"رائد خليل".. الكاريكاتور يكمن في تعبيريته
دلال عبد الله
دمشق
"رائد خليل" فنان سوري يهتم بالرسم الكاريكاتوري الذي ميزه عن غيره من أقرانه، فاستطاع نقل الكثير من أفكاره العاشقة للوطن ما جعله يخصّ هذا الوطن بأكثر رسوماته.
مدونة وطن eSyria التقت الفنان "خليل" وكان الحوار التالي:
من أعماله
** الفن عموماً يُبنى على مسألتين هامتين، أولاهما المسألة الأخلاقية، وثانيهما: المسألة الإنسانية، وأيّ ابتعادٍ عن المفهومين المذكورين، يخلق شرخاً واضحَ المعالم والنتائج بيننا وبين المتلقي.
من أعماله
** طبعاً قيل الكثيرُ ودارت نقاشات متعددة حولَ هذا، أقولُ باختصار شديد اللهجة: إنّ الكاريكاتور يكمنُ في تعبيريته، من خلال اختزالِ قصصٍ وتخصيبها، وتبقى هناك بعض المدارس التي تعتمد النكتة أساساً يقرّبها من الجمهور كما في المدرستين اللبنانية والمصرية.
الفنان "رائد خليل"
** الجوائز التي ألهمت الكثيرين سلباً وإيجاباً للحديث عنها، أراها أنا جوهرية عند البعض لإثبات الوجود وتحقيق رسالتهم ونشرها في شرق الأرض وغربها. أنا لستُ مع القول إنّ الكتّاب والفنانين العرب مهما بلغت أهميتهم الأدبية والفكرية والإبداعية لن يكون بمقدورهم أن يعيشوا بكرامة من عائدات نتاجهم الإبداعي، وهذا طبعاً لا ينكر وجود تبعية ثقافية أو ما يُسمى ثقافة التعليب التي تشكل إحدى أسباب أزمة الثقافة، والجائزة كمفهوم لا يختلف عن مرحى أو بطاقة شكر لمنجز ما.
** لا ترتبطُ القضيةُ بالسعي وراء الشهرة كمفهوم، المسألة وجودية. هنا، خَلقت هذي المسألة إشكالية عند البعض، وأرى الموضوع أكبرَ من أحاديث وترهات لا تقدم بل تؤخر، "فتولستوي" مثلاً، يرى في مفهوم الفنّ نشاطاً إبداعياً يسمح بنقلِ تجارب الآخرين عبر لغة العواطف في مخاطبة الوجدان الإنساني بأدوات تعكس الفكر السائد ووسائل تتناسب مع روح العصر. إذن، يبقى مفهوم الفن تنموياً ومتكئاً على البصر والبصيرة، ومهمة ليست سهلة في تهذيب فكر الإنسان، وهذه المهمة تناقض فكرةَ السعي المجاني والدخول في متاهات البحث في سراديب التأويل السلبي.
** أنت قلتِ كما يُشاع، ولكن أؤكد لكِ أنَّ هُناك الكثيرَ من الدراسات التي تناولتْ الوظيفة الحقيقية للكاريكاتور، ولكنها لم تأتِ بجديد ما دام الخلط واضحاً ما بين المهمة والوظيفة. وإذا ابتعدنا عن الوظيفة الخبرية لفن الكاريكاتور، وتحدثنا عن المساحة الجمالية له، نكون قد عدنا إلى ما بدأناه في طرح قضية الشكل الفني الحامل للفكرة، فلا نستطيع الحديث عن عنصر منهما دون الآخر، فهناك آلاف القصص التي جسَّدها فن الكاريكاتور واختزلها في صور حسّية جمالية وهذه مهمة ليست سهلة، فكلنا يعرف قصة القردة (لم أقل، لم أرَ، لم أسمع)، وحكايات تنويرية يختلف في روايتها الفنانون بأدواتهم المتنوعة بهدف نشر المعرفة بكل تجلياتها. الكاريكاتور بناءٌ أساسي في تكوين أي عمل إعلامي، وتأثيراته، يمكن قراءتها بما يحصل على الساحة العالمية.
** لا يَخفى على أحد أنّ مكانة الكاريكاتور أصبحت تتعالى. فقد أخذ هذا الفن حيزاً هاماً في الصحف، لا بل أصبحَ دعامةً أساسية في خلقِ حالة حوارية مع المتلقي ومخاطبة وعيه ومقاربة تطلّعاته، إضافةً إلى دخول عالم التلفزة والانيميشن والدعاية والإعلان، لما له من تأثير فعّال ووصول سريع إلى قلب المشاهد أو المتلقي وعقله.
** الحديث عن تجارب الفنانين أفضل، أما تسليط الضوء على موقع هذا الفن، فيُترك للتاريخ...
** لن أضيفَ عمّا كتبته عنه يوماً، فناجي العلي لم يدخلْ في لعبة الخيوط السياسية، لأنّه عرفَ مسبقاً أنّها تجرّ أصحابها إلى اللانهاية. فلم يعرِف التكتيك أبداً، بل عرف إخلاصه لطبقته والعطاء الثوري الذي لا ينضب، والذي حفرَ لنفسه بذلك مكاناً كبيراً في ذهن الناس. ولم يهمه أن يحمل رسومه من يسعون إلى الضحك، ومن تهتز كروشهم صخباً. كان همّه الإنسان العادي، الأميّ والمثقف، وأن تصل الفكرة بكل أبعادها وصدقها مجاناً، تأخذ شكلاً تحريضياً حيناً، وشكلاً ثورياً حيناً آخر، ولكن في هذا الواقع لا بدّ من استخدام الكاريكاتور في كل الحالات والأشكال.
في ذاكرتنا ويقظتنا من يثب دوماً ليأخذنا إلى عوالم لم نكن قد دخلناها، إلى مساحات من نور لم نبصرها نحن المذبوحون بالصمت.
إذاً، أربعون ألفاً، صاغها "ناجي العلي" غطّت مساحات الخيبة من المحيط إلى الخليج، وغطّت عيون العاطلين عن حب الوطن والأرض والقضية.
** الكاريكاتور يتطلب تحقيق معادلة ما بين قوة الخط كما ذكرت، وعمق الفكرة، ولابدّ من محددات وعناصر يستند إليها الفنّ لضمان نجاحه، فتلاحظين أنّ بعضَ أعمالِ الفنانين تحفلُ بحسّها التجريبي، والابتكاري بطرحِ الممكن، والخروجِ عن المألوف في مقاماتٍ بصرية متناسلة من نبضات التفكير، وباستعانة واضحة بالحواس والطاقة. وهذا يندرج تحت بند التجريب الفني، وهو ينافي مقولة هدم الثوابت البصرية..
الإعلامي "معتز علي" تحدث عن الفنان "رائد خليل" بالقول: «رائد( الإنسان) بكل ما تحمله الكلمة من معان، يمتلك حساً إنسانياً عالياً وهو فنان شفاف .. دافئ، ومتواضع».
جدير بالذكر أن "رائد خليل" من مواليد مدينة "سلمية" 1973، وهو رسام كاريكاتور في صحيفة البعث، والنور، ورسام كاريكاتور في التلفزيون العربي السوري (القناة الأولى)، برنامج نهار جديد.
نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير، في دمشق وإيران والصين، وتايوان وعدد من الدول العربية، والعالمية. وأصدر كتاباً عن الفنان الشهيد ناجي العلي 2004، وكتاباً شخصياً بعنوان "الكلام عليكم" 2004، والكاريكاتور والفكاهة – 2006، المسـرح 2007، وأقـلام 2007، ووجـوه 2007، والمرأة 2008، وكتاب بعيون عراقية (وجوه حيدر الياسري) 2011، ومجموعة شعرية بعنوان (قفوا كي أراني) 2012.
دلال عبد الله
دمشق
"رائد خليل" فنان سوري يهتم بالرسم الكاريكاتوري الذي ميزه عن غيره من أقرانه، فاستطاع نقل الكثير من أفكاره العاشقة للوطن ما جعله يخصّ هذا الوطن بأكثر رسوماته.
مدونة وطن eSyria التقت الفنان "خليل" وكان الحوار التالي:
رائد( الإنسان) بكل ما تحمله الكلمة من معان، يمتلك حساً إنسانياً عالياً وهو فنان شفاف .. دافئ، ومتواضع
- هل ترى أن على الفنان أن يكون ملتزماً؟
من أعماله
** الفن عموماً يُبنى على مسألتين هامتين، أولاهما المسألة الأخلاقية، وثانيهما: المسألة الإنسانية، وأيّ ابتعادٍ عن المفهومين المذكورين، يخلق شرخاً واضحَ المعالم والنتائج بيننا وبين المتلقي.
- هل اللغة داعمة للوحة، أم وسيلة شرحٍ لافتقارها للدلالات؟
من أعماله
** طبعاً قيل الكثيرُ ودارت نقاشات متعددة حولَ هذا، أقولُ باختصار شديد اللهجة: إنّ الكاريكاتور يكمنُ في تعبيريته، من خلال اختزالِ قصصٍ وتخصيبها، وتبقى هناك بعض المدارس التي تعتمد النكتة أساساً يقرّبها من الجمهور كما في المدرستين اللبنانية والمصرية.
- حصدت الكثير من الجوائز المهمة، وشهادات التقديرعن أعمالك، ما الذي تعنيه لك هذه الجوائز؟ وماذا أضافت؟
الفنان "رائد خليل"
** الجوائز التي ألهمت الكثيرين سلباً وإيجاباً للحديث عنها، أراها أنا جوهرية عند البعض لإثبات الوجود وتحقيق رسالتهم ونشرها في شرق الأرض وغربها. أنا لستُ مع القول إنّ الكتّاب والفنانين العرب مهما بلغت أهميتهم الأدبية والفكرية والإبداعية لن يكون بمقدورهم أن يعيشوا بكرامة من عائدات نتاجهم الإبداعي، وهذا طبعاً لا ينكر وجود تبعية ثقافية أو ما يُسمى ثقافة التعليب التي تشكل إحدى أسباب أزمة الثقافة، والجائزة كمفهوم لا يختلف عن مرحى أو بطاقة شكر لمنجز ما.
- بين الأهداف السامية التي وجد لأجلها هذا الفن وبين السعي وراء الشهرة ، أين يجد "رائد خليل" نفسه؟
** لا ترتبطُ القضيةُ بالسعي وراء الشهرة كمفهوم، المسألة وجودية. هنا، خَلقت هذي المسألة إشكالية عند البعض، وأرى الموضوع أكبرَ من أحاديث وترهات لا تقدم بل تؤخر، "فتولستوي" مثلاً، يرى في مفهوم الفنّ نشاطاً إبداعياً يسمح بنقلِ تجارب الآخرين عبر لغة العواطف في مخاطبة الوجدان الإنساني بأدوات تعكس الفكر السائد ووسائل تتناسب مع روح العصر. إذن، يبقى مفهوم الفن تنموياً ومتكئاً على البصر والبصيرة، ومهمة ليست سهلة في تهذيب فكر الإنسان، وهذه المهمة تناقض فكرةَ السعي المجاني والدخول في متاهات البحث في سراديب التأويل السلبي.
- مقارنةً بالفنون الصحفية الأخرى، هل يُعتبر الكاريكاتور ملء فراغ كما يُشاع عنه؟
** أنت قلتِ كما يُشاع، ولكن أؤكد لكِ أنَّ هُناك الكثيرَ من الدراسات التي تناولتْ الوظيفة الحقيقية للكاريكاتور، ولكنها لم تأتِ بجديد ما دام الخلط واضحاً ما بين المهمة والوظيفة. وإذا ابتعدنا عن الوظيفة الخبرية لفن الكاريكاتور، وتحدثنا عن المساحة الجمالية له، نكون قد عدنا إلى ما بدأناه في طرح قضية الشكل الفني الحامل للفكرة، فلا نستطيع الحديث عن عنصر منهما دون الآخر، فهناك آلاف القصص التي جسَّدها فن الكاريكاتور واختزلها في صور حسّية جمالية وهذه مهمة ليست سهلة، فكلنا يعرف قصة القردة (لم أقل، لم أرَ، لم أسمع)، وحكايات تنويرية يختلف في روايتها الفنانون بأدواتهم المتنوعة بهدف نشر المعرفة بكل تجلياتها. الكاريكاتور بناءٌ أساسي في تكوين أي عمل إعلامي، وتأثيراته، يمكن قراءتها بما يحصل على الساحة العالمية.
- كم يأخذ فن الكاريكاتور الذي يُعد عالماً بحد ذاته، من مساحة الإعلام في الوقت الراهن؟
** لا يَخفى على أحد أنّ مكانة الكاريكاتور أصبحت تتعالى. فقد أخذ هذا الفن حيزاً هاماً في الصحف، لا بل أصبحَ دعامةً أساسية في خلقِ حالة حوارية مع المتلقي ومخاطبة وعيه ومقاربة تطلّعاته، إضافةً إلى دخول عالم التلفزة والانيميشن والدعاية والإعلان، لما له من تأثير فعّال ووصول سريع إلى قلب المشاهد أو المتلقي وعقله.
- أين ترى موقع الفن الكاريكاتوري السوري، عربياً وعالمياً؟
** الحديث عن تجارب الفنانين أفضل، أما تسليط الضوء على موقع هذا الفن، فيُترك للتاريخ...
- ما الذي يعنيه لك اسم "ناجي العلي"، وكما نعلم أنّك قد أصدرت عنه كتاباً خاصاً؟
** لن أضيفَ عمّا كتبته عنه يوماً، فناجي العلي لم يدخلْ في لعبة الخيوط السياسية، لأنّه عرفَ مسبقاً أنّها تجرّ أصحابها إلى اللانهاية. فلم يعرِف التكتيك أبداً، بل عرف إخلاصه لطبقته والعطاء الثوري الذي لا ينضب، والذي حفرَ لنفسه بذلك مكاناً كبيراً في ذهن الناس. ولم يهمه أن يحمل رسومه من يسعون إلى الضحك، ومن تهتز كروشهم صخباً. كان همّه الإنسان العادي، الأميّ والمثقف، وأن تصل الفكرة بكل أبعادها وصدقها مجاناً، تأخذ شكلاً تحريضياً حيناً، وشكلاً ثورياً حيناً آخر، ولكن في هذا الواقع لا بدّ من استخدام الكاريكاتور في كل الحالات والأشكال.
في ذاكرتنا ويقظتنا من يثب دوماً ليأخذنا إلى عوالم لم نكن قد دخلناها، إلى مساحات من نور لم نبصرها نحن المذبوحون بالصمت.
إذاً، أربعون ألفاً، صاغها "ناجي العلي" غطّت مساحات الخيبة من المحيط إلى الخليج، وغطّت عيون العاطلين عن حب الوطن والأرض والقضية.
- كيف تستطيع الموازنة بين قوة الفكرة والحرفة الفنية ؟
** الكاريكاتور يتطلب تحقيق معادلة ما بين قوة الخط كما ذكرت، وعمق الفكرة، ولابدّ من محددات وعناصر يستند إليها الفنّ لضمان نجاحه، فتلاحظين أنّ بعضَ أعمالِ الفنانين تحفلُ بحسّها التجريبي، والابتكاري بطرحِ الممكن، والخروجِ عن المألوف في مقاماتٍ بصرية متناسلة من نبضات التفكير، وباستعانة واضحة بالحواس والطاقة. وهذا يندرج تحت بند التجريب الفني، وهو ينافي مقولة هدم الثوابت البصرية..
الإعلامي "معتز علي" تحدث عن الفنان "رائد خليل" بالقول: «رائد( الإنسان) بكل ما تحمله الكلمة من معان، يمتلك حساً إنسانياً عالياً وهو فنان شفاف .. دافئ، ومتواضع».
جدير بالذكر أن "رائد خليل" من مواليد مدينة "سلمية" 1973، وهو رسام كاريكاتور في صحيفة البعث، والنور، ورسام كاريكاتور في التلفزيون العربي السوري (القناة الأولى)، برنامج نهار جديد.
- شارك في العديد من المعارض الدولية.
نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير، في دمشق وإيران والصين، وتايوان وعدد من الدول العربية، والعالمية. وأصدر كتاباً عن الفنان الشهيد ناجي العلي 2004، وكتاباً شخصياً بعنوان "الكلام عليكم" 2004، والكاريكاتور والفكاهة – 2006، المسـرح 2007، وأقـلام 2007، ووجـوه 2007، والمرأة 2008، وكتاب بعيون عراقية (وجوه حيدر الياسري) 2011، ومجموعة شعرية بعنوان (قفوا كي أراني) 2012.