الفنان "علي مقوص".. الذاكرة والمدلول الرمزي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان "علي مقوص".. الذاكرة والمدلول الرمزي

    الفنان "علي مقوص".. الذاكرة والمدلول الرمزي
    • شادي نصير


    اللاذقيّة
    يمزج بتجربته الخاصة بين فن الحفر الغرافيك "الطباعة" وبين التصوير بالألوان الزيتية، يستلهم من الماضي ومن مخزون الذاكرة بعض المفردات يحولها إلى رؤيا بصرية جمالية ذات مدلولات متنوعة، إنه الفنان "علي مقوص" الذي التقاه eLatakia في مرسمه ليتحدث عن تجربته في الفن قائلاً:

    «أعمالي هي جزء من تجربة طويلة عمرها سنوات، والمشروع هو تجربة بحث من إنضاج العلاقات الحساسة جداً بين الأسود والرماديات اللونية أو بين القوام الغرافيكي أو الخلفية الغرافيكية وبين الطرح الغرافيكي بشكل توليف للحالة التصويرية، وهنا تدخل معادلات لونية وعلاقات بين اللون والفراغ، وحساسية هذا المشروع بتوليف قيم الألوان مع قيم الأبيض والأسود».
    البناء الفلسفي للوحة يعتمد على بناء فلسفة التعايش الوهمي لتكوين اللوحة، وهو تكوين له علاقة بالموضوع الذي يحتوي تداخلاً بين الوهم والحقيقة وبين الخيال والواقع

    ويوضح فلسفته في عمل اللوحة قائلاً: «البناء الفلسفي للوحة يعتمد على بناء فلسفة التعايش الوهمي لتكوين اللوحة، وهو تكوين له علاقة بالموضوع الذي يحتوي تداخلاً بين الوهم والحقيقة وبين الخيال والواقع».


    من أعمال الفنان "علي مقوص"

    ويبرز سبب اختزال المساحات اللونية والتصويرية في أعماله: «هناك بحث اختزال المساحة وتكثيفها كمساحة مشعة وجدانياً وإبراز أهمية القاعدة الغرافيكية للمساحة بحكم علاقة القاعدة بالبعد الزمني المهم والذي يتضمن القيمة الوجدانية، فعندما نتحدث عن الزمن نتحدث عن العاطفة والذاكرة وبالتالي هنا ليس مهماً البناء الواقعي والمنطقي للموضوع ويصبح له قواعد مختلفة ومفهوم العمل الواقعي مختلف فتصبح العلاقات متوازنة جداً ومرتكزة على الحس المكثف جداً للأبيض والأسود "الغرافيك" ويدخل اللون وكأنه مكمل وكأنه ضيف شرف».

    وللوحة دراسة معمارية في تجربة الفنان "مقوص" فيقول في ذلك: «تدرس علاقة المستطيل في أسفل اللوحة مع القوس في الفراغ، وفي الأعمال التكوين له علاقة بتراكمات الذاكرة والموروث المعرفي والبصري وفي أحد أعمالي يكون الشخصية الخيالية الدونكيشوت وتابعه سانشو دخلا اللوحة كمناخ، حيث بنيت اللوحة على حساب عقلانية الفكرة وليس هنا مهماً الفكر الحسابي والذهنية الحسابية للوحة، المهم هو مجموعة الأفكار المتداخلة مع بعضها من خلال التوليف البصري أولاً وثانياً من خلال عدد من الحالات الوجدانية».


    عمل آخر

    وعن الذاكرة يتحدث: «الذاكرة لها حضور واضح يضاف إليها ثقافة الرؤيا فيما يتعلق بالزمن والماضي والمستقبل وثقافة التحليل ودراسة علاقات المفردات مع بعضها، ودراسة علاقة القسم الأرضي من العمل الفني مع القسم العلوي الذي يعيش علاقة حميمية مع الفراغ، وهنا العمل الفني يصل بنا إلى مجموعة من القيم تتقاطع وتشكل قيمة عظيمة تكون مؤثرة ومشعة وأي تفكك في العمل يفقده الطاقة الإشعاعية، فالخط والمساحة اللونية تشحن بالطاقة، والحبر الأسود هو مولد للطاقة من خلال علاقته مع الفراغ والضوء، فالأعمال التي أقدمها، لها علاقة بالذاكرة والعاطفة ولها علاقة بتصورات تفكير ذاتي للموضوع الحساس الذي له ارتباط بالأنسنة ومرتبط بالأنسنة الأشمل، والتي تعمل توحيد بين الحالة الإنسانية الخاصة والحالات الكونية الأخرى وبين الإنسان والتراب والعمارة والفراغ والكائنات الأخرى والأشياء الجامدة كالإنسان والمطر والحجر والفراغ والطيور والأدوات ومن ثم محاولة توليف أدق، حيث تبحث علاقة الإنسان بمفردات الفراغ وليس بالحجر وبالكتلة بل بعلاقته البصرية مع الجزيئات الصغير التي تكون الحجر ومع الحضور الشعوري للجمال، فتبدأ المسألة من البعيد القريب أي من الإطار الواسع جداً للمنظر الدقيق المجهري».

    وعن الطيور في أعماله حيث البوم دائماً يرافق الشخصية التقليدية في عمله "الدونكيشوت" يقول: «الطير ليس له مدلول رمزي بل هو مدلول بصري له قيمة بصرية أكثر منها رمزية ولكن أحياناً يتعدى إلى المدلول الرمزي، عندما أضع اللون على اللوحة الفنية تتحول الألوان إلى طيور، ولذلك علاقة بالذاكرة والتراكمات التي تمر بها هذه الذاكرة التي بلا شعور لأنني عشت طفولتي أراقب الطيور وأعشاشها وكيف تطير، وأتأملها وألوانها وريشها وأشكاله وشخصيته وشكله وحياته».


    عمل غرافيكي

    أما ارتباط العمل الفني الذي يخصه فن الحفر بالذاكرة التي تكونت عنده ضمن مفردات القش فيقول عنه: «كل ذلك له علاقة بتراكمات الذاكرة واللاشعور وأحياناً في حال أخرج شخصيات العمل من اللوحة وتركت الأرضية تبدو كحقل عشب أو قمح محصود فهذه لها علاقة بالأرض والمساحات التي فيها قش وتراب وفيها مخزون الذاكرة».

    كثافة مخزون الذاكرة في أعماله كصحن البرغل والقش والمنخل يتحدث موضحاً:

    «عندما ترسم مفردة وموضوعاً وترسم جسماً معيناً ترسمه من خلال إحساس كبير بالتواصل معه وبالتالي فأنت تدخل في هذه الحالة من التواصل لحميميتها لأنه يتولد منها طاقة وجدانية رائعة مؤثرة، وليس مهماً الآن الموضوع الذي أقدمه المهم هو الوصول إلى تفجير الطاقة الكامنة في المفردة هذه عندما أرسم عصفوراً أو شجرة أو غربالاً أو كرسياً أو البوم الذي يصاحب الدونكيشوت لأن خصوصية الشخصية تدعوك للاسترسال في التلامس معها، وهذا التلامس يدعوك للتفكير كأن يفكر ويرسم التصورات وعلاقته بفرسه وحبيبته و"سانشو"، هو حالة فلسفية فهو ليس حدثاً كوميدياً أو فيه سخرية؛ هو حالة لها علاقة بصميم الفكر الفلسفي الحياتي».

    وعن علاقته بالشخصية الأسطورية الدونكيشوت ضمن أعماله الفنية: «الدونكيشوت هو باحث وهمي ليس عن الحقيقة أو الفضيلة بل هو كشخصية يسعى لأن ينشر مفهوماً وتفكيراً إنسانياً جديداً ولو كان مبنياً على الوهم، ولو كان غير حقيقي هو غير مكترث بالحقائق الموضوعية، الحقائق عندها بناء خاص به، وليس من الممكن أن يغير مفهوم الحقيقية الذي يحمله حتى بالرواية الساخرة كما كتبها "سرفانتس" عندما ضغطوا عليه لتغيير مفاهيمه كان يتحطم ويدمر ويصبح على وشك الموت هو حامل لنمط تفكير ورؤيا مختلفة عن التفكير والرؤيا السائدة المبنية على العقد والحسابات المنطقية وله مفهوم آخر للحقيقية وعنده طموحات وهمية وعنده خيال غير متوازن، وبالمحصلة هو الجانب الآخر للحقيقية ولا يمكن أن تكون حقيقة إلا على خلفية غير حقيقية ولا يمكن أن تعيش إلا بفراغ وهمي وهنا الدونكيشوت يدخل على العمل من الفراغ والوهم ولا يكون جزءاً من الحقيقة المألوفة، وهو عنده هذا البناء الوهمي لتصوراته جعله تفاصيل سوداوية وفيها إحساس كثير عنيف بأنه يقارع الطاقة السلبية النقيضة، لذلك كان في رأسه طائر بوم يقوده إلى حيث اللاجدوى إلى الحالة المناقضة للحقيقة».

    ويقول الفنان "سامي زريق" حول فن "مقوص": «للفنان "علي مقوص" تجربة مختلقة وهي من التجارب التي يقف التشكيل السوري عندها وهذه التجربة تضعك على عتبة الذاكرة في الماضي والمستقبل الذي نطمح إليه فأعماله تنبض بالحياة بكافة الأشكال».

    أما الفنانة الشابة "عفاف حنف" فتتحدث عن أعمال الفنان "علي مقوص": «في المعرض الأخير في جامعة تشرين كانت الأعمال مبهرة ولأول مرة أتلمس المادة الغرافيكية الممزوجة باللون الزيتي ضمن العمل الفني للفنان، وهنا اختلف تلقيّ للعمل وأصبحت داخل العمل أبحث في الحيثيات فالعمل يجعلك تستغرق في البحث والتأمل».

    ويضيف الشاب "حسام عنتاب" الطالب في كلية الفنون الجميلة في "بيروت": «عندما شاهدت أعمال الفنان "علي" كنت أبحث عن الصورة التي التقطها في الماضي واستطاع بحرفيته أن يأسرك ضمن الشخصيات التي تبدو تخرج من ماضيها تنفض الغبار وتسير نحو الأمام».
يعمل...
X