اعتقد العلماء منذ القدم أن قوانين الفيزياء الملموسة تمر ببعض التغيرات المتطرفة في قلب العمالقة الغازية. في مثل هذه الظروف من الضغط العالي، يُضغط غاز الهيدروجين إلى النقطة التي تحوله بالفعل إلى معدن. بحث العلماء لسنوات عن طريقة لإنتاج الهيدروجين المعدني صناعيًا، وذلك لما يوفره من تطبيقات عملية غير محدودة.
يستخدم العلماء حاليًا جهازًا يعرف بالسندان الماسي (Diamond anvil) لإنتاج الضغط الكافي لتحويل الهيدروجين لحالته الصلبة، وبعد عدة عقود من المحاولات -وما يقرب 80 عامًا منذ الاعتقاد بهذه النظرية- يعتقد فريق فرنسي من العلماء أنه نجح في تحضير الهيدروجين المعدني معمليًا.
على الرغم من وجود الكثير من الشكوك حول نتائج التجربة، يصدق العديد من الناس في المجتمع العلمي أن هذا الادعاء الأخير قد يكون صحيحًا.
وصف الفريق التجربة بدراسة نُشرت بعنوان: (مراقبة المرحلة الأولى من التحول لحالة الهيدروجين المعدني عند ضغط 425 جيجا باسكال)، ويمكنك الحصول عليها
يضم الفريق كلًا من بول دماس، بول لوبير، وفلوران أوتشيلي الباحثين بقطاع التطبيقات العسكرية التابع للهيئة الفرنسية للطاقة البديلة والطاقة الذرية، ويعملون أيضًا بوحدة السينكروترون (المسرع الدوراني التزامني) الفرنسية للأبحاث (SOLEIL).
وكما يوضحون في دراستهم؛ فإن الهيدروجين المعدني موجود بلا جدل وفقًا لقواعد التقييد الكمي. ما يعني أنه إذا حُدّت حركة الإلكترونات، ستتقارب وتتقلص الفجوات بينها؛ لذا فإن المواد العازلة للتوصيل الكهربائي (مثل غاز الأكسجين) قد تصبح موصلة للكهرباء إذا انضغطت بما يكفي لتقارب الإلكترونات.
شرح الفريق كيف أن ميزتين قد جعلتا تجربتهم ممكنة. الأولى باستخدام السندان الماسي لإنتاج الضغط الكافي للحصول على الهيدروجين المعدني، ويتكون السندان من نتوءات ماسية مستديرة بها ثقب بالمنتصف بدلًا من التصميم المسطح، وهذا قد مكن العلماء من رفع الضغط الناتج من الخلية الماسية المعتادة من (400 جيجا باسكال) إلى (600 جيجا باسكال).
وتضمنت الميزة الثانية قياس واختبار العينة عن طريق مطياف للأشعة تحت الحمراء طوره الفريق نفسه بوحدة SOLEIL، ولاحظ الفريق امتصاص العينة لكافة الإشعاعات تحت الحمراء عند وصول الضغط على عينة الهيدروجين (425 جيجا باسكال) عند درجة حرارة (193 درجة مئوية تحت الصفر) ما يدل على تقارب الذرات وتحول العينة للحالة الصلبة المعدنية.
لاقت نتائج التجربة العديد من النقد والشكوك في صحتها، فكل المحاولات السابقة التي ادعت تحضير الهيدروجين المعدني قد أُثبت فشلها وعدم صحتها، كما أن تلك الدراسة ما زالت خاضعة للمراجعة من قبل المختصين.
ولكن هناك العديد من العلماء الذين يدعمون الفريق والتجربة مثل مادوري سومايازولو الأستاذ بمختبر أرجون الوطني والذي قال عن الدراسة: «أعتقد أنه اكتشاف يستحق جائزة نوبل، إذ تُعتبر هذه التجربة واحدة من أدق وأشمل التجارب على الهيدروجين». كما وضح سومايازولو مدى معرفته بقائد الفريق دوماس ومدى حرصه ومنهجيته العلمية.
أحد المختصين الذين أشادوا أيضًا بهذه التجربة هو أليكساندر جونشاروف، العالم بمختبر الجيوفيزياء بمعهد كارنجي للعلوم، والذي أبدى شكه في التجربة التي أقيمت عام 2017 بواسطة فريق بحثي بجامعة هارفارد ادعوا تحضير الهيدروجين المعدني بطريقة مشابهة.
قال جونشاروف عن هذه التجربة: «أعتقد أن تلك الدراسة تتضمن أدلة قوية على التقارب بين ذرات الهيدروجين، بعض القراءات غير صحيحة، وبعض البيانات كان من الممكن أن تكون أفضل، ولكني أثق في صحة هذه التجربة بشكل عام».
يوجد العديد من الاستخدامات والتطبيقات الحياتية للهيدروجين المعدني، أولها أنه يتميز بتوصيلية كهربائية فائقة، كما أنه يتسم بالثبات، إذ يحافظ على حالته الصلبة حتى بعد زوال الضغط المتسبب في تحويله لتلك الحالة، وتجعله هذه الخواص مفيدًا بشكل كبير ليواكب الثورة الحالية في مجال الإلكترونيات.
سيساعد أيضاً الهيدروجين المعدني في أبحاث الفيزياء عالية الطاقة، مثل التي تقام الآن بمختبر (سيرن-CERN)، إضافة لكل هذا، سيتمكن علماء الفيزياء الفلكية لأول مرة من دراسة ما بداخل الكواكب الغازية العملاقة، دون الحاجة لإرسال مسابير ومركبات فضائية إليها.
في النهاية، يعد تحضير الهيدروجين المعدني أمرًا صعبًا، وكل من يدعي تحضيره بنجاح سيواجه العديد من الأسئلة الصعبة ليتمكن من إثبات صحة تجربته. لذلك، كل ما بوسعنا الآن أن نأمل أن تكون هذه التجربة صحيحة، أو أن ننتظر المحاولات المستمرة الأخرى.
المصدر:ibelieveinsci
يستخدم العلماء حاليًا جهازًا يعرف بالسندان الماسي (Diamond anvil) لإنتاج الضغط الكافي لتحويل الهيدروجين لحالته الصلبة، وبعد عدة عقود من المحاولات -وما يقرب 80 عامًا منذ الاعتقاد بهذه النظرية- يعتقد فريق فرنسي من العلماء أنه نجح في تحضير الهيدروجين المعدني معمليًا.
على الرغم من وجود الكثير من الشكوك حول نتائج التجربة، يصدق العديد من الناس في المجتمع العلمي أن هذا الادعاء الأخير قد يكون صحيحًا.
وصف الفريق التجربة بدراسة نُشرت بعنوان: (مراقبة المرحلة الأولى من التحول لحالة الهيدروجين المعدني عند ضغط 425 جيجا باسكال)، ويمكنك الحصول عليها
يضم الفريق كلًا من بول دماس، بول لوبير، وفلوران أوتشيلي الباحثين بقطاع التطبيقات العسكرية التابع للهيئة الفرنسية للطاقة البديلة والطاقة الذرية، ويعملون أيضًا بوحدة السينكروترون (المسرع الدوراني التزامني) الفرنسية للأبحاث (SOLEIL).
وكما يوضحون في دراستهم؛ فإن الهيدروجين المعدني موجود بلا جدل وفقًا لقواعد التقييد الكمي. ما يعني أنه إذا حُدّت حركة الإلكترونات، ستتقارب وتتقلص الفجوات بينها؛ لذا فإن المواد العازلة للتوصيل الكهربائي (مثل غاز الأكسجين) قد تصبح موصلة للكهرباء إذا انضغطت بما يكفي لتقارب الإلكترونات.
شرح الفريق كيف أن ميزتين قد جعلتا تجربتهم ممكنة. الأولى باستخدام السندان الماسي لإنتاج الضغط الكافي للحصول على الهيدروجين المعدني، ويتكون السندان من نتوءات ماسية مستديرة بها ثقب بالمنتصف بدلًا من التصميم المسطح، وهذا قد مكن العلماء من رفع الضغط الناتج من الخلية الماسية المعتادة من (400 جيجا باسكال) إلى (600 جيجا باسكال).
وتضمنت الميزة الثانية قياس واختبار العينة عن طريق مطياف للأشعة تحت الحمراء طوره الفريق نفسه بوحدة SOLEIL، ولاحظ الفريق امتصاص العينة لكافة الإشعاعات تحت الحمراء عند وصول الضغط على عينة الهيدروجين (425 جيجا باسكال) عند درجة حرارة (193 درجة مئوية تحت الصفر) ما يدل على تقارب الذرات وتحول العينة للحالة الصلبة المعدنية.
لاقت نتائج التجربة العديد من النقد والشكوك في صحتها، فكل المحاولات السابقة التي ادعت تحضير الهيدروجين المعدني قد أُثبت فشلها وعدم صحتها، كما أن تلك الدراسة ما زالت خاضعة للمراجعة من قبل المختصين.
ولكن هناك العديد من العلماء الذين يدعمون الفريق والتجربة مثل مادوري سومايازولو الأستاذ بمختبر أرجون الوطني والذي قال عن الدراسة: «أعتقد أنه اكتشاف يستحق جائزة نوبل، إذ تُعتبر هذه التجربة واحدة من أدق وأشمل التجارب على الهيدروجين». كما وضح سومايازولو مدى معرفته بقائد الفريق دوماس ومدى حرصه ومنهجيته العلمية.
أحد المختصين الذين أشادوا أيضًا بهذه التجربة هو أليكساندر جونشاروف، العالم بمختبر الجيوفيزياء بمعهد كارنجي للعلوم، والذي أبدى شكه في التجربة التي أقيمت عام 2017 بواسطة فريق بحثي بجامعة هارفارد ادعوا تحضير الهيدروجين المعدني بطريقة مشابهة.
قال جونشاروف عن هذه التجربة: «أعتقد أن تلك الدراسة تتضمن أدلة قوية على التقارب بين ذرات الهيدروجين، بعض القراءات غير صحيحة، وبعض البيانات كان من الممكن أن تكون أفضل، ولكني أثق في صحة هذه التجربة بشكل عام».
يوجد العديد من الاستخدامات والتطبيقات الحياتية للهيدروجين المعدني، أولها أنه يتميز بتوصيلية كهربائية فائقة، كما أنه يتسم بالثبات، إذ يحافظ على حالته الصلبة حتى بعد زوال الضغط المتسبب في تحويله لتلك الحالة، وتجعله هذه الخواص مفيدًا بشكل كبير ليواكب الثورة الحالية في مجال الإلكترونيات.
سيساعد أيضاً الهيدروجين المعدني في أبحاث الفيزياء عالية الطاقة، مثل التي تقام الآن بمختبر (سيرن-CERN)، إضافة لكل هذا، سيتمكن علماء الفيزياء الفلكية لأول مرة من دراسة ما بداخل الكواكب الغازية العملاقة، دون الحاجة لإرسال مسابير ومركبات فضائية إليها.
في النهاية، يعد تحضير الهيدروجين المعدني أمرًا صعبًا، وكل من يدعي تحضيره بنجاح سيواجه العديد من الأسئلة الصعبة ليتمكن من إثبات صحة تجربته. لذلك، كل ما بوسعنا الآن أن نأمل أن تكون هذه التجربة صحيحة، أو أن ننتظر المحاولات المستمرة الأخرى.
المصدر:ibelieveinsci