الأمثال الشعبية في التراث "الحوراني"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأمثال الشعبية في التراث "الحوراني"

    الأمثال الشعبية في التراث "الحوراني"
    • معن الحلقي


    درعا
    تعتبرالأمثال الشعبية، شكلاً هاماً من أشكال التراث "الحوراني"، الذي تناقلته الأجيال عبر العصور، حتى وصل إلى صيغته الحالية، ولم تكن تلك الأمثال مجرد نزوة عابرة قالها بعضهم من جراء ملاحظة مباشرة، وإنما كانت حصيلة للتجارب والملاحظات الكثيرة، وانعكاساً حقيقياً للظروف المعيشية، خلال الحقب الزمنية السابقة.

    يقول السيد "محمد جدعان شاكر"، من أهالي بلدة "غصم": «تعد الأمثال الحورانية جزءاً لا يتجزأ من التراث الشعبي العربي، على الرغم من أن لها خصوصيتها الاقليمية، وذلك لأن الثقافة والتراث واحد، ولهما سمات مشتركة بين البلدان العربية، كما لها في نفس الوقت سماتها الخاصة بكل منطقة، أما تشابه الأمثال وتطابق غاياتها ومغزاها والحمكة منها، فيعكس الوحدة الفكرية الثقافية في الوطن العربي، وتشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والمعاشية».
    في الحقيقة يوجد الكثير، ولكن على سبيل المثال؛ (ماشي بسوق النحاسين وبيسأل وين الطق)، وهذا المثال يقال لمن يسأل عن شيء معروف، ومثل (فاكهة الدار تطيل الأعمار)، و(جيزة حمزة براس المعناة)، ويستخدم لمن يطلب تنفيذ طلباته في الحال"، و(إن شفت الفقير بيركض بيكون الزنقيل مصخرو)

    السيد "شاكر" ذكر بعض الأمثال الحورانية: «في الحقيقة يوجد الكثير، ولكن على سبيل المثال؛ (ماشي بسوق النحاسين وبيسأل وين الطق)، وهذا المثال يقال لمن يسأل عن شيء معروف، ومثل (فاكهة الدار تطيل الأعمار)، و(جيزة حمزة براس المعناة)، ويستخدم لمن يطلب تنفيذ طلباته في الحال"، و(إن شفت الفقير بيركض بيكون الزنقيل مصخرو)».


    السيد "نضال شرف"

    وقال السيد "نضال شرف" من أهالي مدينة "نوى": «عكست الأمثال الشعبية جوانب الحياة المختلفة، ومراحل نشوء وتطور علاقة الإنسان مع الظواهر الطبيعية والفلكية والنباتات والحيوانات والجمادات، بالإضافة للتعرض إلى الأشياء المحسوسة المتعلقة بحياة الإنسان وظروفه المعاشية، كالغنى والفقر والجوع والعطش وغيرها، ويعد المثل كالوصفة الطبية في أهميتة، حيث يلخص طول الحديث بعبارات محدودة، ذات فوائد كثيرة، وقد اكتسبت الأمثال حضورها الاجتماعي، من خلال تناولها لقضايا ذات اهتمام مشترك بين الناس، ما ساهم في حفظها بذاكرة المجتمع».

    أما السيد "إبراهيم الشعابين" رئيس المركز الثقافي العربي في مدينة "درعا" فيقول: «إن الأمثال الشعبية في"حوران" ترتبط بتراثنا الثقافي وشخصيتنا، ودلالة واضحة على حياتنا وطريقة تفكيرنا، وتعطي بمختلف أنواعها فكرة عن المجتمع الذي اعتمد عليها، باتخاذها منارات تضيء له جوانب الطريق، وتعالج مشاكله بوحي منها، وتثبيتها في أذهان الناس للسير على هداها، وتأتي الأمثال أحياناً كتشريعات قوية ثابتة، تعالج قضايا المجتمع، وتنشر فيه الأمانة وحب الأرض، كأن يقال في "حوران":


    السيد "إبراهيم الشعابين"

    (الحق بالسيف والعاجز بدو شهود)، و(يا مدور السحور عند البايرات)، ويستخدم لمن يبحث عن شيء في غير مكانه الأصلي، و(حمارتي العرجه ولا فرس ابن عمي)، وهو دعوة للاعتماد على النفس، و(أرنب زعلان وجبل مش داري)، ويذكر لمن ينزعج من شخص دون أن يعلمه بذلك، و(إذا حكمت الجدي حش واطعموا)».

    موقع "eDaraa" التقى السيد "تيسير الفقيه" عضو لجنة التراث الشعبي في محافظة "درعا"، الذي تحدث بداية حول المثل الشعبي وأهميته ومصدره قائلاً: «المثل ظاهرة اجتماعية تستمد قيمتها الذاتية والموضوعية، من سياق الحدث أو السلوك الاجتماعي، ويقال إن الأمثال ظواهر اجتماعية موجودة في المجتمع، وتسبق وجود الأفراد وتبقى بعد فنائهم تسري بين الناس، وتكون بمثابة قانون غير مكتوب لهم، ومصدره الطبقة الفقيرة والمتوسطة، لأن الفرد يعزز الجملة المثلية البدائية في سياق الحدث الاجتماعي المحدد في فترة زمنية محددة، وفي بيئة اجتماعية ومكانية معينة.


    الباحث "تيسير الفقيه"

    ولهذه الأمثال أو الحكايا أهميتها لأنها تعطي الانطباع الأولي لخصوصية هذه المنطقة، دون غيرها سواء من حيث اللهجة، أو صيغة المثل وتباين مفرداته بين الناس، وتشكل تراثاً جمعياً يعبر عن عناوين قصص وحكايات شعبية، ذات مضامين معبرة عن حكمة الناس وقدراتهم على صياغة الحقائق والقيم والمشاعر المتنوعة».

    وفيما يخص الأمثال الحورانية ذكر "الفقيه": «هناك الكثير من الأمثال المتوارثة والمعروفة في"حوران"، منذ سنوات بعيدة منها: (هوش القرايب مثل الحنة عالشوارب)، أي إن الخلافات بين الأقارب سريعة الزوال، و(جاي من قيطة)، ويقال للسخرية من الشخص الذي يعرف كل شيء ويتظاهر بعدم المعرفة، و(ثم أجلق وخاشوقة")، لمداعبة الشخص كثير المتطلبات، و(لبس الخنفسه بتصير أحلى من النسه)، أي إن اللباس الجميل يجعل الفتاة القبيحة تبدو جميلة، و(الكلب الأسود بفكر حالو عجل)، ويستخدم للسخرية من الإنسان المغرور.

    و(صار لأبو جعامه شكاره)، ويذكر للشخص السيئ الذي يحاول أقناع الآخرين بأنه تغير وأصبح نزيهاً، و(إن فاتك العفير لا تفوتو)، ويقال للحث على الزراعة في وقت مبكر، و(ضبع حايم ولا سبع نايم)، للسعي من أجل الرزق، و(أسمر ولابس أحمر)، ويذكر للشخص الذي لا يدرك معنى تصرفاته.

    و(قرعة ومتغاوية بشعر بنت خالتها)، ويستخدم لمن يتفاخر بمزايا قريب له، و(دشر العجل بيعرف أمو)، ويعني عدم التدخل بشؤون الآخرين، و(المعاتبه صابون القلوب)، أي إن العتاب يصفي النفوس ويحيي الحب، و(اللي ما بيبكي أمو ما بتسكتو)، أي من لا يطلب ما يحتاج لا يلبى طلبه، و(الأكل والهزيمه ما بدها عزيمة) وغيرها الكثير من الأمثال».

    وفيما يتعلق بميزات الأمثال "الحورانية" قال "الفقيه": «إنها أمثال شعبية عامة، عبرت بكلام مأثور موجز عن خلاصة تجربة الناس، وتتفاوت بالتعبير، وتحتوي على فلسفة ظاهرة المعنى، وتزهر بأسلوب شعبي سلس، يسهل على العامة فهمها وحفظها وترديدها، علماً أن شكل المثل يتعرض لتغيرات وتطورات، فتصبح كلماته أكثر سلاسة وتناغماً، ليدخل بعدها مرحلة الشيوع والانتشار والرواية والمشافهة والأحاديث العامة والخاصة، ويتحول من نطاق الفردية إلى نطاق الاستخدام الجماعي، ليصبح منظومة الموروثات الثقافية للمجتمع».

    وأضاف "الفقيه": «ينتقل المثل الشعبي بشكل شفهي عبر الأجيال، ويحرص البعض على حفظه والاستشهاد به، ليحل محل الدستور أو القانون الذي ينظم السلوك، ويحكم العلاقات أوالخلافات بين الأفراد، وينتشر المثل بشكل كبير في القرى والبوادي أكثر من المدن، بسبب شكله التعبيري من جهة، وصياغته العامية من جهة ثانية، ما يشكل ما نسميه الحكم الجاهز الذي يقال في مكانه.

    فعندما يذكر المثل يكون جواباً قاطعاً ودليلاً موثقاً وحجةً واقعيةً في يد المتحدث، وقد تطرق المثل الشعبي الحوراني لكل مناحي الحياة بأدق تفاصيلها حيث قيل (لكل مقام مقال)، ويقول العرب (المثل في الكلام كالملح في الطعام)».

    وحول تاريخ الأمثال الحورانية يقول الباحث الدكتور "محمود مصطفى" في كتابه "الأمثال والحكايات الشعبية الحورانية": «مما لا شك فيه أن الأمثال قديمة قدم الإنسان، حيث ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالبيئة أرضاً ومناخاً وظروفاً اقتصادية واجتماعية، لذلك نجد من الصعب معرفة تاريخ ظهورها، لأنها ارتبطت بظهور المجتمعات البشرية، وكانت وليدة التجربة الإنسانية، مثلها في ذلك مثل اللغة، والأمثال الشعبية أحد مقومات المأثور اليومي في الحياة العامة لأهالي "حوران"، وتعطي صورة تقريبية لواقع الحياة الذي عاشه الأجداد على هذه الأرض وكيف تكيفوا معه، عبر تعدد أشكال التلاقي الاجتماعي، بدءاً من التسلية وسرد الأحاديث وتبادل الكلام المأثور في شتى صوره ومختلف أنواعه».
يعمل...
X