أزمة الرؤية الأدبية في الفن التشكيلي
في المشهد الثقافي السوري والعربي ،ثمة دعوات كتابية ارتدادية إلى ثقافة خمسينات وستينات القرن الماضي، تقدم تنازلات فنية، وتضع الحواجز أمام طموحات نقاد الفن التشكيلي، دون الإشارة في أحيان كثيرة إلى الحدود الشاسعة، التي تفصل لغة الفن التشكيلي عن لغة الأدب.
فكل متابعة فنية لا تأخذ بعين الاعتبار النواحي التشكيلية والتقنية الوثيقة الصلة، بتأملات وتحولات وانقلابات تيارات فنون العصر، تعتبر بمثابة ردة إلى الوراء ،لأن عملية إيجاد جمهور متذوق للفن التشكيلي ،لا تتم باستخدام عبارات أدبية، مهما أثبت الكاتب من قدرات إبداعية في خطوات انتقاله من جملة شاعرية متقنة إلى أخرى.
قد يتغذى النقد التشكيلي من الأدب والشعر وليس العكس، وهنا تكمن الصعوبة في عدم قدرة الأدباء على تشريح التكوين التشكيلي وتفكيكه والتدرج من إيقاع لوني إلى آخر، علاوة على طغيان المظهر التأويلي الشمولي، الذي يكاد يلتقي في قواسم دلالية عامة ومشتركة. ورغم أن الأخطاء والمغالطات من السمات البارزة في معظم المقالات الأدبية، التي تتناول معارض الفن التشكيلي ،فإن هناك من يحكم على نقاد الفن التشكيلي بالاغتراب عن الواقع والناس، في محاولة لإعطاء الكتابات الأدبية والصحفية البحتة ،شرعية البقاء والتواصل والاستمرار ، عن غير حق ،في رصد معارض الفن التشكيلي .
والمشكلة الرئيسية التي تعترض خطوات تطوير التجارب النقدية التشكيلية ،تكمن في أن الأدب يساهم في ادلجة التجربة الفنية ،وإضاعة خطوطها ،ويحرفها في اتجاهات ومسارات مزاجية وعشوائية ومفتعلة ،تزيد من حدة العلاقة الملتبسة القائمة بين الفن التشكيلي والأدب في خطوات الكتابة عن العمل التشكيلي البصري .
فالأدباء والشعراء في نهاية الأمر، وفي أوله أيضاً، يقاربون جماليات الفن أو ضرورته من زاوية الأدب أو الشعر، وعلى ضوء ثقافتهم واهتماماتهم التي أملتها قراءاتهم ،لكل شيء ماعدا الفن التشكيلي (رغم وجود بعض الاستثناءات القليلة والنادرة) وبالتالي فهم في نهاية المطاف ادباء ، مهما كتبوا وجهدوا واستشرفوا ونظروا في الفن التشكيلي ، ولا يمكن وضعهم في خانة نقاد الفن التشكيلي .
وعلى سبيل المثال إذا وقف أديب أو شاعر أمام لوحة فنية حديثة، تعالج موضوع أسطورة جلجامش، فإنه سرعان ما يستعيد في خطوات تحليل اللوحة ،ما ترسخ في ذاكرته من تداعيات ميثولوجية قرأها في كتب الأدب،عن موت انكيدو والصراع مع ثور السماء المقدس، والبحث الدائم على سير الحياة والموت والخلود ، بحيث تطغى الرؤية الأدبية على مظاهر تنويعات التداخل التشكيلي والتقني، وهذه الظاهرة تبعد النص التشكيلي المكتوب مسافات عن اللوحة ،وتشكل خطورة على الثقافة التشكيلية التي لم تفقد، رغم طغيان لغة الأدب ،في احيان كثيرة ،على لغة الفن التشكيلي، مقومات انفتاحها على تحولات وتداخلات وتقلبات ثقافة فنون العصر.
___________أديب مخزوم – نشرتها في الصحافة المطبوعة
في المشهد الثقافي السوري والعربي ،ثمة دعوات كتابية ارتدادية إلى ثقافة خمسينات وستينات القرن الماضي، تقدم تنازلات فنية، وتضع الحواجز أمام طموحات نقاد الفن التشكيلي، دون الإشارة في أحيان كثيرة إلى الحدود الشاسعة، التي تفصل لغة الفن التشكيلي عن لغة الأدب.
فكل متابعة فنية لا تأخذ بعين الاعتبار النواحي التشكيلية والتقنية الوثيقة الصلة، بتأملات وتحولات وانقلابات تيارات فنون العصر، تعتبر بمثابة ردة إلى الوراء ،لأن عملية إيجاد جمهور متذوق للفن التشكيلي ،لا تتم باستخدام عبارات أدبية، مهما أثبت الكاتب من قدرات إبداعية في خطوات انتقاله من جملة شاعرية متقنة إلى أخرى.
قد يتغذى النقد التشكيلي من الأدب والشعر وليس العكس، وهنا تكمن الصعوبة في عدم قدرة الأدباء على تشريح التكوين التشكيلي وتفكيكه والتدرج من إيقاع لوني إلى آخر، علاوة على طغيان المظهر التأويلي الشمولي، الذي يكاد يلتقي في قواسم دلالية عامة ومشتركة. ورغم أن الأخطاء والمغالطات من السمات البارزة في معظم المقالات الأدبية، التي تتناول معارض الفن التشكيلي ،فإن هناك من يحكم على نقاد الفن التشكيلي بالاغتراب عن الواقع والناس، في محاولة لإعطاء الكتابات الأدبية والصحفية البحتة ،شرعية البقاء والتواصل والاستمرار ، عن غير حق ،في رصد معارض الفن التشكيلي .
والمشكلة الرئيسية التي تعترض خطوات تطوير التجارب النقدية التشكيلية ،تكمن في أن الأدب يساهم في ادلجة التجربة الفنية ،وإضاعة خطوطها ،ويحرفها في اتجاهات ومسارات مزاجية وعشوائية ومفتعلة ،تزيد من حدة العلاقة الملتبسة القائمة بين الفن التشكيلي والأدب في خطوات الكتابة عن العمل التشكيلي البصري .
فالأدباء والشعراء في نهاية الأمر، وفي أوله أيضاً، يقاربون جماليات الفن أو ضرورته من زاوية الأدب أو الشعر، وعلى ضوء ثقافتهم واهتماماتهم التي أملتها قراءاتهم ،لكل شيء ماعدا الفن التشكيلي (رغم وجود بعض الاستثناءات القليلة والنادرة) وبالتالي فهم في نهاية المطاف ادباء ، مهما كتبوا وجهدوا واستشرفوا ونظروا في الفن التشكيلي ، ولا يمكن وضعهم في خانة نقاد الفن التشكيلي .
وعلى سبيل المثال إذا وقف أديب أو شاعر أمام لوحة فنية حديثة، تعالج موضوع أسطورة جلجامش، فإنه سرعان ما يستعيد في خطوات تحليل اللوحة ،ما ترسخ في ذاكرته من تداعيات ميثولوجية قرأها في كتب الأدب،عن موت انكيدو والصراع مع ثور السماء المقدس، والبحث الدائم على سير الحياة والموت والخلود ، بحيث تطغى الرؤية الأدبية على مظاهر تنويعات التداخل التشكيلي والتقني، وهذه الظاهرة تبعد النص التشكيلي المكتوب مسافات عن اللوحة ،وتشكل خطورة على الثقافة التشكيلية التي لم تفقد، رغم طغيان لغة الأدب ،في احيان كثيرة ،على لغة الفن التشكيلي، مقومات انفتاحها على تحولات وتداخلات وتقلبات ثقافة فنون العصر.
___________أديب مخزوم – نشرتها في الصحافة المطبوعة