لينا هويان الحسن
الشتاء هو: رائحة الشاي الخمير، والتتن الحموي الذي يلفّه عمي أحمد ( أبو عزوز) رحمه الله' وهو يسرد لنا ذكرياته، عن الضباع والذئاب والحيّات واللصوص. ذاكرة بدوي عامرة بالحياة:
( عمي، هل تخاف من الضباع!؟
لا، أبدًا!
والذئاب!؟
لا، لا ما حدا يخوّف غير بني آدم)
ذات مرّة قرر دخول جحرٍ تلوذ به أنثى ضبع أرّقت ليل العشيرة، لفَّ لبادّة صوف ودفعها أمامه وهو يزحف في الجحر الذي هو في الواقع بقايا مدفن روماني منقور بالصخر. انتظره خارج باب المغارة، عمّي جاسم وعمّي شامان وأبي الذي كان طفلًا ولا يتذكر الحادثة، و جدّتي ومعها نساء وأطفال ينتظرون ختام واحدة من مغامرات عمي أبو عزّوز الذي كان شجاعًا إلى حدّ الطيش.
كل ما يذكره أنّ القنديل الذي معه انطفأ بغتة، وأنه غرز خنجره في لحم الوحش الحي وصرخ مستنجدًا: "طالعوني أكلني الضبع!" سحبه عمّي، إلى الخارج، وكان أبو عزوز، سليمًا تمامًا إلًا من الخوف الذي ظلّ يحكي عنه طوال حياته' الخوف في العتمة وأمامك ضبع!؟
-عمّي أنت ما تخاف؟!
- واللهِ أخاف، بس قلبي قوي.
- ما هو القلب القوي!؟
- أن لا يعلم الضبع أنّك خائف!
لأنّ الحيّاة ليست إلّا ذكرياتنا الطيبة، الدافئة، أحببتُ أن أشارككم بقصّة دافئة من ذكرياتي في الضيعة وتلك السهرات المليئة بالضحك والمضافة التي ينحشر بها كلّ أبناء وبنات العم، لنستمع لحكايات عمنا، أبو عزوز وقصص ( طيشه) كما كان يحبّ أن يسميها، فقد ظلّ ينكر أنه ( شجاع) ويصف نفسه بالمجنون الطائش.
رحمك الله أيها العمّ النادر، وهل الحياة إلّا الحماقات التي نرتكبها باستمتاع كبير! الأخطاء، الهفوات، النزوات هي ملح الحياة، ومسليّة أكثر بكثير من الصواب.
نهاركم سعيد وطيب بنكهة الأكل الذي تشتهون وبرائحة ذكرياتكم الدافئة.
#لينا_هويان_الحسن
#صباح_الخير
**********************************
Sabri Yousef، وFatat Hasan
- Fayez El-masri
جميل ما تطرحينه أستاذة لينا، ولكن من أين لك هذه القدرة على المزاوجة بين حداثة مظهرك، وبداوة طرحك!