الفن التشكيلي العربي .. من الجدل الفكري إلى الحيرة والغموض تناقضات الحداثة وما بعدها
كثيرا ما يحمل مصطلح ما بعد الحداثة في الفن التشكيلي إلى عالم من الدهشة والحيرة والغموض، فيستفز تساؤلات جمالية تُحوّل الفهم العميق للفن ومداه التعبيري وأسلوبه المنفلت من طاقات الإبداع، فتكون أسئلة التلقي مبنية على درجات الإدراك الواعي التي تبحث عن التعرف على دور الفن خصوصا في مراحله المعاصرة، هل هو حركة اجتماعية أو أنه تعبير فرداني وهل طرحه يجب أن يتحمل التأويل الذاتي بين القبول والنفور من دوره الأساسي أم أنه لم يعد يعتمد على الذائقة والتذوق الجماعي، ليصبح مجرد طرح فلسفي يتماهى مع المفاهيم ولا يهمه التلقي والنقد والتبادل التواصلي في لغة الفن المقصودة ومضامينها.
*محمد السعدون
إن التجارب المتعددة والمتنوعة في الفن التشكيلي العربي وفي المنجز الحداثي عوّدت المتلقي على ظهور العمل في صوره المألوفة والمعهودة وفق المقاييس العالمية بشكل يبدو مفهوما ومقبولا حتى بغموضه المتعوّد في الرمزيات الانتمائية للواقع وفي التوافق التشكيلي الجمالي، غير أن الوضع العام للتلقي الفني في العالم العربي يبقى تطوره محدودا أو بطيء النسق والتواصل من تجربة الى تجربة ومن مرحلة الى أخرى وبالخصوص الفن المعاصر الذي يعتبره البعض نتاج الفردانية الذاتية التي تجيد في غموضها ترتيب مجازاتها الفهمية وبالتالي فإن الفنان يعتبر أن منجزه لا يكون معاصرا إلا إذا كان غامضا.
*تيسير بركات
من الضروري أن يخلق الفن في منجزه الغموض الصادق للذهنية العقلية والتلقي البصري الذي يساعد على فتح أفق الوعي والتفكير الماورائي للقيم الفني ومدى تلقيها بدورها للواقع والتحول به من المباشرة إلى الابداع والابتكار ولكن ليس أساسيا أن يكون الغموض شرطا، إذ يعتبر الباحث الأمريكي في تاريخ الفنون “درست” أن الفرق بين الحداثة وما بعدها يعبر عن مدى تعرف الإنسانية على الجمال بمقاييسه العامة فمرحلة الحداثة قدّمت كل جيّد وعرّفت به تشكيليا باعتبار أن الحداثة واكبت ابتكارات وأنشطة انسانية وفلسفية وجودية ونظريات نفسية اجتماعية كانت ميزة القرن أما المرحلة المعاصرة أو ما بعد الحداثة فقد عرّفت الإنسانية على القبح لأنها فجرت النتاج السيء بصريا كلما ساد في الواقع القبح أو اللافن التلوث والبيئة الحروب والصراع الفكري والصدامات.
*ليلى شوا
إن العمل الفني العربي خضع تجريبيا لهذه المراحل النهضوية والعابرة والمتغيّرة بين الفنون التي تحوّلت بشكل ملفت من الحداثة إلى المعاصرة ما فعّل في تداخلاتها أفكار التجريب المرحلي بين المواكبة والتقليد وبين الابتكار والحرية التعبيرية التي فتحت أفق النفاذ أكثر للبصريات المحدودة وتحريرها والانعتاق من قيود الجمالي أو المتقن والمثالي لتبدع في تصوير موقفها بقيم صادمة الدهشة.
*محمود الزيات
فالفنان بدوره تأثر كثيرا بواقع وطنه ومجتمعه ما قاده إما للتغييب الغامض والحيرة المتناثرة في التعبير المتقوقع على النخبوية أو للتجريب المبالغ والتعبير السائد بتوافقاته الصدامية التي كثيرا ما نبشت في قضايا المجتمع والسياسة فناضلت بطريقتها من أجل تعبير أشمل عن الذات والانتماء خاصة وأن بعض التجارب العربية تنوعت فيها الأحداث والصراعات الداخلية والخارجية فإما مرّت بضيق اجتماعي وتنوع فكري ونفسي أوتصادم سياسات داخلية مثل التجربة العراقية والمغاربية والمصرية أو حروب واحتلال ومشاكل داخلية مثل التجربة اللبنانية أو الفلسطينية واليمينة أو عرفت مراحل البناء والتغيير الداخلي مثل التجارب الخليجية التي تخلّصت من القيود في تعاطيها مع الفنون وفكرة الجماليات في تعبيراتها المقصودة للتوعية أو التوجيه سواء بالتجريد الحداثي أو التعبيرية والواقعية المفرطة والمفاهيمية ووصولا إلى الفتوغرافيا والفيديو آرت.
*عبد الرؤوف شمعون
دون تجاوز التجارب العربية الفنية للمهاجرين والتي أثرت على التلقي العام للفكر الفني والاندماج المعاصر مع تطوراته بسهولة التعبير والعبور نحو تلك الفنون فنذكر تجربة المفاهيمية المطلقة للسعودي المقيم بفرنسا فيصل سمرة أو تجربة البوب آرت للبناني المقيم بإيطاليا علي حسون أو التجربة البصرية الوجودية للبنانية الاسبانية نادية حطيط أو الفلسطينية الايرلندية ماري توما.
رؤوف الرفاعي
فالتغيير العام للفكرة الفنية غيّر المشهدية التعبيرية للتلقي البصري للمفاهيم كما خلق تناقضات متحوّلة في المعنى من حيث القرب والتنافر فكأن الدوافع الفنية خرجت عن مسار العام نحو الخاص لتثير تناقضها الجدلي التقليدي في تعبيره عن الوطن والانتماء المقاومة والمطالبة والنضال الثقافي والفكري.
*أشرف فواخري
فالسائد في التجارب العربية وهي تواكب تطوراتها التجريبية أن الفنون تطوّرت وتغيّرت في المنجز من حيث الإنتاج ومن حيث العرض ولكن الذائقة لم تتغير بعد وتحتاج الكثير لتكون أكثر قربا ووعيا، كما أن الادراك النقدي للأعمال لا يحافظ على مداه التفسيري الذي قد يحوّل الفهم والقبول بالتطور في الفنون، وبالتالي فإن الفن معاصر بتنوعه قادر على خلق رؤى جديدة أعمق في التلقي والنقد والإنجاز والمضمون والرسالة الفنية من خلال الصورة والفيديو والتفاعلات البرمجية والعروض الرقمية والملتيميديا وتعاون الفنون كلها لتخلق فضولا وتخلق العروض الجماهيرية أيضا، حتى يتجاوز التلقي المستحيل أو التفاعل الشخصي الذي قد يُرى هذيان تعبيري مع تفادي الإشكالية الكبرى لضرورة تطور الحركة الفنية لا كإنتاج ومنجز بل كوعي وتفعيله فالمتلقي بحاجة أن يرى ما يشبه هلوساته ويعبّر عنه ويخدم وضوحه المعتم أو المكتوم في واقعه وبيئته.
كثيرا ما يحمل مصطلح ما بعد الحداثة في الفن التشكيلي إلى عالم من الدهشة والحيرة والغموض، فيستفز تساؤلات جمالية تُحوّل الفهم العميق للفن ومداه التعبيري وأسلوبه المنفلت من طاقات الإبداع، فتكون أسئلة التلقي مبنية على درجات الإدراك الواعي التي تبحث عن التعرف على دور الفن خصوصا في مراحله المعاصرة، هل هو حركة اجتماعية أو أنه تعبير فرداني وهل طرحه يجب أن يتحمل التأويل الذاتي بين القبول والنفور من دوره الأساسي أم أنه لم يعد يعتمد على الذائقة والتذوق الجماعي، ليصبح مجرد طرح فلسفي يتماهى مع المفاهيم ولا يهمه التلقي والنقد والتبادل التواصلي في لغة الفن المقصودة ومضامينها.
*محمد السعدون
إن التجارب المتعددة والمتنوعة في الفن التشكيلي العربي وفي المنجز الحداثي عوّدت المتلقي على ظهور العمل في صوره المألوفة والمعهودة وفق المقاييس العالمية بشكل يبدو مفهوما ومقبولا حتى بغموضه المتعوّد في الرمزيات الانتمائية للواقع وفي التوافق التشكيلي الجمالي، غير أن الوضع العام للتلقي الفني في العالم العربي يبقى تطوره محدودا أو بطيء النسق والتواصل من تجربة الى تجربة ومن مرحلة الى أخرى وبالخصوص الفن المعاصر الذي يعتبره البعض نتاج الفردانية الذاتية التي تجيد في غموضها ترتيب مجازاتها الفهمية وبالتالي فإن الفنان يعتبر أن منجزه لا يكون معاصرا إلا إذا كان غامضا.
*تيسير بركات
من الضروري أن يخلق الفن في منجزه الغموض الصادق للذهنية العقلية والتلقي البصري الذي يساعد على فتح أفق الوعي والتفكير الماورائي للقيم الفني ومدى تلقيها بدورها للواقع والتحول به من المباشرة إلى الابداع والابتكار ولكن ليس أساسيا أن يكون الغموض شرطا، إذ يعتبر الباحث الأمريكي في تاريخ الفنون “درست” أن الفرق بين الحداثة وما بعدها يعبر عن مدى تعرف الإنسانية على الجمال بمقاييسه العامة فمرحلة الحداثة قدّمت كل جيّد وعرّفت به تشكيليا باعتبار أن الحداثة واكبت ابتكارات وأنشطة انسانية وفلسفية وجودية ونظريات نفسية اجتماعية كانت ميزة القرن أما المرحلة المعاصرة أو ما بعد الحداثة فقد عرّفت الإنسانية على القبح لأنها فجرت النتاج السيء بصريا كلما ساد في الواقع القبح أو اللافن التلوث والبيئة الحروب والصراع الفكري والصدامات.
*ليلى شوا
إن العمل الفني العربي خضع تجريبيا لهذه المراحل النهضوية والعابرة والمتغيّرة بين الفنون التي تحوّلت بشكل ملفت من الحداثة إلى المعاصرة ما فعّل في تداخلاتها أفكار التجريب المرحلي بين المواكبة والتقليد وبين الابتكار والحرية التعبيرية التي فتحت أفق النفاذ أكثر للبصريات المحدودة وتحريرها والانعتاق من قيود الجمالي أو المتقن والمثالي لتبدع في تصوير موقفها بقيم صادمة الدهشة.
*محمود الزيات
فالفنان بدوره تأثر كثيرا بواقع وطنه ومجتمعه ما قاده إما للتغييب الغامض والحيرة المتناثرة في التعبير المتقوقع على النخبوية أو للتجريب المبالغ والتعبير السائد بتوافقاته الصدامية التي كثيرا ما نبشت في قضايا المجتمع والسياسة فناضلت بطريقتها من أجل تعبير أشمل عن الذات والانتماء خاصة وأن بعض التجارب العربية تنوعت فيها الأحداث والصراعات الداخلية والخارجية فإما مرّت بضيق اجتماعي وتنوع فكري ونفسي أوتصادم سياسات داخلية مثل التجربة العراقية والمغاربية والمصرية أو حروب واحتلال ومشاكل داخلية مثل التجربة اللبنانية أو الفلسطينية واليمينة أو عرفت مراحل البناء والتغيير الداخلي مثل التجارب الخليجية التي تخلّصت من القيود في تعاطيها مع الفنون وفكرة الجماليات في تعبيراتها المقصودة للتوعية أو التوجيه سواء بالتجريد الحداثي أو التعبيرية والواقعية المفرطة والمفاهيمية ووصولا إلى الفتوغرافيا والفيديو آرت.
*عبد الرؤوف شمعون
دون تجاوز التجارب العربية الفنية للمهاجرين والتي أثرت على التلقي العام للفكر الفني والاندماج المعاصر مع تطوراته بسهولة التعبير والعبور نحو تلك الفنون فنذكر تجربة المفاهيمية المطلقة للسعودي المقيم بفرنسا فيصل سمرة أو تجربة البوب آرت للبناني المقيم بإيطاليا علي حسون أو التجربة البصرية الوجودية للبنانية الاسبانية نادية حطيط أو الفلسطينية الايرلندية ماري توما.
رؤوف الرفاعي
فالتغيير العام للفكرة الفنية غيّر المشهدية التعبيرية للتلقي البصري للمفاهيم كما خلق تناقضات متحوّلة في المعنى من حيث القرب والتنافر فكأن الدوافع الفنية خرجت عن مسار العام نحو الخاص لتثير تناقضها الجدلي التقليدي في تعبيره عن الوطن والانتماء المقاومة والمطالبة والنضال الثقافي والفكري.
*أشرف فواخري
فالسائد في التجارب العربية وهي تواكب تطوراتها التجريبية أن الفنون تطوّرت وتغيّرت في المنجز من حيث الإنتاج ومن حيث العرض ولكن الذائقة لم تتغير بعد وتحتاج الكثير لتكون أكثر قربا ووعيا، كما أن الادراك النقدي للأعمال لا يحافظ على مداه التفسيري الذي قد يحوّل الفهم والقبول بالتطور في الفنون، وبالتالي فإن الفن معاصر بتنوعه قادر على خلق رؤى جديدة أعمق في التلقي والنقد والإنجاز والمضمون والرسالة الفنية من خلال الصورة والفيديو والتفاعلات البرمجية والعروض الرقمية والملتيميديا وتعاون الفنون كلها لتخلق فضولا وتخلق العروض الجماهيرية أيضا، حتى يتجاوز التلقي المستحيل أو التفاعل الشخصي الذي قد يُرى هذيان تعبيري مع تفادي الإشكالية الكبرى لضرورة تطور الحركة الفنية لا كإنتاج ومنجز بل كوعي وتفعيله فالمتلقي بحاجة أن يرى ما يشبه هلوساته ويعبّر عنه ويخدم وضوحه المعتم أو المكتوم في واقعه وبيئته.