الملكة نفرتيتي
عندما نستذكر التاريخ المصري القديم، فإنّ الكثير من الأسماء تتراود على أذهاننا مباشرةً، مثل أبي الهول (Great Sphinx of Giza)، وهرم خوفو (Khufu)، ومنقرع (Menkaure)، وتوت عنخ أمون (Tutankhamun)، وبالتأكيد نفرتيتي (Nefertiti)؛ الملكة المصرية القديمة وأحد أكثر النساء غموضًا وقوةً في التاريخ المصري القديم، فما حكاية هذه الملكة!؟
الملكة نفرتيتي
نفرتيتي والتي يعني اسمها "الجميلة قد أَطَلَّت" هي ملكةٌ مصريةٌ قديمةٌ اشتهرت بجمالها وقوتها ونفوذها، وقد ذاع صيتها خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ولدت في مدينة طيبة المصرية في عام 1370 قبل الميلاد، حكمت مصر القديمة إلى جانب زوجها الفرعون أخناتون أو أمنحوتب الرابع (Akhenaten) من عام 1353 إلى عام 1336 قبل الميلاد، ويعتقد أنها تولت الحكم بعد وفاته. تميز عهدها بالتوتر والاضطراب المستمر، وذلك يعود إلى سياسة زوجها الذي سعى لتحويل البنية السياسية والدينية للبلاد لعبادة الإله آتون (أله الشمس) بدلًا من الإله رع الذي كان يعبد حينها.
لا يُعرف الكثير حول أصولها لكن تشير بعض الأبحاث أنها ابنة أو قريبة الوزير أو القائد العسكري آي (Ay)، بينما تدل أبحاثٌ أخرى أنها ذات أصولٍ أجنبيةٍ وقدمت إلى مصر، ويُعتقد أنها من سوريا..
زواجها وحياتها
تزوجت نفرتيتي عندما أتمت الخامسة عشر من عمرها من الفرعون أمنحوتب الرابع الذي يكبرها بعامٍ، وتولى الحكم بعد وفاة والده وقد أنجبت منه ست بناتٍ وحصلت على مكانةٍ عاليةٍ. غيّر أمنحتب اسمه بعد توليه الحكم بخمس سنواتٍ إلى أخناتون، وبدأ بإجراء تعديلاتٍ على الحكم فعمل إلى التوجه إلى عبادة إله الشمس آتون بدلًا من آمون رع، وتبعته نفرتيتي في معتقداته وقد عارض الكثير من الناس هذه السياسة، مما أجبر أخناتون على بناء عاصمة جديدة لحكمه أسماها تل العمارنة (Amarna)..
لم تكن نفرتيتي مجرد ملكة بلقبٍ فخريٍّ صامتة غير مشاركةٍ بالحكم مثل الملكات السابقات، بل عملت على تعزيز صورتها كملكةٍ قويةٍ ذات نفوذٍ، ودعمها بذلك زوجها الذي قدر أهميتها وأظهرها بصورة الملكة المشاركة بالحكم، وقد عملت على إظهار نفسها بأدوارٍ قويةٍ لم يقدر سوى الملوك على القيام بها، فكانت ترتدي تاج الفرعون وتقاتل بجانب زوجها.
عزى بعض العلماء الباحثين بالتاريخ المصري ذلك إلا أن أخناتون لم يكن سليمًا معافى، بل كان يعاني من بعض المشاكل الصحية التي أعاقت قيامه بدوره كملكٍ، وأحد هذه المشاكل ضعف الرؤية لذا كان يجد في نفرتيتي الأمان للقيام بالعديد من المهام الهامة..
وفاة نفرتيتي
لا توجد تسجيلاتٌ دقيقةٌ لتاريخ وفاتها أو مكان دفنها، إذ اختفى اسمها من السجلات التاريخية فجأةً دون أي سببٍ واضحٍ لذلك. يعتقد بعض العلماء أن أخناتون تخلص منها بعد عدم قدرتها على أنجاب طفلٍ له بالرغم من حصوله على طفلٍ من زوجته الأدنى كيا (Kiya) اسمه توت عنخ آمون، بينما تشير أبحاثٌ أخرى أنها استمرت في الحكم بعد وفاة زوجها بعد أن غيرت اسمها إلى سمنخ كا رع (Smenkhkare)، وهو الاسم الذي تدل الأبحاث أنه استمر في حكم مصر حتى بلوغ توت عنخ آمون واستلامه الحكم.
ضريحها
توفت نفرتيتي وهي ملكةٌ بالتالي يجب أن تدفن في مقابر الملوك الذين كانوا يدفنون في وادي الملوك، لكن لم يتم العثور على أي قبرٍ لها هناك حتى عام 2015، عندما أعلن عالم الآثار البريطاني نيكولاس ريفيس (Nicholas Reeves) عن نظريته بأن قبر نفرتيتي لا يوجد في الصحراء، وإنما ضمن قبر ابن زوجها توت عنخ آمون، وذلك بعد عدة عمليات مسحٍ ضوئية لمقبرته التي كشفت وجود شقوقٍ في جدران المقبرة لا يُعرف سببها. اُعتقد أن تلك الشقوق ليست سوى مدخل إلى غرفتين سريتين موجودتين خلف الجص والطلاء، والذي زاد من إصرار العلماء في البحث أن توت عنخ آمون توفي وهو صغيرٌ فلِما كانت مقبرته جاهزةً إذن!
بحسب نظرية ريفيس؛ فالجواب هو أنها جُهزت لقبر نفرتيتي ثم أغلق قسمها لدفن توت عنخ آمون الذي مات بشكلٍ مفاجئ، وهذا ما يفسر صغر حجم قبره مقارنةً مع الفراعنة الأخرى. أشارت الأبحاث التي أجريت عام 2016 باحتمالية صدق نظرية ريفز؛ إذ كُشف عن وجود غرفتَين خلف جدران قبر توت عنخ آمون لكن لا يُعرف ما بداخلهما، ويأمل البعض بأن يكون رفات نفرتيتي بينما يشك البعض بذلك كون الكثير من الغرف السرية قد وُجدت ضمن مقابر الفراعنة، لكنها لا تتعدى سوى كونها أنفاقًا للعمال الذين بنوا هذه المقابر..
تمثال نفرتيتي
تشتهر نفرتيتي في يومنا هذا بتمثالٍ مصنوعٍ من الحجر الرملي المطلي تم اكتشافه في 6 ديسمبر من عام 1913 من قبل عالم الآثار الألماني لودفيج بورشاردت (Ludwig Borchardt)، وأصبح رمزًا عالميًّا للجمال والقوة الأنثوية. تميز هذا التمثال بألوانه المميزة ورقبته الرفيعة والوجه المتناسق بطريقةٍ أنيقةٍ للغاية وغطاء الرأس ذي اللون الأزرق الأسطواني الشكل.
يُعرض التمثال الآن في متحف برلين الجديد بعد أن استولى عليه الألمان كجزءٍ من اتفاقية الاستكشاف الموقعة بينهم وبين الحكومة المصرية، ويزوره سنويًّا ما يزيد عن خمسمئة ألف زائرٍ..
عندما نستذكر التاريخ المصري القديم، فإنّ الكثير من الأسماء تتراود على أذهاننا مباشرةً، مثل أبي الهول (Great Sphinx of Giza)، وهرم خوفو (Khufu)، ومنقرع (Menkaure)، وتوت عنخ أمون (Tutankhamun)، وبالتأكيد نفرتيتي (Nefertiti)؛ الملكة المصرية القديمة وأحد أكثر النساء غموضًا وقوةً في التاريخ المصري القديم، فما حكاية هذه الملكة!؟
الملكة نفرتيتي
نفرتيتي والتي يعني اسمها "الجميلة قد أَطَلَّت" هي ملكةٌ مصريةٌ قديمةٌ اشتهرت بجمالها وقوتها ونفوذها، وقد ذاع صيتها خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ولدت في مدينة طيبة المصرية في عام 1370 قبل الميلاد، حكمت مصر القديمة إلى جانب زوجها الفرعون أخناتون أو أمنحوتب الرابع (Akhenaten) من عام 1353 إلى عام 1336 قبل الميلاد، ويعتقد أنها تولت الحكم بعد وفاته. تميز عهدها بالتوتر والاضطراب المستمر، وذلك يعود إلى سياسة زوجها الذي سعى لتحويل البنية السياسية والدينية للبلاد لعبادة الإله آتون (أله الشمس) بدلًا من الإله رع الذي كان يعبد حينها.
لا يُعرف الكثير حول أصولها لكن تشير بعض الأبحاث أنها ابنة أو قريبة الوزير أو القائد العسكري آي (Ay)، بينما تدل أبحاثٌ أخرى أنها ذات أصولٍ أجنبيةٍ وقدمت إلى مصر، ويُعتقد أنها من سوريا..
زواجها وحياتها
تزوجت نفرتيتي عندما أتمت الخامسة عشر من عمرها من الفرعون أمنحوتب الرابع الذي يكبرها بعامٍ، وتولى الحكم بعد وفاة والده وقد أنجبت منه ست بناتٍ وحصلت على مكانةٍ عاليةٍ. غيّر أمنحتب اسمه بعد توليه الحكم بخمس سنواتٍ إلى أخناتون، وبدأ بإجراء تعديلاتٍ على الحكم فعمل إلى التوجه إلى عبادة إله الشمس آتون بدلًا من آمون رع، وتبعته نفرتيتي في معتقداته وقد عارض الكثير من الناس هذه السياسة، مما أجبر أخناتون على بناء عاصمة جديدة لحكمه أسماها تل العمارنة (Amarna)..
لم تكن نفرتيتي مجرد ملكة بلقبٍ فخريٍّ صامتة غير مشاركةٍ بالحكم مثل الملكات السابقات، بل عملت على تعزيز صورتها كملكةٍ قويةٍ ذات نفوذٍ، ودعمها بذلك زوجها الذي قدر أهميتها وأظهرها بصورة الملكة المشاركة بالحكم، وقد عملت على إظهار نفسها بأدوارٍ قويةٍ لم يقدر سوى الملوك على القيام بها، فكانت ترتدي تاج الفرعون وتقاتل بجانب زوجها.
عزى بعض العلماء الباحثين بالتاريخ المصري ذلك إلا أن أخناتون لم يكن سليمًا معافى، بل كان يعاني من بعض المشاكل الصحية التي أعاقت قيامه بدوره كملكٍ، وأحد هذه المشاكل ضعف الرؤية لذا كان يجد في نفرتيتي الأمان للقيام بالعديد من المهام الهامة..
وفاة نفرتيتي
لا توجد تسجيلاتٌ دقيقةٌ لتاريخ وفاتها أو مكان دفنها، إذ اختفى اسمها من السجلات التاريخية فجأةً دون أي سببٍ واضحٍ لذلك. يعتقد بعض العلماء أن أخناتون تخلص منها بعد عدم قدرتها على أنجاب طفلٍ له بالرغم من حصوله على طفلٍ من زوجته الأدنى كيا (Kiya) اسمه توت عنخ آمون، بينما تشير أبحاثٌ أخرى أنها استمرت في الحكم بعد وفاة زوجها بعد أن غيرت اسمها إلى سمنخ كا رع (Smenkhkare)، وهو الاسم الذي تدل الأبحاث أنه استمر في حكم مصر حتى بلوغ توت عنخ آمون واستلامه الحكم.
ضريحها
توفت نفرتيتي وهي ملكةٌ بالتالي يجب أن تدفن في مقابر الملوك الذين كانوا يدفنون في وادي الملوك، لكن لم يتم العثور على أي قبرٍ لها هناك حتى عام 2015، عندما أعلن عالم الآثار البريطاني نيكولاس ريفيس (Nicholas Reeves) عن نظريته بأن قبر نفرتيتي لا يوجد في الصحراء، وإنما ضمن قبر ابن زوجها توت عنخ آمون، وذلك بعد عدة عمليات مسحٍ ضوئية لمقبرته التي كشفت وجود شقوقٍ في جدران المقبرة لا يُعرف سببها. اُعتقد أن تلك الشقوق ليست سوى مدخل إلى غرفتين سريتين موجودتين خلف الجص والطلاء، والذي زاد من إصرار العلماء في البحث أن توت عنخ آمون توفي وهو صغيرٌ فلِما كانت مقبرته جاهزةً إذن!
بحسب نظرية ريفيس؛ فالجواب هو أنها جُهزت لقبر نفرتيتي ثم أغلق قسمها لدفن توت عنخ آمون الذي مات بشكلٍ مفاجئ، وهذا ما يفسر صغر حجم قبره مقارنةً مع الفراعنة الأخرى. أشارت الأبحاث التي أجريت عام 2016 باحتمالية صدق نظرية ريفز؛ إذ كُشف عن وجود غرفتَين خلف جدران قبر توت عنخ آمون لكن لا يُعرف ما بداخلهما، ويأمل البعض بأن يكون رفات نفرتيتي بينما يشك البعض بذلك كون الكثير من الغرف السرية قد وُجدت ضمن مقابر الفراعنة، لكنها لا تتعدى سوى كونها أنفاقًا للعمال الذين بنوا هذه المقابر..
تمثال نفرتيتي
تشتهر نفرتيتي في يومنا هذا بتمثالٍ مصنوعٍ من الحجر الرملي المطلي تم اكتشافه في 6 ديسمبر من عام 1913 من قبل عالم الآثار الألماني لودفيج بورشاردت (Ludwig Borchardt)، وأصبح رمزًا عالميًّا للجمال والقوة الأنثوية. تميز هذا التمثال بألوانه المميزة ورقبته الرفيعة والوجه المتناسق بطريقةٍ أنيقةٍ للغاية وغطاء الرأس ذي اللون الأزرق الأسطواني الشكل.
يُعرض التمثال الآن في متحف برلين الجديد بعد أن استولى عليه الألمان كجزءٍ من اتفاقية الاستكشاف الموقعة بينهم وبين الحكومة المصرية، ويزوره سنويًّا ما يزيد عن خمسمئة ألف زائرٍ..