"الفيل" تتوج بجائزة مهرجان فلسطين الوطني للمسرح
المهرجان يَعد بالتأسيس لدورة استثنائية العام المقبل مكرّسا المسرح أداة للحياة.
مسرحية "الفيل" رؤية جديدة لنص سعدالله ونوس
مثل إنجاز الدورة الثالثة من مهرجان فلسطين الوطني للمسرح تحديا كبيرا للمنظمين، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، ولذا كان المسرح متنفسا للحضور، رغم غياب بعض الضيوف العرب، بينما يعد منظمو المهرجان بتطويره أكثر وتجديد فعالياته في دورته القادمة.
رام الله (فلسطين) - اختتمت وزارة الثقافة الفلسطينية مساء الإثنين في مدينة رام الله فعاليات مهرجان فلسطين الوطني للمسرح في دورته الثالثة، وكرمت الفائزين بجوائز المهرجان.
وشهد المهرجان هذا العام عدة عروض مثلت الإنتاجات الأخيرة من المسرح الفلسطيني، علاوة على تقديم العديد من الفعاليات الموازية للعروض.
جوائز وتكريمات
فاز العرض المسرحي “الفيل” لمسرح الحرية بجائزة أفضل عرض في الدورة الثالثة من مهرجان فلسطين الوطني للمسرح. وعرْض “الفيل” هو مسرحية شارع مستوحاة من رواية “الفيل يا ملك الزمان” للكاتب السوري سعدالله ونّوس، حيث تتحدث عن ملك ظالم له فيل مزعج ضار يرمز إلى القوة والبطش والجبروت، ويشكو منه الناس ولا يجرؤ أحد منهم على الشكوى، ومن ثم يبدأ الناس بالتدرب على ما يجب أن يفعلوه للوصول إلى الملك وجذب انتباهه لتقديم شكاواهم عبر الفنون والألعاب، ولكن في كل مرة يتغير موقفهم ويسيطر عليهم الخوف لتبدأ مفارقات مضحكة ومبكية في كيفية عرض المشكلة وطرح حلها.
وتم تجسيد العمل مسرحيا بتصور إخراجي جديد مختلف عما قدم سابقا، وعرض العمل في عدة مسارح عربية في سوريا والكويت، كما سبق له أن عرض في فلسطين أثناء جولة مفتوحة خلال جائحة كورونا بدعم من وزارة الثقافة في جنين ونابلس وطولكرم.
وذهبت جائزة الإخراج إلى محمد عيد عن مسرحية “خراريف” لمسرح الحارة من بيت جالا بالضفة الغربية، فيما ذهبت جائزة السينوغرافيا إلى مسرحية “الرماديون” لفرقة أيام المسرح من غزة.
ومنحت لجنة التحكيم جائزة التمثيل لكل من رولا نصار عن دورها في مسرحية “هذيان وسنة حلوة يا ذبيح” لمسرح المجد، وأميرة حبش عن دورها في مسرحية “لغم أرضي” لمسرح القصبة.
وقررت اللجنة برئاسة المسرحي والروائي حازم كمال الدين حجب جائزة التأليف المسرحي.
وعرض المهرجان في الختام كلمات مسجلة لبعض الفنانين العرب الذين كانوا يودون مواكبة الافتتاح الرسمي الذي أُلغي بسبب الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية، ومنهم الممثلة اللبنانية سميرة البارودي والممثل المصري طارق صبري والممثل الأردني علي عليان.
وكان المهرجان قد قدم على مدى أسبوع تسعة عروض مسرحية من مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية، كما نظم عددا من الندوات الفكرية التي ناقشت تطور المسرح الفلسطيني والتحديات التي تواجهه.
وقدم المهرجان أيضا عرض “قضية 74” لطلبة مدرسة مسرح الحرية للفنون الأدائية، وقد فاز بجائزة أفضل عرض متكامل في مسابقة المسرح الجامعي الفلسطيني لعام 2022.
كما كرم ثلاثة فنانين فلسطينيين هم الكاتب والمخرج والممثل جورج إبراهيم والممثلة ريم اللو والممثل والمخرج أحمد أبوسلعوم.
وتم تكريم الرعاة والشركاء الإعلاميين للمهرجان، ومن بينهم وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، وتلفزيون فلسطين، وعدد من وسائل الإعلام، إضافة إلى تكريم كافة المشاركين في المهرجان وكل الذين عملوا على الإعداد له من بدايته حتى اختتامه.
المسرح والأمل
قال وزير الثقافة عاطف أبوسيف إن “مهرجان فلسطين الوطني للمسرح بطبعته الثالثة يشكّل استمراراً للاحتفاء والاحتفال بالمنجز المسرحي الفلسطيني من خلال مشاركة فرق من كافة مناطق فلسطين”.
وأضاف أنه سيتم العمل في النسخة القادمة على هدفيْن رئيسيين، الأول هو مشاركة فرق فلسطينية من الشتات حتى تكتمل اللوحة الفلسطينية، فيما يتمثل الثاني في وجود مشاركات عربية من بلدان مختلفة لتعود فلسطين محجّاً للفرق المسرحية العربية كي يعود جمهورها مقرراً في الذائقة العربية العامة كما كان الحال قبل ذلك حين كانت مسارح القدس ويافا وحيفا قبلة كل فرقة عربية باحثة عن النجاح والتألق.
وتابع أبوسيف قائلا إن “تنظيم المهرجان بدورتيه السابقتيْن مثّل نقلة نوعية في الحياة المسرحية، والذي تم قبل ذلك بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح في الشارقة”، لافتا إلى أن تواصل تنظيم المهرجان رغم كل التحديات يؤكد مقولة “إن الفن حياة”.
وأردف أن “الإصرار على المواظبة على تنظيم هذا المهرجان بشكل دوري ينطلق من إرادة الاحتفال بالفن وتكريم الفنانات والفنانين”.
عروض على الخشبة قدمت قصصاً وحكايات من الحياة والواقع يمتزج فيها الفرح مع الحزن واليأس مع الأمل
وأشار أبوسيف إلى أننا “على خشبة المسرح نشاهد قصصاً وحكايات من الحياة التي نعيشها، والتي يمتزج فيها الفرح مع الحزن واليأس مع الأمل والماضي الموجع مع الحاضر، وفي كل ذلك يكون البطل الحقيقي هو الإنسان القادر على صنْع المعجزات، لأن الفن انتصار للحياة أمام آلة القتل والتشريد”.
بدوره أكد مدير المهرجان الفنان فادي الغول أن “المسرح حياة، أكسجين كل المسرحيين في العالم، وهذا الشعور يعرفه تماماً مَن عاش المسرح وخاض لذة التجربة فيه”.
وأشار إلى أنه من جيل الألفية في المسرح الفلسطيني والعربي “جيل الثمانينات والتسعينات”، وواكب كبار المسرحيين وعايش أحلامهم وإحباطاتهم وآمالهم، مشيداً بإصرار وزارة الثقافة على استمرار المهرجان ضمن الإمكانيات المتاحة، والذي يعدّ تحولاً مهماً في التعاطي مع قطاع المسرح.
وشدد الغول على أن نجاح أي فعل مسرحي هو نجاح لكل الحركة المسرحية الفلسطينية، وشارةُ نصرٍ مُحَقَّقة في وجه المحتل الرافض للوجود الثقافي والحضاري، كَوْن المسرح إحدى أهم ركائز الثقافة والصمود.
وقال في الختام “فلسطين بلد الحكايات والبدايات كالمسرح تماما، فقد كان ومازال أحد أهم الفنون رغم الاحتلال والنكبات وتغير العالم”.
وأضاف “أطمح في أن يتحول هذا المهرجان إلى مؤسسة أو هيئة شبه مستقلة تتبع وزارة الثقافة وتعمل على مدار العام لإنجاز المهرجانات المسرحية المتخصصة مثل مسرح الأطفال المحترف والمسرح الجامعي والمدرسي والمسرح المحترف للكبار”.