعة بما فيها علم الأعراق والجيولوجيا وعلم الوراثة وعلم الأحياء التنموي، كما تعد أحد المرتكزات الأساسية للنظرية البيولوجية الحديثة.
تقوم فكرة النظرية على أن كل الأنواع تجمعها صلة قرابةٍ وتنحدر من جدودٍ مشتركةٍ؛ فأنواعٌ مختلفةٌ من النبات والحيوان وغيرها من الكائنات الحية على كوكب الأرض تملك أصلًا لها في أنواعٍ أخرى سابقة على وجودها، وقد تطورت هذه الأنواع تدريجيًّا عبر الزمن كنتيجةٍ لتغيّرٍ جينيٍّ أثر في الصفات الجسدية أو السلوكية القابلة للتوريث، وتمنح بعض هذه الصفات ميزةً لأفرادٍ على أفرادٍ آخرين، وجاءت الاختلافات المميزة بسبب التغيرات في الأجيال المتعاقبة، والتغييرات التي تسمح للكائن الحي بالتأقلم مع بيئته ستساعده في البقاء على قيد الحياة والحصول على المزيد من النسل. فالتنوع اللامحدود في الحياة هو ثمار العملية الارتقائية.
مثلًا، انحدر البشر والثدييات الأخرى من حيوانٍ كالمخلوقات التي عاشت قبل أكثر من 150 مليون سنة؛ كما تشترك الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات والسمك بالأسلاف، وهي الديدان التي عاشت قبل 600 مليون سنة؛ وانحدرت كل النباتات والحيوانات من بكتريا كتلك المجهرية التي عاشت قبل 3 مليار سنة. إذًا فالتطور البيولوجي هو عملية التكاثر مع التعديل.
الاصطفاء الطبيعي
ترى نظرية التطور والارتقاء لداروين أن التطور يحدث عبر الاصطفاء أو الانتخاب الطبيعي؛ حيث يظهر أفراد من الأنواع اختلافًا في الصفات الجسدية، ويكون هذا الاختلاف بسبب تغير في جيناتهم. يكون هؤلاء الأفراد بمميزاتهم المتأقلمة أكثر مع بيئاتهم أقدر على الصمود والبقاء وإيجاد الطعام وتجنب المفترسين ومقاومة المرض، وهم الأكثر ميلًا للتكاثر وتمرير جيناتهم إلى ذريتهم.
أما الأفراد الأقل تأقلمًا مع بيئاتهم فيكونون أقل ميلًا للبقاء على قيد الحياة والتكاثر، وبالتالي فجيناتهم أقل عرضةً للانتقال إلى الجيل التالي. بالنتيجة، فالأفراد الأكثر تأقلمًا مع بيئاتهم هم الأقدر على الحياة، وبمرور الوقت ستتطور الأنواع بالتدريج.
أنواع التطور
البذور الأولى حول نظرية التطور والارتقاء
في القرن 500 قبل الميلاد عاش الفيلسوف الإغريقي أناكسيماندر في ميليتوس (تركيا)، والذي لاحظ أن أطفال البشر يولدون ضعفاء، وقد فكر أن الإنسان لا بدّ وأنه قد انحدر من نوعٍ آخر من المخلوقات الأكثر شبابًا وقدرةً على العيش بدون أي مساعدةٍ. واستنتج أن هؤلاء الأسلاف يجب أن يكونوا سمكًا، لأن السمك يفقس من البيض ويبدأ حياته مباشرةً بدون مساعدةٍ من والديه. ومن هذا التساؤل افترض أن الحياة كلها بدأت في البحر، وكانت تلك الهواجس اللبنات الأولى لأفكر نظرية التطور والارتقاء لاحقًا.
وفي القرن 18، بدأ العالم كارل لينيوس بتصنيف الأنواع حسب صفاتها المتشابهة وترك خلفه رسمًا بعدة فروعٍ تنحدر من عدة جذوعٍ، وحسب شجرة العائلة فإن الأنواع تربطها قرابةٌ ونشأت من أسلافٍ مشتركين، الأمر الذي ألهم إيرسموس داروين وكتب قصيدةً ألمحت إلى التطور البيولوجي، وهو ما رآه حفيده تشارلز بوضوحٍ لاحقًا بعد رحلةٍ حول العالم.
وخلال رحلته توقف تشارلز في جزيرة غالاباغوس، وهناك وجد عدة أدلةٍ. كان الدليل الرئيسي اكتشافه لعدة أنواعٍ من الطائر المحاكي، باختلافاتٍ طفيفةٍ بينها خاصةً في المنقار. أما الدليل الآخر فوجده خلال قراءته للاقتصادي مالتوس الذي اعتقد في بداية الثورة الصناعية ومع تصاعد مشكلات التضخم السكاني أن الكثير من الأشخاص يولدون أكثر مما يمكنهم البقاء على قيد الحياة، بسبب قلة الطعام والمساحة.
وقد ارتكب داروين بعض الأخطاء، خاصةً فيما يتعلق بعدم شرحه لأصل الأنواع، فاليوم نعرف أن السبب يعود للتحول الجيني، ونعرف حالاتٍ من التطور السريع مثل البكتيريا التي أصبحت خلال سنواتٍ أكثر مقاومةً للمضادات.
داروين وأصل الأنواع
في القرن التاسع عشر وضع تشارلز داروين وألفريد رسل والاس (Alfred Russel Wallace) نظرية التطور والارتقاء لكن داروين كان الأكثر شهرةً من زميله الذي طور أيضًا هذه النظرية، والتي هي اختصارٌ من عبارة نظرية التطور بالاصطفاء الطبيعي، والتي تهدف فكرتها إلى شرح كيفية تغير الكائنات الحية، أو تطورها.
وصاغ تشارلز داروين النظرية لأول مرة في كتابٍ عن أصل الأنواع عام 1859 وقد هوجم بقسوةٍ عندما نشره وتعرض للسخرية برسمه كاريكاتوريًّا بجسم قرد. مع أنه لم يقل أبدًا أن الإنسان أصله قرد ولم يخترع أي نظرية نشوءٍ، لكنه بنى نظريةً كاملةً من تلك الفكرة، وطافت في سماء العلم لنحو قرنٍ من الزمن.
نظرية التطور والارتقاء
تعتبر نظرية التطور بالاصطفاء الطبيعي واحدةً من أقوى النظريات في تاريخ العلم، حيث دُعمت بأدلةٍ من تخصصاتٍ علميةٍ واسعة بما فيها علم الأعراق والجيولوجيا وعلم الوراثة وعلم الأحياء التنموي، كما تعد أحد المرتكزات الأساسية للنظرية البيولوجية الحديثة.
تقوم فكرة النظرية على أن كل الأنواع تجمعها صلة قرابةٍ وتنحدر من جدودٍ مشتركةٍ؛ فأنواعٌ مختلفةٌ من النبات والحيوان وغيرها من الكائنات الحية على كوكب الأرض تملك أصلًا لها في أنواعٍ أخرى سابقة على وجودها، وقد تطورت هذه الأنواع تدريجيًّا عبر الزمن كنتيجةٍ لتغيّرٍ جينيٍّ أثر في الصفات الجسدية أو السلوكية القابلة للتوريث، وتمنح بعض هذه الصفات ميزةً لأفرادٍ على أفرادٍ آخرين، وجاءت الاختلافات المميزة بسبب التغيرات في الأجيال المتعاقبة، والتغييرات التي تسمح للكائن الحي بالتأقلم مع بيئته ستساعده في البقاء على قيد الحياة والحصول على المزيد من النسل. فالتنوع اللامحدود في الحياة هو ثمار العملية الارتقائية.
مثلًا، انحدر البشر والثدييات الأخرى من حيوانٍ كالمخلوقات التي عاشت قبل أكثر من 150 مليون سنة؛ كما تشترك الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات والسمك بالأسلاف، وهي الديدان التي عاشت قبل 600 مليون سنة؛ وانحدرت كل النباتات والحيوانات من بكتريا كتلك المجهرية التي عاشت قبل 3 مليار سنة. إذًا فالتطور البيولوجي هو عملية التكاثر مع التعديل.
الاصطفاء الطبيعي
ترى نظرية التطور والارتقاء لداروين أن التطور يحدث عبر الاصطفاء أو الانتخاب الطبيعي؛ حيث يظهر أفراد من الأنواع اختلافًا في الصفات الجسدية، ويكون هذا الاختلاف بسبب تغير في جيناتهم. يكون هؤلاء الأفراد بمميزاتهم المتأقلمة أكثر مع بيئاتهم أقدر على الصمود والبقاء وإيجاد الطعام وتجنب المفترسين ومقاومة المرض، وهم الأكثر ميلًا للتكاثر وتمرير جيناتهم إلى ذريتهم.
أما الأفراد الأقل تأقلمًا مع بيئاتهم فيكونون أقل ميلًا للبقاء على قيد الحياة والتكاثر، وبالتالي فجيناتهم أقل عرضةً للانتقال إلى الجيل التالي. بالنتيجة، فالأفراد الأكثر تأقلمًا مع بيئاتهم هم الأقدر على الحياة، وبمرور الوقت ستتطور الأنواع بالتدريج.
أنواع التطور
- التطور التقاربي (Convergent Evolution): يكون عندما يتطور نفس نمط التكيف بشكلٍ مستقلٍ تحت ضغوط اختيارٍ متشابهة.
- كمثالٍ، طورت كل الحشرات الطائرة والطيور والخفافيش القدرة على الطيران، لكن بشكلٍ مستقلٍ عن بعضها البعض.
- التطور المشترك (Co-Evolution): عند تطور نوعين أو مجموعتين من الأنواع جنبًا إلى جنب، حيث يتكيف أحدهما مع تغيرات الآخر.
- مثالها الأزهار وحشرات التلقيح كالنحل.
- الإشعاع التكيفي (Adaptive Radiation): عندما ينقسم النوع إلى عددٍ من الأشكال الجديدة، بسبب تغير في البيئة يوفر موارد جديدة أو يخلق تحدياتٍ بيئيةً جديدةً.
- مثالٌ عليها تطور أشكال مناقير مختلفة لدى طيور الحسون في جزيرة غالاباغوس لتستفيد من أنواع الطعام المتنوعة المتوفرة في مختلف الجزر.