ما هو الاستشراق
لا يزال وإلى يومنا هذا، هناك أشخاص ومجموعات من مختلف الأعراق والأجناس، تحاول جاهدةً تشويه صورة بلدان وحضارة المشرق في أعين الناس، هذ الفكرة ليست جديدةً وكانت سابقًا تنطوي تحت ممارساتٍ عُرفت باسم الاستشراق (Orientalism).
المفهوم والتعريف
إن الجذر اللغوي لمصطلح الاستشراق هو "الشرق"، ونعني بالشرق حضارة الشعوب العربية بكافة أشكالها الثقافية والأخلاقية والمعتقدات الدينية. وأما الاستشراق فهو دراسة العلماء الغربيين للمجتمع الشرقي والحضارة العربية.
أخذ هذا المصطلح منحى سلبيًّا جدًّا في فترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث وصفه بعض الغربيين بعباراتٍ غير لائقةٍ وشككوا في ثقافة العرب وأهل الشرق عمومًا وأخلاقهم، وكانت ردة فعلهم العنيفة هذه بسبب تأثرهم بمواقف الإمبريالية الأوروبية في ذلك العصر.
الفكرة وراءه
جاءت هذه الفكرة من عدم فهم العلماء والمؤرخين الغرب للمجتمع الشرقي وعاداته وتقاليده بشكلٍ جيّدٍ، لأنها كانت (ومازالت) مختلفةً عن عادتهم، بالإضافة إلى أن المعلومات المنقولة عن حضارة العالم العربي كانت مُحَرَّفةً ويتم إلباسها ثوب الضياع والظلم، حيث صوَر العلماءُ الغربيون العربَ وأهل الشرق بأنهم متخلفون أو همج، وهكذا برروا لأنفسهم أفعالهم الاستعمارية بحجة تخليص الحضارة الشرقية من عاداتها المقيِّدة للانفتاح، ونشر الديمقراطية وتحسين الواقع العربي.
دوافع الاستشراق
في البداية، كانت الشعوب في المجتمعات الغربية (سواء أكانوا مسيحيون أو يهودًا أو غير ذلك)، لا تعلم عن الدين الإسلامي شيئًا، الإسلام بالنسبة إليهم عبارة عن ثلاث أفكار؛ التعصب و تعدد الزوجات والإيمان بالقضاء والقدر، لذلك ومنذ ظهور الدين الإسلامي، حاول الكثير منهم تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وقلة قليلة كانت على درايةٍ بأن كلمة "الإسلام" تعني الخضوع لله فقط.
في الحقيقة، يعتقد الأوروبيين (وبخاصةٍ المسيحيين واليهود) بأن "اللَّه" إله المسلمين فقط، إذ أنهم عندما يقعون في مشكلة فهم يلجؤون إلى الله، وعندما تتحقق أمانيهم يسجدون شاكرين لله. بعد هذه الفترة بسنواتٍ، بدأ يظهر اهتمام الغرب بالدول العربية الإسلامية، وقد نبع هذا الاهتمام من اشتراك العرب في الشؤون السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم.
تاريخ الاستشراق
استخدم الفقهاء الغربيون (مؤسسو الاستشراق الغربي) مصطلح الاستشراق في مطلع القرن الثامن عشر دلالة على المِنح الدراسية والتي كانت تُدَرَّس باللغة الشرقية، وبحلول القرن التاسع عشر، أسسوا العديد من المجتمعات التعليمية في عدة أماكنَ مثل Asiatique في باريس عام 1821، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وإيرلندا عام 1823، والجمعية الأمريكية الشرقية عام 1842، و خُصِّصَت كل منها لتدريس اللغة والثقافة الشرقية في أوروبا، كما عُقد أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس عام 1873.
استمرَّ هذا المصطلح يحمل معنى لا بأس به حتى عام 1978، في هذه الفترة، تعمق في معناه الكاتب والمفكر إدوارد سعيد، وهو كاتبٌ مشهورٌ يحمل الجنسية الفلسطينية-الأمريكية، حيث اكتشف بأن هذه المجتمعات التعليمية وهذه المِنح ليست إلا أرضية اعتمدتها الدول الأوروبية لتسلح نفسها، وتتجهز للسيطرة على العالم الشرقي، وهنا عُرِفَ المعنى التحقيري للاستشراق.
مظاهر الاستشراق
ظهر الجانب السلبي من الاستشراق جليًّا في العصور الوسطى من خلال الرسوم التعبيريّة المعادية للإسلام، فمثَّلت هذه الرسوم الديانة الإسلامية كديانة تعصُّبٍ، وكانت أغلبها جزءًا من تخيلات ما حول الدين الإسلامي وليس الحقيقة. أما في العصر الحديث والذي يسمى في بعض الأوساط عصر التنوير، فقد اعتُبِرَت كل هذه الرسوم حريةَ تعبيرٍ شخصية وتم التحفّظ عليها كجزءٍ من تاريخٍ.
كما انتشرت العلمانية (العلمانية بالمختصر هي فصل الدين عن السياسة أو التفكير بالسياسة بعيدًا عن الدين والعكس صحيح) في بعض المناطق كفرنسا، وادّعى حينها رئيس فرنسا العلمانية، ولكنه عَمِلَ بشكلٍ مخالفٍ تمامًا لذلك، إذ أنه أصدر قرارًا يقضي بمنع ارتداء الحجاب للفتيات المسلمات في فرنسا، مبررًا ذلك بأن "البرقع" أو الحجاب ليس علامةً دينيةً، إنما هو دليلٌ على التبعية الدينية فقط والانحطاط الفكري.
الاستشراق حديثًا
بالرغم من أن مصطلح الاستشراق أخذ منحىً واسعًا بمفهومه المشوّه عامةً، وقد ساعد على انتشار هذا المفهوم السيء وسائل الإعلام القديمة من صحفٍ ومجلاتٍ وشاشات التلفاز، إلا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تبدّل هذا المصطلح بمصطلحاتٍ أقلّ تجريحًا وأعلى شأنًا مثل "الدراسات الإقليمية" أو "دراسات المنطقة".
وفي حين سعى بعض علماء الغرب لإبراز الصورة الواضحة لعالم الشرق وتحسين معنى الاستشراق، إلا أنه مازال يحمل معنى انحيازيًّا، فإذا طُلِب من شخصٍ في دولةٍ غربيةٍ إعداد دراسةٍ عن الاستشراق، فسيقوم بدراسة الإسلام بغض النظر عن دوافعه، وبالتالي لن يؤثر تبديل مصطلح "الاستشراق" بأي مصطلحٍ آخر شيء، فيبدو كمن لبس ثيابًا أنيقةً ولكن جسمه متسخٌ ورائحته غير جيدةٍ.
لا يزال وإلى يومنا هذا، هناك أشخاص ومجموعات من مختلف الأعراق والأجناس، تحاول جاهدةً تشويه صورة بلدان وحضارة المشرق في أعين الناس، هذ الفكرة ليست جديدةً وكانت سابقًا تنطوي تحت ممارساتٍ عُرفت باسم الاستشراق (Orientalism).
المفهوم والتعريف
إن الجذر اللغوي لمصطلح الاستشراق هو "الشرق"، ونعني بالشرق حضارة الشعوب العربية بكافة أشكالها الثقافية والأخلاقية والمعتقدات الدينية. وأما الاستشراق فهو دراسة العلماء الغربيين للمجتمع الشرقي والحضارة العربية.
أخذ هذا المصطلح منحى سلبيًّا جدًّا في فترة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث وصفه بعض الغربيين بعباراتٍ غير لائقةٍ وشككوا في ثقافة العرب وأهل الشرق عمومًا وأخلاقهم، وكانت ردة فعلهم العنيفة هذه بسبب تأثرهم بمواقف الإمبريالية الأوروبية في ذلك العصر.
الفكرة وراءه
جاءت هذه الفكرة من عدم فهم العلماء والمؤرخين الغرب للمجتمع الشرقي وعاداته وتقاليده بشكلٍ جيّدٍ، لأنها كانت (ومازالت) مختلفةً عن عادتهم، بالإضافة إلى أن المعلومات المنقولة عن حضارة العالم العربي كانت مُحَرَّفةً ويتم إلباسها ثوب الضياع والظلم، حيث صوَر العلماءُ الغربيون العربَ وأهل الشرق بأنهم متخلفون أو همج، وهكذا برروا لأنفسهم أفعالهم الاستعمارية بحجة تخليص الحضارة الشرقية من عاداتها المقيِّدة للانفتاح، ونشر الديمقراطية وتحسين الواقع العربي.
دوافع الاستشراق
في البداية، كانت الشعوب في المجتمعات الغربية (سواء أكانوا مسيحيون أو يهودًا أو غير ذلك)، لا تعلم عن الدين الإسلامي شيئًا، الإسلام بالنسبة إليهم عبارة عن ثلاث أفكار؛ التعصب و تعدد الزوجات والإيمان بالقضاء والقدر، لذلك ومنذ ظهور الدين الإسلامي، حاول الكثير منهم تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وقلة قليلة كانت على درايةٍ بأن كلمة "الإسلام" تعني الخضوع لله فقط.
في الحقيقة، يعتقد الأوروبيين (وبخاصةٍ المسيحيين واليهود) بأن "اللَّه" إله المسلمين فقط، إذ أنهم عندما يقعون في مشكلة فهم يلجؤون إلى الله، وعندما تتحقق أمانيهم يسجدون شاكرين لله. بعد هذه الفترة بسنواتٍ، بدأ يظهر اهتمام الغرب بالدول العربية الإسلامية، وقد نبع هذا الاهتمام من اشتراك العرب في الشؤون السياسية والاقتصادية الكبرى في العالم.
تاريخ الاستشراق
استخدم الفقهاء الغربيون (مؤسسو الاستشراق الغربي) مصطلح الاستشراق في مطلع القرن الثامن عشر دلالة على المِنح الدراسية والتي كانت تُدَرَّس باللغة الشرقية، وبحلول القرن التاسع عشر، أسسوا العديد من المجتمعات التعليمية في عدة أماكنَ مثل Asiatique في باريس عام 1821، والجمعية الملكية الآسيوية في بريطانيا وإيرلندا عام 1823، والجمعية الأمريكية الشرقية عام 1842، و خُصِّصَت كل منها لتدريس اللغة والثقافة الشرقية في أوروبا، كما عُقد أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس عام 1873.
استمرَّ هذا المصطلح يحمل معنى لا بأس به حتى عام 1978، في هذه الفترة، تعمق في معناه الكاتب والمفكر إدوارد سعيد، وهو كاتبٌ مشهورٌ يحمل الجنسية الفلسطينية-الأمريكية، حيث اكتشف بأن هذه المجتمعات التعليمية وهذه المِنح ليست إلا أرضية اعتمدتها الدول الأوروبية لتسلح نفسها، وتتجهز للسيطرة على العالم الشرقي، وهنا عُرِفَ المعنى التحقيري للاستشراق.
مظاهر الاستشراق
ظهر الجانب السلبي من الاستشراق جليًّا في العصور الوسطى من خلال الرسوم التعبيريّة المعادية للإسلام، فمثَّلت هذه الرسوم الديانة الإسلامية كديانة تعصُّبٍ، وكانت أغلبها جزءًا من تخيلات ما حول الدين الإسلامي وليس الحقيقة. أما في العصر الحديث والذي يسمى في بعض الأوساط عصر التنوير، فقد اعتُبِرَت كل هذه الرسوم حريةَ تعبيرٍ شخصية وتم التحفّظ عليها كجزءٍ من تاريخٍ.
كما انتشرت العلمانية (العلمانية بالمختصر هي فصل الدين عن السياسة أو التفكير بالسياسة بعيدًا عن الدين والعكس صحيح) في بعض المناطق كفرنسا، وادّعى حينها رئيس فرنسا العلمانية، ولكنه عَمِلَ بشكلٍ مخالفٍ تمامًا لذلك، إذ أنه أصدر قرارًا يقضي بمنع ارتداء الحجاب للفتيات المسلمات في فرنسا، مبررًا ذلك بأن "البرقع" أو الحجاب ليس علامةً دينيةً، إنما هو دليلٌ على التبعية الدينية فقط والانحطاط الفكري.
الاستشراق حديثًا
بالرغم من أن مصطلح الاستشراق أخذ منحىً واسعًا بمفهومه المشوّه عامةً، وقد ساعد على انتشار هذا المفهوم السيء وسائل الإعلام القديمة من صحفٍ ومجلاتٍ وشاشات التلفاز، إلا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تبدّل هذا المصطلح بمصطلحاتٍ أقلّ تجريحًا وأعلى شأنًا مثل "الدراسات الإقليمية" أو "دراسات المنطقة".
وفي حين سعى بعض علماء الغرب لإبراز الصورة الواضحة لعالم الشرق وتحسين معنى الاستشراق، إلا أنه مازال يحمل معنى انحيازيًّا، فإذا طُلِب من شخصٍ في دولةٍ غربيةٍ إعداد دراسةٍ عن الاستشراق، فسيقوم بدراسة الإسلام بغض النظر عن دوافعه، وبالتالي لن يؤثر تبديل مصطلح "الاستشراق" بأي مصطلحٍ آخر شيء، فيبدو كمن لبس ثيابًا أنيقةً ولكن جسمه متسخٌ ورائحته غير جيدةٍ.