إذا كان هاتفك أو حاسوبك المحمول يتعرض للأعطال دائمًا فربما تكون الأشعة الكونية هي السبب. تعطل الحواسيب من الأشياء السيئة حقًا، ولكن قبل إلقاء اللوم على الشركات الصانعة، ألق نظرة على النجوم، فربما تكون هي الفاعل
عندما يتوقف هاتفك المحمول على نحو مفاجئ، أو يتعطل الحاسوب مُظهرًا شاشة الموت الزرقاء المعروفة، فتجد في لوم الشركة الصانعة ما يعود عليك ببعض الرضا، أو قد تلقي اللوم على نفسك متسائلًا عما إذا كنت قد أفسدت النظام بالخطأ. لكن المفاجأة أن الأشعة الكونية المتناثرة في أرجاء الكون قد تكون الفاعل.
قد يبدو ذلك جنونيًا، نظرًا إلى كونك لم تتخطَ حدود كوكب الأرض مطلقًا، لكن تذكر أن لدى البشرية الكثير من الأجهزة التي سُخِّرت لرصد الجسيمات فوق الذرية النشطة التي تصل باستمرار من الشمس والأجسام البعيدة. مع أن الغلاف الجوي للأرض يوفر لنا وقاية من الأشعة الكونية الضارة، فما زال بإمكان الكثير من الجسيمات الذرية اختراق الغلاف الجوي، لتعيث فسادًا بالأجهزة الإلكترونية عبر إحداث بعض التغيرات في الأجزاء الفردية المسؤولة عن تخزين البيانات في ذاكرة الأجهزة. قد ينتج عن هذا عطل يسمى «اضطراب الحدث الواحد SEU ». وفقًا للباحثين من جامعة فاندربيلت والقائمين على تحري الأمر، فإن زيادة اعتمادنا على الأجهزة الإلكترونية واستخدام رقاقات أصغر لصناعة أجهزة حاسوب أكثر فاعلية، يجعلنا أكثر عرضة لتداخلات الأشعة الكونية.
ملحوظة: يحدث العطل SEU بسبب جسيم مؤين واحد (إلكترون أو فوتون…) يؤثر في الأجزاء متناهية الصغر في الأجهزة الإلكترونية.
قال بهارت بوفا، أستاذ هندسة الحواسيب والأجهزة الكهربائية التابع لجامعة فاندربيلت، وعضو في مجموعة البحث عن التأثيرات الإشعاعية: «إنه من الصعب إقناع العامة بأن أسباب تعطل هواتفهم المحمولة أو حواسيبهم قد يؤول إلى اضطرابات تسببت بها جسيمات قادمة من الفضاء الخارجي. يلقي معظم الناس اللوم على أخطاء قد تتسبب بها برمجيات الحاسوب أو عتاده، وقد يرجع السبب إليها بالفعل في معظم الحالات، لكن ازدادت احتمالية حدوث اضطراب الحدث الواحد SEU مع ازدياد الأجهزة الإلكترونية وازدياد تعرض سطح الأرض للجسيمات المشحونة».
أضاف بوفا المشارك مؤخرًا بالاجتماع السنوي حول تأثيرات الأشعة الكونية على الأجهزة الإلكترونية الذي تقيمه الرابطة الأمريكية للعلوم المتقدمة في بوسطن: «لا تمثل مشكلات SEU ضررًا كبيرًا للأشخاص العاديين، إذ لا يتسبب لهم الأمر بمشكلات دائمة، فعند إعادة تشغيل الجهازعادةً ما تُحل المشكلة، لكن تتجلى المشكلة الحقيقية في الأجهزة الإلكترونية التي لا ينقطع استخدامها، مثل الأجهزة الإلكترونية المتحكمة في المرفقات العامة أو المتحكمة في شبكات حواسيب الأنظمة المالية، والأجهزة الطبية التي يلزم استخدامها على نحو غير منقطع لإنقاذ حياة المرضى».
تمثل مشكلات SEU في الأنظمة الإلكترونية الحالية للطيران خطرًا أكثر ذعرًا. بالعودة إلى عام 2008، كانت إحدى الطائرات تقلع من مطار سنغافورة إلى استراليا، وأحدث اضطراب SEU عطلًا مفاجئًا في الطيار الآلي ما جعل الطائرة تأخذ منعطفًا مفاجئًا نتج عنه إصابة 199 راكبًا.
ليس ذلك فحسب، بل تسببت اضطرابات SEU بإحداث خلل في أنظمة الانتخاب، استشهد فريق بوفا بحالة الانتخابات المحلية لبلدية شيربيك عام 2003، إذ تسببت اضطرابات SEU في زيادة الأصوات الانتخابية 4096 صوتًا لأحد المرشحين.
من الأشياء التي تربكنا حول انبعاثات الجسيمات المتسببة في SEU أنه من الصعب تحديد إذا كانت الجسيمات هي من تسببت بالاضطراب حقًا. بدلًا من ذلك استخدم الباحثون نماذج محاكاة لتوقّع كم مرة يمكن حدوث SEA خلال مدة زمنية معينة. على سبيل المثال أجرى باحثون من جامعة فاندربيلت دراسةً مستعينين بمعمل ألانوس الوطني، حيث عرَّضوا رقائق الحاسوب الآلي إلى أشعة نيوترون لإنتاج التأثير نفسه الذي تحدثه الأشعة الكونية.
لكن في عالم تزداد فيه الحاجة إلى اتصال الأشياء بالإنترنت بدءًا من الثلاجات ووصولًا إلى السيارات، فإن ذلك يزيد من تعرضنا المستمر للمشكلات الحادثة نتيجة للأشعة الكونية، وفقًا لما ذكره بوفا: «إن المشكلة ستزداد مع الحاجة إلى زيادة اتصالات الأشياء بالإنترنت، بسبب عدد الأجهزة المستعملة. تُعد مسألة اضطرابات SEU مسألة احتماليات، فكلما زاد عدد الأجهزة المستخدمة تزداد معها احتمالية تعرض أحدها للأشعة الكونية، متسببةً في اضطرابSEU».
حسنًا، هل يمكن حل تلك المشكلة؟ لحسن الحظ يمكننا صنع دوائر ورقائق إلكترونية تعمل على تقليل احتمالية الإصابة بالاضطراباتSEU ، وتلك التقنيات موجودة في أنظمة المرافق الحرجة. لكن من الصعب تطبيقها على الأجهزة الإلكترونية لدى عامة المستهلكين.
يقول بوفا: «لصناعة تكنولوجيا تعمل على تقليل مخاطر SEU فإننا بحاجة إلى تحسين الأداء والمحافظة في الوقت نفسه على السرعة والطاقة، إذ يجب على المصممين الموازنة بين كفاءة الأداء وتكلفته والالتزام بهدفنا في تقليل مخاطرSEU . تمكّن أحدهم من صناعة هاتف مضاد لاضطرابات SEU ولكن في المقابل سيعمل على استهلاك طاقة أعلى، ومن ثمَّ سيقلل ذلك من أداء البطارية، وعليه يجب شحنها على نحو متكرر».
لهذا فإننا في انتظار شخص ما ليأتي بحلول أفضل لابتكار طريقة تحمي أجهزة المستخدمين من الأشعة الكونية، ربما يكون الخلل الحادث في الهواتف المحمولة والشاشة الزرقاء التي تعتري الحواسيب المحمولة أشياء يسيرة يمكننا التعايش معها بحلول فورية، ولكن على الاقل علينا معرفة السبب وراءها عوضًا عن لوم الجهات التي لا علاقة لها.
ملحوظة الكاتب: «المثير هنا أنه وفقًا لما ذكره بوفا فإن تحلل المواد المشعة داخل الهواتف والحواسيب المحمولة، مثل المواد المغلفة للدوائر المدمجة التي تبعث جسيمات ألفا، قد تتسبب كذلك في اضطرابات SEU».
المصدر:ibelieveinsci
عندما يتوقف هاتفك المحمول على نحو مفاجئ، أو يتعطل الحاسوب مُظهرًا شاشة الموت الزرقاء المعروفة، فتجد في لوم الشركة الصانعة ما يعود عليك ببعض الرضا، أو قد تلقي اللوم على نفسك متسائلًا عما إذا كنت قد أفسدت النظام بالخطأ. لكن المفاجأة أن الأشعة الكونية المتناثرة في أرجاء الكون قد تكون الفاعل.
قد يبدو ذلك جنونيًا، نظرًا إلى كونك لم تتخطَ حدود كوكب الأرض مطلقًا، لكن تذكر أن لدى البشرية الكثير من الأجهزة التي سُخِّرت لرصد الجسيمات فوق الذرية النشطة التي تصل باستمرار من الشمس والأجسام البعيدة. مع أن الغلاف الجوي للأرض يوفر لنا وقاية من الأشعة الكونية الضارة، فما زال بإمكان الكثير من الجسيمات الذرية اختراق الغلاف الجوي، لتعيث فسادًا بالأجهزة الإلكترونية عبر إحداث بعض التغيرات في الأجزاء الفردية المسؤولة عن تخزين البيانات في ذاكرة الأجهزة. قد ينتج عن هذا عطل يسمى «اضطراب الحدث الواحد SEU ». وفقًا للباحثين من جامعة فاندربيلت والقائمين على تحري الأمر، فإن زيادة اعتمادنا على الأجهزة الإلكترونية واستخدام رقاقات أصغر لصناعة أجهزة حاسوب أكثر فاعلية، يجعلنا أكثر عرضة لتداخلات الأشعة الكونية.
ملحوظة: يحدث العطل SEU بسبب جسيم مؤين واحد (إلكترون أو فوتون…) يؤثر في الأجزاء متناهية الصغر في الأجهزة الإلكترونية.
قال بهارت بوفا، أستاذ هندسة الحواسيب والأجهزة الكهربائية التابع لجامعة فاندربيلت، وعضو في مجموعة البحث عن التأثيرات الإشعاعية: «إنه من الصعب إقناع العامة بأن أسباب تعطل هواتفهم المحمولة أو حواسيبهم قد يؤول إلى اضطرابات تسببت بها جسيمات قادمة من الفضاء الخارجي. يلقي معظم الناس اللوم على أخطاء قد تتسبب بها برمجيات الحاسوب أو عتاده، وقد يرجع السبب إليها بالفعل في معظم الحالات، لكن ازدادت احتمالية حدوث اضطراب الحدث الواحد SEU مع ازدياد الأجهزة الإلكترونية وازدياد تعرض سطح الأرض للجسيمات المشحونة».
أضاف بوفا المشارك مؤخرًا بالاجتماع السنوي حول تأثيرات الأشعة الكونية على الأجهزة الإلكترونية الذي تقيمه الرابطة الأمريكية للعلوم المتقدمة في بوسطن: «لا تمثل مشكلات SEU ضررًا كبيرًا للأشخاص العاديين، إذ لا يتسبب لهم الأمر بمشكلات دائمة، فعند إعادة تشغيل الجهازعادةً ما تُحل المشكلة، لكن تتجلى المشكلة الحقيقية في الأجهزة الإلكترونية التي لا ينقطع استخدامها، مثل الأجهزة الإلكترونية المتحكمة في المرفقات العامة أو المتحكمة في شبكات حواسيب الأنظمة المالية، والأجهزة الطبية التي يلزم استخدامها على نحو غير منقطع لإنقاذ حياة المرضى».
تمثل مشكلات SEU في الأنظمة الإلكترونية الحالية للطيران خطرًا أكثر ذعرًا. بالعودة إلى عام 2008، كانت إحدى الطائرات تقلع من مطار سنغافورة إلى استراليا، وأحدث اضطراب SEU عطلًا مفاجئًا في الطيار الآلي ما جعل الطائرة تأخذ منعطفًا مفاجئًا نتج عنه إصابة 199 راكبًا.
ليس ذلك فحسب، بل تسببت اضطرابات SEU بإحداث خلل في أنظمة الانتخاب، استشهد فريق بوفا بحالة الانتخابات المحلية لبلدية شيربيك عام 2003، إذ تسببت اضطرابات SEU في زيادة الأصوات الانتخابية 4096 صوتًا لأحد المرشحين.
من الأشياء التي تربكنا حول انبعاثات الجسيمات المتسببة في SEU أنه من الصعب تحديد إذا كانت الجسيمات هي من تسببت بالاضطراب حقًا. بدلًا من ذلك استخدم الباحثون نماذج محاكاة لتوقّع كم مرة يمكن حدوث SEA خلال مدة زمنية معينة. على سبيل المثال أجرى باحثون من جامعة فاندربيلت دراسةً مستعينين بمعمل ألانوس الوطني، حيث عرَّضوا رقائق الحاسوب الآلي إلى أشعة نيوترون لإنتاج التأثير نفسه الذي تحدثه الأشعة الكونية.
لكن في عالم تزداد فيه الحاجة إلى اتصال الأشياء بالإنترنت بدءًا من الثلاجات ووصولًا إلى السيارات، فإن ذلك يزيد من تعرضنا المستمر للمشكلات الحادثة نتيجة للأشعة الكونية، وفقًا لما ذكره بوفا: «إن المشكلة ستزداد مع الحاجة إلى زيادة اتصالات الأشياء بالإنترنت، بسبب عدد الأجهزة المستعملة. تُعد مسألة اضطرابات SEU مسألة احتماليات، فكلما زاد عدد الأجهزة المستخدمة تزداد معها احتمالية تعرض أحدها للأشعة الكونية، متسببةً في اضطرابSEU».
حسنًا، هل يمكن حل تلك المشكلة؟ لحسن الحظ يمكننا صنع دوائر ورقائق إلكترونية تعمل على تقليل احتمالية الإصابة بالاضطراباتSEU ، وتلك التقنيات موجودة في أنظمة المرافق الحرجة. لكن من الصعب تطبيقها على الأجهزة الإلكترونية لدى عامة المستهلكين.
يقول بوفا: «لصناعة تكنولوجيا تعمل على تقليل مخاطر SEU فإننا بحاجة إلى تحسين الأداء والمحافظة في الوقت نفسه على السرعة والطاقة، إذ يجب على المصممين الموازنة بين كفاءة الأداء وتكلفته والالتزام بهدفنا في تقليل مخاطرSEU . تمكّن أحدهم من صناعة هاتف مضاد لاضطرابات SEU ولكن في المقابل سيعمل على استهلاك طاقة أعلى، ومن ثمَّ سيقلل ذلك من أداء البطارية، وعليه يجب شحنها على نحو متكرر».
لهذا فإننا في انتظار شخص ما ليأتي بحلول أفضل لابتكار طريقة تحمي أجهزة المستخدمين من الأشعة الكونية، ربما يكون الخلل الحادث في الهواتف المحمولة والشاشة الزرقاء التي تعتري الحواسيب المحمولة أشياء يسيرة يمكننا التعايش معها بحلول فورية، ولكن على الاقل علينا معرفة السبب وراءها عوضًا عن لوم الجهات التي لا علاقة لها.
ملحوظة الكاتب: «المثير هنا أنه وفقًا لما ذكره بوفا فإن تحلل المواد المشعة داخل الهواتف والحواسيب المحمولة، مثل المواد المغلفة للدوائر المدمجة التي تبعث جسيمات ألفا، قد تتسبب كذلك في اضطرابات SEU».
المصدر:ibelieveinsci