تحولات موضوع " المرأة " في التشكيل السوري المعاصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحولات موضوع " المرأة " في التشكيل السوري المعاصر

    تحولات موضوع " المرأة " في التشكيل السوري المعاصر

    أديب مخزوم ـ 19 كانون أول 2022

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	320757997_886888235642594_896599749287837232_n.jpg 
مشاهدات:	6 
الحجم:	86.6 كيلوبايت 
الهوية:	43814

    موضوع المرأة أحد أكثر المواضيع التي طرحت في الفن التشكيلي السوري، منذ بدايات ظهور الانطباعية السورية وإلى اليوم، مع استمرارية التأكيد على الملامح والأزياء المحلية والعربية ، وبذلك حافظت تلك الأعمال على خصائصها الجمالية والشعبية ،رغم اتجاه أكثرية رواد الحداثة التشكيلية، في مراحل لاحقة، نحو التلخيص والتحوير في معالجة الوجوه والعناصرالأنثوية ، وبقيت خلفيات تلك الأعمال، مرتبطة بتراث المنطقة التي تعيش فيها المرأة العربية، وبخصوصيات العمارة المحلية وبجماليات الطبيعة والريف السوري .
    فمع ولادة الإنطباعية السورية في العشرينات والثلاثينات والاربعينات برزت عناصر المرأة عبر لمسات اللون العفوي المتحول مع ضوء المكان، ولقد وصلت الأعمال الهامة الى ضفاف الصياغات التعبيرية العصرية ، وشكلت بعض الأعمال الأخرى، عودة إلى التشكيل الانطباعي، الذي يعتمد على التقاط لمسات الضوء المباشرة التي تغمر الشكل المرسوم ، كما إتجهت بعض الأعمال من الصياغة الواقعية المباشرة والخطابية، إلى بعض الاتجاهات الخيالية والرمزية مروراً ببعض الإيحاءات والرؤى السوريالية، وكل المدارس الفنية الحديثة .
    وأبرزت لوحات ومنحوتات ومحفورات فنانينا، دور المرأة في بناء الوطن وعلاقتها بحركة التطور ، مع المحافظة على مفهومنا كمجتمع شرقي محافظ لمعنى تحرر المرأة ، فالمرأة في البلدان العربية لا تتحرر من أجل التحرر فحسب ، بل تكافح كي لا تكون مقيدة وبعيدة ومغيبة ، عن القيام بدور فاعل وفعال في مجتمعها .
    كما استعادت بعض الأعمال الصور المشرقة للمرأة السورية في الماضي والحاضر معاً ، وجاءت تلك الأعمال ضمن خطوات المساهمة في حث المرأة العربية على إحياء مجدها وماضيها الأسطوري من جديد .
    وكانت المرأة حاضرة " كموديل " منذ البداية في أعمال العديد من الفنانين التشكيليين السوريين، و هنا نتحدث عن الموديل الحي ، الذي يؤكد قدرة الفنان على التحكم باللوحة ،وتحقيق عناصر الشبه في ملامح الوجوه، وإظهار عمق الحالة النفسية في تعابير العيون، والفنان يجب أن يمنح الموديل الحي ،تجلياته المتجددة وزمنه المعاصر ، ويميل نحو الأمانة في التقاط درجات الشبه بين الرسم والحقيقة ، والإدراك هنا يجب أن ينبع من الداخل، بعفوية وجرأة ، تتميز بالبحث عن فضاء جمالي ، يوازن في إيقاعاته ما بين معطيات الصياغة الأكاديمية والواقعية، ويدمج بينهما للوصول الى حالة الدهشة والإقناع .
    كما يجب على رسام البورتريه أن يعمل على تجديده، عبر الممارسة المستمرة ،ومن خلال البحث عن صياغة جديدة، , وأن يتجه دائماً نحو إضفاء العفوية والمزيد من الحرية والابتكار والرؤى الاسلوبية الخاصة ، ويمتلك القدرة على تأكيد حضور القواعد الثابتة ،المعتمدة داخل أروقة المحترفات الأكاديمية .
    فالفنان يتأمل الموديل ويدرس تقاطيع الوجه وخصوصياته ، ثم يسقطه على قماش اللوحة ، بنسبه ومقاييسه وابعاده الحقيقية والصحيحة ، لأن الرسم هنا اكاديمي وله قواعده المعروفة والثابتة ، وهذا لايعني أن الفنان غير مطالب بإضفاء خصوصيته الأسلوبية على لوحة البورترية ، وبذلك يشكل الموديل في أعمال الفنان الحقيقي، مدخلا جديدا وقادرا على التعبير عن تقلبات وتموجات الأحاسيس والمشاعر الداخلية العميقة ، مثلما يعبر عن الإشارات الخارجية لوجه المرأة .
    والفن الأكاديمي بهذا المعنى يصبح قادراً على إحتواء التقنيات اللونية الحديثة ، وقد يمنح الفنان البورتريه حركة حية مقروءة في وجوه أنثوية تتميز بنظرة لا نهائية غارقة في الفراغ والصمت والتفاؤل، وقد تثير التساؤل عبر دلالات ملامحها الساكنة ووضعية أياديها المتعبة.
    وهذا يعني أن الفنان قادر حتى في الرسم الأكاديمي، على إيجاد نقاط الارتكاز والانطلاق ، في اختباراته اليومية والتواصل مع خطه الاسلوبي، واستخدام اللون بتجاوزاته المختلفة، والإنتقال من الصياغة الأكاديمية التقليدية، إلى الصياغة الأكاديمية المتحررة والعفوية والخاصة .
    وتجارب بعض الفنانين السوريين ، من مختلف الأجيال ، تمتاز بصياغة رائدة ، في مجال رسم البورتريه ، وإضفاء اللمسة الفنية الماهرة والأداء الأكاديمي المتحرر والمتقن، وهذا التحرر يبعد التجربة مسافات عن القيود والقواعد المدرسية الجامدة ، و يقدم خلاصة البحوث التشكيلية والتقنية والاسلوبية ، بلغة أكاديمية قريبة من روح وثقافة فنون العصر .
    ـــ موقع الثورة أون لاين ـ 19 كانون أول 2022
يعمل...
X