حدائق الأسرار" مسرحية مغربية عن التفكك الأسري تحصد جوائز قرطاج المسرحي
الدورة الثالثة والعشرون للمهرجان راهنت على الحضور المسرحي العربي.
الاثنين 2022/12/12
ا
عمل مسرحي متكامل
جاء العرض المسرحي المغربي “حدائق الأسرار” ليكون في نظر لجنة تحكيم أيام قرطاج المسرحية عملا متكاملا، حيث فاز العرض الذي يتناول التفكك الأسري الخفي والصراع بين الأجيال، بأغلب جوائز الدورة الثالثة والعشرين.
تونس - فاز العرض المسرحي المغربي “حدائق الأسرار” بجائزة أفضل عمل متكامل في الدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية التي أسدل الستار عليها السبت في تونس.
كما حصد العرض جائزة الإخراج لمحمد الحر وجائزة السينوغرافيا لمصطفى العلوي وجائزة أفضل أداء نسائي للممثلة جليلة تلمسي.
ويؤدي الأدوار في هذه المسرحية، الممثلون ياسين أحجام وجليلة تلمسي وهاجر لحميدي.
وتدور المسرحية حول أسرة تتكون من أب وأم وابنتهما من عائلة تبدو ثرية. تبدو العلاقة بين الأب والأم متذبذبة ومتوترة بسبب زواج تقليدي عن غير حب فرضته تقاليد العائلة. وهذا المنوال نفسه في الزواج يحاول الأب فرضه على ابنته من خلال ربطها برجل من الأثرياء لا تحبه، فتفرّ البنت في ليلة زفافها وتلقى حتفها في حادث أليم.
العرض حصد جائزة الإخراج لمحمد الحر وجائزة السينوغرافيا لمصطفى العلوي وجائزة أفضل أداء نسائي لجليلة تلمسي
ويفتح تمرد الفتاة الباب أمام أسئلة كبرى تطرحها الأم على نفسها، فتحاور ذاتها نادمة على خنوعها في السابق وقبولها بالأمر الواقع وخوفها من التمرد على السلطة الأبوية، لكنه يكشف مدى القطيعة بين الشباب والكهول، حيث يرفض كل منهم تفهم الآخر وتقبل فكرة التغير والتزام الإنسان بعيش حياته هو لا بتقييد حيوات الآخرين وتسييرها وفق مخططاته.
ويلفت العرض انتباه الجمهور، منذ دخوله القاعة، عبر عناصر الديكور المؤثثة للخشبة من مراوح وميكروفونات وطاولة للتحكم في الإضاءة يجلس إليها مخرج العمل، أما في الجانب الأيسر للخشبة فهناك تمثال رأسي سُلّطت عليه الإضاءة. وتنبئ مختلف هذه العناصر بأن العمل سيكون رمزيا، وذا عمق مما يتطلب انتباها شديدا لمختلف أطواره.
وتتفكك أسرار المسرحية شيئا فشيئا من الخفاء إلى العلن، كاشفة عن حقيقة العلاقة الأسرية التي بدت في ظاهرها متينة، لكنها في عمقها وواقعها يسودها التوتر والصراع، فكل فرد منها له همومه ومأساته ويعيش في صمت وعزلة. ينفجر هذا الصمت مع ظهور البنت التي خرجت من الثلاجة، وكأنها كانت مجمدة، وكأن في خروجها ثورة على الواقع ومحركا للأحداث وكشفا للصراع الخفي في العائلة التي بدا تماسكها طوباويّا وهي في الحقيقة على حافة الانهيار، فهذا العالم الأسري المفكك بدا فاقدا للمشاعر والأحاسيس بين أفراد العائلة الذين كانوا يتكتمون عنها ولا يبوحون بما في دواخلهم، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة.
والكاتب والمخرج المسرحي محمد الحر هو خريج “المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي” بالرباط، ويشغل منصب مدير “قاعة با حنيني” الثقافية بمدينة الرباط، كما يدير فرقة “مسرح أكون” الذي يشيد فلسفته على الجمع بين المسرح الشعبي والمسرح التجريبي.
وقد عملت الفرقة المسرحية على إنتاج مجموعة من المسرحيات التي نالت إعجاب النقاد والجمهور وحصلت على مجموعة من الجوائز في العديد من المهرجانات المسرحية “الباشا حمو” (2011)، و”تيرياحين” (2015)، و”مولاة الحيط” (2017)، و”صولو” عن رواية “ليلة القدر” للطاهر بنجلون، و“سماء أخرى” المستلهمة عن رواية “يرما” لغارسيا لوركا.
وعمل الحر على كتابة عدة أعمال مسرحية مقتبسة عن أعمال روائية وأخرى مسرحية: رواية “شرق المتوسط” لعبدالرحمن منيف، مسرحية “هاملت” لشكسبير ومسرحية ”مهاجر بريسبان” لجورج شحاتة.
وبالإضافة إلى مسرحية “حدائق الأسرار”، ذهبت جائزة أفضل أداء رجالي إلى غسان أشقر عن دوره في العرض المسرحي الفلسطيني “لغم أرضي” وفاز بجائزة أفضل نص مسرحي الكاتب المسرحي التونسي عبدالحليم المسعودي والمخرج نزار السعيدي عن عرض “تائهون” من تونس.
عرض الممثل الواحد يكتسح الركح
وكان مهرجان أيام قرطاج المسرحية الذي انطلق في الثالث من ديسمبر تحت شعار “برشا محبة” قد عرض أكثر من 80 مسرحية من 23 دولة ضمن مسابقته الرسمية وبرامجه الموازية.
ومن أبرز العروض التي شاركت في المهرجان، “هاملت بالمقلوب” للمخرج مازن الغرباوي (مصر)، “ضوء” للمخرج الطاهر عيسى بن العربي (تونس)، “تائهون” للمخرج نزار السعيدي (تونس)، “النسر يسترد أجنحته” للمخرج وليد عمر بابكر (السودان)، “شمس ومجد” للمخرج أسامة غنم (سوريا)، و”أنتيغون” للمخرج عقباوي شيخ (الجزائر)، “المجوهرات” للمخرج ويليام شام ويتيش (الكونغو الديمقراطية)، “حدائق الأسرار” لمحمد الحر (المغرب)، “الديار” للمخرج أرونابا (السنغال)، “ايزدان” للمخرج مهند علي حميد (العراق)، “لغم أرضي” جورج إبراهيم (فلسطين)، “كوكتيل شقف بلا معنى” للمخرجة جنى مطر (لبنان).
ومنح المهرجان في حفل الختام عددا من الجوائز الموازية حيث فاز بجائزة فرحات حشاد لأفضل توضيب تقني، التي يقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل، محمد نوير المتخصص في مسرح العرائس عن عرض “المنفى” إخراج نادر بلعيد.
وذهبت جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير، المقدمة من نقابة الصحافيين، لعرض “ثقوب سوداء” إخراج عماد المي، كما نوهت لجنة التحكيم بعرض “عطارد” إخراج أوس إبراهيم.
وفي مسابقة مسرح الحرية لنوادي المؤسسات السجنية، فاز بالجائزة الأولى عرض “تخلبيزة” لسجن برج العامري وجاء في المركز الثاني عرض “بالسلامة” لسجن النساء بالمسعدين، بينما تقاسم المركز الثالث عرض “هذا بختي” لسجن المهدية وعرض “اكس واي” لسجن النساء في منوبة.
ونال جائزة صلاح القصب للإبداع الممثل والمخرج التونسي توفيق الجبالي ونقيب الفنانين العراقيين جبار جودي والناقد والباحث التونسي محمد المديوني.
وصلاح القصب (بغداد 1945) يُعدّ من أبرز المسرحيين العرب، وأصدر عددا كبيرا من الكتب حول المسرح وجمالياته كما أخرج مجموعة من الأعمال المسرحية ذات الطابع الكلاسيكي.
وكرمت وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطاط القرمازي في حفل ختام أيام قرطاج المسرحية الذي أقيم بمدينة الثقافة الممثلتين التونسيتين سلوى محمد وفاطمة بن سعيدان والكاتب المسرحي محمد العوني.
وكان المهرجان كرم في حفل افتتاحه المسرحيين علاء الدين أيوب ومحمد اليانقي (تونس)، الممثلة سهير المرشدي (مصر)، الممثل أيمن زيدان (سوريا)، الباحث المسرحي قاسم بياتلي (العراق)، والكاتب المسرحي حبيب ديمبيلي (مالي).
الدورة الثالثة والعشرون للمهرجان راهنت على الحضور المسرحي العربي.
الاثنين 2022/12/12
ا
عمل مسرحي متكامل
جاء العرض المسرحي المغربي “حدائق الأسرار” ليكون في نظر لجنة تحكيم أيام قرطاج المسرحية عملا متكاملا، حيث فاز العرض الذي يتناول التفكك الأسري الخفي والصراع بين الأجيال، بأغلب جوائز الدورة الثالثة والعشرين.
تونس - فاز العرض المسرحي المغربي “حدائق الأسرار” بجائزة أفضل عمل متكامل في الدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية التي أسدل الستار عليها السبت في تونس.
كما حصد العرض جائزة الإخراج لمحمد الحر وجائزة السينوغرافيا لمصطفى العلوي وجائزة أفضل أداء نسائي للممثلة جليلة تلمسي.
ويؤدي الأدوار في هذه المسرحية، الممثلون ياسين أحجام وجليلة تلمسي وهاجر لحميدي.
وتدور المسرحية حول أسرة تتكون من أب وأم وابنتهما من عائلة تبدو ثرية. تبدو العلاقة بين الأب والأم متذبذبة ومتوترة بسبب زواج تقليدي عن غير حب فرضته تقاليد العائلة. وهذا المنوال نفسه في الزواج يحاول الأب فرضه على ابنته من خلال ربطها برجل من الأثرياء لا تحبه، فتفرّ البنت في ليلة زفافها وتلقى حتفها في حادث أليم.
العرض حصد جائزة الإخراج لمحمد الحر وجائزة السينوغرافيا لمصطفى العلوي وجائزة أفضل أداء نسائي لجليلة تلمسي
ويفتح تمرد الفتاة الباب أمام أسئلة كبرى تطرحها الأم على نفسها، فتحاور ذاتها نادمة على خنوعها في السابق وقبولها بالأمر الواقع وخوفها من التمرد على السلطة الأبوية، لكنه يكشف مدى القطيعة بين الشباب والكهول، حيث يرفض كل منهم تفهم الآخر وتقبل فكرة التغير والتزام الإنسان بعيش حياته هو لا بتقييد حيوات الآخرين وتسييرها وفق مخططاته.
ويلفت العرض انتباه الجمهور، منذ دخوله القاعة، عبر عناصر الديكور المؤثثة للخشبة من مراوح وميكروفونات وطاولة للتحكم في الإضاءة يجلس إليها مخرج العمل، أما في الجانب الأيسر للخشبة فهناك تمثال رأسي سُلّطت عليه الإضاءة. وتنبئ مختلف هذه العناصر بأن العمل سيكون رمزيا، وذا عمق مما يتطلب انتباها شديدا لمختلف أطواره.
وتتفكك أسرار المسرحية شيئا فشيئا من الخفاء إلى العلن، كاشفة عن حقيقة العلاقة الأسرية التي بدت في ظاهرها متينة، لكنها في عمقها وواقعها يسودها التوتر والصراع، فكل فرد منها له همومه ومأساته ويعيش في صمت وعزلة. ينفجر هذا الصمت مع ظهور البنت التي خرجت من الثلاجة، وكأنها كانت مجمدة، وكأن في خروجها ثورة على الواقع ومحركا للأحداث وكشفا للصراع الخفي في العائلة التي بدا تماسكها طوباويّا وهي في الحقيقة على حافة الانهيار، فهذا العالم الأسري المفكك بدا فاقدا للمشاعر والأحاسيس بين أفراد العائلة الذين كانوا يتكتمون عنها ولا يبوحون بما في دواخلهم، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة.
والكاتب والمخرج المسرحي محمد الحر هو خريج “المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي” بالرباط، ويشغل منصب مدير “قاعة با حنيني” الثقافية بمدينة الرباط، كما يدير فرقة “مسرح أكون” الذي يشيد فلسفته على الجمع بين المسرح الشعبي والمسرح التجريبي.
وقد عملت الفرقة المسرحية على إنتاج مجموعة من المسرحيات التي نالت إعجاب النقاد والجمهور وحصلت على مجموعة من الجوائز في العديد من المهرجانات المسرحية “الباشا حمو” (2011)، و”تيرياحين” (2015)، و”مولاة الحيط” (2017)، و”صولو” عن رواية “ليلة القدر” للطاهر بنجلون، و“سماء أخرى” المستلهمة عن رواية “يرما” لغارسيا لوركا.
وعمل الحر على كتابة عدة أعمال مسرحية مقتبسة عن أعمال روائية وأخرى مسرحية: رواية “شرق المتوسط” لعبدالرحمن منيف، مسرحية “هاملت” لشكسبير ومسرحية ”مهاجر بريسبان” لجورج شحاتة.
وبالإضافة إلى مسرحية “حدائق الأسرار”، ذهبت جائزة أفضل أداء رجالي إلى غسان أشقر عن دوره في العرض المسرحي الفلسطيني “لغم أرضي” وفاز بجائزة أفضل نص مسرحي الكاتب المسرحي التونسي عبدالحليم المسعودي والمخرج نزار السعيدي عن عرض “تائهون” من تونس.
عرض الممثل الواحد يكتسح الركح
وكان مهرجان أيام قرطاج المسرحية الذي انطلق في الثالث من ديسمبر تحت شعار “برشا محبة” قد عرض أكثر من 80 مسرحية من 23 دولة ضمن مسابقته الرسمية وبرامجه الموازية.
ومن أبرز العروض التي شاركت في المهرجان، “هاملت بالمقلوب” للمخرج مازن الغرباوي (مصر)، “ضوء” للمخرج الطاهر عيسى بن العربي (تونس)، “تائهون” للمخرج نزار السعيدي (تونس)، “النسر يسترد أجنحته” للمخرج وليد عمر بابكر (السودان)، “شمس ومجد” للمخرج أسامة غنم (سوريا)، و”أنتيغون” للمخرج عقباوي شيخ (الجزائر)، “المجوهرات” للمخرج ويليام شام ويتيش (الكونغو الديمقراطية)، “حدائق الأسرار” لمحمد الحر (المغرب)، “الديار” للمخرج أرونابا (السنغال)، “ايزدان” للمخرج مهند علي حميد (العراق)، “لغم أرضي” جورج إبراهيم (فلسطين)، “كوكتيل شقف بلا معنى” للمخرجة جنى مطر (لبنان).
ومنح المهرجان في حفل الختام عددا من الجوائز الموازية حيث فاز بجائزة فرحات حشاد لأفضل توضيب تقني، التي يقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل، محمد نوير المتخصص في مسرح العرائس عن عرض “المنفى” إخراج نادر بلعيد.
وذهبت جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير، المقدمة من نقابة الصحافيين، لعرض “ثقوب سوداء” إخراج عماد المي، كما نوهت لجنة التحكيم بعرض “عطارد” إخراج أوس إبراهيم.
وفي مسابقة مسرح الحرية لنوادي المؤسسات السجنية، فاز بالجائزة الأولى عرض “تخلبيزة” لسجن برج العامري وجاء في المركز الثاني عرض “بالسلامة” لسجن النساء بالمسعدين، بينما تقاسم المركز الثالث عرض “هذا بختي” لسجن المهدية وعرض “اكس واي” لسجن النساء في منوبة.
ونال جائزة صلاح القصب للإبداع الممثل والمخرج التونسي توفيق الجبالي ونقيب الفنانين العراقيين جبار جودي والناقد والباحث التونسي محمد المديوني.
وصلاح القصب (بغداد 1945) يُعدّ من أبرز المسرحيين العرب، وأصدر عددا كبيرا من الكتب حول المسرح وجمالياته كما أخرج مجموعة من الأعمال المسرحية ذات الطابع الكلاسيكي.
وكرمت وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطاط القرمازي في حفل ختام أيام قرطاج المسرحية الذي أقيم بمدينة الثقافة الممثلتين التونسيتين سلوى محمد وفاطمة بن سعيدان والكاتب المسرحي محمد العوني.
وكان المهرجان كرم في حفل افتتاحه المسرحيين علاء الدين أيوب ومحمد اليانقي (تونس)، الممثلة سهير المرشدي (مصر)، الممثل أيمن زيدان (سوريا)، الباحث المسرحي قاسم بياتلي (العراق)، والكاتب المسرحي حبيب ديمبيلي (مالي).