موسيقى المقام العراقي التراثية تطرب الشباب
متحف البغدادي تغص بالعشرات من الشباب الذين يتمايلون على نغمات الموسيقى وهم سعداء بارتجال المغني الماهر.
نغم يسكن الروح
رغم الانتشار الواسع للموسيقى والأغاني الخفيفة في أوساط الشباب العربي عامة، إلا أن المقام العراقي الذي يُعدّ من أقدم الفنون التراثية مازال يحظى بمكانة خاصة لدى مختلف شرائح الشعب العراقي بمن فيهم الشباب.
بغداد - يحظى المقام العراقي بمكانة خاصة لدى مختلف شرائح الشعب العراقي، كون هذا الفن يتميز بنغماته الأصيلة ويعد من أقدم الفنون التراثية التي انتقلت إلى التاريخ الحديث شفهيا عبر الأجيال، مما دفع منظمة اليونسكو إلى تسجيله على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وربما لم يكن من الشائع مشاهدة حفل المقام العراقي التقليدي الذي يحضره الشباب، لكن الحفلة الأسبوعية التي أقامها متحف البغدادي خرقت هذه القاعدة المعتادة، فقد اكتظت قاعة المتحف بالعشرات من الشباب وكبار السن الذين كانوا يتمايلون على نغمات الموسيقى وهم سعداء بارتجال المغني الماهر.
وبمجرد أن أنهى المطرب أداءه الإبداعي، صفق الجمهور وارتفعت صيحات إعجابه. والمقام العراقي عبارة عن مجموعة من القصائد المغناة المكتوبة باللغة العربية الفصحى أو باللهجة العراقية والتي تعرف محليا باسم الزهيري. ويرتبط المقام العراقي ارتباطا وثيقا بمجموعة الأشكال الموسيقية التقليدية المعروفة في إيران وتركيا وأذربيجان وأوزبكستان ومناطق إقليمية أخرى.
وقال باسم العنزي مدير المتحف البغدادي في أمانة بغداد، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن "المقام العراقي هو نتاج حضاري كبير تناقلته الأمم، وقد يكون نتيجة تمازج الحضارات الشرقية في العراق التي أنتجت ما يعرف اليوم بالمقام العراقي". وأضاف "لقد قمنا بحركة تراثية أصيلة تهدف إلى إعادة بغداد إلى مكانتها الطبيعية، ومن ضمن برنامج هذه الحركة الثقافية هو تنظيم عروض المقام العراقي في المتحف البغدادي".
وبين العنزي أن حضور الشباب واطلاعهم على ما هو موجود من نشاطات لفرقة المقام العراقي في المتحف البغدادي وعذوبة الألحان التي تؤدى فيه، جعل الشباب يحنون إلى الماضي ويستمتعون بهذه الأجواء الأصيلة ويحضرون بشكل كثيف وخاصة في الجمعة من كل أسبوع.
وأشار العنزي إلى أن منظمة اليونسكو عندما اعترفت بأن المقام العراقي هو جزء من التراث الإنساني العالمي وضمته إلى قائمة التراث غير المادي، وصلت إلى قناعة بأن هذا الفن لا يتقنه إلا العراقيون، وقد أغنوا التراث العالمي بهذه المفردات الجميلة من خلال المزج بين الألحان والأشعار العذبة.
◙ حضور الشباب نشاطات فرقة المقام العراقي جعلهم يحنون إلى الماضي ويستمتعون بالأجواء الأصيلة ويحضرون بشكل كثيف في الجمعة من كل أسبوع
وفي هذه الأثناء، صعد مطرب المقام سامر الأسمر إلى مسرح المتحف البغدادي مرتديا قبعته البغدادية التقليدية التي اشتهرت في النصف الأول من القرن الماضي والتي تعرف محليا باسم (السدارة). وقدم الأسمر أغنيته التي نالت إعجاب الجمهور وتفاعل مع أدائه الإبداعي، ورافقته فرقة موسيقية من خمسة عازفين، تستخدم الآلات الموسيقية مثل العود والكمان والطبل والدف الصغير.
ووفقا لبعض الباحثين، يمكن تتبع المقام الحديث أو نظام الأنماط اللحنية التي تميز الموسيقى التراثية العراقية إلى العصر العباسي، بينما يرى آخرون أنه يعود إلى العصر العثماني.
ويرى مختصون في الموسيقى العراقية أن فن المقام استمر على مدى القرون الماضية بسبب استخدامه في بعض الأنشطة الدينية مثل الأذان وتلاوة القرآن وكذلك في التجمعات الخاصة والمقاهي والمسارح وحتى في المنازل خلال المناسبات الاجتماعية، ولذلك فإن المقام يحظى باحترام كبير من قبل الموسيقيين والعلماء، وكذلك من قبل الشعب العراقي بشكل عام.
وقال الأسمر إن المقام العراقي هو نمط من أنماط الموسيقى المتداولة في بلاد الرافدين وقد عرف منذ آلاف السنين في حضارة العراق، وانتشر شرقا وغربا وخير دليل على ذلك هو وجود القيثارة السومرية في المتحف العراقي ببغداد.
وأوضح أن "المقام العراقي يتميز عن باقي المقامات بأنه متشعب ومرن، ونحن فخورون بأصالة موسيقانا وقوتها وتأثيرها لأن ما كان له أساس قوي يبقى عبر الزمن".
وأُدرج المقام العراقي في عام 2008 على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، لأنه ظل على حاله إلى حد كبير، ولاسيما احتفاظه بأسلوبه الصوتي المميز وطابعه الارتجالي، في حين أن العديد من الأساليب الموسيقية العربية في المنطقة إما اختفت أو أصبحت غربية.
ويعتقد الكثير من العراقيين أن هناك حاجة لحملات توعية لتشجيع الشباب على تعلم فن المقام، مؤكدين أن موسيقى وأغاني المقام العراقي هي التراث الثقافي الأكثر أهمية الذي تمتلكه بغداد حاليا.
وقال حازم اللامي (29 عاما) بعد الحفل، إن موسيقى وأغاني المقام تجعله يشعر بالإثارة ويتذكر عهود بغداد الخوالي. وأضاف "هذا جميل جدا، المقام يجعلني أشعر وكأنني في عالم آخر، لكن الناس اليوم يحبون الألحان السريعة والرقص"، مبينا "كان أصدقائي يقولون إنني أعيش في الماضي، لكنني أصر على أن هذا هو أصلنا وتراثنا الجميل الذي عمل أجدادنا جاهدين على نقله إلينا".
متحف البغدادي تغص بالعشرات من الشباب الذين يتمايلون على نغمات الموسيقى وهم سعداء بارتجال المغني الماهر.
نغم يسكن الروح
رغم الانتشار الواسع للموسيقى والأغاني الخفيفة في أوساط الشباب العربي عامة، إلا أن المقام العراقي الذي يُعدّ من أقدم الفنون التراثية مازال يحظى بمكانة خاصة لدى مختلف شرائح الشعب العراقي بمن فيهم الشباب.
بغداد - يحظى المقام العراقي بمكانة خاصة لدى مختلف شرائح الشعب العراقي، كون هذا الفن يتميز بنغماته الأصيلة ويعد من أقدم الفنون التراثية التي انتقلت إلى التاريخ الحديث شفهيا عبر الأجيال، مما دفع منظمة اليونسكو إلى تسجيله على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وربما لم يكن من الشائع مشاهدة حفل المقام العراقي التقليدي الذي يحضره الشباب، لكن الحفلة الأسبوعية التي أقامها متحف البغدادي خرقت هذه القاعدة المعتادة، فقد اكتظت قاعة المتحف بالعشرات من الشباب وكبار السن الذين كانوا يتمايلون على نغمات الموسيقى وهم سعداء بارتجال المغني الماهر.
وبمجرد أن أنهى المطرب أداءه الإبداعي، صفق الجمهور وارتفعت صيحات إعجابه. والمقام العراقي عبارة عن مجموعة من القصائد المغناة المكتوبة باللغة العربية الفصحى أو باللهجة العراقية والتي تعرف محليا باسم الزهيري. ويرتبط المقام العراقي ارتباطا وثيقا بمجموعة الأشكال الموسيقية التقليدية المعروفة في إيران وتركيا وأذربيجان وأوزبكستان ومناطق إقليمية أخرى.
وقال باسم العنزي مدير المتحف البغدادي في أمانة بغداد، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن "المقام العراقي هو نتاج حضاري كبير تناقلته الأمم، وقد يكون نتيجة تمازج الحضارات الشرقية في العراق التي أنتجت ما يعرف اليوم بالمقام العراقي". وأضاف "لقد قمنا بحركة تراثية أصيلة تهدف إلى إعادة بغداد إلى مكانتها الطبيعية، ومن ضمن برنامج هذه الحركة الثقافية هو تنظيم عروض المقام العراقي في المتحف البغدادي".
وبين العنزي أن حضور الشباب واطلاعهم على ما هو موجود من نشاطات لفرقة المقام العراقي في المتحف البغدادي وعذوبة الألحان التي تؤدى فيه، جعل الشباب يحنون إلى الماضي ويستمتعون بهذه الأجواء الأصيلة ويحضرون بشكل كثيف وخاصة في الجمعة من كل أسبوع.
وأشار العنزي إلى أن منظمة اليونسكو عندما اعترفت بأن المقام العراقي هو جزء من التراث الإنساني العالمي وضمته إلى قائمة التراث غير المادي، وصلت إلى قناعة بأن هذا الفن لا يتقنه إلا العراقيون، وقد أغنوا التراث العالمي بهذه المفردات الجميلة من خلال المزج بين الألحان والأشعار العذبة.
◙ حضور الشباب نشاطات فرقة المقام العراقي جعلهم يحنون إلى الماضي ويستمتعون بالأجواء الأصيلة ويحضرون بشكل كثيف في الجمعة من كل أسبوع
وفي هذه الأثناء، صعد مطرب المقام سامر الأسمر إلى مسرح المتحف البغدادي مرتديا قبعته البغدادية التقليدية التي اشتهرت في النصف الأول من القرن الماضي والتي تعرف محليا باسم (السدارة). وقدم الأسمر أغنيته التي نالت إعجاب الجمهور وتفاعل مع أدائه الإبداعي، ورافقته فرقة موسيقية من خمسة عازفين، تستخدم الآلات الموسيقية مثل العود والكمان والطبل والدف الصغير.
ووفقا لبعض الباحثين، يمكن تتبع المقام الحديث أو نظام الأنماط اللحنية التي تميز الموسيقى التراثية العراقية إلى العصر العباسي، بينما يرى آخرون أنه يعود إلى العصر العثماني.
ويرى مختصون في الموسيقى العراقية أن فن المقام استمر على مدى القرون الماضية بسبب استخدامه في بعض الأنشطة الدينية مثل الأذان وتلاوة القرآن وكذلك في التجمعات الخاصة والمقاهي والمسارح وحتى في المنازل خلال المناسبات الاجتماعية، ولذلك فإن المقام يحظى باحترام كبير من قبل الموسيقيين والعلماء، وكذلك من قبل الشعب العراقي بشكل عام.
وقال الأسمر إن المقام العراقي هو نمط من أنماط الموسيقى المتداولة في بلاد الرافدين وقد عرف منذ آلاف السنين في حضارة العراق، وانتشر شرقا وغربا وخير دليل على ذلك هو وجود القيثارة السومرية في المتحف العراقي ببغداد.
وأوضح أن "المقام العراقي يتميز عن باقي المقامات بأنه متشعب ومرن، ونحن فخورون بأصالة موسيقانا وقوتها وتأثيرها لأن ما كان له أساس قوي يبقى عبر الزمن".
وأُدرج المقام العراقي في عام 2008 على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، لأنه ظل على حاله إلى حد كبير، ولاسيما احتفاظه بأسلوبه الصوتي المميز وطابعه الارتجالي، في حين أن العديد من الأساليب الموسيقية العربية في المنطقة إما اختفت أو أصبحت غربية.
ويعتقد الكثير من العراقيين أن هناك حاجة لحملات توعية لتشجيع الشباب على تعلم فن المقام، مؤكدين أن موسيقى وأغاني المقام العراقي هي التراث الثقافي الأكثر أهمية الذي تمتلكه بغداد حاليا.
وقال حازم اللامي (29 عاما) بعد الحفل، إن موسيقى وأغاني المقام تجعله يشعر بالإثارة ويتذكر عهود بغداد الخوالي. وأضاف "هذا جميل جدا، المقام يجعلني أشعر وكأنني في عالم آخر، لكن الناس اليوم يحبون الألحان السريعة والرقص"، مبينا "كان أصدقائي يقولون إنني أعيش في الماضي، لكنني أصر على أن هذا هو أصلنا وتراثنا الجميل الذي عمل أجدادنا جاهدين على نقله إلينا".