الخريطة الوراثية
تُعد الهندسة الوراثية من المجالات العلميّة الصاعدة في وقتنا الحاضر، لما ألّمت به من استخداماتٍ مفيدةٍ في العديد من المجالات، وفي مقالنا هذا سنتطرّق إلى أحد المفاهيم الأساسية في الهندسة الوراثية، ألا وهو الخريطة الوراثية، فما هي الخريطة الوراثية؟ وما هي أنواعها وطريقة بنائها؟ كل ذلك سنتعرّف عليه في أسطر مقالنا هذا.
ما هي الخريطة الوراثية
الخريطة الوراثية أو الخريطة الجينية (بالإنكليزية Gene Mapping) هي علم تحديد وتوقع مواضع الجينات على جزيئة الدنا (DNA)، وقياس المسافات بين هذه الجينات (سواءً بواسطة وحدات الربط الجينية أو بواسطة الوحدات الفيزيائية التقليدية) في الكائنات المختلفة.
أحد الإنجازات المهمة للخارطة الجينية هو إثبات أن الأمراض التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء ترتبط بنوعٍ واحدٍ أو أكثر من الجينات الوراثية، كما ويمكّننا رسم الخريطة الوراثية من تحديد الكروموزوم (الصبغي وهي بُنى مايكروسكوبية خيطية الشكل، تتألف من جُزيء DNA كبيرة وملتفة) الذي يحمل ذلك الجين المُمرض وموقع هذا الجين على ذلك الصبغي.
كما ساعدتنا الخريطة الوراثية على اكتشاف الجينات المسؤولة عن بعض الأمراض الوراثية النادرة مثل الضمور العضلي في داء دوشين والتليّف الكيسي، كما ويأمل العلماء والباحثون بمساعدة مبادئ التخطيط الوراثي من الكشف عن الجينات المسؤولة عن الأمراض الشائعة مثل السكري والربو والسرطانات وغيرها.
عند اكتشاف جينٍ ما فإن الخريطة الوراثية الخاصة به تكون مجهولةً تمامًا، ومن خلال الفحوص والاختبارات والدراسة البيولوجية الوراثية له بإمكاننا تحديد وكشف لغز هذه الخرائط خطوة خطوة، كلعبة أحجية الصور التركيبية. وهنالك طريقتان أساسيتان لبناء الخرائط الوراثية، وسنستعرضها في فقرتنا التالية..
طرق بناء الخرائط
الوراثية
كما ذكرنا فإن هنالك طريقتين أساسيتين لبناء أي خريطةٍ وراثيةٍ، كلًّا من الطريقتين تسفر عن تحديد الموضع الدقيق للجينات على الصبغيات، إلّا أن كلًّا منهما تعتمدان على معلوماتٍ مختلفةٍ، وفيما سنوضّح الفرق بين هاتين الطريقتين في بناء الخريطة الوراثية:
التخطيط الجينيّ لرسم الخريطة الوراثية
يعتمد التخطيط الجيني على دراسة آلية توزّع الصفات الجينية – سواءً بين
الكروموزومات المختلفة أو بين الجينات ضمن الكروموزوم الواحد- على إثر عملية
الانقسام المنصف للخلية (وهي آلية تكاثر للخلايا، تُتنج عبرها الخلية أربع خلايا
جديدة تحمل نصف عدد صبغيات الخلية الأم).
التخطيط الجيني في أوائل
اكتشافه
وضع ألفريد ستيرتيفانت الخريطة الوراثية الأولى من نوعها، وذلك عام 1913م، حيث قال بأن الجينات تتوضّع على الصبغي بشكلٍ خطيٍّ (بما يشبه الخرزات في القلادة)، وأن ذلك التوزّع الخطي يعطي صفةً وراثيةً معيّنةً، كما وافترض أن دراسة عملية الانتقال (أو إعادة التوزّع) بين الصبغيات أثناء الانقسام الخلوي ستُساعدنا على تحديد موقع الجينات، ووصل إلى حقيقةٍ مفادها أن الجينات التي تقع على مسافاتٍ كبيرةٍ (نسبيًّا) في الصبغي الواحد يتم توريثها بشكلٍ منفصلٍ، وذلك بسبب وجود مسافةٍ كبيرةٍ يمكن لعبور الجينات أن تحدث ضمنها.
التخطيط الجيني في العصر
الحديث
بعد التطوّر الكبير في الهندسة الوراثية وطُرق الدراسة الجينية، تمكّن العلماء من الوصول إلى آليةٍ دقيقةٍ لوضع الخريطة الوراثية، وهي تعتمد على الدراسة الدقيقة لآليات انتقال الجينات وتواترها أثناء الانقسام، بمعنى دراسة عمليّات الانقسام بشكلٍ متكررٍ وتحديد الصفات التي تتبدّل، واستنتاج مواقع الجينات المسؤولة عن إظهار تلك الصفات.
وتعتمد آلية بناء الخريطة الوراثية في وقتنا الحاضر باختصار على أخذ عينةٍ من دمٍ أو نسيج فردٍ من العائلة الذي يُعاني من المرض الوراثي أو تظهر عليه بعض من صفاته، ومن ثم عزل جُزيئة الدنا من تلك العينة –باستخدام تقنية مخبرية خاصّة- ودراستها وتخطيط توزّع الجينات الذي يميّز تلك العينة عن عينةٍ أخرى مأخوذة من فردٍ سليمٍ من ذلك المرض الوراثي. وهذ التوزّع الخاص يُطلق عليه اسم الواسمات (Markers) وسنستعرضها في نهاية المقال.
لا تُحدّد الواسمات الجينات المرضية بعينها وإنما يقتصر دورها على إرشاد العلماء على موضع تلك الجينات في الصبغي المدروس..
التخطيط الفيزيائي لرسم الخريطة الوراثية
كما ذكرنا فإن التخطيط الوراثي الفيزيائي يعتمد على تقدير المسافة (الفيزيائية) بين تسلسلاتٍ جينيةٍ معروفة مسبقًا ضمن جُزيئة الـDNA. ويُعبّر عن هذه المسافة بين المتتاليات الجينية بعدد الجُزيئات الأساس المتزاوجة (النكليوتيدات) فيما بينها، وهنالك ثلاثة أنواعٍ مختلفة للتخطيط الفيزيائي لرسم الخريطة الوراثية، تتضمّن كلًّا من:
ما هي الواسمات الجينية
الواسمات هي عبارةٌ عن مواضع معيّنة على الصبغي تكون خاليةً من أي جيناتٍ، ولكن قد تتساءل كيف سترشدنا إلى مواقع الجينات إن كانت لا تحتوي أيًّا منها؟ حسنًا، يحتاج العلماء من أجل وضع الخريطة الوراثية لمرضٍ ما إلى تحديد المسافات الخالية من الجينات الخاصة بذلك المرض على الصبغي المُستهدف، وهنا يأتي دور الواسمات حيث تسمح دراسة هذه المناطق الخالية من الجينات وكيفية توزّعها، بتحديد المواضع الدقيقة للجينات، بمعرفة كمّ وصفات الواسمات التي تفصل بينها.
تُعد الهندسة الوراثية من المجالات العلميّة الصاعدة في وقتنا الحاضر، لما ألّمت به من استخداماتٍ مفيدةٍ في العديد من المجالات، وفي مقالنا هذا سنتطرّق إلى أحد المفاهيم الأساسية في الهندسة الوراثية، ألا وهو الخريطة الوراثية، فما هي الخريطة الوراثية؟ وما هي أنواعها وطريقة بنائها؟ كل ذلك سنتعرّف عليه في أسطر مقالنا هذا.
ما هي الخريطة الوراثية
الخريطة الوراثية أو الخريطة الجينية (بالإنكليزية Gene Mapping) هي علم تحديد وتوقع مواضع الجينات على جزيئة الدنا (DNA)، وقياس المسافات بين هذه الجينات (سواءً بواسطة وحدات الربط الجينية أو بواسطة الوحدات الفيزيائية التقليدية) في الكائنات المختلفة.
أحد الإنجازات المهمة للخارطة الجينية هو إثبات أن الأمراض التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء ترتبط بنوعٍ واحدٍ أو أكثر من الجينات الوراثية، كما ويمكّننا رسم الخريطة الوراثية من تحديد الكروموزوم (الصبغي وهي بُنى مايكروسكوبية خيطية الشكل، تتألف من جُزيء DNA كبيرة وملتفة) الذي يحمل ذلك الجين المُمرض وموقع هذا الجين على ذلك الصبغي.
كما ساعدتنا الخريطة الوراثية على اكتشاف الجينات المسؤولة عن بعض الأمراض الوراثية النادرة مثل الضمور العضلي في داء دوشين والتليّف الكيسي، كما ويأمل العلماء والباحثون بمساعدة مبادئ التخطيط الوراثي من الكشف عن الجينات المسؤولة عن الأمراض الشائعة مثل السكري والربو والسرطانات وغيرها.
عند اكتشاف جينٍ ما فإن الخريطة الوراثية الخاصة به تكون مجهولةً تمامًا، ومن خلال الفحوص والاختبارات والدراسة البيولوجية الوراثية له بإمكاننا تحديد وكشف لغز هذه الخرائط خطوة خطوة، كلعبة أحجية الصور التركيبية. وهنالك طريقتان أساسيتان لبناء الخرائط الوراثية، وسنستعرضها في فقرتنا التالية..
طرق بناء الخرائط
الوراثية
كما ذكرنا فإن هنالك طريقتين أساسيتين لبناء أي خريطةٍ وراثيةٍ، كلًّا من الطريقتين تسفر عن تحديد الموضع الدقيق للجينات على الصبغيات، إلّا أن كلًّا منهما تعتمدان على معلوماتٍ مختلفةٍ، وفيما سنوضّح الفرق بين هاتين الطريقتين في بناء الخريطة الوراثية:
التخطيط الجينيّ لرسم الخريطة الوراثية
يعتمد التخطيط الجيني على دراسة آلية توزّع الصفات الجينية – سواءً بين
الكروموزومات المختلفة أو بين الجينات ضمن الكروموزوم الواحد- على إثر عملية
الانقسام المنصف للخلية (وهي آلية تكاثر للخلايا، تُتنج عبرها الخلية أربع خلايا
جديدة تحمل نصف عدد صبغيات الخلية الأم).
التخطيط الجيني في أوائل
اكتشافه
وضع ألفريد ستيرتيفانت الخريطة الوراثية الأولى من نوعها، وذلك عام 1913م، حيث قال بأن الجينات تتوضّع على الصبغي بشكلٍ خطيٍّ (بما يشبه الخرزات في القلادة)، وأن ذلك التوزّع الخطي يعطي صفةً وراثيةً معيّنةً، كما وافترض أن دراسة عملية الانتقال (أو إعادة التوزّع) بين الصبغيات أثناء الانقسام الخلوي ستُساعدنا على تحديد موقع الجينات، ووصل إلى حقيقةٍ مفادها أن الجينات التي تقع على مسافاتٍ كبيرةٍ (نسبيًّا) في الصبغي الواحد يتم توريثها بشكلٍ منفصلٍ، وذلك بسبب وجود مسافةٍ كبيرةٍ يمكن لعبور الجينات أن تحدث ضمنها.
التخطيط الجيني في العصر
الحديث
بعد التطوّر الكبير في الهندسة الوراثية وطُرق الدراسة الجينية، تمكّن العلماء من الوصول إلى آليةٍ دقيقةٍ لوضع الخريطة الوراثية، وهي تعتمد على الدراسة الدقيقة لآليات انتقال الجينات وتواترها أثناء الانقسام، بمعنى دراسة عمليّات الانقسام بشكلٍ متكررٍ وتحديد الصفات التي تتبدّل، واستنتاج مواقع الجينات المسؤولة عن إظهار تلك الصفات.
وتعتمد آلية بناء الخريطة الوراثية في وقتنا الحاضر باختصار على أخذ عينةٍ من دمٍ أو نسيج فردٍ من العائلة الذي يُعاني من المرض الوراثي أو تظهر عليه بعض من صفاته، ومن ثم عزل جُزيئة الدنا من تلك العينة –باستخدام تقنية مخبرية خاصّة- ودراستها وتخطيط توزّع الجينات الذي يميّز تلك العينة عن عينةٍ أخرى مأخوذة من فردٍ سليمٍ من ذلك المرض الوراثي. وهذ التوزّع الخاص يُطلق عليه اسم الواسمات (Markers) وسنستعرضها في نهاية المقال.
لا تُحدّد الواسمات الجينات المرضية بعينها وإنما يقتصر دورها على إرشاد العلماء على موضع تلك الجينات في الصبغي المدروس..
التخطيط الفيزيائي لرسم الخريطة الوراثية
كما ذكرنا فإن التخطيط الوراثي الفيزيائي يعتمد على تقدير المسافة (الفيزيائية) بين تسلسلاتٍ جينيةٍ معروفة مسبقًا ضمن جُزيئة الـDNA. ويُعبّر عن هذه المسافة بين المتتاليات الجينية بعدد الجُزيئات الأساس المتزاوجة (النكليوتيدات) فيما بينها، وهنالك ثلاثة أنواعٍ مختلفة للتخطيط الفيزيائي لرسم الخريطة الوراثية، تتضمّن كلًّا من:
- تخطيط الحصر (Restriction mapping): وهي الآلية المُتبعة في أجهزة مسح البصمة وشبكية العين.
- التهجين الموضعي المتألق (fluorescent in situ hybridization) .
- تخطيط مقرات واسمات التسلسل (sequence tagged site) أو تخطيط STS..
ما هي الواسمات الجينية
الواسمات هي عبارةٌ عن مواضع معيّنة على الصبغي تكون خاليةً من أي جيناتٍ، ولكن قد تتساءل كيف سترشدنا إلى مواقع الجينات إن كانت لا تحتوي أيًّا منها؟ حسنًا، يحتاج العلماء من أجل وضع الخريطة الوراثية لمرضٍ ما إلى تحديد المسافات الخالية من الجينات الخاصة بذلك المرض على الصبغي المُستهدف، وهنا يأتي دور الواسمات حيث تسمح دراسة هذه المناطق الخالية من الجينات وكيفية توزّعها، بتحديد المواضع الدقيقة للجينات، بمعرفة كمّ وصفات الواسمات التي تفصل بينها.