تُعد عناصر اللانثانيدات من الجدول الدوري نادرة، ولا تحصل عناصر الأرض النادرة هذه على أيّ احترام، فتوضع في أسفل الجدول الدوري بأسماء يصعب لفظها (كالبراسيوديميوم والإتيربيوم)، ولا تحظى بالشعبية التي يمتلكها الأكسجين والنيتروجين والكربون وبقية عناصر الجزء العلوي من الجدول الدوري، فحتى عنصر الزركونيوم الذي يسخر منه الجميع لأنه يدخل في تركيب أكسيد الزركونيوم البلوري المستخدم في صناعة بديل يحاكي الألماس (ماتورا الألماس) ينال تقديرًا أكثر من عناصر الأرض النادرة.
ومن المثير للسخرية أن تلك العناصر غير المعروفة تشكل أشياء يستخدمها الناس يوميًا، ولا يمكننا العيش بدونها في الواقع، لأنها موجودة في الأجهزة الإلكترونية الحديثة مثل الهواتف المحمولة والحواسيب والآيبود وغيرها.
ما هي تلك العناصر إذن؟
يوجد 17 عنصرًا أرضيًا نادرًا تملك خصائص كيميائية متشابهة، وتشمل العناصر في سلسلة اللانثانيدات -أو المعروفة باسم عناصر السلسلة الانتقالية الداخلية- وهي (اللانثانيوم، والسيريوم، والبراسيديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والجادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والأربيوم، والثوليوم، والإتيربيوم واللوتيتيوم) إلى جانب الإيتريوم والسكانديوم المصنفة باسم العناصر الانتقالية، لكن بعض العلماء يستثنون عنصري الإيتريوم والسكانديوم بسبب اختلاف نظرتهم إلى درجة تقارب هذين العنصرين من اللانثانيدات.
اكتشف عالم الكيمياء كارل أكسل أرهينيوس عناصر الأرض النادرة عام 1787 بعد أن وجد صخرة غريبة الشكل سوداء ثقيلة في مقلع في إيتيربي في السويد، وأطلق عليها إسم إيتيربايت.
ليست هذه المعادن نادرة حقًا، فهي في الواقع منتشرة بكثرة على سطح الأرض، ولكنها تعد نادرة لأن انتشارها مبعثر بكميات قليلة في مختلف بقاع الأرض، بخلاف النحاس الموجود بشكل تجمعات، وبدقة أكثر، قد توجد هذه العناصر بتجمعات لكن مع عناصر نادرة أخرى، أي ليست بشكل نقي مفرد. ما يعني وجوب جمعها وفصلها إلى عناصرها الأساسية بعملية صعبة ومكلفة جدًا.
لم يكن العلماء متأكدين مما يجب عليهم فعله عند اكتشاف العناصر في البداية، فكانت تُعدّن معًا كمجموعة، وأُطلِق على هذا المزيج من العناصر اسم مشميتال.
بعد عقود من تفكير العلماء بهذه العناصر، أدركوا في النهاية إمكانياتها العظيمة، لامتلاكها خصائص مغناطيسية وموصلة رائعة، ما يسمح لنا بتقليص حجم أجهزتنا الإلكترونية. فيعود الفضل جزئيًا في المشغل المدمج -مثل جهاز الاستماع الأول (ووكمان Walkman) من شركة سوني في حقبة السبعينات- إلى احتواء مغناطيس صغير وقوي مصنوع من عنصر السماريوم. أما اليوم، فاستُبدلت المغانط المعتمدة على السماريوم بأخرى من عنصر النيوديميوم، وهي أصغر وأقوى ليظهر لنا جهاز الآيبود.
وتستخدم عناصر الأرض النادرة بكثرة في ساحات المعارك فهي تدخل في تصنيع كل شيء، ابتداءً من نظارات الرؤية الليلية وانتهاءً بالأسلحة دقيقة التوجيه.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية رائدة في معالجة عناصر الأرض النادرة سابقًا، أما الآن فالصين هي المهيمنة، إذ استفادت من الإعانات الحكومية في الثمانينيات والتسعينيات لتتمكن من إغراق السوق الدولية بهذه العناصر بسعر زهيد. ومع تزايد حاجة الصين إليها، توقفت عن بيع كميات كبيرة منها، ولهذا أصبحت دول العالم تعاني نقصًا فيها، ولكن الولايات المتحدة أعادت تشغيل منشأة الإنتاج السابقة، وقد تتمكن في النهاية مرة أخرى من تغطية استهلاكها الخاص من المعادن الأرضية النادرة.
العناصر النادرة: صديقة للبيئة؟ أم ليست كذلك؟
من الرائع تقليص أحجام ألعابنا وأجهزتنا الإلكترونية باستخدام تلك العناصر، لكن لها استخدامات أخرى أهم، خصيصًا فيما يتعلق بالبيئة. إذ تُستخدم في صناعة عدد كبير من الأدوات الصديقة للبيئة مثل السيارات الهجينة وأجهزة التحكم في تلوث الهواء، ومصابيح الإضاءة من نوع LED، وتوربينات الرياح.
وعلى وجه التحديد، تُستخدم المغانط المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة في توربينات الرياح والأجهزة المشابهة مثل المولدات، ما يجعلها قوية ومعززة بالطاقة، وخفيفة وفعالة في الوقت نفسه.
تُستخدم هذه العناصر أيضًا -وخاصة اللانثانيوم- في البطاريات القابلة لإعادة الشحن، التي تشغل كل شيء إبتداءً من أجهزة القراءة الإلكترونية الصغيرة إلى المركبات الهجينة الثقيلة كالسيارات وغيرها، فمثلًا، تحمل كل سيارة تويوتا بريوس نحو 4.5 كيلوغرام من اللانثانيوم في بطارية (نيكل-هيدريد فلز) إذ تشير كلمة فلز من الاسم إلى اللانثانيوم.
ولكن، ككل شيء في الحياة، عناصر الأرض النادرة ليست مثالية. إذ تحتوي جميع خامات العناصر النادرة على اليورانيوم والثوريوم، وهي عناصر مشعة تتحول إلى مخلفات عند تعدينها، ويجب التخلص منها بعناية. ويتطلب فصلها مواد كيميائية أكثر مما يتطلبه فصل المعادن الأساسية كالنحاس والزنك والرصاص، وهو أمر مضر للبيئة.
في الصين وفي أماكن أخرى، أدت القوانين المتساهلة والتعدين غير القانوني للمعادن الأرضية النادرة إلى تلوث الأرض والمياه وحتى تسمم السكان المحليين، وهذه مشكلة كبيرة.
تستهلك عملية التعدين الكثير من الطاقة أيضًا، وقد تتسبب في تدهور التربة السطحية وتآكلها. وأخيرًا، تُلقى العديد من الأدوات التقنية المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة في مكبات النفايات عندما لا تعود مفيدة، ولا يعرف الباحثون بعد إن كانت ستنبعث العناصر الأرضية النادرة مرة أخرى في البيئة بمرور الوقت، وما قد يعنيه ذلك لكوكبنا إذا انبعثت فيها من جديد.
ولكن في نهاية المطاف يستمر ازدياد إنتاج العناصر الأرضية النادرة، ما يشير إلى أن فوائدها البيئية والمجتمعية التي لا حصر لها تفوق التكاليف على الأقل إلى الآن، فلذلك يبدو أن هذه العناصر موجودة وباقية في مجال الصناعة، على الأقل حتى اكتشاف شيء أفضل لاستبدالها.
المصدر:ibelieveinsci
ومن المثير للسخرية أن تلك العناصر غير المعروفة تشكل أشياء يستخدمها الناس يوميًا، ولا يمكننا العيش بدونها في الواقع، لأنها موجودة في الأجهزة الإلكترونية الحديثة مثل الهواتف المحمولة والحواسيب والآيبود وغيرها.
ما هي تلك العناصر إذن؟
يوجد 17 عنصرًا أرضيًا نادرًا تملك خصائص كيميائية متشابهة، وتشمل العناصر في سلسلة اللانثانيدات -أو المعروفة باسم عناصر السلسلة الانتقالية الداخلية- وهي (اللانثانيوم، والسيريوم، والبراسيديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والجادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والأربيوم، والثوليوم، والإتيربيوم واللوتيتيوم) إلى جانب الإيتريوم والسكانديوم المصنفة باسم العناصر الانتقالية، لكن بعض العلماء يستثنون عنصري الإيتريوم والسكانديوم بسبب اختلاف نظرتهم إلى درجة تقارب هذين العنصرين من اللانثانيدات.
اكتشف عالم الكيمياء كارل أكسل أرهينيوس عناصر الأرض النادرة عام 1787 بعد أن وجد صخرة غريبة الشكل سوداء ثقيلة في مقلع في إيتيربي في السويد، وأطلق عليها إسم إيتيربايت.
ليست هذه المعادن نادرة حقًا، فهي في الواقع منتشرة بكثرة على سطح الأرض، ولكنها تعد نادرة لأن انتشارها مبعثر بكميات قليلة في مختلف بقاع الأرض، بخلاف النحاس الموجود بشكل تجمعات، وبدقة أكثر، قد توجد هذه العناصر بتجمعات لكن مع عناصر نادرة أخرى، أي ليست بشكل نقي مفرد. ما يعني وجوب جمعها وفصلها إلى عناصرها الأساسية بعملية صعبة ومكلفة جدًا.
لم يكن العلماء متأكدين مما يجب عليهم فعله عند اكتشاف العناصر في البداية، فكانت تُعدّن معًا كمجموعة، وأُطلِق على هذا المزيج من العناصر اسم مشميتال.
بعد عقود من تفكير العلماء بهذه العناصر، أدركوا في النهاية إمكانياتها العظيمة، لامتلاكها خصائص مغناطيسية وموصلة رائعة، ما يسمح لنا بتقليص حجم أجهزتنا الإلكترونية. فيعود الفضل جزئيًا في المشغل المدمج -مثل جهاز الاستماع الأول (ووكمان Walkman) من شركة سوني في حقبة السبعينات- إلى احتواء مغناطيس صغير وقوي مصنوع من عنصر السماريوم. أما اليوم، فاستُبدلت المغانط المعتمدة على السماريوم بأخرى من عنصر النيوديميوم، وهي أصغر وأقوى ليظهر لنا جهاز الآيبود.
وتستخدم عناصر الأرض النادرة بكثرة في ساحات المعارك فهي تدخل في تصنيع كل شيء، ابتداءً من نظارات الرؤية الليلية وانتهاءً بالأسلحة دقيقة التوجيه.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية رائدة في معالجة عناصر الأرض النادرة سابقًا، أما الآن فالصين هي المهيمنة، إذ استفادت من الإعانات الحكومية في الثمانينيات والتسعينيات لتتمكن من إغراق السوق الدولية بهذه العناصر بسعر زهيد. ومع تزايد حاجة الصين إليها، توقفت عن بيع كميات كبيرة منها، ولهذا أصبحت دول العالم تعاني نقصًا فيها، ولكن الولايات المتحدة أعادت تشغيل منشأة الإنتاج السابقة، وقد تتمكن في النهاية مرة أخرى من تغطية استهلاكها الخاص من المعادن الأرضية النادرة.
العناصر النادرة: صديقة للبيئة؟ أم ليست كذلك؟
من الرائع تقليص أحجام ألعابنا وأجهزتنا الإلكترونية باستخدام تلك العناصر، لكن لها استخدامات أخرى أهم، خصيصًا فيما يتعلق بالبيئة. إذ تُستخدم في صناعة عدد كبير من الأدوات الصديقة للبيئة مثل السيارات الهجينة وأجهزة التحكم في تلوث الهواء، ومصابيح الإضاءة من نوع LED، وتوربينات الرياح.
وعلى وجه التحديد، تُستخدم المغانط المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة في توربينات الرياح والأجهزة المشابهة مثل المولدات، ما يجعلها قوية ومعززة بالطاقة، وخفيفة وفعالة في الوقت نفسه.
تُستخدم هذه العناصر أيضًا -وخاصة اللانثانيوم- في البطاريات القابلة لإعادة الشحن، التي تشغل كل شيء إبتداءً من أجهزة القراءة الإلكترونية الصغيرة إلى المركبات الهجينة الثقيلة كالسيارات وغيرها، فمثلًا، تحمل كل سيارة تويوتا بريوس نحو 4.5 كيلوغرام من اللانثانيوم في بطارية (نيكل-هيدريد فلز) إذ تشير كلمة فلز من الاسم إلى اللانثانيوم.
ولكن، ككل شيء في الحياة، عناصر الأرض النادرة ليست مثالية. إذ تحتوي جميع خامات العناصر النادرة على اليورانيوم والثوريوم، وهي عناصر مشعة تتحول إلى مخلفات عند تعدينها، ويجب التخلص منها بعناية. ويتطلب فصلها مواد كيميائية أكثر مما يتطلبه فصل المعادن الأساسية كالنحاس والزنك والرصاص، وهو أمر مضر للبيئة.
في الصين وفي أماكن أخرى، أدت القوانين المتساهلة والتعدين غير القانوني للمعادن الأرضية النادرة إلى تلوث الأرض والمياه وحتى تسمم السكان المحليين، وهذه مشكلة كبيرة.
تستهلك عملية التعدين الكثير من الطاقة أيضًا، وقد تتسبب في تدهور التربة السطحية وتآكلها. وأخيرًا، تُلقى العديد من الأدوات التقنية المصنوعة من العناصر الأرضية النادرة في مكبات النفايات عندما لا تعود مفيدة، ولا يعرف الباحثون بعد إن كانت ستنبعث العناصر الأرضية النادرة مرة أخرى في البيئة بمرور الوقت، وما قد يعنيه ذلك لكوكبنا إذا انبعثت فيها من جديد.
ولكن في نهاية المطاف يستمر ازدياد إنتاج العناصر الأرضية النادرة، ما يشير إلى أن فوائدها البيئية والمجتمعية التي لا حصر لها تفوق التكاليف على الأقل إلى الآن، فلذلك يبدو أن هذه العناصر موجودة وباقية في مجال الصناعة، على الأقل حتى اكتشاف شيء أفضل لاستبدالها.
المصدر:ibelieveinsci