اللوحة الحروفية منفذ شرقي مفتوح على الجماليات .. من رؤى بول كلي تكاثف العمق البصري لخالد ترقلي أبو الهول
بفضل التوافق البصري والاندماج الحضاري بين الشرق والغرب والتفاعل التجريبي الثقافي بينهما والتماهي مع الابتكار، أصبح الحرف العربي يحمل رؤية فنية وتشكيلية مستقلة في حد ذاتها تعبيرا وأسلوبا تأثيرا واستبصارا خلق التفرّد في المنجز الفني من خلال اللوحة الحروفية التي بات الحرف فيها عنصرا دافعا للمفهوم وتصوّرا محفّزا للفكرة جماليا ومعنويا.
ولعل الوصول للوحة الحروفية ليس مجرّد تطبيق للحرف بقدر ما هو حرفية في تطويعه مع عناصر التشكيل، فمن السهل أن تكون خطاطا فنانا ولكن من المعقّد أن تكون فنانا حروفيا قادرا على انتشال الحرف من فضاءاته المألوفة وتحويله إلى فضاءات مستقلّة ومفصولة أحيانا عن المعنى النصي المقروء وتحويله إلى دلالة ورمزية.
وقد بدا التعانق الشرقي الغربي عن طريق الخط العربي الذي تيّم المستشرقين بمراحل حضورهم وتفاعلهم مع البيئة وجمالياتها الخاصة حيث ساعدها في الوصول إلى مراحل جديدة أثّرت في مسارات الفن التشكيلي الغربي وخلقت فلسفة بصرية جديدة على مستوى التفرّد والانجاز والتطبيق.
*Paul Klee Tunis
ومن بين أبرز المتأثرين بالحرف والزخرف العربي والفنون الاسلامية نذكر الفنان الشكيلي الألماني السويسري بول كلي الذي أسّس لما يعرف اليوم باللوحة الحروفية من خلال الاهتمام باللون والضوء بالزخرف والتركيب بالفراغ والمساحة والتكنيك التوليفي بينهما وهذه التجربة بدورها انعكست على اهتمام الفنانين العرب بدورهم الذين تأثروا بتطوير الحرف والقيمة الفنية للزخرف الإسلامي والدور التعبيري للحرف والدلالة الرمزية لحضوره تعبيريا ليتمّ تطويعه لقضاياهم الواقعية أو الجمالية وهو ما بدا في تجربة التشكيلي خالد أبو الهول.
يعدّ بول كلي (1879-1940) أبرز فناني المرحلة الحديثة والمستشرقين الذين نهلوا من فكرة الشرق تصورات التجديد التعبيري وهو ما ساعده على اكتساب مقاييس جمالية تقنية مستحدثة شكّلت فارقا عابرا له بين المسار التعبيري والرمزي والتجريدي وبالتالي استطاع تقديم مثال حداثي للمجال التعبيري في فترة الحرب العالمية الثانية التي كانت هاجسا فكريا وفلسفيا شكّل بالنسبة له رؤى إنسانية جديدة على مستوى التعبير الفني والجمالي وقد كانت كل تلك الكثافة التعبيرية والتجديد منطلقا لتحوّلاته الشرقية التي اكتسبها من معالم الحضارة الإسلامية والمعمار والزخرف والخط حيث بدا له فضاء تجديد وانتصارات للحركة واللون الذي اندمج فيه مع الطبيعة والانسان وملامح الحياة التي ميّزت رحلته المليئة بالضوء في تونس وكذلك المليئة بالتداخلات البصرية في مصر وهو ما ترتّب داخله كذاكرة بصرية جعلت مراحله الفنية التي ارتبطت بالشرق والفنون الإسلامية تشكّل منعرجا دقيقا في رحلته الفنية فيما بعد حيث أسّس لخصوصيات بصرية جديدة عرفت بالحروفية والفنون الخطية والزخرف والهندسة التعبيرية التي أسّست منطلقاتها وخصوصياتها.
فالأعمال التي قدّمها كلي كانت في علاقة بالجماليات الزخرفية التي خبرها لا كعنصر منطوق ومقروء بل كعلامة في الفضاء لها هندساتها المحسوسة لكي يدرك من خلالها الإيقاع والبنية المتكررة للحرف والزخرف الذي كوّنه في لوحاته، حيث كان بالنسبة له مصدرا ثريا للإلهام البصري والتفرّد التعبيري.
الذي عبّر عنه بأنه يتملّكه في تلك التراكمات الحسية التي تشدّه بين العمارة والخط والزخرف والضوء والألوان إنها الأشكال البيضاء التي تبدو مثل علامات هندسية بين القباب والبيوت والأحياء التي ينعكس عليها الظل ويركّب فيها الألوان طبيعيا وهندسيا لتنحني بين المساحات.
ولعل هذا خلق لديه اهتماما بالغ بالخط العربي الذي بناه بتصورات حسية جمعت لديه كل العلامات التي قرأ عنها وتابعها في الكتابات القديمة الهيروغليفية والمسمارية والأشكال التراثية في الحرف اليدوية في الزرابي والسجاجيد بكل الزخارف الفنية التي تتوافق بين الشرقي والأندلسي وهو ما أعاد ترتيب تراكماته البصرية نحو رؤى جديدة في عناصر التكوين الحسي للوحة التي حملت شعلة جديدة من حيث الخيال والتخيّلات التي سطعت به مع الضوء الذي كوّن عنده فكرة البحث عن اللامرئي تلك التي أصبحت سمة الفنون الحديثة فلسفيا وجوديا واستشرافيا.
إن التوافق البصري الذي التقى من خلاله خالد أبو الهول مع تجربة بول كلي قد يتماثل في التوظيف التعبيري للرؤية البصرية الشرقية مع تحميل فوارق الانتماء خصوصية الارتحال أبعد في الخيال والمفهوم حيث ارتقى أبو الهول باللوحة الحروفية في تعبيرية معاصرة لامست الواقع من خلال القضية التي تمثّلت فيما تعانيه المرأة ليصبح الحرف حاملا لتلك القضية على مستوى التوظيفات المكانية والزمانية والفكرية والتراثية والاستشرافية.
فالتنوّع الفكري والأسلوبي والتوازي مع التجارب مثل تجربة كلي في محاكاة الحرب والموت والوجود كان لها كثافتها البصرية مع تجربة أبو الهول وفلسفته البصرية في تطويع الخطوط والانحناء معها، حتى انه منح الحروف انعتاقا بصريا في الفضاء وحمّلها أصواتا تكاد تصرخ في احتمالات الألم والفرح بين الجسد والروح وبين الحضور والغياب بتناقضات التغييب والتهميش، فالحالات تقترب من التلون مع المعايش والواقعي وتتداخل مع المخيال العام للتصور البصري في اللوحة لتتكامل أسلوبيا مع التقنية والعنصر والأسلوب.
لأن الحرف ينتزع مكانته المألوفة ليشارك في معركة الصراع التي تعايشها المرأة في المجتمع ككيان يتداعى بين الانفصال والتمازج بين الحضور الكامل والتشييء بين الجمود والحركة فبين استرداد روح الحرف يتكامل التماس اللغوي مع المعنى الموظّف في العلامة الرمز من خلال استرداد الروح للحرف العربي وفق اللون وكيان الحرف الذي يحتاج إضافات عميقة ومنسجمة لا تلغي القراءة التي تساعد الحرف على دخول عالم جمالي بقراءة توحّد امتزاجه مع الفكرة بحيث يتكامل الخط بصريا حسب دلالات الجمال البصري يستقرئ الفكرة ويتصارع مع سكونها الصاخب بالأضواء والظلال ليكوّن مقاماته النفسية وينفعل مع اختلافاتها بين العنف الآسر والخصوبة الفكرية التي يكتسبها من الأسلوب الحروفي المطوّر على مستوى الهندسة والرموز التي تتسرّب مع اللوحة تعبيريا وتجريديا.
بفضل التوافق البصري والاندماج الحضاري بين الشرق والغرب والتفاعل التجريبي الثقافي بينهما والتماهي مع الابتكار، أصبح الحرف العربي يحمل رؤية فنية وتشكيلية مستقلة في حد ذاتها تعبيرا وأسلوبا تأثيرا واستبصارا خلق التفرّد في المنجز الفني من خلال اللوحة الحروفية التي بات الحرف فيها عنصرا دافعا للمفهوم وتصوّرا محفّزا للفكرة جماليا ومعنويا.
ولعل الوصول للوحة الحروفية ليس مجرّد تطبيق للحرف بقدر ما هو حرفية في تطويعه مع عناصر التشكيل، فمن السهل أن تكون خطاطا فنانا ولكن من المعقّد أن تكون فنانا حروفيا قادرا على انتشال الحرف من فضاءاته المألوفة وتحويله إلى فضاءات مستقلّة ومفصولة أحيانا عن المعنى النصي المقروء وتحويله إلى دلالة ورمزية.
وقد بدا التعانق الشرقي الغربي عن طريق الخط العربي الذي تيّم المستشرقين بمراحل حضورهم وتفاعلهم مع البيئة وجمالياتها الخاصة حيث ساعدها في الوصول إلى مراحل جديدة أثّرت في مسارات الفن التشكيلي الغربي وخلقت فلسفة بصرية جديدة على مستوى التفرّد والانجاز والتطبيق.
*Paul Klee Tunis
ومن بين أبرز المتأثرين بالحرف والزخرف العربي والفنون الاسلامية نذكر الفنان الشكيلي الألماني السويسري بول كلي الذي أسّس لما يعرف اليوم باللوحة الحروفية من خلال الاهتمام باللون والضوء بالزخرف والتركيب بالفراغ والمساحة والتكنيك التوليفي بينهما وهذه التجربة بدورها انعكست على اهتمام الفنانين العرب بدورهم الذين تأثروا بتطوير الحرف والقيمة الفنية للزخرف الإسلامي والدور التعبيري للحرف والدلالة الرمزية لحضوره تعبيريا ليتمّ تطويعه لقضاياهم الواقعية أو الجمالية وهو ما بدا في تجربة التشكيلي خالد أبو الهول.
يعدّ بول كلي (1879-1940) أبرز فناني المرحلة الحديثة والمستشرقين الذين نهلوا من فكرة الشرق تصورات التجديد التعبيري وهو ما ساعده على اكتساب مقاييس جمالية تقنية مستحدثة شكّلت فارقا عابرا له بين المسار التعبيري والرمزي والتجريدي وبالتالي استطاع تقديم مثال حداثي للمجال التعبيري في فترة الحرب العالمية الثانية التي كانت هاجسا فكريا وفلسفيا شكّل بالنسبة له رؤى إنسانية جديدة على مستوى التعبير الفني والجمالي وقد كانت كل تلك الكثافة التعبيرية والتجديد منطلقا لتحوّلاته الشرقية التي اكتسبها من معالم الحضارة الإسلامية والمعمار والزخرف والخط حيث بدا له فضاء تجديد وانتصارات للحركة واللون الذي اندمج فيه مع الطبيعة والانسان وملامح الحياة التي ميّزت رحلته المليئة بالضوء في تونس وكذلك المليئة بالتداخلات البصرية في مصر وهو ما ترتّب داخله كذاكرة بصرية جعلت مراحله الفنية التي ارتبطت بالشرق والفنون الإسلامية تشكّل منعرجا دقيقا في رحلته الفنية فيما بعد حيث أسّس لخصوصيات بصرية جديدة عرفت بالحروفية والفنون الخطية والزخرف والهندسة التعبيرية التي أسّست منطلقاتها وخصوصياتها.
فالأعمال التي قدّمها كلي كانت في علاقة بالجماليات الزخرفية التي خبرها لا كعنصر منطوق ومقروء بل كعلامة في الفضاء لها هندساتها المحسوسة لكي يدرك من خلالها الإيقاع والبنية المتكررة للحرف والزخرف الذي كوّنه في لوحاته، حيث كان بالنسبة له مصدرا ثريا للإلهام البصري والتفرّد التعبيري.
الذي عبّر عنه بأنه يتملّكه في تلك التراكمات الحسية التي تشدّه بين العمارة والخط والزخرف والضوء والألوان إنها الأشكال البيضاء التي تبدو مثل علامات هندسية بين القباب والبيوت والأحياء التي ينعكس عليها الظل ويركّب فيها الألوان طبيعيا وهندسيا لتنحني بين المساحات.
ولعل هذا خلق لديه اهتماما بالغ بالخط العربي الذي بناه بتصورات حسية جمعت لديه كل العلامات التي قرأ عنها وتابعها في الكتابات القديمة الهيروغليفية والمسمارية والأشكال التراثية في الحرف اليدوية في الزرابي والسجاجيد بكل الزخارف الفنية التي تتوافق بين الشرقي والأندلسي وهو ما أعاد ترتيب تراكماته البصرية نحو رؤى جديدة في عناصر التكوين الحسي للوحة التي حملت شعلة جديدة من حيث الخيال والتخيّلات التي سطعت به مع الضوء الذي كوّن عنده فكرة البحث عن اللامرئي تلك التي أصبحت سمة الفنون الحديثة فلسفيا وجوديا واستشرافيا.
إن التوافق البصري الذي التقى من خلاله خالد أبو الهول مع تجربة بول كلي قد يتماثل في التوظيف التعبيري للرؤية البصرية الشرقية مع تحميل فوارق الانتماء خصوصية الارتحال أبعد في الخيال والمفهوم حيث ارتقى أبو الهول باللوحة الحروفية في تعبيرية معاصرة لامست الواقع من خلال القضية التي تمثّلت فيما تعانيه المرأة ليصبح الحرف حاملا لتلك القضية على مستوى التوظيفات المكانية والزمانية والفكرية والتراثية والاستشرافية.
فالتنوّع الفكري والأسلوبي والتوازي مع التجارب مثل تجربة كلي في محاكاة الحرب والموت والوجود كان لها كثافتها البصرية مع تجربة أبو الهول وفلسفته البصرية في تطويع الخطوط والانحناء معها، حتى انه منح الحروف انعتاقا بصريا في الفضاء وحمّلها أصواتا تكاد تصرخ في احتمالات الألم والفرح بين الجسد والروح وبين الحضور والغياب بتناقضات التغييب والتهميش، فالحالات تقترب من التلون مع المعايش والواقعي وتتداخل مع المخيال العام للتصور البصري في اللوحة لتتكامل أسلوبيا مع التقنية والعنصر والأسلوب.
لأن الحرف ينتزع مكانته المألوفة ليشارك في معركة الصراع التي تعايشها المرأة في المجتمع ككيان يتداعى بين الانفصال والتمازج بين الحضور الكامل والتشييء بين الجمود والحركة فبين استرداد روح الحرف يتكامل التماس اللغوي مع المعنى الموظّف في العلامة الرمز من خلال استرداد الروح للحرف العربي وفق اللون وكيان الحرف الذي يحتاج إضافات عميقة ومنسجمة لا تلغي القراءة التي تساعد الحرف على دخول عالم جمالي بقراءة توحّد امتزاجه مع الفكرة بحيث يتكامل الخط بصريا حسب دلالات الجمال البصري يستقرئ الفكرة ويتصارع مع سكونها الصاخب بالأضواء والظلال ليكوّن مقاماته النفسية وينفعل مع اختلافاتها بين العنف الآسر والخصوبة الفكرية التي يكتسبها من الأسلوب الحروفي المطوّر على مستوى الهندسة والرموز التي تتسرّب مع اللوحة تعبيريا وتجريديا.