الأمثال الشعبية.. روزنامة لكل فصول السنة
اللاذقيّة
تشكل الأمثال الشعبية هوية حقيقية للمجتمع، ذات بعد روحي وتاريخي بآن واحد، أمثال كانت بداياتها مع بداية اللغة والتفكير الإنساني كخلاصة لتجربة الإنسان مع الطبيعة والحياة والمجتمع، فهي توجز حكم الحياة وتجاربها، وتعد لغة قائمة بذاتها تلخص الأفكار والمفاهيم المجتمعية، وتمزج بين فصيح اللغة وعاميتها، وانتقلت من جيل إلى آخر بالمشافهة قبل أن يظهر التدوين فيها.
السوريون بدورهم ابتدعوا الأمثال الشعبية كشاهد على ما يقال حالياً وما قيل في الزمن الماضي، كوثيقة تدل على صوابية القصص والروايات التي تناقلتها الأجيال عبر الزمن، فلكل أمة من الأمم أمثالها وأقوالها المأثورة التي تتفاخر بها والتي تعد جزءاً مهماً من ثقافتها الشعبية وتراثها الشفوي.
مع اللغة
بدأت الأمثال الشعبية مع بداية اللغة المحكية والتفكير الإنساني كخلاصة للتجارب التي تعلمها الإنسان من الطبيعة والحياة والمجتمع، كما أنها جسدت حياتهم بأدق تفاصيلها وتداولتها الأجيال كنوع من الإرث الثقافي.
الباحث التراثي "حيدر نعيسة"
يقول الباحث التراثي "حيدر نعيسة": "إذا كان الشعر العربي ديوان العرب، فإن التراث الشعبي هو هوية الناس، وأول سماتهم وعلاماتهم الفارقة وأهمها، فإذا جاز لنا تجسيم التراث الشعبي، وتشبيهه بالبيت الطيني التراثي، فإن الأدب الشعبي هو بمنزلة سقف ذلك البيت، وأعلى ما فيه، وكما للبيت أبواب وأجزاء، كذلك للتراث وللأدب أبواب وأجزاء، وأيضاً المثل بمنزلة هوية حقيقية ذات طابع حقيقي للحديث يستشهد الإنسان به، ليشكل بذلك ختام الحديث أو عصارته وتكثيفاً للموضوع المطروح، فهو تعبير عن نتاج تجربة شعبية طويلة أدت إلى عبرة وحكمة، وهو أشبه ما يكون بالرواية الشعبية التي تقص قصة موجزة فتسهم في تكوين التراث الشعبي للمجتمع، وخصوصاً أن الأمثال الشعبية تكوّن ملامح فكر شعبي ذي سمات ومعايير خاصة، كونها جزءاً لا يتجزأ من ملامح الشعب وقسماته وأسلوب عيشه ومعتقداته ومعاييره الأخلاقية، وتعدّ الأمثال ثقافة شعبية تصبح مرجعاً يتردد على ألسنة الناس في كثير من المواقف الحياتية، فضلاً عن كونها تراثاً عربياً يُفتخر به، ومخزناً يحوي بداخله الكثير من الحكم والعبر التي يمكن استخلاصها عبر كلماته المختارة بعناية، والاستعانة بها في كثير من المواقف الحياتية اليومية، كما شكلت الأمثال الشعبية منهلاً نهل منه أجدادنا، استعانوا به في مسيرة حياتهم، وقد أضفى استخدام هذه الأمثال وتكرارها عبر الزمن عليها الألفة، فأصبحت سهلة على ألسنة الناس، كما أصبح من السهل استرجاعها بالفطرة عند الحديث، كما أن للأمثال الشعبية مغزاها ومعناها، وهي موجودة ومتناقلة أكثر بين الأوساط الشعبية ولها دلالات وارتباط بمناحي الحياة المختلفة.
روزنامة الأمثال
تناولت الأمثال كل مناحي الحياة، وظهرت أمثال ظريفة مع تغيرات الطقس والأشهر والفصول وأشهر السنة، وعن علاقتها بالطبيعة والزراعة،. يتابع الباحث "نعيسة" حديثه بالقول: "تعطي الأمثال تقويماً حقيقياً يعتمد عليه أبناء الريف ويلتزمون به بمواسم الزراعة وسقوط الأمطار، فمثلاً للدلالة على موسم زراعة الذرة يقال (إذا ورورت الورورة ازرع دراتك بلا مشورة)، يعني عندما يغرد طير الوروار يبشر بقدوم الدفء، كما قيل (إذا أزرق البطم وأحمر السماق) دلالة على موعد قطافهما، وعن وقت الزراعة قيل (لو شنقوك قبالي لا تزرعني غير غباري)، دلالة على أن الأرض غرقة ولا تصلح للزراعة حتى تجف، فكل شهر له أمثاله التي تعطي للفلاح المحددات الأساسية لأعماله وأوان زراعته وأزمنتها، فكان يقال(بالبربارة عدي حباتك عالكوارة)، للدلالة على أنه بعد عيد البربارة تاريخه (17 كانون أول غربي)، أي بالتقويم الشرقي يكون (4 كانون أول شرقي)، في هذا الوقت لا مجال للزراعة لأن موسم الأمطار قادم، وقيلَ أيضاً في (القداس عدي المسّاس)، للدلالة على انتهاء موسم فلاحة الأرض".
قدوم الربيع
ويضيف الباحث أن الأمثال والثقافة الشعبية بمنطقة الساحل السوري، وما تحتويه من مضامين زراعية واقتصادية وتقويمية، كلها قائمة على التقويم الميلادي الشرقي بفارق 13 يوماً عن التقويم الميلادي الغربي، فما من جانب في الزراعة والحصاد، إلا وتم تحديده في الأمثال، وكانت بمنزلة روزنامة وتقويم للفلاح تعطيه محددات ودلائل لبدأ زراعة مواسمه على مدار السنة، فشكل ذلك لديه رصيداً معرفياً ليس له علاقة بمناهج أكاديمية، بل ارتبط بعلاقة الفلاح بالطبيعة وتأملاته بها وخلاصة تجارب الأجداد لنا اعتمد فيها على تجارب الأجداد في كل زمن، وشكلت لديه قوانين زراعية التزم فيها بأعماله الزراعية، ومواسم البدء بالعمل وبوصلته التي اعتمد عليها، فكانت كلمة "تشرين" تعني البداية لموسم الزراعة، فقيل (نصبة تشرين الأول أفضل من نصبة أول عنول)، للدلالة على أن الغرسة التي تزرع في شهر تشرين أفضل من غرسة زرعت منذ ثلاث سنوات في شهر آخر، والتقليم أيضاً له مواسمه وأوقاته.
جذور
ويتابع "نعيسة": "كل مثل عامي له جذر فصيح، كالمثل القائل (حضار جنازة ولا تمشي بجوازة) وأصله الفصيح (إذا دعيت إلى المآدب فاحذر وإذا دعيت إلى المآتم فاحضر)، بالإضافة إلى أن الثقافة المروية مصدر إلهام للثقافة المكتوبة، فقد اعتمد الأدب المكتوب على الأدب المروي والعكس غير صحيح، لأن الإنسان يتكلم أولاً ثم يكتب، فشكلت الأمثال الشعبية جزءاً من التراث الشفهي وذاكرة الأمة لما تحمله من قيمٍ عظيمة وحكمٍ، فالكتاب القدامى كانوا أكثر عناية بضرب الأمثال كونهم كانوا يعتمدون على فصاحة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأقوال الشعراء، لكن دخول اللحن عليها من العجم والغرب وتداخل الثقافات والأمم أدى إلى تحورها على هذا الشكل التي وصلت إليه، وضرب الأمثال وسيلة بليغة جداً لإيصال المضامين وجواهر الأمور وتكثيفها ببلاغة وإيجاز ساحق، ويجتمع في المثل عدة جوانب لا تجتمع بغيره من الكلام كالإيجاز باللفظ والبلاغة في المعنى، فالأمثال جمل موسيقية متجانسة الأوزان والكلمات، سهلة الإلقاء والتناقل والحفظ، لها إيقاع خاص بها".
ويشير الباحث إلى أن هناك العديد من الأمثال اندثرت نتيجة هجرها وعدم استخدامها.
قصص الأمثال
وفي حديث مع المزارع "صالح مسعود" يقول: كوّنت ذاكرة وخبرة كبار السن المتوارثة، ومشاهداتهم لظواهر وتغيرات الفصول الأربعة، وما يرتبط فيها من استقراء للأحوال الجوية والحياة الطبيعية، ثقافة محلية شعبية كونت مع مرور الزمن التراث الشفوي للأمثال الذي ارتبط بالطبيعة وحياة أبناء الريف، لتكون المدرسة الأولى التي علمتهم التأقلم مع تغيرات الطقس وتقلباته، وهذه الأمثال وصفت حالة الجو والطقس في كل شهر من شهور السنة، ففي كانون قيل (كن ببيتك يا مجنون)، للدلالة على شدة البرد في هذا الشهر، وأيضاً قيل (عرس المجانين بكوانين)، يقال هذا المثل كنوع من الطرافة، وعن شهر شباط قيل (شباط اللباط ما على كلامو رباط)، يدل على تقلبات الطقس في هذا الشهر، كما يدل على تغيير الشخص لمواقفه وآرائه باستمرار، فيقال (متل شباط ما على كلامو رباط)، وفي آذار قيل (لا تستغرب التلج بآدار ياما شلناه عن الغمار "كومة القمح المحصود")، وقيل أيضاً (خبي قرماتك الكبار لعمك آذار)، للدلالة على عدم انتهاء الشتاء، وقيل أيضاً (إن أقبلت آذار ورائها وإن أمحلت آذار ورائها)، كناية عن أهمية الأمطار في شهر آذار على المحاصيل الزراعية، وللدلالة على انتهاء البرد قيل (بالقداس البرد انداس)، وكان لشهر نيسان أيضاً أمثال شعبية عبرت عن قدومه (مطر نيسان يحيي قلب الإنسان)، للدلالة على أن المطر يحمل خيرات كثيرة للمحاصيل الزراعية، (وفي أيار يطير الغمار)، للدلالة على هبوب الرياح وتحذير الفلاحين من شدتها، وفي فصل الصيف قيل مجموعة من الأمثال (في حزيران بيصير العجين خمران)، و(في تموز بيغلي المي بالكوز)، و(آب اللهاب)، و(أيلول ديلو مبلول)، للدلالة على قدوم المطر.
- نجوى عبد العزيز محمود
اللاذقيّة
تشكل الأمثال الشعبية هوية حقيقية للمجتمع، ذات بعد روحي وتاريخي بآن واحد، أمثال كانت بداياتها مع بداية اللغة والتفكير الإنساني كخلاصة لتجربة الإنسان مع الطبيعة والحياة والمجتمع، فهي توجز حكم الحياة وتجاربها، وتعد لغة قائمة بذاتها تلخص الأفكار والمفاهيم المجتمعية، وتمزج بين فصيح اللغة وعاميتها، وانتقلت من جيل إلى آخر بالمشافهة قبل أن يظهر التدوين فيها.
السوريون بدورهم ابتدعوا الأمثال الشعبية كشاهد على ما يقال حالياً وما قيل في الزمن الماضي، كوثيقة تدل على صوابية القصص والروايات التي تناقلتها الأجيال عبر الزمن، فلكل أمة من الأمم أمثالها وأقوالها المأثورة التي تتفاخر بها والتي تعد جزءاً مهماً من ثقافتها الشعبية وتراثها الشفوي.
مع اللغة
بدأت الأمثال الشعبية مع بداية اللغة المحكية والتفكير الإنساني كخلاصة للتجارب التي تعلمها الإنسان من الطبيعة والحياة والمجتمع، كما أنها جسدت حياتهم بأدق تفاصيلها وتداولتها الأجيال كنوع من الإرث الثقافي.
الباحث التراثي "حيدر نعيسة"
يقول الباحث التراثي "حيدر نعيسة": "إذا كان الشعر العربي ديوان العرب، فإن التراث الشعبي هو هوية الناس، وأول سماتهم وعلاماتهم الفارقة وأهمها، فإذا جاز لنا تجسيم التراث الشعبي، وتشبيهه بالبيت الطيني التراثي، فإن الأدب الشعبي هو بمنزلة سقف ذلك البيت، وأعلى ما فيه، وكما للبيت أبواب وأجزاء، كذلك للتراث وللأدب أبواب وأجزاء، وأيضاً المثل بمنزلة هوية حقيقية ذات طابع حقيقي للحديث يستشهد الإنسان به، ليشكل بذلك ختام الحديث أو عصارته وتكثيفاً للموضوع المطروح، فهو تعبير عن نتاج تجربة شعبية طويلة أدت إلى عبرة وحكمة، وهو أشبه ما يكون بالرواية الشعبية التي تقص قصة موجزة فتسهم في تكوين التراث الشعبي للمجتمع، وخصوصاً أن الأمثال الشعبية تكوّن ملامح فكر شعبي ذي سمات ومعايير خاصة، كونها جزءاً لا يتجزأ من ملامح الشعب وقسماته وأسلوب عيشه ومعتقداته ومعاييره الأخلاقية، وتعدّ الأمثال ثقافة شعبية تصبح مرجعاً يتردد على ألسنة الناس في كثير من المواقف الحياتية، فضلاً عن كونها تراثاً عربياً يُفتخر به، ومخزناً يحوي بداخله الكثير من الحكم والعبر التي يمكن استخلاصها عبر كلماته المختارة بعناية، والاستعانة بها في كثير من المواقف الحياتية اليومية، كما شكلت الأمثال الشعبية منهلاً نهل منه أجدادنا، استعانوا به في مسيرة حياتهم، وقد أضفى استخدام هذه الأمثال وتكرارها عبر الزمن عليها الألفة، فأصبحت سهلة على ألسنة الناس، كما أصبح من السهل استرجاعها بالفطرة عند الحديث، كما أن للأمثال الشعبية مغزاها ومعناها، وهي موجودة ومتناقلة أكثر بين الأوساط الشعبية ولها دلالات وارتباط بمناحي الحياة المختلفة.
روزنامة الأمثال
تناولت الأمثال كل مناحي الحياة، وظهرت أمثال ظريفة مع تغيرات الطقس والأشهر والفصول وأشهر السنة، وعن علاقتها بالطبيعة والزراعة،. يتابع الباحث "نعيسة" حديثه بالقول: "تعطي الأمثال تقويماً حقيقياً يعتمد عليه أبناء الريف ويلتزمون به بمواسم الزراعة وسقوط الأمطار، فمثلاً للدلالة على موسم زراعة الذرة يقال (إذا ورورت الورورة ازرع دراتك بلا مشورة)، يعني عندما يغرد طير الوروار يبشر بقدوم الدفء، كما قيل (إذا أزرق البطم وأحمر السماق) دلالة على موعد قطافهما، وعن وقت الزراعة قيل (لو شنقوك قبالي لا تزرعني غير غباري)، دلالة على أن الأرض غرقة ولا تصلح للزراعة حتى تجف، فكل شهر له أمثاله التي تعطي للفلاح المحددات الأساسية لأعماله وأوان زراعته وأزمنتها، فكان يقال(بالبربارة عدي حباتك عالكوارة)، للدلالة على أنه بعد عيد البربارة تاريخه (17 كانون أول غربي)، أي بالتقويم الشرقي يكون (4 كانون أول شرقي)، في هذا الوقت لا مجال للزراعة لأن موسم الأمطار قادم، وقيلَ أيضاً في (القداس عدي المسّاس)، للدلالة على انتهاء موسم فلاحة الأرض".
قدوم الربيع
ويضيف الباحث أن الأمثال والثقافة الشعبية بمنطقة الساحل السوري، وما تحتويه من مضامين زراعية واقتصادية وتقويمية، كلها قائمة على التقويم الميلادي الشرقي بفارق 13 يوماً عن التقويم الميلادي الغربي، فما من جانب في الزراعة والحصاد، إلا وتم تحديده في الأمثال، وكانت بمنزلة روزنامة وتقويم للفلاح تعطيه محددات ودلائل لبدأ زراعة مواسمه على مدار السنة، فشكل ذلك لديه رصيداً معرفياً ليس له علاقة بمناهج أكاديمية، بل ارتبط بعلاقة الفلاح بالطبيعة وتأملاته بها وخلاصة تجارب الأجداد لنا اعتمد فيها على تجارب الأجداد في كل زمن، وشكلت لديه قوانين زراعية التزم فيها بأعماله الزراعية، ومواسم البدء بالعمل وبوصلته التي اعتمد عليها، فكانت كلمة "تشرين" تعني البداية لموسم الزراعة، فقيل (نصبة تشرين الأول أفضل من نصبة أول عنول)، للدلالة على أن الغرسة التي تزرع في شهر تشرين أفضل من غرسة زرعت منذ ثلاث سنوات في شهر آخر، والتقليم أيضاً له مواسمه وأوقاته.
جذور
ويتابع "نعيسة": "كل مثل عامي له جذر فصيح، كالمثل القائل (حضار جنازة ولا تمشي بجوازة) وأصله الفصيح (إذا دعيت إلى المآدب فاحذر وإذا دعيت إلى المآتم فاحضر)، بالإضافة إلى أن الثقافة المروية مصدر إلهام للثقافة المكتوبة، فقد اعتمد الأدب المكتوب على الأدب المروي والعكس غير صحيح، لأن الإنسان يتكلم أولاً ثم يكتب، فشكلت الأمثال الشعبية جزءاً من التراث الشفهي وذاكرة الأمة لما تحمله من قيمٍ عظيمة وحكمٍ، فالكتاب القدامى كانوا أكثر عناية بضرب الأمثال كونهم كانوا يعتمدون على فصاحة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأقوال الشعراء، لكن دخول اللحن عليها من العجم والغرب وتداخل الثقافات والأمم أدى إلى تحورها على هذا الشكل التي وصلت إليه، وضرب الأمثال وسيلة بليغة جداً لإيصال المضامين وجواهر الأمور وتكثيفها ببلاغة وإيجاز ساحق، ويجتمع في المثل عدة جوانب لا تجتمع بغيره من الكلام كالإيجاز باللفظ والبلاغة في المعنى، فالأمثال جمل موسيقية متجانسة الأوزان والكلمات، سهلة الإلقاء والتناقل والحفظ، لها إيقاع خاص بها".
ويشير الباحث إلى أن هناك العديد من الأمثال اندثرت نتيجة هجرها وعدم استخدامها.
قصص الأمثال
وفي حديث مع المزارع "صالح مسعود" يقول: كوّنت ذاكرة وخبرة كبار السن المتوارثة، ومشاهداتهم لظواهر وتغيرات الفصول الأربعة، وما يرتبط فيها من استقراء للأحوال الجوية والحياة الطبيعية، ثقافة محلية شعبية كونت مع مرور الزمن التراث الشفوي للأمثال الذي ارتبط بالطبيعة وحياة أبناء الريف، لتكون المدرسة الأولى التي علمتهم التأقلم مع تغيرات الطقس وتقلباته، وهذه الأمثال وصفت حالة الجو والطقس في كل شهر من شهور السنة، ففي كانون قيل (كن ببيتك يا مجنون)، للدلالة على شدة البرد في هذا الشهر، وأيضاً قيل (عرس المجانين بكوانين)، يقال هذا المثل كنوع من الطرافة، وعن شهر شباط قيل (شباط اللباط ما على كلامو رباط)، يدل على تقلبات الطقس في هذا الشهر، كما يدل على تغيير الشخص لمواقفه وآرائه باستمرار، فيقال (متل شباط ما على كلامو رباط)، وفي آذار قيل (لا تستغرب التلج بآدار ياما شلناه عن الغمار "كومة القمح المحصود")، وقيل أيضاً (خبي قرماتك الكبار لعمك آذار)، للدلالة على عدم انتهاء الشتاء، وقيل أيضاً (إن أقبلت آذار ورائها وإن أمحلت آذار ورائها)، كناية عن أهمية الأمطار في شهر آذار على المحاصيل الزراعية، وللدلالة على انتهاء البرد قيل (بالقداس البرد انداس)، وكان لشهر نيسان أيضاً أمثال شعبية عبرت عن قدومه (مطر نيسان يحيي قلب الإنسان)، للدلالة على أن المطر يحمل خيرات كثيرة للمحاصيل الزراعية، (وفي أيار يطير الغمار)، للدلالة على هبوب الرياح وتحذير الفلاحين من شدتها، وفي فصل الصيف قيل مجموعة من الأمثال (في حزيران بيصير العجين خمران)، و(في تموز بيغلي المي بالكوز)، و(آب اللهاب)، و(أيلول ديلو مبلول)، للدلالة على قدوم المطر.