وُلد إيمانويل ليفيناس في 30 ديسمبر 1905 في كاوناس- ليتوانيا، وتوفي في 25 ديسمبر 1995 في العاصمة الفرنسية باريس، فيلسوف فرنسي ليتواني الأصل، اشتهر بنقده اللاذع لتفوق الأنطولوجيا، وهي الدراسة الفلسفية لعلم الوجود في تاريخ الفلسفة الغربية، لا سيما في أعمال الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر (1889-1976).
بدأ ليفيناس دراسة الفلسفة عام 1923 في جامعة ستراسبورج. وقد أمضى العام الدراسي 1928-1929 في جامعة فرايبورج، حيث حاضر إدموند هوسرل (1859-1938) وهايدجر.
درّس ليفيناس في المدرسة النورمالية الإسرائيلية الشرقية ENIO في باريس، بعد أن أكمل أطروحة الدكتوراه في معهد فرنسا عام 1928، وهي مدرسة الطلاب اليهود والتحالف الإسرائيلي العالمي، التي هدفت إلى بناء جسور بين التقاليد الفكرية الفرنسية واليهودية. خدم ضابطًا في الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية، أسرته القوات الألمانية سنة 1940 وقضى السنوات الخمس التالية في معسكر لأسرى الحرب. عُيَّن مديرًا للمدرسة النورمالية الإسرائيلية الشرقية بعد الحرب حتى 1961، حصل على أول منصب أكاديمي له في جامعة بواتييه، ثم درّس في جامعة باريس في نانتير (1967-1973) والسوربون (1973-1978).
عمل إيمانويل ليفيناس على فكرة أساسية بعد الحرب العالمية الثانية، هي المكانة التقليدية لعلم الوجود بوصفه الفلسفة الأولى أو التهذيب الفلسفي الرئيس. وفقًا لليفيناس، تحاول الأنطولوجيا بطبيعتها إنشاء كلية يُختزل فيها الآخر أو كل ما هو مختلف. هذه الرغبة في الشمولية، هو مظهر أساسي من مظاهر العقل الآلي أو المؤتمت، وهو استخدام العقل أداةً لتحديد أكثر الوسائل فعالية لتحقيق غاية معينة.
باحتضانها العقل الآلي تُظهر الفلسفة الغربية إرادتها للهيمنة المدمرة والموضوعية. ولأن العقل الآلي لا يحدد الغايات التي يستعملها، فقد تُستخدم في السعي وراء أهداف مدمرة أو شريرة. وبهذا المعنى، كانت مسؤولة عن الأزمات الكبرى في أوروبا في القرن العشرين، وفي ظهور الشمولية خاصةً. إن محاولة هايدجر لتطوير وجودية أساسية جديدة، من شأنها أن تجيب عن سؤال معنى الوجود هي محاولة مضللة، لأنها لا تزال تعكس التوجه المهيمن والمدمّر للفلسفة الغربية عمومًا.
يدعي ليفيناس أن الأنطولوجيا تُظهر أيضًا تحيزًا تجاه الإدراك والعقل النظري البحت، وهو استخدام العقل في تشكيل الأحكام أو المعتقدات. وفي هذا الصدد، تُعد الأنطولوجيا أدنى مرتبةً من الأخلاق في الناحية الفلسفية، وهو مجال يفسره ليفيناس بأنه يشمل جميع العلاقات العملية للبشر فيما بينهم. يؤكد ليفيناس أن أسبقية الأخلاق على الأنطولوجيا تُشرَّع بواسطة وجه الآخر.
إن غيرية الآخر كما يدل عليها الوجه هي شيء يقر به الشخص قبل استخدام الأسباب لتشكيل أحكام أو معتقدات عن الآخر. وبقدر ما لا يمكن أبدًا الوفاء بالدَيْن الأخلاقي الذي يدين به المرء للآخر، يدعي ليفيناس أن الآخر متسامٍ بلا حدود، دخيل بلا حدود، فعلاقة الفرد به هي علاقة اللا نهاية. في المقابل، ونظرًا إلى أن الأنطولوجيا تتعامل مع الآخر بوصفه موضوعًا للأحكام الصادرة عن العقل النظري البحت، فإنها تتعامل معه بوصفه كائنًا محدودًا، ومن ثم فإن علاقتها بالآخر هي علاقة كاملة.
مع أن بعض العلماء وصفوا مشروع ليفيناس الفلسفي بأنه محاولة لترجمة العبرية إلى اليونانية، أي لتهيئة تكوين التقليد اليهودي الأخلاقي للتوحيد بلغة الفلسفة الأولى، كان بعيدًا نسبيًّا عن تعقيدات الفكر اليهودي، وقد انغمس في منتصف عمره في تعلم اليهودية، وكان يبحث عن مضمون الهوية اليهودية في النفي والتشتت، وقد بحث أيضًا عن علاج لأوجه الخلل الجلي لتيار الفلسفة الغربية مع توجيهها نحو العقل النظري واليقين المطلق.
في أواخر أربعينيات القرن الماضي، درس إيمانويل ليفيناس التلمود في باريس تحت اسم مستعار. ظهرت تأملات ليفيناس رسميًا حول الفكر اليهودي لأول مرة في مجموعة من المقالات نُشرت عام 1963 تحت عنوان «الحرية الصعبة». كان يبحث في تفسيراته للتلمود عما سماه: الحكمة الأقدم من الوجود الظاهر، وهي الحكمة التي لا يمكن دونها إيجاد الرسالة الخفيّة في أعماق لغز النص.
المصدر:ibelieveinsci
بدأ ليفيناس دراسة الفلسفة عام 1923 في جامعة ستراسبورج. وقد أمضى العام الدراسي 1928-1929 في جامعة فرايبورج، حيث حاضر إدموند هوسرل (1859-1938) وهايدجر.
درّس ليفيناس في المدرسة النورمالية الإسرائيلية الشرقية ENIO في باريس، بعد أن أكمل أطروحة الدكتوراه في معهد فرنسا عام 1928، وهي مدرسة الطلاب اليهود والتحالف الإسرائيلي العالمي، التي هدفت إلى بناء جسور بين التقاليد الفكرية الفرنسية واليهودية. خدم ضابطًا في الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية، أسرته القوات الألمانية سنة 1940 وقضى السنوات الخمس التالية في معسكر لأسرى الحرب. عُيَّن مديرًا للمدرسة النورمالية الإسرائيلية الشرقية بعد الحرب حتى 1961، حصل على أول منصب أكاديمي له في جامعة بواتييه، ثم درّس في جامعة باريس في نانتير (1967-1973) والسوربون (1973-1978).
عمل إيمانويل ليفيناس على فكرة أساسية بعد الحرب العالمية الثانية، هي المكانة التقليدية لعلم الوجود بوصفه الفلسفة الأولى أو التهذيب الفلسفي الرئيس. وفقًا لليفيناس، تحاول الأنطولوجيا بطبيعتها إنشاء كلية يُختزل فيها الآخر أو كل ما هو مختلف. هذه الرغبة في الشمولية، هو مظهر أساسي من مظاهر العقل الآلي أو المؤتمت، وهو استخدام العقل أداةً لتحديد أكثر الوسائل فعالية لتحقيق غاية معينة.
باحتضانها العقل الآلي تُظهر الفلسفة الغربية إرادتها للهيمنة المدمرة والموضوعية. ولأن العقل الآلي لا يحدد الغايات التي يستعملها، فقد تُستخدم في السعي وراء أهداف مدمرة أو شريرة. وبهذا المعنى، كانت مسؤولة عن الأزمات الكبرى في أوروبا في القرن العشرين، وفي ظهور الشمولية خاصةً. إن محاولة هايدجر لتطوير وجودية أساسية جديدة، من شأنها أن تجيب عن سؤال معنى الوجود هي محاولة مضللة، لأنها لا تزال تعكس التوجه المهيمن والمدمّر للفلسفة الغربية عمومًا.
يدعي ليفيناس أن الأنطولوجيا تُظهر أيضًا تحيزًا تجاه الإدراك والعقل النظري البحت، وهو استخدام العقل في تشكيل الأحكام أو المعتقدات. وفي هذا الصدد، تُعد الأنطولوجيا أدنى مرتبةً من الأخلاق في الناحية الفلسفية، وهو مجال يفسره ليفيناس بأنه يشمل جميع العلاقات العملية للبشر فيما بينهم. يؤكد ليفيناس أن أسبقية الأخلاق على الأنطولوجيا تُشرَّع بواسطة وجه الآخر.
إن غيرية الآخر كما يدل عليها الوجه هي شيء يقر به الشخص قبل استخدام الأسباب لتشكيل أحكام أو معتقدات عن الآخر. وبقدر ما لا يمكن أبدًا الوفاء بالدَيْن الأخلاقي الذي يدين به المرء للآخر، يدعي ليفيناس أن الآخر متسامٍ بلا حدود، دخيل بلا حدود، فعلاقة الفرد به هي علاقة اللا نهاية. في المقابل، ونظرًا إلى أن الأنطولوجيا تتعامل مع الآخر بوصفه موضوعًا للأحكام الصادرة عن العقل النظري البحت، فإنها تتعامل معه بوصفه كائنًا محدودًا، ومن ثم فإن علاقتها بالآخر هي علاقة كاملة.
مع أن بعض العلماء وصفوا مشروع ليفيناس الفلسفي بأنه محاولة لترجمة العبرية إلى اليونانية، أي لتهيئة تكوين التقليد اليهودي الأخلاقي للتوحيد بلغة الفلسفة الأولى، كان بعيدًا نسبيًّا عن تعقيدات الفكر اليهودي، وقد انغمس في منتصف عمره في تعلم اليهودية، وكان يبحث عن مضمون الهوية اليهودية في النفي والتشتت، وقد بحث أيضًا عن علاج لأوجه الخلل الجلي لتيار الفلسفة الغربية مع توجيهها نحو العقل النظري واليقين المطلق.
في أواخر أربعينيات القرن الماضي، درس إيمانويل ليفيناس التلمود في باريس تحت اسم مستعار. ظهرت تأملات ليفيناس رسميًا حول الفكر اليهودي لأول مرة في مجموعة من المقالات نُشرت عام 1963 تحت عنوان «الحرية الصعبة». كان يبحث في تفسيراته للتلمود عما سماه: الحكمة الأقدم من الوجود الظاهر، وهي الحكمة التي لا يمكن دونها إيجاد الرسالة الخفيّة في أعماق لغز النص.
المصدر:ibelieveinsci