15 فيلماً يجب أن تشاهدهم للممثل روبيرت دي نيرو
مهند الجندي
05/09/2014
سطع النجم روبيرت دي نيرو، من مواليد 17 أغسطس 1943، في أوائل السبعينات بفضل أدوار مميزة قدمها في أفلام مثل “Bang The Drum Slowly” و “Mean Street” والتي كشفت النقاب عن موهبته إلى العالم بأسره.
واستمر على هذا المنوال من التألق بتقديمه أدواراٍ صعبة ومتفجرة إلى السينما طوال العقود الأربعة اللاحقة.
نقدم لكم هنا 15 شخصية أساسية من مسيرة أحد أهم الممثلين في تاريخ السينما..
Awakenings – 1990
يقوم “بيني مارشل” بإخراج هذا الفيلم برقة تامة، وهو مقتبس عن مذكرات طبيب الأمراض العصبية “أوليفر ساك” التي تحمل نفس الاسم.
يؤدي روبين ويليامز، في أحد أدواره الدرامية الأولى، دور طبيب “مؤمرك”. ودي نيرو، في أحد أدواره الخافتة والهادئة، يؤدي دور مريض عاش في غيبوبة لعقود، قبل أن يتم إيقاظه باستخدام دواء “ليفودوبا”.
إن الطريقة شبة الطفولية التي يتعامل بها دي نيرو مع العالم هي متعة خالصة للمشاهدة، وتجعلك كمشاهد تُقدر الأشياء الصغيرة التي تجعل من الحياة أمر ثمين وتستحق العيش من أجلها. إنه مثالٌ هوليودي كلاسيكي على الفيلم المجتر للدموع ولأقصى درجة.
The Mission – 1984من إخراج رولاند جوفي، قادماً من نجاح فيلمه الأسبق The Killing Fields، الذي يقدم هنا ملحمة قوية بأسلوب أحد عظماء السينما، ديفيد لين.
الفيلم كذلك مكتوب بقلم أحد المتعاونين الدائمين مع لين وهو السيناريست روبيرت بولت، ويلعب دي نيرو دور مرتزق وتاجر عبيد يشهد إصلاحاً وتغييراً جذرياً في حياته عبر تواصله مع الآباء اليسوعيين.
بالإضافة على احتواء الفيلم على تصوير سينمائي أخاذ ومجموعة من أفضل المقاطع الموسيقية التي وضعها الموسيقار الإيطالي إينيو موريكوني، يقدم الفيلم مزجاً متوازناً بين العوامل الطبيعية للقصة وجوانبها الحميمة والشخصية، يدعمها بشكل أساسي التمثيل رائع من دي نيرو وجيرمي آيرونز.
The Untouchables – 1987
في نسخة المخرج براين دي بالما الممتعة للغاية عن مسلسل الخمسينات القديم، يزيد دي نيرو من وزنه مجدداً ويقدم عدواً هائلاً ومفزعاً للمحقق إليوت نيس (كيفن كوستنر) وفريق عمله.
يلعب دي نيرو دور رجل المافيا الشهير آل كابون الذي يحكم إمبراطوريته الإجرامية بقبضة من حديد، شاهد المشهد الذي يتكلم به دي نيرو عن أن “تعمل مع الفريق” مع رجاله، وذلك وهو يحمل مضرب البيسبول. إنها واحدة من اللحظات السينمائية الأيقونية في الثمانينيات.
إنه أداء شجاع واستعراضي، ينجح دي نيرو به دون عناء، وهو متناسق تماماً مع رتم إخراج دي بالما الأوبرالي المبهرج للفيلم ككل، ولا تنسى رؤية التحية لفيلم Battleship Potemkin خلال المشهد الطويل المثير على السلالم.
Angel Heart – 1987
في فيلم النوار الأسلوبي الصادم هذا للمخرج ألن باركر، تجري أحداثه في خمسينات لويزيانا، دي نيرو هو مثال رائع على نظرية بأن الممثل لا يحتاج لوقت طويل على الشاشة بل الطريقة التي يوظف بها هذا الوقت ليترك أثراً خالداً.
يؤدي في الفيلم دور لويس سايفر، شخص غامض يوظف محققاً شخصياً اسمه هاري انجيل (ميكي رورك بأرخص حالته) للعثور على مغنية مفقودة.
الدليل على مدى جودة دي نيرو في هذا الفيلم، هو شعورك بالفزع وعدم الراحة تجري في عظامك سواء كان على الشاشة أو لا. وهو الدليل على مدى براعة التمثيل. دينيس هوبر قدم شيئاً مماثلاً في تحفة ديفيد لينش Blue Velvet عام 1986. Angel Heart فيلم منسي لم يتم تقديره بشكل كافٍ في مسيرة دي نيرو.
Midnight Run – 1988
بعد أن أبدى سابقاً حاسة كوميديا غير مستخدمة جيداً، يلعب روبيرت دي نيرو هنا دور صائد مكافآت مُكلف بالقبض على محاسب انقلب على رؤسائه من رجال المافيا، يقوم بدوره تشارلز غرودن.
إنه فيلم صديقين متناقضين كلاسيكي، والتفاهم بين دي نيرو وغرودين رائع جداً في فيلم الكوميديا والحركة غير المقدر والذي أخرجه مارتن بريست في أواخر الثمانينيات.
كما أنه يملك أحد أفضل الجمل الترويجية المكتوبة على البوستر: “المباحث تريده حياً. المافيا تريده ميتاً. روبيرت دي نيرو يريده أن يصمت!”.
Silver Linings Playbook – 2012
بعد عدة سنين من الغرابة السينمائية، وتقديمه سلسلة من الأفلام الهزيلة مثل Rocky & Bullwinkle، كان Silver Linings Playbook بمثابة العودة لهذا الممثل البارع.
بفضل الإخراج القوي من ديفيد أو. راسيل الذي كان وراء دي نيرو في كل خطوة، رافضاً اعتماد الممثل على أمجاد الماضي، النتيجة كانت مذهلة.
يؤدي دي نيرو دور رب الأسرة “بات” الأكبر الذي يشاهد المشاكل العقلية التي يواجهها ابنه (برادلي كوبر) خلال مجريات القصية ويدرك أن هذا الشبل من ذاك الأسد. دي نيرو مؤثر جداً في تجسيد عدم الاستقرار العقلي الذي يعذب عائلته، خاصة حياة ابنه الأصغر. ثمة إقناع في تقمصه لرجل يُعاني مما يمكن وصفه بالـ”الاضطراب الوجداني ثنائي القطب” الذي يلامس المشاهدين في الصميم.
من المبهج مشاهدة هذا الأداء في فترة متأخرة من مسيرة دي نيرو، حيث بات في أذهان الجميع كنكتة مستهلكة أو عاف عنه الزمن. نأمل أن يواصل تقديم أدوارٍ من هذا العيال وبهذه القيمة.
Mean Streets – 1973
بداية شراكة استثنائية مع المخرج مارتن سكورسيزي، كان هذا فيلماً متحرراً من أية قيود يقدم نظرة غير تقليدية على الحياة والجريمة في نيويورك في بداية السبعينيات.
يؤدي دي نيرو دور جوني بوي، مجرم متهور يعيش في المستوى السفلي للمدينة. سلوك دي نيرو العصبي وتصرفه اللامبالي يبقى مع المشاهد لفترة طويلة بعد نهاية أحداث الفيلم. إنه الأداء الذي دفع الكثير من محبي السينما للانتباه لموهبة دي نيرو وسؤال أنفسهم “من هو هذا الشاب؟”.
1900 – 1977
يقدم دي نيرو هنا ملحمة أخرى كما فعل في The Godfather Part II، وهي نظرة المخرج الإيطالي بيرناردو بيرتلوتشي الطويلة وحالمة على تاريخ بلده الأم.
إنها نظرة ثاقبة على الحياة الإيطالية وسياستها من وجهة نظر رجلين متناقضين سياسياً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. يشعر المشاهد أحيانا بالمعاناة أثناء مشاهدته للفيلم، خاصة بنسخته الأصلية غير المقطعة التي تصل مدتها إلى 317 دقيقة، لكنها تجربة مبهرة على الرغم من ذلك.
Heat – 1995
في فيلم الجريمة والإثارة الماكر والدقيق والمتزن للمخرج مايكل مان، يلعب دي نيرو دور المجرم البارع نيل مكولي الذي يُكرس نفسه لحرفته على حساب كل شيء آخر في حياته، وهو الصورة المطابقة لرجل الشرطة المتفاني فينسنت هانا (آل باتشينو) المُكلف بالقبض عليه وعلى فريق عمله.
النقطة التي يتميز بها الفيلم، ودي نيرو، هي الطريقة التي نشهد بها الإيماءات الصغيرة والنظرات الجسدية التي تقوم بها الشخصيات وتفصح من خلالها على ملايين الأشياء عن كينونتها دون النطق بأي حرف.
كانت هذه المرة الأولى التي يجتمع بها دي نيرو مع آل باتشينو على الشاشة سوياً، وقد اشتهر الفيلم بمشهد المقهى الذي تجتمع به الشخصيتين، وهو دون شك أحد أفضل الأمثلة على التمثيل البارع في تاريخ السينما.
The Deer Hunter – 1978
أحد أول الأفلام الأمريكية التي تتطرق لحرب فيتنام، وهي نظرة عاطفية لا تنسى وأحياناً صادمة على الحرب وما تحدثه في الفرد. يبرز دي نيرو بدور مايكل، أحد ثلاثة أصدقاء توجهوا للمحاربة في فيتنام وتغيرت حياتهم إلى الأبد بعد ذلك. مايكل رجل عادي يحاول استيعاب والتعامل مع ما يمكن وصفه بمواقف الحياة الصعبة وغير الطبيعية.
ورغم أن الفيلم متخبط ومبالغ فيه ببعض الأوقات (نصف ساعة لعرض مقطع زواج؟)، إلا أن الفيلم يحتوي على قوة عاطفية هائلة بحق. تذكر المشهد مع اقتراب نهاية الفيلم عندما يواجه مايكل صديقه المقرب السابق نيك (نال كريستوفر وولكن أوسكار أفضل ممثل مساعد على الدور).
The Godfather – Part II – 1974
بعد رفضه دور مايكل كورليوني في فيلم The Godfather الأول، يظهر دي نيرو في الجزء الثاني بأداءٍ نال عنه جائزة الأوسكار، بطريقة سرد الفيلم المتوازية بين قصة الأب والابن، مقدماً شخصية فيتو كورليوني الشاب ووصوله إلى أمريكا في أوائل القرن الماضي.
بالإضافة إلى الحمل الكبير الذي حمله دي نيرو على عاتقه ليحل محل مارلون براندو، يوظف الممثل أداءً مؤثراً للغاية عن رجلٍ لا يختار حياة إجرامية، بل تختاره هو. كان هذا الدور بمثابة التأكيد على الموهبة التي فرضها دي نيرو في أدواره السابقة.
Goodfells – 1990
يُمثل هذا الفيلم خلاصة مسيرة دي نيرو والمخرج مارتن سكورسيزي الذي لا تشوبه شائبة. إنه فيلم يُمسك في خنّاقك من الدقائق الأولى، مستعرضاً صعود وهبوط رجل العصابات متوسط المستوى هنري هيل (راي ليوتا) بين عصبة غامبينو.
يُغطي الفيلم ما يُقارب 15 سنة من حياة رجل. يؤدي دي نيرو دور جيمي كونواي وهو رجل عصابات أكبر منه في السن يضع هيل تحت جناحه ليرشده ويشرح العالم الذي سيعمل فيه.
دي نيرو جذاب وحقود بنفس الوقت، ويصل لأفضل مستوياته التمثيلية في هذا الفيلم. بمقدوره الإفصاح عن الكثير وبنظرة قوية واحدة ما تعجز التعبير عنه ملايين الكلمات.
Once Upon A Time In America – 1984
يقدم دي نيرو في فيلم العصابات هذا للمخرج سيرجيو ليوني شخصية ديفيد “نودلز” أرانسون، ويؤديه بطريقة متحفظة ضابطة للنفس. شخصيته تعتبر تناقض فعلي لرجل قادر على القيام بأفعال كريمة ولطيفة وارتكاب أفعال أخرى عنيفة وجنونية بنفس الوقت.
يفصل بين الشخصيتين حياته المريرة في عالم المافيا والتي يعيش حبيساً لها رغم عنه. إنه تجسيد مؤثرٌ وعميق لرجلٌ يسمح للحياة أن تدمره لسبب مجهول. أداء دي نيرو في الفيلم هو جوهرة في قلب عمل عبقري خالص.
Taxi Driver – 1976
حتى بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على إنتاجه، لا يزال من الصعب أن نقدر مدى مرض أو اختلال ترافيس بيكل في تحفة مارتن سكورسيزي Taxi Driver، براعة كتابة وتصوير الشخصية ساهمت في إثراء شعبية الفيلم لدرجة وصلت أن بعض المشاهدين يرونه بطلاً يجسد شعورهم الخاص حول الوحدة وآخرون يعدونه نقل حي للشر الدفين في نفسية كل إنسان.
سرعان ما ستكتشف أن المفتاح الرئيس لفهم رسالة الفيلم وتفوقه يأتي من خلال أداء روبيرت دي نيرو الماهر بتحوله السلس ليكون ذلك الشخص بلحمه ودمه، ويفزعنا لتفهمه تلك التعقيدات والمشاكل التي تؤرق صميم ترافيس وتعبيره المقلق عنها.
Raging Bull – 1980
دي نيرو حتماً يحتوي شخصية الملاكم جاك لاموتا في فيلم Raging Bull للمخرج مارتن سكورسيزي وعالمه المتناقض والعويص كله بأداءٍ لا ينسى ويعد الأشهر بمسيرته الحافلة بالإنجازات التمثيلية والأفلام القيمة؛ السر بأدائه لا يكمن فقط بتقمصه للشخصية كدور تمثيلي من بينها متطلبات اللكنة والطباع، أو بتأديته لمعالم وجه جيك ووزنه الزائد فحسب،
بل لأن دي نيرو يلعب الشخصية من الداخل، ويضع يديه على روحها ليُعبر عن الحقيقة المأساوية والتراجيديا الكامنة في نفس جيك؛ والدليل أننا فور نهاية الفيلم، نكون قد تفهمنا جيك كرجل وشعرنا بأوجاعه جيداً، حتى كدنا أن نقدم له أعذاراً واهية.
يتضح ذلك أكثر عند اجتماعه مع جوي قبل خاتمة الخلاص التي نقرئها: “كنت أعماً والآنَ أرى” والمقتبسة من الإنجيل، لقاءه مع شقيقه يضفي للفيلم وشخصيته الرئيسة تلك الفسحة الضيقة ليتنفس منها الصعداء مرة جديدة، لا يُسامحه جوي طبعاً، لأن جيك جنى على نفسه، لكن المشهد برمته يولد شعور حسن عن إصلاح الذات.