لقاءات 2023" تحفيز للإبداع الفني في لبنان
حوار فني يستعرض خبرات الماضي ومواهب الحاضر.
أعمال عرضت خلال العقود الماضية
رأت إدارة صالة جانين ربيز اللبنانية أن الوقت قد حان لتطلق “لقاءات 2023” التي ستجمع أعمالا عرضت في رحابها على مدى عقود وثقت التغيرات الاجتماعية والسياسية في بيروت منذ ثلاثة عقود، وتمد جسور التواصل مع أعمال فنانين معاصرين وتحفز الحوار بين الماضي والحاضر.
“لقاءات 2023” هو إضافة لكونه مبادرة وحدث فني كبير فهو إشارة جديدة إلى أنه من غير الدقيق إطلاق تعبير “صالة” على مساحة فنية كصالة جانين ربيز ليس لأن مساحة الصالة كبيرة جغرافيا، وهي ليست كذلك البتّة، ولكن لما قدمته للحياة الثقافية بشكل عام وللفن البصري بشكل خاص وذلك منذ أكثر من خمسين سنة. ويذكر أن الصالة لا زالت في نفس المبنى الذي كان فيه “دار الفن والأدب” غير أنه بعد عدة سنوات تم نقله إلى الطابق الأرضي مع تصميم معاصر ومبتكر قام بتصميمه ابن صاحبة الصالة.
تطلق صالة جانين ربيز مبادرة فنية مفتوحة للجميع تحت عنوان “لقاءات 2023: حوار عابر للأزمنة بين الماضي والحاضر” لتحقق فرصة للإضاءة على هذه الصالة الرائدة التي أطلقتها جانين ربيز، إحدى الشخصيات الفذة من العصر الذهبي البيروتي سنة 1967 تحت اسم “دار الفن والأدب”. وقد لعبت هذه الدار في الوسط الثقافي اللبناني والعربي دورا فعالا إن كان من ناحية إطلاق المواهب الفنية اللبنانية والعربية أو من ناحية الندوات واللقاءات الشعرية والأدبية والمسرحية التي كانت تنظمها.
استمر نجاح هذه الصالة حتى سنة 1992، سنة وفاة جانين ربيز. وماهي إلا بضعة شهور حتى عاد وهج الصالة بفضل ابنة جانين ربيز، نادين، تحت اسم جديد وهو “صالة جانين ربيز”. وبسبب صعوبة الظروف لا سيما بعد فترة الحرب مباشرة اقتصر عمل الصالة على تقديم العروض الفنية المتنوعة لفنانين معروفين ولفنانين جدد تم انتقاءهم بدراية من قبل الصالة.
"لقاءات 2023" مبادرة تشكل لقاءات عابرة لزمن الماضي والحاضر وصولا إلى استشراف المستقبل
إذا كانت الريادة في الفترة الممتدة ما بين 1967 و1992 كانت تتمحور حول إطلاق المواهب الفنية وإقامة المعارض الاستعادية لفنانين تشكيليين عظماء، فإن “الريادة ” كان لها مذاق إضافي مع الابنة نادين ربيز مكداش.
وباختصار شديد نذكر النجاح الكبير الذي حققته حين نظمت معرض فني بدورات عديدة ومتلاحقة في وسط الشلل الذي أصاب البلد عند اندلاع الانتفاضة اللبنانية وعنونته بـ” 17 تشرين الأول”.
وقد قدمت الصالة، المعروفة بالشروط الصعبة لتبني الفنانين وطلاقهم في العالم الفني، للراغبين في المشاركة الفرصة في عرض أعمالهم المتنوعة على أن تكون استوحت من الثورة أو أن تكون من تلك التي عرضها أصحابها في ساحات والشوارع التي شهدت التحركات المطلبية.
وقد ضم المعرض آنذاك “موجات” متتالية من العروض شملت أعمال فنية لمخضرمين وموهوبين كانت لهم الفرصة في عرض أول لأعمالهم. وقد تنوعت الأعمال ما بين تجهيز ونحت وتشكيل فني بالأكريليك والزيت ومواد أخرى وتصوير فوتوغرافي.
ثم جاءت فترة الحجر الصحي الطويلة التي أدت إلى إقفال الصالات الفنية فكانت صالة جانين ربيز، ومن جديد، سباقة في إطلاق منصتها الافتراضية التي استمرت من خلالها لعرض الأعمال الفنية وربط الفنانين بالمهتمين بشراء الأعمال الفنية.
أما اليوم، فتنطلق الصالة بمبادرة جديدة تحت عنوان “لقاءات 2023” وهي مبادرة لا تقل أهمية عن سابقاتها. وتشكل هذه المبادرة لقاءات عابرة لزمن الماضي والحاضر وصولا إلى استشراف المستقبل.
◙ تجهيز عرض سابقا للفنان سمير خداج
وتأتي هذه المبادرة في ذكرى الثلاثين من تأسيس الصالة وتتخذ هيئة حوار ما بين الأجيال الفنية.
ويذكر البيان الصحافي المرافق لهذا الحدث المترقب أنه “يسلط الضوء على مضامين بقيت مؤثرة وعلى محطات رئيسية من معارض سابقة وأعمال فنية بهدف الاحتفال بهذه المناسبة المهمة في تاريخ لبنان الثقافي”.
ويضيف البيان أن الهدف الأسمى هو “تسليط الضوء على الجيل الصاعد من الفنانين الجدد وانشاء معرض جماعي متعدد الأجيال في مشهد كليّ وشامل وبذلك تشجيع الفن واستمراريته في ظل الظروف الراهنة والصعبة، كما يهدف أيضا إلى جعل الثقافة ملكا للجميع دون أي استثناء”، وهو أمر عرفت به الصالة و”دار الفن والأدب” لصاحبته جانين ربيز التي قيل عنها يوما إنها “استشرفت الحرب الأهلية فطرحت قضية العيش المشترك من خلال ندوات قدمتها لمدة سنة كاملة”.
المبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على الجيل الصاعد من الفنانين الجدد وإنشاء معرض جماعي متعدد الأجيال
أطلقت صالة جانين ربيز اليوم دعوة مفتوحة وخاضعة للتحكيم للمواهب الناشئة في لبنان دون الأخذ بالاعتبار سن الراغبين بالمشاركة. على أن تكون أعمالهم الفنية المقدمة هي ما يهم وما سينتقى منها ليكون مناسبا للعرض.
غير أن الصالة أخبرت المهتمين بأنها تميل الى تفضيل انتقاء الأعمال الفنية التي تعتمد التقنيات الجديدة في الفن كالتجهيز والفن المفهومي والفن الديجيتالي. وهنا تحديدا تساهم الصالة في تحفيز الابداع الفني لأنها تطلب من المهتمين الانطلاق من أعمال هي بأكثريتها الساحقة لوحات بالمعنى التقليدي للمعنى. فما علينا ان نتخايل ظهور عمل فني يعتمد التجهيز انطلق من لوحة فنية غير متحركة كلوحة للفنان التشكيلي اللبناني جميل ملاعب.
طلبت الصالة من الراغبين في المشاركة من الفنانين المشاركة بأعمال تستوحي من أعمال فنانين مشهورين ومخضرمين قامت الصالة بتحديد هويتهم. والفنانين هم: إتيل عدنان وشفيق عبود وهوغيت كالن وجوزيف شحفة وبسام جعيتاني وجوانا حاجي توما وخليل جريج وجوزيف حرب ولمياء جريج ولور غريب وجميل ملاعب وزاد ملتقى وعارف الريس وأنطونيو سيغي وهانيبال سروجي.
يُذكر أن المشاركة مجانية والأعمال التي يمكن تقديمها أيضا تشمل الأفلام القصيرة وفنون الانترنت والفنون التفاعلية وأفلام الأنيمايشن. ويمكن الاضطلاع على شروط التقديم بكل تفاصيله على موقع الصالة الافتراضي. يبقى أن نتخايل كيف يمكن لصالة حميمية غير كبيرة يحيط بها الضوء من كل جانب، لأنها مصممة كي تستوعب النور، أن تحتضن هذه المروحة من الأعمال وهي قادرة حتما على ذلك ونحن في الانتظار.
ميموزا العراوي