مفهوم التاريخ عند ابن خلدون
- بواسطة: رنا ازريق - ١٦ يوليو ٢٠١٧
التاريخ عند ابن خلدون:
مفهوم التاريخ اختلف العلماء في تعريف التاريخ، وظهرت العديد من التعريفات التي اعتمدت على سبل العيش، واختلاف مناحي الحياة السياسيّة، والاقتصاديّة، والدين، واشتركت التعاريف في الأسس التي اعتمدت عليها، وقد عرّف ابن خلدون التاريخ في مقدّمته المشهورة بصورة أخرى، وصفت بالشموليّة، والتطوّر، لذلك سنتحدّث في هذا المقال عن مفهوم التاريخ عند ابن خلدون.
التاريخ عند ابن خلدون مفهوم التاريخ التاريخ بمفهوم ابن خلدون له وجهان ظاهر وباطن، وظاهرالتاريخ يخبر عن الأيّام والدول والسوابق من القرون الأولى، وتنمو فيها الأقوال والأمثال المضروبة، أمّا باطنه فالنظر، والتدقيق، وتعليل الكائنات، والعلم بكيفيّة الوقائع، وأسباب حدوثها، وبذلك يكون التاريخ عريقاً، وعميقاً، وجديراً بأن يكون علماً يوقفنا على أخبار الأمم الماضية وأخلاقها، وسير الأنبياء، والملوك في سياساتهم ودولهم، وذكر أخبار تعود لعصر وزمن معيّنين، كما يخبر التاريخ عن الاجتماع الإنساني، فموضوع التاريخ في نظر ابن خلدون يدور حول الإنسان وأعماله، وما تحمله من أسباب ومبرّرات ونتائج.
عناصر التاريخ وأغراضه عناصر التاريخ الأساسيّة في مفهوم ابن خلدون هي:
الإنسان، والماضي، والتقلّب في الزمن، وهي العناصر المشابهة لمفهوم الباحثين السابقين، وزاد ابن خلدون على ذلك:
التعليل، والتفلسف، واكتشاف الأسباب.
والغرض من التاريخ في مفهوم ابن خلدون هو ضرب الأمثال، والوقوف على تقلّب أحوال الناس، وتعليل سبب وقوع الأحداث السابقة، وتناول المجتمعات الإنسانيّة جميعها على اختلاف العصور، والبلدان، ولقد اعتمد ابن خلدون على التاريخ باعتباره معرفة وفنّاً، وظهرت المعرفة في التعرّف على أحوال الأمم السابقة، والإخبار عنهم، حيث إنّ العلم بالكيفيّات والأسباب هو من أنواع المعرفة، وأّما اعتماد التاريخ فنّاً فيقصد به حرفة التاريخ، وصنعته، وقد اشتملت مقدّمة ابن خلدون على قوانين تاريخيّة مشابهة للقوانين الطبيعيّة، مثل قانون السبب والمسبّب، وقانون الاستحالة والإمكان، وقانون التشابه والتباين.
أسباب أخطاء المؤرخين في نظر ابن خلدون الاعتماد على النقل فقط، ولم يأخذ المؤرّخون طبيعة العمران، والأحوال في المجتمعات، وقواعد السياسة، وأصول العادات بعين الاعتبار.
عدم قياس الحاضر بالماضي، والغائب من التاريخ بالشاهد عليه. عدم تنقية الأحداث التاريخيّة من الأخبار الكاذبة، وتحرّي الصدق فيها.
البعد عن أخذ التبدّل في الأمم والأحوال، واختلاف الأجيال عند النظر إلى التاريخ.
الابتعاد عن الموضوعيّة، والتحيّز لمذاهب وآراء معيّنة، فعند الحديث عن تاريخ الأمم والمذاهب التي يتحيّز لها المؤرّخ، يشرح الوقائع بالتفصيل والإمعان، وعند ذكر أمور لا يهتم لها المؤرّخ يكون الحديث مختصراً، ولا يتحرّى الدقّة. ميول بعض المؤرّخين للتقرّب من أصحاب السيادة والمراتب الرفيعة، فتظهر أخبار لا تمتّ للحقيقة بصلة، تكثر من المديح والثناء على أصحاب المراكز العليا.