الحرفي "محمود أنيس".. النحاس صديقي منذ عشرين عاماً
- محمد درويش
حلب
ليست مجرد طرقات عشوائية تخرج من دكانه الصغير، إنها طرقات إزميل حرفي ماهر توحي لسامعنا أنه يستمع إلى سيمفونية موسيقية عذبة، لتنتهي في نهاية المطاف بلوحة نحاسية متقنة غاية بالدقة والروعة والجمال، في سوق "النحاسين" التحتاني بـ"حلب" وفي محله المتواضع الممتلئ بالتحف و اللوحات والأدوات النحاسية الجميلة...
eِAleppo التقى النحّاس الحرفي "محمود أنيس" أثناء عمله بقطعة نحاسية كبيرة، فحدثنا أولا عن مهنته و عمله وعلاقته مع معدن النحاس فقال: «بدأت العمل بالنحاس منذ حوالي عشرين عاماً هنا في هذا السوق، وقد بدأت أول الأمر أعمل كأجير، ثم صانع ثم تطورت و أصبحت معلم في الصنعة وبعدها اشتريت محلا و أصبحت صاحب محل لبيع وتصنيع و تصليح النحاس، خلال هذه السنوات العشرين تأقلمت مع معدن النحاس وأصبحت أفهم ميزاته و خصائصه وتعلمت كيفية تطويعه ليخرج من بين أصابعي لوحات و أوانٍ نحاسية رائعة،وقد تأقلمت معه وتأقلم معي وها قد أمضينا مع بعضنا أكثر من عشرين عاماً من الصداقة».
يتميز معدن النحاس بأنه معدن طري أكثر من الحديد و لذلك فإنه قابل للزخرفة و التشكيل أكثر من باقي المعادن، وللنحاس نوعين النحاس الأصفر والنحاس الأحمر، ويفضله الناس نظراً لارتباطه بحياتهم منذ القديم، فلا يكاد يخلو بيت من الأدوات و الأواني النحاسية الجميلة, وكان النحاس سابقاً يستعمل في صنع الأدوات المعدة للطعام والشراب, أما في وقتنا الحالي فالجميع تقريباً يستعملونه كديكور أو مناظر جميلة
معدن النحاس معدن يتميز بميزات عديدة جعلته من أكثر المعادن التي عاصرت الإنسان منذ قرون عديدة،عن معدن النحاس وميزاته تابع "محمود أنيس" حديثه لـ eِAleppo قائلاً: «يتميز معدن النحاس بأنه معدن طري أكثر من الحديد و لذلك فإنه قابل للزخرفة و التشكيل أكثر من باقي المعادن، وللنحاس نوعين النحاس الأصفر والنحاس الأحمر، ويفضله الناس نظراً لارتباطه بحياتهم منذ القديم، فلا يكاد يخلو بيت من الأدوات و الأواني النحاسية الجميلة, وكان النحاس سابقاً يستعمل في صنع الأدوات المعدة للطعام والشراب, أما في وقتنا الحالي فالجميع تقريباً يستعملونه كديكور أو مناظر جميلة».
نقوش يدوية غاية في الدقة والإتقان
دخلنا محله وكان يعمل بلوحة نحاسية كبيرة منقوشة بنقوش جميلة،ولدى استفسارنا عن هذه القطعة النحاسية الكبيرة قال الحرفي "محمود أنيس":«أنا أعمل الآن في قطعتين نحاسيتين كبيرتين ستكونان عبارة عن باب منزل،حيث ستركبان على زوايا حديدية مزخرفة بزخارف حديدية جميلة،وقد أنهيت تقريباً القطعة الأولى وها أنا أعمل في القطعة الثانية ،حيث ستصبح هذه القطعة صورة طبق الأصل عن هذه القطعة الموضوعة في زاوية المحل، وهاتان القطعتان هما عبارة عن قطعتي نحاس نقشنا في وسطهما صورة نخلة تحيط بها نقوش جميلة، وكل النقوش و الرسم هو عبارة عن رسم وعمل يدوي أصنعه هنا في المحل،بالنسبة للعمل في اللوحتين فالعمل بهما يتطلب وقتاً ودقة و مراحل كثيرة،ولا يستطيع أي نحاس صنع مثل هاتين اللوحتين فالنقوش التي أنقشها غاية في الدقة والروعة والإتقان،فبعد انتهاء كل مرحلة من مراحل النقش نقوم بتحمية القطعة بالنار لكي تعطيها بعض الطراوة فنتيجة الطرق والزخرفة يفقد النحاس شيئاً من مرونته و طراوته,ثم نطرقها من الخلف فوق النقش لكي ينفر النقش نحو الخارج بينما تبقى باقي أجزاء اللوحة مستوية,ما يعطي للوحة مزيداً من الجمال و الروعة,بالنسبة للنقوش فكلها أنقشها هنا في محلي و أحياناً أستخدم كتب خاصة بالنقوش فأرسم الصورة كما هي في الكتاب,حيث نقوم بتصوير الصفحة وتكبيرها بواسطة الكومبيوتر ثم نضعها على قطعة النحاس ونبدأ بطرقها ونقشها».
يستعمل النحاس في صناعته أدوات بسيطة بشكلها و مبدئها و صناعتها,لكنها تنتج أشكال و زخارف قد يصعب في كثير من الأحيان أن يصدق الإنسان أنها نقشت بواسطة هذه الأدوات,عن الأدوات التي يستعملها النحاس في صناعته قال "محمود أنيس" من أهم أدواتنا هي (القرمة) وهي عبارة عن قطعة ضخمة من جزع شجرة،يوضع في وسطها ميل حديدي قوي يستخرج من السيارات الكبيرة نضع قطعة النحاس المراد العمل بها عليه,هذا بالإضافة إلى الأزاميل الصغيرة و المطارق و المناشير الحديدية و جهاز تحمية النحاس و أدوات تلميع و تعتيق النحاس».
الحرفي محمود أنيس
سوق "النحاسين" من الأسواق القديمة جداً التي تقع خارج أسوار المدينة القديمة،عن تاريخ سوق "النحاسين" وانتقال هذه الصناعة إليه، قال "محمود أنيس": «الذي أعرفه أن سوق "النحاسين" قديم جداً في المنطقة ويعود تاريخه إلى أكثر من /600/عام،وقد كان سوقاً مزدهراً جداً في السابق, وأسمع من النحاسين هنا أن هذه الصناعة انتقلت إلى "حلب" عن طريق "الأرمن" الذين نقلوها إلى هنا, وما زالت هذه الصناعة قائمة حتى الآن, لكن بشكل عام بدأت هذه الصناعة تتضاءل شيئاً فشيئاً نظراً لاتجاه الناس في يومنا هذا إلى اقتناء الأدوات و الأواني البلورية الحديثة ذات المنظر البراق و الجميل, لكن من يعرف النحاس لا يستبدله بآخر, فالنحاس يحفظ الحرارة والبرودة, وسابقاً كان هناك مثل قديم يتداوله الناس يقول(النحاس وبنت الناس خدامين ببلاش) وهو يدل على الفوائد الكثيرة التي يقدمها النحاس و على مدى ارتباطه بحياة الناس».
يذكر أن سوق "النحاسين" بـ"حلب" يقع إلى الشمال من "قلعة حلب" ويبعد عنها مسافة تقدر بحوالي/500متر/,ويقسم إلى قسمين, سوق النحاسين الفوقاني وسوق النحاسين التحتاني, ويتم في هذا السوق تصنيع و تصليح وتلميع وبيع وشراء كافة الأدوات النحاسية...