"سوسن رضوان"... عّرابة الأمل
دمشق
دخلت عالم الأدب متأخرة، لكنها استطاعت أن تحجز وبجدارة لها مكاناً بين المتميزين، أسلوبها المتأثر بالواقع جعلها أكثر منطقية في إقناع القارىء بكتاباتها، هي الشاعرة "سوسن رضوان".
مدونة وطن "eSyria" التقت القاصة والشاعرة "سوسن رضوان" حيث تحدثت بداية عن تعريفها للكتابة بالقول: «هي مشاوير أقلام في دروب النفس البشرية، تحط في مراسيها الراكنة في عتمها البعيد، فتلقي بقع ضوء على ما يؤرقها فتفتح لها شرفات تطل على نجمات خير وأمل، ثم تحلق إلى شاهقاتها لتقف على قمم الفرح فيها، في كتاباتي أعتمد أسلوب السرد الذي يحاكي وجداً، ويمسك بزمام العرض الذي ينتهي بخواتيم منطقية لأحداث القصة، أتطرق لما يحاكي النفس الهائمة في فراغات القلق، ويقف على عتبات الأمل ليعثر بأملٍ عابر يطرق الباب».
خلال إحدى مشاركاتها.
** برأيي كل موضوع كتابي له حالة تحرضه وتستثير قلمه بفرح أو بشجن، وفي بعض الأحيان يكون القصد من الكتابة هو التوجيه نحو حالة ما أو محاكاتها، أما أنا فأعتمد أغلب الأوقات في كتابتي على العرض والسرد، إلا أنني أجد حالي كحال الكثيرين من الكتاب، أضع هدفاً مرتجى في بداية كل قصة، كأن يحمل رسالة توجيهية تربوية، أو عرضاً لحالة مشاعر تتقد لتسمو وتترفع، لأني في البدء والختام أجد أن الغاية في العمل تبرر المضمون، وهي جواز عبور للألق والتميز.
إحدى مشاركاتها
** لا شك أن للأدب العربي القديم فعل مهندس الفسيفساء الذي يرصف أحجاره كل حسب مكانه، فأدب بلاد العرب كان بوصلة هدي للغرب استخلص منه ما أثرى المكتبات العالمية من مخطوطات لم تستمسك بها ما استحقته، وكذلك غيرها من الآداب التي ترجمت.
من إصداراتها.
** الأديب تتحكم فيه شخصيته في قوة التحليق إلى عوالم ليصطحب معه القارئ بمقدرة يقنعه بها بصوره وخياله على أنها واقع، وشخصية الكاتب جزء ليس بالقليل من مواصفاته التي تجعله أقدر على لعب دور ذاك الحاوي إلا أن الأمر يختلف فيما بينهما، فالأول لعبٌ على الخيال، والثاني إنشاء خيال وتأسيس دعائم له، ليتحول إلى حقيقة مقنعة من خلال التحليق في عوالمه الأخاذة، ومن جهة أخرى توصيف الواقع بحرفية وفن يجسد أصغر التفاصيل.
** للتعبير أساليب تستمر وتتطور مع الإنسان منذ طفولته حتى يبلغ مرحلة بناء المشاعر وإدراكها، فيبدأ التعبير عنها وفقاً لمعطيات تربوية ونفسية، ثم تأخذ مراحله في النمو عمودياً لتبلغ أسمى السبل؛ وهو الإبداع الذي يفجر عند الإنسان طاقات عالية للتعبير الذي يرسخ فكراً جاد بها وعرضها، الإبداع حاجة يترصدها المبدع، وإن وجدت عنده أصلاً فهو حريص أشد الحرص على تطويرها لتكون الفكر الذي يبني من خلاله آفاقاً لتصوراته.
** صدر لي رواية "ليلى"، ومجموعة قصصية "وجاؤوا أباهم عشاءً يبكون"، وكذلك رواية "الصفعة"، و"كلنا في الهوى نسوة" قيد الطبع، تحاكي رواياتي وجداً وقلقاً وكذلك ضيماً اجتماعياً يتعرض له كُثر، حاولت من خلال رواياتي وقصصي أن أكون عرابة الأمل، وجليسة من جمد الفراغ مآقيها».
** نحن نتعرض لحرب كونية تغزو بلادنا من كل الجبهات الفكرية والاقتصادية والنفسية، بدأ شبابنا المثقفون بحمل قلم يسكبون منه عصارة فكرهم دفاعاً عن الوطن، فكتبوا في التحليل والتدقيق، وفي ساعات القمر الذي لم يغب عن سماء الشام، كانوا يكتبون للحب؛ وبدأت من هنا الملتقيات تعيد فتح أبوابها التي صدأت أقفالها بفعل الحرب، وتقدم الدعم النفسي والروحي لهؤلاء الذين وجدوا تحت قناطرها بوابات عبور لهم إلى دنيا الأدب والثقافة، لي مشاركات في العديد منها، هذه الملتقيات تحمل في طياتها حلولاً داعمة لأحلام شبابنا الموهوبين.
** لي مشاركات عديدة في الملتقيات الثقافية إضافة إلى أمسيات تقام في المراكز الثقافية "أبو رمانة ، ببيلا، قدسيا"، وعلى المستوى الخاص لي مع أدباء نخبة ملتقيات كصالون أدبي نعرض فيها الموائد الشعرية والنثرية فتثري مخزوننا الأدبي، لقد أضافت لي مشاركاتي معرفة الكثير، فمعرفة الآخر من خلال أفكاره هي كنز علينا أن نورثه لأولادنا.
** نشأت في بيئة متوسطة الحال لأب وأم كريمين جاهدا لإبقائنا على رابية الخير، كان والدي يثير حماس الدرس فكان دائماً يحاسبني على النحو والإملاء، إلا أن رغبته في إكمال تعليمي قد تأخر تحقيقها إلى ما بعد زواجي المبكر جداً، فقد تابعت دراستي مع أولادي وتخرجت في الجامعة بدعم زوجي الذي كان يفاخر بي أمام الجميع، كان عظيماً في زمن القلة، بدأت جمع كل تذاكر عبور محاولاتي في دفاتر بدأ الزمن يغير ألوانها، إلى أن بات من العدل إخراجها للنور، فبدأت بـ"ليلى"، للشعر حكاية فأنا أحبه لكني لا أحب التمسك بمجاديف تبقيني في لج بحره، وأنا أتوق لزيارة واديه كلما حرني شوق وأرقني حنين، لي فيه محاولات والبدايات في السابعة عشرة، فكتبت "حكي بيشبه الشعر"، منها:
"لا تقل جدي وتلك عشيرتي
أرني صنيعك وماذا أنت آتِ
فالمرء يأتي بفعل يبقي أثره
وكل آدم ميت فان إلى هيهات
إن العمر غفلة عين نسهو بها
نراوح فيها بين ولادة ومماتِ
إن المحاسن للخلق الكريم تميزٌ
والخطايا أبداً للنفوس آمراتِ".
عنها قال الكاتب "سهيل الذيب": «شاعرة مطبوعة بالعامية والفصيحة، قاصة وروائية واعدة، قرأت بعض قصصها القصيرة، تمتاز برشاقة الأسلوب، وتلقائية السرد، والشفافية المطلقة في الحديث عن بطلاتها، وتبتعد قدر الإمكان عن الغرائزية، مجتهدة وحاضرة في المشهد الثقافي رغم أنها تتحمل مسؤولية أسرة ملقاة على عاتقها».
الأديب "رياض الطبرة" قال عنها: «عرفت للأديبات اللاتي جئن متأخرات إلى عالم الأدب، هي مدرسة، وبعد مشوارها في التدريس جاءت إلى عالم القصة والرواية، اطلعت على بعض نتاجاتها، وأقوم بنشر قصص لها في الأسبوع الأدبي، لاحظت تميزاً واضحاً لديها في الأسلوب، أقّدر لها حسها النقدي فقد عرفتها عن قرب، تتمتع بحس نقدي عالٍ، بعيدة عن المجاملة تقول كلمتها وتمشي، هي ممن يستحقون التقدير والاحترام».
من قصيدة "احتضار":
"في غرفةِ التشرُّد تطول المسافة
نراوح فيها ولا نصل
فبابُ الخروجِ بعيدٌ والمكانُ خانق
عشرةُ أمتارٍ لعشرة أنفار
رائحةُ العفنِ والجوعِ
تخرجُ من مواقدِ الصَّبر
تُلهبُ شهوةَ الحقد
والقهر".
- سمر وعر
دمشق
دخلت عالم الأدب متأخرة، لكنها استطاعت أن تحجز وبجدارة لها مكاناً بين المتميزين، أسلوبها المتأثر بالواقع جعلها أكثر منطقية في إقناع القارىء بكتاباتها، هي الشاعرة "سوسن رضوان".
مدونة وطن "eSyria" التقت القاصة والشاعرة "سوسن رضوان" حيث تحدثت بداية عن تعريفها للكتابة بالقول: «هي مشاوير أقلام في دروب النفس البشرية، تحط في مراسيها الراكنة في عتمها البعيد، فتلقي بقع ضوء على ما يؤرقها فتفتح لها شرفات تطل على نجمات خير وأمل، ثم تحلق إلى شاهقاتها لتقف على قمم الفرح فيها، في كتاباتي أعتمد أسلوب السرد الذي يحاكي وجداً، ويمسك بزمام العرض الذي ينتهي بخواتيم منطقية لأحداث القصة، أتطرق لما يحاكي النفس الهائمة في فراغات القلق، ويقف على عتبات الأمل ليعثر بأملٍ عابر يطرق الباب».
شاعرة مطبوعة بالعامية والفصيحة، قاصة وروائية واعدة، قرأت بعض قصصها القصيرة، تمتاز برشاقة الأسلوب، وتلقائية السرد، والشفافية المطلقة في الحديث عن بطلاتها، وتبتعد قدر الإمكان عن الغرائزية، مجتهدة وحاضرة في المشهد الثقافي رغم أنها تتحمل مسؤولية أسرة ملقاة على عاتقها
- بعض الأشخاص يعتقدون أن الكتابة حالة قصدية لغرض ما، كيف ترجمت ذلك؟
خلال إحدى مشاركاتها.
** برأيي كل موضوع كتابي له حالة تحرضه وتستثير قلمه بفرح أو بشجن، وفي بعض الأحيان يكون القصد من الكتابة هو التوجيه نحو حالة ما أو محاكاتها، أما أنا فأعتمد أغلب الأوقات في كتابتي على العرض والسرد، إلا أنني أجد حالي كحال الكثيرين من الكتاب، أضع هدفاً مرتجى في بداية كل قصة، كأن يحمل رسالة توجيهية تربوية، أو عرضاً لحالة مشاعر تتقد لتسمو وتترفع، لأني في البدء والختام أجد أن الغاية في العمل تبرر المضمون، وهي جواز عبور للألق والتميز.
- كيف ترين تأثير الأدب العربي في غيره من الآداب وبالعكس؟
إحدى مشاركاتها
** لا شك أن للأدب العربي القديم فعل مهندس الفسيفساء الذي يرصف أحجاره كل حسب مكانه، فأدب بلاد العرب كان بوصلة هدي للغرب استخلص منه ما أثرى المكتبات العالمية من مخطوطات لم تستمسك بها ما استحقته، وكذلك غيرها من الآداب التي ترجمت.
- إلى أي حد تعتقدين أن مواصفات الأديب لها خصوصية في مساعدته على أن يلعب دوراً ما في الواقع والمجتمع؟
من إصداراتها.
** الأديب تتحكم فيه شخصيته في قوة التحليق إلى عوالم ليصطحب معه القارئ بمقدرة يقنعه بها بصوره وخياله على أنها واقع، وشخصية الكاتب جزء ليس بالقليل من مواصفاته التي تجعله أقدر على لعب دور ذاك الحاوي إلا أن الأمر يختلف فيما بينهما، فالأول لعبٌ على الخيال، والثاني إنشاء خيال وتأسيس دعائم له، ليتحول إلى حقيقة مقنعة من خلال التحليق في عوالمه الأخاذة، ومن جهة أخرى توصيف الواقع بحرفية وفن يجسد أصغر التفاصيل.
- ما الفرق بين الإبداع كوسيلة تعبير والإبداع كنتاج جمالي خلاق؟
** للتعبير أساليب تستمر وتتطور مع الإنسان منذ طفولته حتى يبلغ مرحلة بناء المشاعر وإدراكها، فيبدأ التعبير عنها وفقاً لمعطيات تربوية ونفسية، ثم تأخذ مراحله في النمو عمودياً لتبلغ أسمى السبل؛ وهو الإبداع الذي يفجر عند الإنسان طاقات عالية للتعبير الذي يرسخ فكراً جاد بها وعرضها، الإبداع حاجة يترصدها المبدع، وإن وجدت عنده أصلاً فهو حريص أشد الحرص على تطويرها لتكون الفكر الذي يبني من خلاله آفاقاً لتصوراته.
- ماذا عن أهم إصداراتك؟ وما الذي تضمنته؟
** صدر لي رواية "ليلى"، ومجموعة قصصية "وجاؤوا أباهم عشاءً يبكون"، وكذلك رواية "الصفعة"، و"كلنا في الهوى نسوة" قيد الطبع، تحاكي رواياتي وجداً وقلقاً وكذلك ضيماً اجتماعياً يتعرض له كُثر، حاولت من خلال رواياتي وقصصي أن أكون عرابة الأمل، وجليسة من جمد الفراغ مآقيها».
- هل تساهم الملتقيات الأدبية بتنشيط الحركة الثقافية وتحقيق أحلام الشباب الموهوبين أدبياً؟
** نحن نتعرض لحرب كونية تغزو بلادنا من كل الجبهات الفكرية والاقتصادية والنفسية، بدأ شبابنا المثقفون بحمل قلم يسكبون منه عصارة فكرهم دفاعاً عن الوطن، فكتبوا في التحليل والتدقيق، وفي ساعات القمر الذي لم يغب عن سماء الشام، كانوا يكتبون للحب؛ وبدأت من هنا الملتقيات تعيد فتح أبوابها التي صدأت أقفالها بفعل الحرب، وتقدم الدعم النفسي والروحي لهؤلاء الذين وجدوا تحت قناطرها بوابات عبور لهم إلى دنيا الأدب والثقافة، لي مشاركات في العديد منها، هذه الملتقيات تحمل في طياتها حلولاً داعمة لأحلام شبابنا الموهوبين.
- ماذا عن نشاطاتك ومشاركاتك الأدبية؟
** لي مشاركات عديدة في الملتقيات الثقافية إضافة إلى أمسيات تقام في المراكز الثقافية "أبو رمانة ، ببيلا، قدسيا"، وعلى المستوى الخاص لي مع أدباء نخبة ملتقيات كصالون أدبي نعرض فيها الموائد الشعرية والنثرية فتثري مخزوننا الأدبي، لقد أضافت لي مشاركاتي معرفة الكثير، فمعرفة الآخر من خلال أفكاره هي كنز علينا أن نورثه لأولادنا.
- إلى أية درجة لعبت البيئة دوراً في تنمية وتشجيع موهبتك الأدبية؟ ومتى كانت؟
** نشأت في بيئة متوسطة الحال لأب وأم كريمين جاهدا لإبقائنا على رابية الخير، كان والدي يثير حماس الدرس فكان دائماً يحاسبني على النحو والإملاء، إلا أن رغبته في إكمال تعليمي قد تأخر تحقيقها إلى ما بعد زواجي المبكر جداً، فقد تابعت دراستي مع أولادي وتخرجت في الجامعة بدعم زوجي الذي كان يفاخر بي أمام الجميع، كان عظيماً في زمن القلة، بدأت جمع كل تذاكر عبور محاولاتي في دفاتر بدأ الزمن يغير ألوانها، إلى أن بات من العدل إخراجها للنور، فبدأت بـ"ليلى"، للشعر حكاية فأنا أحبه لكني لا أحب التمسك بمجاديف تبقيني في لج بحره، وأنا أتوق لزيارة واديه كلما حرني شوق وأرقني حنين، لي فيه محاولات والبدايات في السابعة عشرة، فكتبت "حكي بيشبه الشعر"، منها:
"لا تقل جدي وتلك عشيرتي
أرني صنيعك وماذا أنت آتِ
فالمرء يأتي بفعل يبقي أثره
وكل آدم ميت فان إلى هيهات
إن العمر غفلة عين نسهو بها
نراوح فيها بين ولادة ومماتِ
إن المحاسن للخلق الكريم تميزٌ
والخطايا أبداً للنفوس آمراتِ".
عنها قال الكاتب "سهيل الذيب": «شاعرة مطبوعة بالعامية والفصيحة، قاصة وروائية واعدة، قرأت بعض قصصها القصيرة، تمتاز برشاقة الأسلوب، وتلقائية السرد، والشفافية المطلقة في الحديث عن بطلاتها، وتبتعد قدر الإمكان عن الغرائزية، مجتهدة وحاضرة في المشهد الثقافي رغم أنها تتحمل مسؤولية أسرة ملقاة على عاتقها».
الأديب "رياض الطبرة" قال عنها: «عرفت للأديبات اللاتي جئن متأخرات إلى عالم الأدب، هي مدرسة، وبعد مشوارها في التدريس جاءت إلى عالم القصة والرواية، اطلعت على بعض نتاجاتها، وأقوم بنشر قصص لها في الأسبوع الأدبي، لاحظت تميزاً واضحاً لديها في الأسلوب، أقّدر لها حسها النقدي فقد عرفتها عن قرب، تتمتع بحس نقدي عالٍ، بعيدة عن المجاملة تقول كلمتها وتمشي، هي ممن يستحقون التقدير والاحترام».
من قصيدة "احتضار":
"في غرفةِ التشرُّد تطول المسافة
نراوح فيها ولا نصل
فبابُ الخروجِ بعيدٌ والمكانُ خانق
عشرةُ أمتارٍ لعشرة أنفار
رائحةُ العفنِ والجوعِ
تخرجُ من مواقدِ الصَّبر
تُلهبُ شهوةَ الحقد
والقهر".