النفي إلى سيبيريا 1849–1854
رسم توضيحي تَخيُّلي لإعدام أعضاء مجموعة بيتراشيفسكي.
كانت رابطة بيتراشيفسكي مجموعَة مناقشة أدبيّة فكريّة تُناقش قضاياها المُعاصرة في ذلك الوقت بشكلٍ شبه سرّي. وضمن المجموعة مُهندسين وأطباء وكُتّاب ومعلمين وطُلّاب ومسؤولين حكوميين وضبّاطٍ في الجيش. وقد اختَلفوا في وجهات نظرهم السياسية، بيد أن مُعظَهم كانوا مُعارضين للاستبداد القيصري والعبودية الروسية. قام أعضاء المجموعة باستنكار وتنديد أفعال إيفان ليبراندي وهو مسؤول في وزارة الشؤون الدولية. وقد اتُهمِ دوستويفسكي بقراءة الكتب والأعمال المحظورة والمساعدة في نشرها وتعميمها، بالأخص كتاب بلنسكي رسالة إلى غوغول. وكيل الحكومة والرجل الذي كتب تقريراً عن المجموعة، ذكر في بيانِه أنهم دائماً ما ينتقدون السياسة الروسيّة والدين. وقد ردّ فيودور عن هذا الادّعاء بقولِه أنه كان يقرأ مقالاتٍ وحسب وهي تتحدّث عن الشخصيّة والأنانية البشرية بشكلٍ عام وليس عن السياسة. في النهاية اعتُقِلَ هو وأعضاء المجموعة المُتآمرون على حدّ وصف الحكومة في 23 أبريل/نيسان 1849 بناءً على طلب الكونت أ. أورلوف وأمر القيصر نيكولاي الأول خوفاً من تَبِعات ثورة 14 ديسبمر في روسيا وثورات الربيع الأوروبي عام 1848. وقد احتَجِزَ الأعضاء في معقل بيتر وبول والتي كانت بدورها تضمّ أخطَر المُدانين.[41][42][43]
استمرّت القضيّة محل تحقيق لأربع شهور من قبل لجنة تحقيق برئاسة القيصر مع الجنرال ايفان نابوكوف وعضو مجلس الشيوخ الكونت بافيل جاجارين والكونت فاسيلي دولجوروكوف والجنرال ياكوف روستوفتسيف ووالجنرال ليونتي دوبيلت رئيس الشرطة السرية. وحكموا على أعضاء المجموعة بالإعدام بإطلاق النار، وأُخِذَ السجناء إلى سيميونوف بلاس في سان بطرسبرغ لتنفيذ الحكم في 23 ديسمبر/كانون الأول 1849 حيث انقسموا إلى مجموعات من ثلاثة أفراد، وكان دوستويفسكي الثالث في الصف الثاني وبجانبه وقف بليششيف ودوروف جاهزين للإعدام. ولكن في آخر لحظة وقبل تنفيذ الحكم بحقهم صدر مرسوم قيصري يقضي باستبدال الإعدام بأربعة أعوام من الأعمال الشاقة في مقاطعة اومسك بسيبيريا.
خدم فيودور أربع سنين من السجن والأعمال الشاقة في معسكر سجن كاتورغا في أومسك في سيبيريا، تليها فترة الخدمة العسكرية الإلزامية. وبعد رحلة مدتها أربعة عشر يوماً وسط العواصف والثلوج، وصل السجناء إلى توبولسك المحطّة التي يرتاح فيها السُجناء، كانوا بائسين مُعدَمين، وحاول فيودور مواساتِهم، مثل إيفان ياسترزيمبسكي الذي فوجئ بطيبة دوستويفسكي وتخلى عن قراره بالانتحار. وفي توبولسك، تلقوا الأعضاء الطعام والملابس من النساء اللاتي كُنّ هناك، فضلاً عن عدة نسخ من العهد الجديد مع ورقة نقدية من عشرة روبل داخل كل نسخة. وبعد أحد عشر يوماً، وصل السجناء إلى أومسك وكان مع فيودور عضوٌ واحد من أعضاء رابطة بيتراشيفسكي هو الشاعر سيرغي دوروف.[42][44][45] بعد سنين شرح دوستويفسكي إلى أخيه المعاناة التي تعرض لها ووصف له الثكنات العسكرية المتداعية:[46]
«في الصيف، أجواء لا تطاق. في الشتاء، برد لايحتمل. كل الأرضيات كانت متعفّنه. القذاره على الأرض يصل ارتفاعها إلى بوصه -مايعادل 2.5 سنتمتر-. من السهل أن ينزلق الشخص ويقع ... كنا محزومون كالسردين في برميل ... لم يكن هناك مكان تذهب إليه ... من المغرب إلى الفجر، كان من المستحيل ان لا نتصرف كالخنازير ... البراغيث، القمل، الخنافس السوداء كانت متواجده بمكيال الحبوب ...»
وقد كانَ فيودور يُعتَبر من أخطر المُدانين، حيث كانت يديه وقدميه مقيدتين حتى تاريخ إعتاقه. ولم يسمح له إلا بقراءة كتاب العهد الجديد. وبالإضافة لنوبات الصرع التي كانت تأتيه، فقد أُصيبَ كذلك بالبواسير، وفقدان الوزن، وحمّى قوية. وكان رائحة المرحاض منتشرة بأرجاء المبنى، حيث كان هناك حمامٌ واحد يستخدمه أكثر من 200 شخص. كان فيودور يُنقَل للمشفى بين الحين والآخر حيث يتمكّن من قراءة الصحف الإخبارية وقراءة روايات ديكنز. وقد نال احترام معظم السجناء، واحتقار بعضهم الآخر بسبب تصريحات كراهيته للأجانب واليهود.
رسم توضيحي تَخيُّلي لإعدام أعضاء مجموعة بيتراشيفسكي.
كانت رابطة بيتراشيفسكي مجموعَة مناقشة أدبيّة فكريّة تُناقش قضاياها المُعاصرة في ذلك الوقت بشكلٍ شبه سرّي. وضمن المجموعة مُهندسين وأطباء وكُتّاب ومعلمين وطُلّاب ومسؤولين حكوميين وضبّاطٍ في الجيش. وقد اختَلفوا في وجهات نظرهم السياسية، بيد أن مُعظَهم كانوا مُعارضين للاستبداد القيصري والعبودية الروسية. قام أعضاء المجموعة باستنكار وتنديد أفعال إيفان ليبراندي وهو مسؤول في وزارة الشؤون الدولية. وقد اتُهمِ دوستويفسكي بقراءة الكتب والأعمال المحظورة والمساعدة في نشرها وتعميمها، بالأخص كتاب بلنسكي رسالة إلى غوغول. وكيل الحكومة والرجل الذي كتب تقريراً عن المجموعة، ذكر في بيانِه أنهم دائماً ما ينتقدون السياسة الروسيّة والدين. وقد ردّ فيودور عن هذا الادّعاء بقولِه أنه كان يقرأ مقالاتٍ وحسب وهي تتحدّث عن الشخصيّة والأنانية البشرية بشكلٍ عام وليس عن السياسة. في النهاية اعتُقِلَ هو وأعضاء المجموعة المُتآمرون على حدّ وصف الحكومة في 23 أبريل/نيسان 1849 بناءً على طلب الكونت أ. أورلوف وأمر القيصر نيكولاي الأول خوفاً من تَبِعات ثورة 14 ديسبمر في روسيا وثورات الربيع الأوروبي عام 1848. وقد احتَجِزَ الأعضاء في معقل بيتر وبول والتي كانت بدورها تضمّ أخطَر المُدانين.[41][42][43]
استمرّت القضيّة محل تحقيق لأربع شهور من قبل لجنة تحقيق برئاسة القيصر مع الجنرال ايفان نابوكوف وعضو مجلس الشيوخ الكونت بافيل جاجارين والكونت فاسيلي دولجوروكوف والجنرال ياكوف روستوفتسيف ووالجنرال ليونتي دوبيلت رئيس الشرطة السرية. وحكموا على أعضاء المجموعة بالإعدام بإطلاق النار، وأُخِذَ السجناء إلى سيميونوف بلاس في سان بطرسبرغ لتنفيذ الحكم في 23 ديسمبر/كانون الأول 1849 حيث انقسموا إلى مجموعات من ثلاثة أفراد، وكان دوستويفسكي الثالث في الصف الثاني وبجانبه وقف بليششيف ودوروف جاهزين للإعدام. ولكن في آخر لحظة وقبل تنفيذ الحكم بحقهم صدر مرسوم قيصري يقضي باستبدال الإعدام بأربعة أعوام من الأعمال الشاقة في مقاطعة اومسك بسيبيريا.
خدم فيودور أربع سنين من السجن والأعمال الشاقة في معسكر سجن كاتورغا في أومسك في سيبيريا، تليها فترة الخدمة العسكرية الإلزامية. وبعد رحلة مدتها أربعة عشر يوماً وسط العواصف والثلوج، وصل السجناء إلى توبولسك المحطّة التي يرتاح فيها السُجناء، كانوا بائسين مُعدَمين، وحاول فيودور مواساتِهم، مثل إيفان ياسترزيمبسكي الذي فوجئ بطيبة دوستويفسكي وتخلى عن قراره بالانتحار. وفي توبولسك، تلقوا الأعضاء الطعام والملابس من النساء اللاتي كُنّ هناك، فضلاً عن عدة نسخ من العهد الجديد مع ورقة نقدية من عشرة روبل داخل كل نسخة. وبعد أحد عشر يوماً، وصل السجناء إلى أومسك وكان مع فيودور عضوٌ واحد من أعضاء رابطة بيتراشيفسكي هو الشاعر سيرغي دوروف.[42][44][45] بعد سنين شرح دوستويفسكي إلى أخيه المعاناة التي تعرض لها ووصف له الثكنات العسكرية المتداعية:[46]
«في الصيف، أجواء لا تطاق. في الشتاء، برد لايحتمل. كل الأرضيات كانت متعفّنه. القذاره على الأرض يصل ارتفاعها إلى بوصه -مايعادل 2.5 سنتمتر-. من السهل أن ينزلق الشخص ويقع ... كنا محزومون كالسردين في برميل ... لم يكن هناك مكان تذهب إليه ... من المغرب إلى الفجر، كان من المستحيل ان لا نتصرف كالخنازير ... البراغيث، القمل، الخنافس السوداء كانت متواجده بمكيال الحبوب ...»
وقد كانَ فيودور يُعتَبر من أخطر المُدانين، حيث كانت يديه وقدميه مقيدتين حتى تاريخ إعتاقه. ولم يسمح له إلا بقراءة كتاب العهد الجديد. وبالإضافة لنوبات الصرع التي كانت تأتيه، فقد أُصيبَ كذلك بالبواسير، وفقدان الوزن، وحمّى قوية. وكان رائحة المرحاض منتشرة بأرجاء المبنى، حيث كان هناك حمامٌ واحد يستخدمه أكثر من 200 شخص. كان فيودور يُنقَل للمشفى بين الحين والآخر حيث يتمكّن من قراءة الصحف الإخبارية وقراءة روايات ديكنز. وقد نال احترام معظم السجناء، واحتقار بعضهم الآخر بسبب تصريحات كراهيته للأجانب واليهود.