الرواية الجبلية علاقة مع البطولة والشجاعة
- ولاء عربي
السويداء
من يتحدث عن "جبل العرب" لا يمكنه أن يتجاهل تلك القصص الممزوجة بقصص رجال الثورة وأبطالها.
تحدث الكاتب والقاص "أحمد جميل الحسن" عن رواية "عباءة الريح" للروائي "منير بو زين الدين" لكونها واحدة من روايات الجبل التي أحيت عدداً من المعارك التي خاضها الجبل قائلاً: «إن رواية "عباءة الريح" هي رواية الحدث بامتياز رغم وجود عدد كبير من الشخصيات الحكائية في الرواية، إذ نجد أن الشخصيات تتبع الحدث وليس العكس كما هو الحال في رواية الشخصيات، قد يخالفني البعض ممن قرأ الرواية في هذا التوصيف لكن الأحداث كانت تقود الرواية وليس الشخصيات، فقد اشتغل "بو زين الدين" روايته معتمداً على تصعيد الحدث وتنوعه ليشوق القارئ من خلال الأحداث التي تتبعها الشخصيات وتتفاعل معها، بحيث وازن الروائي قيمة الشخصية بقيمة الحدث ونسج حبكته على أساسها مع توتر مستمر في الأحداث وتفعيل دور الشخصيات الثانوية والطارئة تفعيلاً سريعاً ومختصراً ما جعل القارئ يتوقع أحداثاً جديدة كلما ظهرت شخصية جديدة، فقد تتالت أحداث الرواية تلقائياً معتمدة على السبب والنتيجة في مجرياتها.
تناول العمل عدداًَ من الشخصيات كان أبرزها شخصية "أجود" بطل الرواية أو "أبو نايف" هذا الشخص الذي قدم فلذات أكباده شهداء، أحدهم في معركة "المزرعة" والآخر في حرب تشرين التحريرية، شخصية "نايف" أحيت شهداء معركة "المزرعة"، تلك المعركة التي لم تأخذ حقها تاريخياً، ولم يتم التعريف بها على اعتبار أنها تعد أهم معركة خاضها العرب في التاريخ، وذلك وفق مقولة للدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" جاء فيها: "منذ أن كتب الواقفة في الفتوحات، لم تجر معركة في تاريخ العرب مثل معركة المزرعة". الأمر الآخر الذي تناوله العمل هو استشهاد "صالح" شقيق بطل الرواية في معركة "تل المفعلاني" تلك المعركة التي أسست لفكرة المقاومة في المنطقة العربية، وأردت من خلال استشهاد "صالح" تسليط الضوء على تلك المعركة المهمة، وكانت الخاتمة باستشهاد "مناف" الابن الأصغر "لأبي نايف" في حرب تشرين وكانت بمثابة تتويج لبطولاته
أما لو تحدثنا عن الشخصيات الواردة في الرواية فرغم العدد الكبير من الشخصيات الواردة في الرواية إلا أن شخصية "أجود أبو نايف" تبقى هي الشخصية الرئيسية بلا منازع فهي التي تتسنم اللعبة السردية، وهي التي تدور حكاية الرواية المركزية حولها هذه الشخصية عايشناها على الورق ما يقارب الستين عاماًًَ أي قبل خروج العثمانيين بقليل حتى حرب تشرين، وبالتحديد الزمني في الحادي عشر من تشرين الثاني يوم وفاة هذه الشخصية ونهاية الرواية، هذه الشخصية عرفنا الكثير من أفعالها وما يدور بداخلها من خلال الحوارات التي كانت بينها وبين شخصيات أخرى إذ برع الروائي في تكوين صورة دقيقة لها ترسخت في ذهن القارئ ولكننا لم نعرف إلا القليل من ملامحها الجسدية.
رواية "عباءة الريح" للأستاذ "منير بو زين الدين"
كما أن الكاتب اشتغل جيداً على شخصية "منيف" الابن الثاني لأجود هذه الشخصية التي مثلت الطموح لدى الشباب والتطلع إلى العلم و المعرفة كانت هذه الشخصية كثيرة الحركة تدب فيها روح الشباب المتقدة تحلم كغيرها من الشباب بالأفضل وفعلاً كان لمنيف ما أراد فقد درس في "دمشق"، ثم سافر إلى يوغسلافيا حيث أكمل تعليمه ليعود إلى بلده يحمل شهادة في الهندسة، لتأتي شخصية "مناف" الابن الثالث لأبي نايف تلك التي لعبت دوراً مهماً في الأحداث الأخيرة للرواية، حيث إن "مناف" تطوع في صفوف الجيش العربي السوري بعد نيله للشهادة الثانوية وأصبح ضابطاً، وصف لنا الروائي نفسية "مناف" الضابط المهزوم في حرب حزيران عام 1967 م وسقوط "الجولان" والضفة الغربية وسيناء بيد الصهاينة، فالإحباط الذي تملكه كان عاماً لدى العرب وخاصة الجنود والضباط، فالروائي عكس شعوراً عاماً من خلال "مناف" في سورية والوطن العربي.
أما الشخصية الأهم في هذه الرواية بعد "أجود"، فكانت شخصية "هند أم نايف" تلك المرأة التي كانت المثال الأنصع والأجمل للمرأة في الجبل، وإذا كان قد برع "منير بو زين الدين" في جمع هذه الشخصيات والأحداث في نسيج حكائي مقنع، فقد كان قلمه أكثر براعة في رسم شخصية "هند" التي هي المعين والمواسي والشريك في السراء والضراء لرفيق دربها "أجود"، هند لم تكن مثالاً للمرأة المتفانية في خدمة زوجها وأبنائها وتحمل كل الشدائد فقط، بل كانت المرأة المعطاء بلا حدود، كنت أنشد كثيراً عندما يدور السرد حول "هند" وأرى فيها صورة أمي وصورة كل الأمهات اللواتي عشن زمن الرواية وقدمن دون كلل أو ملل، وأيضاً هي تخضع للسائد الاجتماعي في مجتمع تسيطر عليه الذكورة دون منازع، فلا هي تخرج عن طوع زوجها حتى ولو أعطاها الإذن لأنها تقع تحت الملامة من المحيطين في مجتمعها الذي يتغنى بسطوة الرجل الذي يقود الأسرة والمجتمع».
الروائي "منير بو زين الدين" رئيس المركز الثقافي في مدينة "شهبا" قال: «تناول العمل عدداًَ من الشخصيات كان أبرزها شخصية "أجود" بطل الرواية أو "أبو نايف" هذا الشخص الذي قدم فلذات أكباده شهداء، أحدهم في معركة "المزرعة" والآخر في حرب تشرين التحريرية، شخصية "نايف" أحيت شهداء معركة "المزرعة"، تلك المعركة التي لم تأخذ حقها تاريخياً، ولم يتم التعريف بها على اعتبار أنها تعد أهم معركة خاضها العرب في التاريخ، وذلك وفق مقولة للدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" جاء فيها: "منذ أن كتب الواقفة في الفتوحات، لم تجر معركة في تاريخ العرب مثل معركة المزرعة".
الأمر الآخر الذي تناوله العمل هو استشهاد "صالح" شقيق بطل الرواية في معركة "تل المفعلاني" تلك المعركة التي أسست لفكرة المقاومة في المنطقة العربية، وأردت من خلال استشهاد "صالح" تسليط الضوء على تلك المعركة المهمة، وكانت الخاتمة باستشهاد "مناف" الابن الأصغر "لأبي نايف" في حرب تشرين وكانت بمثابة تتويج لبطولاته».
الأستاذ "هيسم جادو أبو سعيد" أضاف قائلاً: «تتحدث الرواية بشكل عام عن عائلة "أبي نايف أجود" التي تعيش في احدى قرى الجبل، وعن مجموعة الأحداث التي مرت بهذه الأسرة وأفرادها، لو تحدثنا بداية عن العنوان لوجدنا أن عنوان الرواية "عباءة الريح" يتميز بشعرية تستثير المخيلة، وتدعو إلى التفكير والتأمل من خلال المضاف والمضاف إليه المتباعدين في المعنى والوظيفة عن الرابط المكنون الذي أراده الكاتب.
- لغة الرواية بسيطة انسيابية تمكنت من تقديم الوصف والاختلافات الفكرية والصوتية، مستثمرة بشكل كبير الأبعاد الإبلاغي والحسي والحقيقي، التي تتفق مع وصف الأحداث والشخصيات والأمكنة، ومع ضمير الراوي الغائب ومبتعدة عن البعد التعبيري الذي يهتم بالانفعالي والفلسفي والمجازي، ولقد ابتعدت لغة الرواية أيضاً عن توظيف المحسنات الإبداعية والتعبيرات النفسية والصور البيانية والاقتباسات والتضمينات، وقام الكاتب بتهجين البنية السردية بمفردات وتعبيرات عامية، بما يتناسب مع ظروف الواقع وموجوداته ومع الشخصيات وتنوعها وتنوع ثقافتها ولغتها.
- الراوي: اعتمد الكاتب على ضمير الغائب في سرده للأحداث، وهذا النوع من السرد يجعل الراوي متحكماً في الشخصيات ومصائرها وأسرارها، وقد يكون حيادياً حيناً ومنحازاً حيناً آخر إلى شخصية أو حدث أو موقف، وقد بدا واضحاً انحياز الروائي في هذه الرواية إلى الثوار.
- الوصف: حاول الراوي في الرواية وصف الشخصيات والأمكنة، لكن الوصف بشكل عام كان مقتضباً جداً، وقد قدمت الرواية بعضاً من مظاهر الحياة الواقعية في مواضع متفرقة، مثل الأبواب التي لا تغلق واجتماع الفتيات حول البركة والبيوت الحجرية والطلاء الكلسي وكرم الضيافة.
- الزمن: زمن القصة والذي يعتبر أحد أهم عناصرها هو زمن الأحداث كما تحدث قبل التدخل الفني فيها، يقع بين عامي 1903م و2003م، مروراً بالثورة السورية الكبرى ومن ضمنها معركة "المزرعة" التي استشهد فيها "نايف" إلى الاستقلال والنكبة ثم حرب تشرين حيث توفي "أجود" إثر سماعه لنبأ استشهاد ابنه "مناف"، ثم تنقطع الأحداث حتى عام 2003م حين يجد "ابراهيم" الدفتر ويبدأ بقراءته».