عبد الحي المسلم .. ذاكرة باقية لا تعترف بالرحيل وصور تحفر مشاهدها في عمق الأرض
عبد الحي المسلم
ذاكرة باقية لا تعترف بالرحيل وصور تحفر مشاهدها في عمق الأرض
لم يكن تشكيليا بقدر ما كان حارسا للذاكرة عابرا للأزمنة من خلالها، واعيا بمدى توثيقها بصرية لتكوّن عناوينها المبنية على التصورات المفاهيمية والرمزية لتراث إنسانية تعمّق حضور الوطن فيها تاريخا وهوية
هو تشكيلي ونحات عصامي وأحد أبرز وأهم الفنانين الفطريين العرب تكوّن فيه الجانب الفني والجمالي بشكل فطري وتفاعل معه وطوّره وصقله بالحنين والذاكرة والصور البصرية هو الفلسطيني الغارق في فلسطينيته بكل ثقة في قدرة الفن على تحقيق الرسوخ والخلود بالصورة والمفهوم والرمز للذات والوطن بملامحه وتفاصيله وتغيّرات حالاته، عبد الحي المسلم الذي رحل عن عمره يناهز 87 سنة، سنوات حملت تجربة فنية تشكيلية خاصة وحالات عبقرية جعلت من تجربته مدرسة ومن خصوصياته امتيازا عالميا للفن التشكيلي الفلسطيني والعربي.
علاقته الجمالية حمّلت الرمز الكثير من المعاني لتستثير الواقع التأثيري في المتلقي وهي تستدرجه بتوليفاتها المحبكة وقصصها وهي تتشابك في الصور والملامح والملابس وهي تستنطق الذاكرة في لغة بصرية ابتكرها من خاماته وقدرته على التجريب من خلال ترويضها على تحمّل النحت النافر والغائر دون أن تخلق خللا بصريا أو تباعدا عاطفيا بين المشهد المعروض في اللوحة وبين المتلقي، حيث أسس لها أبعادها الحرّة في اختيار مناسباتها الحافلة ومواسمها المدمجة بالكثير من الصخب الذي يرشح بألوان الحياة.
فالتجربة التشكيلية لعبد الحي المسلم ارتكزت على توظيف الرموز الشعبية من خلال الإيقاع التشكيلي لتحمل التراث بشكل مألوف وتدمجه بأسلوب مختلف العرض والتركيب، فقد استلهم علاماته الرمزية ومفاهيمها التعبيرية من عاداته وتقاليده بتفاصيلها المرحلية من بيئة وطبيعة وحضور وانسيابية حاولت أن تحاكي ملامحها الكمالية مع فكرة الانسان والهوية للتعبير عن الذاكرة الحية والمستمرة، في الأثواب والأفراح والتفاعلات مع مواسم البقاء الثابت فيها رغم مرارات الإبعاد والإقصاء والنهب والتهميش.
فالمدلول الفهمي في اختيارات المسلّم حمل الحفر التأريخي في العلامة من أجل استخراجها من جمودها وتحريكها في الذاكرة لتبدو حقيقة في التشكيل المتفاعل مع النحت النافر والتشكيل الطيّع للمادة التي يحاكي بها أشكاله وملامحه التعبيرية فقد قصد اتباع الأثر والألوان بألفة ممتعة مقصودة حاولت البحث عن ذاتها في ثنايا الملامح والمعايشات في العادات والتقاليد في سيكولوجيا المجتمع في الزخارف في الهندسة والعمارة في الأثواب وفي الصياغات اللفظية التي كان ينحتها بالحروف ويحكي معها تغيرها بتغير الأمكنة والأحداث والمعاناة، وفي ملامح النساء وعوالمها وما تنشر من حكايات لها رمزياتها وتوافقاتها التعبيرية بما يضمن للفكرة جمالياتها ومتعة الانتقال فيها من موسم إلى موسم ومن حدث إلى آخر لتكوّن فضولا واكتشافات مستمرة.
فقد أجاد الحراسة في التصور في حفظ التفاصيل والقبض عليها حتى لا تنفلت ولا تتغير ولا يمسّها التشويه إنه يتحكم في الحنين ويستوقف الزمن في كل منجز وعند كل رمز وعلامة.
عمل المسلم بشكل غارق في عناده منسابا وراء تكويناته الحفرية التي كانت تطيع أسلوبه فقد رسّخ التقنية وابتكر الخامات التي اكتشف أهميّتها في التكوين الخاص بعناصره وصياغاتها النحتية مع الألوان في نشارة الخشب والغراء تلك الخامة التي روّضها وصاغها ليبتكر منها شخوصه ويشكل محتواه وعناصره التكوينية، فقد حمل هاجز التجريب والتنويع في الخامة وفي المحتوى والحالة والحدث والتفاعل معه وهو ما جسّد جوانب التلقائية والفطرية المتماهية مع تفاصيل البحث والاكتشاف الجمالي التي حاول أن يرسّخها في كل أعماله التي تسرد بصريا قصص الفلسطيني ومواويله الباحثة في الحجارة والتراب والمتوهّجة بالشوق والإصرار بالبحث والانتصار للذات والإنسانية والجمالية التي تتفجّر في العمق بالحنين والتذكّر والتي بقيت وستبقى منفذا حقيقيا للهوية والوطن والعمق الفني الإنسانية بكل أحداثه وتفاصيله والتفاعل معها.
عبد الحي المسلم
ذاكرة باقية لا تعترف بالرحيل وصور تحفر مشاهدها في عمق الأرض
لم يكن تشكيليا بقدر ما كان حارسا للذاكرة عابرا للأزمنة من خلالها، واعيا بمدى توثيقها بصرية لتكوّن عناوينها المبنية على التصورات المفاهيمية والرمزية لتراث إنسانية تعمّق حضور الوطن فيها تاريخا وهوية
هو تشكيلي ونحات عصامي وأحد أبرز وأهم الفنانين الفطريين العرب تكوّن فيه الجانب الفني والجمالي بشكل فطري وتفاعل معه وطوّره وصقله بالحنين والذاكرة والصور البصرية هو الفلسطيني الغارق في فلسطينيته بكل ثقة في قدرة الفن على تحقيق الرسوخ والخلود بالصورة والمفهوم والرمز للذات والوطن بملامحه وتفاصيله وتغيّرات حالاته، عبد الحي المسلم الذي رحل عن عمره يناهز 87 سنة، سنوات حملت تجربة فنية تشكيلية خاصة وحالات عبقرية جعلت من تجربته مدرسة ومن خصوصياته امتيازا عالميا للفن التشكيلي الفلسطيني والعربي.
علاقته الجمالية حمّلت الرمز الكثير من المعاني لتستثير الواقع التأثيري في المتلقي وهي تستدرجه بتوليفاتها المحبكة وقصصها وهي تتشابك في الصور والملامح والملابس وهي تستنطق الذاكرة في لغة بصرية ابتكرها من خاماته وقدرته على التجريب من خلال ترويضها على تحمّل النحت النافر والغائر دون أن تخلق خللا بصريا أو تباعدا عاطفيا بين المشهد المعروض في اللوحة وبين المتلقي، حيث أسس لها أبعادها الحرّة في اختيار مناسباتها الحافلة ومواسمها المدمجة بالكثير من الصخب الذي يرشح بألوان الحياة.
فالتجربة التشكيلية لعبد الحي المسلم ارتكزت على توظيف الرموز الشعبية من خلال الإيقاع التشكيلي لتحمل التراث بشكل مألوف وتدمجه بأسلوب مختلف العرض والتركيب، فقد استلهم علاماته الرمزية ومفاهيمها التعبيرية من عاداته وتقاليده بتفاصيلها المرحلية من بيئة وطبيعة وحضور وانسيابية حاولت أن تحاكي ملامحها الكمالية مع فكرة الانسان والهوية للتعبير عن الذاكرة الحية والمستمرة، في الأثواب والأفراح والتفاعلات مع مواسم البقاء الثابت فيها رغم مرارات الإبعاد والإقصاء والنهب والتهميش.
فالمدلول الفهمي في اختيارات المسلّم حمل الحفر التأريخي في العلامة من أجل استخراجها من جمودها وتحريكها في الذاكرة لتبدو حقيقة في التشكيل المتفاعل مع النحت النافر والتشكيل الطيّع للمادة التي يحاكي بها أشكاله وملامحه التعبيرية فقد قصد اتباع الأثر والألوان بألفة ممتعة مقصودة حاولت البحث عن ذاتها في ثنايا الملامح والمعايشات في العادات والتقاليد في سيكولوجيا المجتمع في الزخارف في الهندسة والعمارة في الأثواب وفي الصياغات اللفظية التي كان ينحتها بالحروف ويحكي معها تغيرها بتغير الأمكنة والأحداث والمعاناة، وفي ملامح النساء وعوالمها وما تنشر من حكايات لها رمزياتها وتوافقاتها التعبيرية بما يضمن للفكرة جمالياتها ومتعة الانتقال فيها من موسم إلى موسم ومن حدث إلى آخر لتكوّن فضولا واكتشافات مستمرة.
فقد أجاد الحراسة في التصور في حفظ التفاصيل والقبض عليها حتى لا تنفلت ولا تتغير ولا يمسّها التشويه إنه يتحكم في الحنين ويستوقف الزمن في كل منجز وعند كل رمز وعلامة.
عمل المسلم بشكل غارق في عناده منسابا وراء تكويناته الحفرية التي كانت تطيع أسلوبه فقد رسّخ التقنية وابتكر الخامات التي اكتشف أهميّتها في التكوين الخاص بعناصره وصياغاتها النحتية مع الألوان في نشارة الخشب والغراء تلك الخامة التي روّضها وصاغها ليبتكر منها شخوصه ويشكل محتواه وعناصره التكوينية، فقد حمل هاجز التجريب والتنويع في الخامة وفي المحتوى والحالة والحدث والتفاعل معه وهو ما جسّد جوانب التلقائية والفطرية المتماهية مع تفاصيل البحث والاكتشاف الجمالي التي حاول أن يرسّخها في كل أعماله التي تسرد بصريا قصص الفلسطيني ومواويله الباحثة في الحجارة والتراب والمتوهّجة بالشوق والإصرار بالبحث والانتصار للذات والإنسانية والجمالية التي تتفجّر في العمق بالحنين والتذكّر والتي بقيت وستبقى منفذا حقيقيا للهوية والوطن والعمق الفني الإنسانية بكل أحداثه وتفاصيله والتفاعل معها.