بدأ تصعيد الحملات العامة المؤيدة والمعارضة للزواج المثلي في أستراليا بتخطيط من حكومة تورنبول لتقصّي رأي الأفراد عن وجوب تشريع زواج المثليين بموجب القانون الأسترالي.
في مقابلة على قناة سكاي نيوز أبدى النائب الليبرالي كيفن أندروز معارضته لزواج المثليين، إذ قال إن الأطفال الذين ترعرعوا مع باجتماع أم وأب أفضل حالًا ممن لم ينشؤوا بهذه الطريقة. وقال أندروز أيضًا أن أدلة العلوم الاجتماعية تتجه إلى حد كبير باتجاه واحد في هذا الشأن.
بالتحقق من المصادر التي اعتمدها كيفن أندروز، نجد أنها تشمل كتابًا كتبه السيد أندروز بنفسه بعنوان (ربما أوافق: الزواج الحديث والسعي للسعادة)، وتقرير بعنوان: (من أجل الأطفال) من إعداد البروفيسور باتريك باركنسون من جامعة سيدني عام 2011، والدراسات التي أجراها دوغلاس ألين عام 2015 في كندا وبول سولينز عام 2015 في الولايات المتحدة.
الحكم على رأي كيفن أندروز ومصادره
إن تأكيد كيفن أندروز على أن الأطفال الذين ترعرعوا باجتماع أم وأب أفضل حالًا ممن لم ينشؤوا بهذه الطريقة لا تدعمه أدلة بحثية، إذ تُظهر معظم الأبحاث حول هذا الموضوع أن الأطفال أو المراهقين الذين تبناهم مثليون لا يختلفون عن أولئك الذين نشؤوا لدى آباء مغايري الجنس وذلك على الكثير من الأصعدة: الاجتماعية والعاطفية والصحية والأكاديمية.
نجد ملخصًا على موقع مكتبة أستراليا الوطنية فيما يخص المصدر الأول -كتاب أندروز نفسه- ويقول:
«يستعرض الكتاب الأدلة على فوائد الزواج للمجتمع والأطفال والبالغين، ويقول إن الزيجات الصحية والمستقرة والسعيدة هي المؤسسة المثالية لدعم الفرد وتحقيق مجتمعات صحية».
يوجد فعلًا مجموعة كبيرة من الأدلة تثبت أن الاستقرار في الزواج والحياة الأسرية مفيد للأطفال، خاصة في أثناء الطفولة المبكرة؛ لكن بعض الأبحاث أظهرت أن هذه الفوائد ترتبط مع ارتفاع متوسط الدخل ومستوى التعليم لدى المتزوجين وليس مع الزواج نفسه.
ولكن لا تشمل هذه الدراسات مقارنات بين الأزواج المغايرين جنسيًا والأزواج المثليين، ما يعني أن هذه الدراسات لا تدعم أن الزواج من جنسين مختلفين ينعكس انعكاسًا أفضل على الأطفال مقارنة بالزواج من نفس الجنس؛ بل تشير بعض الأبحاث في الواقع إلى أن زواج المثليين قد يكون مفيدًا للأطفال الذين تتبناهم هذه العائلات.
أما المصدر الثاني -تقرير باتريك باركنسون- فنجد فيه إشارة إلى ارتباط معدلات الطلاق المتزايدة والخلافات الأسرية وعدم الاستقرار في العلاقات بين الوالدين مع زيادة الضغط النفسي بين اليافعين في أستراليا، فكان أحد استنتاجات باركنسون أن البيئة الأكثر استقرارًا وأمانًا ورعاية للأطفال تتشكل عندما يكون الوالدان متزوجين ومحافظين على زواجهما.
توجد دراسات تدعم ذلك وأبحاث تؤكد أهمية الاستقرار الأسري والعلاقات الجيدة بين الآباء والأطفال والحاجة إلى الوصول إلى الموارد الاجتماعية والاقتصادية، ولكن ليس ضرورة أن يكون الوالدان من جنسين مختلفين.
تُعد دراسة دوغلاس ألين عام 2015 مراجعة هامة لكنها ليست منهجية، إذ تحتوي بيانات لأكثر من 60 دراسة تتعلق بتبني الأزواج المثليين للأطفال وكيف ينعكس ذلك على الأطفال، لكن لم تقدم هذه المراجعة أي استنتاجات بخصوص ما ينعكس على الطفل من آثار. لكن ما يقوله ألين، إنه بسبب التحيز في أخذ العينات وأحجام العينات الصغيرة حاليًا لا يوجد دليل علمي قاطع يقول بأن الأطفال الذين يتبناهم مثليون أفضل أو أسوأ حالًا من الأطفال الذين يربيهم أزواج من جنسين مغايرين.
يقدم البحث الذي قدمه بول سولينز عام 2015 تحليلًا للبيانات المأخوذة من المسح الاستقصائي للصحة الوطنية في الولايات المتحدة، وتبين أن الأطفال الذين نشؤوا لدى أبوين مثليين أكثر عرضة بمرتين للمرور مشكلات عاطفية مقارنة بأولئك الذين نشؤوا لدى والدين متزوجين من جنسين مغايرين ومرتبطين بيولوجيًا بأطفالهم، لكنّ هذا التحليل تلقى انتقادًا لعدم مراعاته استقرار البيئة الأسرية.
النتائج المنعكسة على الأطفال في الأسر ذات الوالدين من نفس الجنس
تدرس الكثير من الأبحاث حول العالم حالة الأطفال في أسر الأزواج المثليين وتحديدًا من النساء، إذ تُعد الأبحاث قليلة نسبيًا عن العائلات التي يكون فيها كلا الوالدين من الرجال، فمن الصعب الحصول على حجم عينات كافٍ للأطفال يتبناهم رجلان مثليان نظرًا لقلة هذه العائلات، ولا يوجد بحث يظهر أن الأطفال الذين ينشؤون في عائلة والدين مثليين هم أسوأ حالاً من الأطفال الآخرين.
في عام 2016 نُشِرت دراسة استخدمت بيانات من الاستقصاءات الوطنية الأمريكية لصحة الأطفال للفترة 2011-2012، وقارنت حالة الأطفال الذين بأعمار 6-17 لدى 95 عائلة من الآباء من نفس الجنس مع 95 عائلة من والدين من جنسين مغايرين. لم تجد الدراسة أي فرق في النتائج المنعكسة على الأطفال الذين نشؤوا في أسر الأزواج المثليين مقارنة بالوالدين المغايرين على كثير من الأصعدة، مثل الصحة العامة والصعوبات العاطفية والتأقلم والتعلم.
في عام 2014 نُشرت ورقة بحثية لجمعية علم الاجتماع الأمريكية، واستعرضت عشر سنوات من المؤلفات العلمية حول وضع الطفل لدى والدين مثليين في الولايات المتحدة. واستنتج المؤلفون وجود إجماع واضح في الأدبيات العلمية على أن الأطفال الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين حصلوا على نتائج جيدة مثل الأطفال الذين نشؤوا لدى أزواج من جنسين مغايرين، وذلك بالنسبة مجموعة من الاعتبارات، منها:
ورأى المؤلفون أن الاختلافات الملحوظة في حالة الأطفال كانت إلى حد كبير بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية واستقرار الأسرة.
في عام 2010 نُشرت دراسة في مجلة (Marriage and Family)، واستخدمت تحليلًا تجميعيًا (meta-analysis) لنتائج 33 دراسة لتقييم كيفية تأثير جنس الوالدين على الأطفال، وجد المؤلفون أن نقاط القوة المرتبطة عادةً بالعائلات المتزوجة من الأب والأم ظهرت بنفس الدرجة في العائلات التي تتضمن والدتين وربما في العائلات التي لديها أبوين. ولم يجد التحليل أي دليل على أن الأطفال الناشئين لدى الأزواج المثليين أسوأ حالًا من الأطفال الناشئين لدى أزواج من الجنس المغاير على مختلف الأصعدة ومنها:
تضمنت هذه المراجعة دراسات من أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة التي قال المؤلفون أن العلماء حققوها.
يوجد إجماع بأن الأطفال في العائلة المكونة من امرأتين مثليتين غير متزوجتين ينمون ويتطورون كأقرانهم الذين ينشؤون بين شخصين متزوجين من جنسين مختلفين.
في 2014 نُشرت دراسة كبيرة في في أستراليا بمجلة (BMC Public Health Journal)، واستطلعت آراء 315 من الآباء إلى جانب 500 طفل، وكان 80% من الأطفال لديهم أم مثلية في حين أن 18% لديهم أب مثلي. وقد دعمت النتائج الأبحاث السابقة التي أظهرت أن وصمة العار المتعلقة بالميول الجنسية للأبوين ترتبط سلبًا بحالة الأطفال وصحتهم العقلية. ولكن وجدت الدراسة عمومًا أن الأطفال والمراهقين الذين تربوا لدى والدين مثليين في أستراليا حققوا نجاحًا مثل أطفال الوالدين من جنس مغاير، بل وأفضل فيما يتعلق بالسلوك العام والصحة العامة والترابط الأسري.
في عام 2016 نُشرت ورقة بحثية متابعة، ووجدت أنه لا فرق بين الأطفال الذين نشؤوا في أسر الأزواج المثليين سواء كانوا امرأتين أو رجلين. وأفادت أعمال أخرى من نفس المشروع عن استطلاعات ومقابلات مع مراهقين نشؤوا لدى آباء من نفس الجنس بأن بعض المراهقين الذين لديهم آباء مثليون عانوا من القلق المرتبط بالخوف من التمييز.
وجد تحليل عام 2010 للبيانات المأخوذة من تعداد عام 2000 في الولايات المتحدة أن الأطفال الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين قادرون على إحراز تقدم طبيعي في المدرسة مقارنة بالأطفال الذين نشؤوا لدى أزواج من الجنس الآخر.
عند أخذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي للوالدين وشخصيات الطلاب بعين الاعتبار، لا يمكن أن نميز بيقين إحصائي النتائج التعليمية لأطفال الأزواج المثليين عن نتائج أطفال الأزواج من جنسين مغايرين.
تقييم الدراسات التي تعارض تبني المثليين للأطفال
أشارت بعض الدراسات إلى أن البالغين الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين أسوأ حالًا فيما يتعلق ببعض النتائج التعليمية أو الاجتماعية أو العاطفية، لكن غالبية الأبحاث لا تدعم هذا، وتوجد أيضًا دراسات نُشرت وفقدت مصداقيتها لاحقًا، لكنها ما تزال تستخدم كمراجع.
تشترك جميع الدراسات المعارضة لتبني المثليين للأطفال بالخلل نفسه، والمثال الأشهر عليها دراسة ريجنيروس في أمريكا عام 2012، والخلل هو أن عددًا قليلًا من الأطفال المشمولين بالدراسة نشؤوا لدى آباء من نفس الجنس، جاء الباقي من العائلات التي يقوم فيها أبوين من الجنس المغاير بتربية أطفالهم لفترة من الوقت، ثم غالبًا ما يكون أحد الوالدين أو كليهما مثليًا فيترك الأسرة أو أنه في علاقة مثلية، فتكون النتيجة أن الأسرة تحملت ضغوطًا إضافية مما أدى إلى تفككها.
إن إدراج مثل هؤلاء الأطفال ضمن تصنيف أنهم (نشؤوا لدى أبوين من نفس الجنس) أمر مضلل لدرجة أنه غير دقيق، لأن هؤلاء الأطفال قد نشؤوا عمومًا في أسر من الجنس المغاير، وبعد تمزق الأسرة عاشوا مع والد مثلي أو والدين مثليين، ونادرًا ما يتبنى والدان من نفس الجنس في علاقة مستقرة وطويلة الأمد الأطفال معًا.
يجادل مؤلفو هذه الدراسات بأنه ومع ذلك غالبًا ما تمثل هذه التكوينات العائلات ذات الآباء المثليين، فمن المعقول بالنتيجة أن تُعد مؤشرات لما يحدث عندما يعيش الأطفال مع واحد أو أكثر من الوالدين المثليين.
تقييم الدراسات التي لا تجد فرقًا لدى الأطفال الناشئين لدى أبوين من نفس الجنس
إن المعيار الذهبي للبحث عن نتائج الطفل والأسرة هو دراسات تشمل عينات سكانية منتقاة عشوائيًا، من الصعب تحقيق ذلك في البحث عن الآباء المثليين لأن الكثير من هذه الدراسات لا تسأل عن التوجه الجنسي للوالدين، وحتى عندما يسألون لا تتضمن جميع الدراسات عينة من الأطفال أو البالغين الذين نشؤوا لدى أبوين مثليين لتكون كبيرة بما يكفي لتوفر تحليلًا إحصائيًا موثوقًا.
يعترض بعض منتقدي أبحاث الأبوة والأمومة لدى الأشخاص المثليين على طرق أخذ العينات الصغيرة غير العشوائية بما يعرف باسم (أخذ العينات المناسبة) التي يستخدمها الباحثون في هذا المجال غالبًا لجمع بياناتهم، ومع ذلك لا يُعد أخذ العينات الملائمة عيبًا منهجيًا في هذا المجال، ولكنه فقط تقييد لإمكانية التعميم.
إضافةً إلى ذلك، تستخدم بعض الأبحاث التي لا تجد فروقًا لدى الأطفال الذين لديهم والدان من نفس الجنس بيانات تمثيلية كبيرة، مثل دراسة اعتمدت على بيانات طولية تمثيلية على المستوى الوطني باستخدام مجموعة عينات تضم أكثر من 20000 طفل، يعيش 158 منهم في أسرة لزوجين من نفس الجنس، لم يظهر هؤلاء الأطفال فروقًا ذات دلالة إحصائية عن أقرانهم في نتائج المدرسة.
الخلاصة
يعطي هذا المقال نظرة عامة عن البحث والإجماع العلمي فيما يتعلق بحالة الطفل في أسر الأبوين المثليين، وتمثل الدراسات المذكورة بشكل متوازن فهم الأكاديميين وخبراء صحة الطفل الحاليين للنتائج المنعكسة على حالة الطفل وصحته في العائلات المكونة من والدين من نفس الجنس.
تجدر الإشارة إلى أن الأبحاث قد ذكرت أن عائلات الوالدين من نفس الجنس تعاني وصمة العار والتمييز، وقد يؤثر ذلك في حالة الطفل وصحته. ولكن عمومًا ما ذُكِر هنا مبني على الأبحاث الحالية.
ibelieveinsci
في مقابلة على قناة سكاي نيوز أبدى النائب الليبرالي كيفن أندروز معارضته لزواج المثليين، إذ قال إن الأطفال الذين ترعرعوا مع باجتماع أم وأب أفضل حالًا ممن لم ينشؤوا بهذه الطريقة. وقال أندروز أيضًا أن أدلة العلوم الاجتماعية تتجه إلى حد كبير باتجاه واحد في هذا الشأن.
بالتحقق من المصادر التي اعتمدها كيفن أندروز، نجد أنها تشمل كتابًا كتبه السيد أندروز بنفسه بعنوان (ربما أوافق: الزواج الحديث والسعي للسعادة)، وتقرير بعنوان: (من أجل الأطفال) من إعداد البروفيسور باتريك باركنسون من جامعة سيدني عام 2011، والدراسات التي أجراها دوغلاس ألين عام 2015 في كندا وبول سولينز عام 2015 في الولايات المتحدة.
الحكم على رأي كيفن أندروز ومصادره
إن تأكيد كيفن أندروز على أن الأطفال الذين ترعرعوا باجتماع أم وأب أفضل حالًا ممن لم ينشؤوا بهذه الطريقة لا تدعمه أدلة بحثية، إذ تُظهر معظم الأبحاث حول هذا الموضوع أن الأطفال أو المراهقين الذين تبناهم مثليون لا يختلفون عن أولئك الذين نشؤوا لدى آباء مغايري الجنس وذلك على الكثير من الأصعدة: الاجتماعية والعاطفية والصحية والأكاديمية.
نجد ملخصًا على موقع مكتبة أستراليا الوطنية فيما يخص المصدر الأول -كتاب أندروز نفسه- ويقول:
«يستعرض الكتاب الأدلة على فوائد الزواج للمجتمع والأطفال والبالغين، ويقول إن الزيجات الصحية والمستقرة والسعيدة هي المؤسسة المثالية لدعم الفرد وتحقيق مجتمعات صحية».
يوجد فعلًا مجموعة كبيرة من الأدلة تثبت أن الاستقرار في الزواج والحياة الأسرية مفيد للأطفال، خاصة في أثناء الطفولة المبكرة؛ لكن بعض الأبحاث أظهرت أن هذه الفوائد ترتبط مع ارتفاع متوسط الدخل ومستوى التعليم لدى المتزوجين وليس مع الزواج نفسه.
ولكن لا تشمل هذه الدراسات مقارنات بين الأزواج المغايرين جنسيًا والأزواج المثليين، ما يعني أن هذه الدراسات لا تدعم أن الزواج من جنسين مختلفين ينعكس انعكاسًا أفضل على الأطفال مقارنة بالزواج من نفس الجنس؛ بل تشير بعض الأبحاث في الواقع إلى أن زواج المثليين قد يكون مفيدًا للأطفال الذين تتبناهم هذه العائلات.
أما المصدر الثاني -تقرير باتريك باركنسون- فنجد فيه إشارة إلى ارتباط معدلات الطلاق المتزايدة والخلافات الأسرية وعدم الاستقرار في العلاقات بين الوالدين مع زيادة الضغط النفسي بين اليافعين في أستراليا، فكان أحد استنتاجات باركنسون أن البيئة الأكثر استقرارًا وأمانًا ورعاية للأطفال تتشكل عندما يكون الوالدان متزوجين ومحافظين على زواجهما.
توجد دراسات تدعم ذلك وأبحاث تؤكد أهمية الاستقرار الأسري والعلاقات الجيدة بين الآباء والأطفال والحاجة إلى الوصول إلى الموارد الاجتماعية والاقتصادية، ولكن ليس ضرورة أن يكون الوالدان من جنسين مختلفين.
تُعد دراسة دوغلاس ألين عام 2015 مراجعة هامة لكنها ليست منهجية، إذ تحتوي بيانات لأكثر من 60 دراسة تتعلق بتبني الأزواج المثليين للأطفال وكيف ينعكس ذلك على الأطفال، لكن لم تقدم هذه المراجعة أي استنتاجات بخصوص ما ينعكس على الطفل من آثار. لكن ما يقوله ألين، إنه بسبب التحيز في أخذ العينات وأحجام العينات الصغيرة حاليًا لا يوجد دليل علمي قاطع يقول بأن الأطفال الذين يتبناهم مثليون أفضل أو أسوأ حالًا من الأطفال الذين يربيهم أزواج من جنسين مغايرين.
يقدم البحث الذي قدمه بول سولينز عام 2015 تحليلًا للبيانات المأخوذة من المسح الاستقصائي للصحة الوطنية في الولايات المتحدة، وتبين أن الأطفال الذين نشؤوا لدى أبوين مثليين أكثر عرضة بمرتين للمرور مشكلات عاطفية مقارنة بأولئك الذين نشؤوا لدى والدين متزوجين من جنسين مغايرين ومرتبطين بيولوجيًا بأطفالهم، لكنّ هذا التحليل تلقى انتقادًا لعدم مراعاته استقرار البيئة الأسرية.
النتائج المنعكسة على الأطفال في الأسر ذات الوالدين من نفس الجنس
تدرس الكثير من الأبحاث حول العالم حالة الأطفال في أسر الأزواج المثليين وتحديدًا من النساء، إذ تُعد الأبحاث قليلة نسبيًا عن العائلات التي يكون فيها كلا الوالدين من الرجال، فمن الصعب الحصول على حجم عينات كافٍ للأطفال يتبناهم رجلان مثليان نظرًا لقلة هذه العائلات، ولا يوجد بحث يظهر أن الأطفال الذين ينشؤون في عائلة والدين مثليين هم أسوأ حالاً من الأطفال الآخرين.
في عام 2016 نُشِرت دراسة استخدمت بيانات من الاستقصاءات الوطنية الأمريكية لصحة الأطفال للفترة 2011-2012، وقارنت حالة الأطفال الذين بأعمار 6-17 لدى 95 عائلة من الآباء من نفس الجنس مع 95 عائلة من والدين من جنسين مغايرين. لم تجد الدراسة أي فرق في النتائج المنعكسة على الأطفال الذين نشؤوا في أسر الأزواج المثليين مقارنة بالوالدين المغايرين على كثير من الأصعدة، مثل الصحة العامة والصعوبات العاطفية والتأقلم والتعلم.
في عام 2014 نُشرت ورقة بحثية لجمعية علم الاجتماع الأمريكية، واستعرضت عشر سنوات من المؤلفات العلمية حول وضع الطفل لدى والدين مثليين في الولايات المتحدة. واستنتج المؤلفون وجود إجماع واضح في الأدبيات العلمية على أن الأطفال الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين حصلوا على نتائج جيدة مثل الأطفال الذين نشؤوا لدى أزواج من جنسين مغايرين، وذلك بالنسبة مجموعة من الاعتبارات، منها:
- الأداء أكاديمي.
- التطور المعرفي.
- التنمية الاجتماعية.
- الصحة النفسية.
- النشاط الجنسي المبكر.
- تعاطي المخدرات.
ورأى المؤلفون أن الاختلافات الملحوظة في حالة الأطفال كانت إلى حد كبير بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية واستقرار الأسرة.
في عام 2010 نُشرت دراسة في مجلة (Marriage and Family)، واستخدمت تحليلًا تجميعيًا (meta-analysis) لنتائج 33 دراسة لتقييم كيفية تأثير جنس الوالدين على الأطفال، وجد المؤلفون أن نقاط القوة المرتبطة عادةً بالعائلات المتزوجة من الأب والأم ظهرت بنفس الدرجة في العائلات التي تتضمن والدتين وربما في العائلات التي لديها أبوين. ولم يجد التحليل أي دليل على أن الأطفال الناشئين لدى الأزواج المثليين أسوأ حالًا من الأطفال الناشئين لدى أزواج من الجنس المغاير على مختلف الأصعدة ومنها:
- أمان التعلق بالوالدين.
- المشكلات السلوكية.
- تصورات الكفاءة المعرفية والجسدية.
- الاهتمام والجهد والنجاح في المدرسة.
تضمنت هذه المراجعة دراسات من أوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة التي قال المؤلفون أن العلماء حققوها.
يوجد إجماع بأن الأطفال في العائلة المكونة من امرأتين مثليتين غير متزوجتين ينمون ويتطورون كأقرانهم الذين ينشؤون بين شخصين متزوجين من جنسين مختلفين.
في 2014 نُشرت دراسة كبيرة في في أستراليا بمجلة (BMC Public Health Journal)، واستطلعت آراء 315 من الآباء إلى جانب 500 طفل، وكان 80% من الأطفال لديهم أم مثلية في حين أن 18% لديهم أب مثلي. وقد دعمت النتائج الأبحاث السابقة التي أظهرت أن وصمة العار المتعلقة بالميول الجنسية للأبوين ترتبط سلبًا بحالة الأطفال وصحتهم العقلية. ولكن وجدت الدراسة عمومًا أن الأطفال والمراهقين الذين تربوا لدى والدين مثليين في أستراليا حققوا نجاحًا مثل أطفال الوالدين من جنس مغاير، بل وأفضل فيما يتعلق بالسلوك العام والصحة العامة والترابط الأسري.
في عام 2016 نُشرت ورقة بحثية متابعة، ووجدت أنه لا فرق بين الأطفال الذين نشؤوا في أسر الأزواج المثليين سواء كانوا امرأتين أو رجلين. وأفادت أعمال أخرى من نفس المشروع عن استطلاعات ومقابلات مع مراهقين نشؤوا لدى آباء من نفس الجنس بأن بعض المراهقين الذين لديهم آباء مثليون عانوا من القلق المرتبط بالخوف من التمييز.
وجد تحليل عام 2010 للبيانات المأخوذة من تعداد عام 2000 في الولايات المتحدة أن الأطفال الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين قادرون على إحراز تقدم طبيعي في المدرسة مقارنة بالأطفال الذين نشؤوا لدى أزواج من الجنس الآخر.
عند أخذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي للوالدين وشخصيات الطلاب بعين الاعتبار، لا يمكن أن نميز بيقين إحصائي النتائج التعليمية لأطفال الأزواج المثليين عن نتائج أطفال الأزواج من جنسين مغايرين.
تقييم الدراسات التي تعارض تبني المثليين للأطفال
أشارت بعض الدراسات إلى أن البالغين الذين نشؤوا لدى الأزواج المثليين أسوأ حالًا فيما يتعلق ببعض النتائج التعليمية أو الاجتماعية أو العاطفية، لكن غالبية الأبحاث لا تدعم هذا، وتوجد أيضًا دراسات نُشرت وفقدت مصداقيتها لاحقًا، لكنها ما تزال تستخدم كمراجع.
تشترك جميع الدراسات المعارضة لتبني المثليين للأطفال بالخلل نفسه، والمثال الأشهر عليها دراسة ريجنيروس في أمريكا عام 2012، والخلل هو أن عددًا قليلًا من الأطفال المشمولين بالدراسة نشؤوا لدى آباء من نفس الجنس، جاء الباقي من العائلات التي يقوم فيها أبوين من الجنس المغاير بتربية أطفالهم لفترة من الوقت، ثم غالبًا ما يكون أحد الوالدين أو كليهما مثليًا فيترك الأسرة أو أنه في علاقة مثلية، فتكون النتيجة أن الأسرة تحملت ضغوطًا إضافية مما أدى إلى تفككها.
إن إدراج مثل هؤلاء الأطفال ضمن تصنيف أنهم (نشؤوا لدى أبوين من نفس الجنس) أمر مضلل لدرجة أنه غير دقيق، لأن هؤلاء الأطفال قد نشؤوا عمومًا في أسر من الجنس المغاير، وبعد تمزق الأسرة عاشوا مع والد مثلي أو والدين مثليين، ونادرًا ما يتبنى والدان من نفس الجنس في علاقة مستقرة وطويلة الأمد الأطفال معًا.
يجادل مؤلفو هذه الدراسات بأنه ومع ذلك غالبًا ما تمثل هذه التكوينات العائلات ذات الآباء المثليين، فمن المعقول بالنتيجة أن تُعد مؤشرات لما يحدث عندما يعيش الأطفال مع واحد أو أكثر من الوالدين المثليين.
تقييم الدراسات التي لا تجد فرقًا لدى الأطفال الناشئين لدى أبوين من نفس الجنس
إن المعيار الذهبي للبحث عن نتائج الطفل والأسرة هو دراسات تشمل عينات سكانية منتقاة عشوائيًا، من الصعب تحقيق ذلك في البحث عن الآباء المثليين لأن الكثير من هذه الدراسات لا تسأل عن التوجه الجنسي للوالدين، وحتى عندما يسألون لا تتضمن جميع الدراسات عينة من الأطفال أو البالغين الذين نشؤوا لدى أبوين مثليين لتكون كبيرة بما يكفي لتوفر تحليلًا إحصائيًا موثوقًا.
يعترض بعض منتقدي أبحاث الأبوة والأمومة لدى الأشخاص المثليين على طرق أخذ العينات الصغيرة غير العشوائية بما يعرف باسم (أخذ العينات المناسبة) التي يستخدمها الباحثون في هذا المجال غالبًا لجمع بياناتهم، ومع ذلك لا يُعد أخذ العينات الملائمة عيبًا منهجيًا في هذا المجال، ولكنه فقط تقييد لإمكانية التعميم.
إضافةً إلى ذلك، تستخدم بعض الأبحاث التي لا تجد فروقًا لدى الأطفال الذين لديهم والدان من نفس الجنس بيانات تمثيلية كبيرة، مثل دراسة اعتمدت على بيانات طولية تمثيلية على المستوى الوطني باستخدام مجموعة عينات تضم أكثر من 20000 طفل، يعيش 158 منهم في أسرة لزوجين من نفس الجنس، لم يظهر هؤلاء الأطفال فروقًا ذات دلالة إحصائية عن أقرانهم في نتائج المدرسة.
الخلاصة
يعطي هذا المقال نظرة عامة عن البحث والإجماع العلمي فيما يتعلق بحالة الطفل في أسر الأبوين المثليين، وتمثل الدراسات المذكورة بشكل متوازن فهم الأكاديميين وخبراء صحة الطفل الحاليين للنتائج المنعكسة على حالة الطفل وصحته في العائلات المكونة من والدين من نفس الجنس.
تجدر الإشارة إلى أن الأبحاث قد ذكرت أن عائلات الوالدين من نفس الجنس تعاني وصمة العار والتمييز، وقد يؤثر ذلك في حالة الطفل وصحته. ولكن عمومًا ما ذُكِر هنا مبني على الأبحاث الحالية.
ibelieveinsci