"ندى محمد عادلة".. صوت الحق المبدع
حماه
لم تمنعها دراسة الفلسفة من الاهتمام بموهبتها الشعرية، فعلى الرغم من أنها دخلت عالم الأدب متأخرة، إلا أنها استطاعت أن تخطّ طريقها الأدبي بجرأة وتحجز لنفسها مكاناً متميزاً على الساحة الأدبية؛ إنها الأديبة "ندى محمد عادلة".
"الشعر هو تعبير إنساني فردي يتمدد ظله الوارف في الاتجاهات الأربعة ليشمل الإنسانية بعموميتها، فهو الشكل الفني والإبداعي للحياة على اعتبار أن الخيال هو أحد أعمدته، فهو تجاوز للمألوف على كافة الصعد، وهو قول مختلف ومغاير وإبداع مطلق"؛ هذا ما بدأت به كلامها الأديبة "ندى محمد عادلة" لمدونة وطن "eSyria"، وعن بداياتها الأدبية تقول: «رافقني الكتاب منذ الصغر، فهو يعدّ جزءاً من تراث عائلتي ومن مكونات منزلي، فقد كان النافذة الوحيدة المفتوحة أمام أبناء جيلي، حيث كنت أنا وأخي "نزار" نتشارك القراءة والكتابة يومياً حتى أصبح الكتاب لعبتنا وملعبنا في ذلك الوقت، كما أن للبيئة التي نشأت فيها دوراً كبيراً في صقل موهبتي الشعرية وتكوين ذاكرتي الثقافية، ففي مدينة "سلمية" التي تحمل عمقاً ثقافياً وحضارياً ينتقل من جيل إلى جيل، ويعدّ مزيجاً من ثقافة التصوف وثقافة الانفتاح أبصرت عيناي النور، إضافة إلى أنني نشأت ضمن بيئة دينية لكنها منفتحة وغنية، فكل بيئة وكل مكان له منظومة ثقافية خاصة به تؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر في حياة وفكر البشر، فإذا كانت الثقافة هي العلاقة الجدلية والتبادلية بين جميع المعارف والفنون والأديان والقوانين، إضافة إلى الخبرات الشخصية؛ فهي إذاً منطلق الإبداع وأرضيته الأساسية، كما أن التجريب ضرورة للإبداع، وهو رد على محاولة تقنين الشعر وقولبته، فالعمل الإبداعي الحقيقي تجريبي بامتياز من حيث اللغة والصورة والمضمون، فالإبداع جميل نثراً كان أم شعراً، والعمل الذي يحمل مقومات الإبداع هو الذي أفضّله، فمن خلال باكورة أعمالي الأدبية أسعى أن يكون نتاجي تجاوزاً للسائد بأنماطه المختلفة، أضف إلى أن القصيدة هي حالة إبداعية شعورية وفكرية ذاتية، أما الرواية، فهي تأريخ محكوم بالزمان والمكان والقالب، لكن برأيي الرواية الحقيقية قد تخرج من هذه المعطيات وتشاكسها».
وعن الأنواع الأدبية التي كتبتها، حدثتنا بالقول: «في الحقيقة لم أعتمد في كتاباتي نوعاً واحداً، وإنما تنوعت أعمالي ما بين الصحافة والنثر والنقد الأدبي، لكن البداية كانت في الصحافة لكونها برأيي تعدّ أقصر الطرائق لوصول الفكرة، وكتبت أيضاً دراسات نقدية تتناول نتاج وإبداع بعض الشعراء المحليين، واحتلت القصيدة النثرية مكاناً مهماً في كتاباتي لكونها تعنى بالموضوعات الإنسانية، أضف إلى أن المزج بين الأنماط الأدبية المختلفة من نثر وشعر وقصة ورواية هو إرهاص لولادة نوع أدبي جديد، كما هو الحال في النص، فهو شعر وقصة بآن واحد؛ ليس شعراً بالمفهوم العام، وليس قصة كما هو متعارف؛ فهو نص فقط، باعتبار النص سمة كل الأنواع الأدبية، فالكتابة بالتوصيف هي إنشاء لا يكون إلا بناء على فكرة وهدف وقرار، والكتابة الحقيقية هي تجاوز للمألوف على كافة المستويات، كما أن لحظة الكتابة هي لحظة التجلي ولحظة وجود الفكرة وضرورة التعبير عنها، فهي لا ترتبط بوقت محدد، فالكتابة حالة قصدية تتطلب إعمال الفكر وتحريك ملكة النقد لدى الكاتب، وفي داخل كل كاتب أو شاعر ناقد؛ فهو عندما يقوم بتصحيح نتاجه وتنقيحه يقوم بعمل نقدي، فالثروة اللغوية والملكة اللسانية هي نتاج أكثر من ألف وأربعمئة عام تبدأ من القرآن مروراً بالفكر الفلسفي الإسلامي، وتنتهي مع المعارف والفنون الحديثة، هذا هو المكون الثقافي لأبناء جيلي وثروتهم اللغوية على مرّ الزمن».
أحد إصداراتها
وعن الملتقيات الأدبية ودورها في دعم الحركة الثقافية، قالت: «برأيي إنها لا تساهم بدعم الحركة الثقافية، فنحن نفتقد للأديب القادر على إعادة الجمهور والقامات الكبيرة المؤثرة، كما أن الأديب أصبح ملحقاً بالسلطات والإدارات؛ وهذا أدى إلى تراجع الجمهور وفقد ثقته بالأديب، إضافة إلى الأمية الثقافية التي أصبحت حالة سائدة وسبباً مهماً لأسباب التراجع، فالملتقيات الأدبية برأيي لا تقدم ولا تؤخر لكونها لا تحمل مشروعاً؛ فهي ملتقيات بروتوكولية إعلامية».
وفي حديث مع الأديب "منذر الغباري"، قال عنها: «تعدّ الأديبة "ندى" ثورة شعرية أدبية حقيقية تخوض بعمقها الفلسفي في قضايا إنسانية نبيلة لتحمل صوت الحق من دون خوف، وتلفظ سلبيات المجتمع التي طفحت في هذا الزمن الغابر بالإرهاب والفتن، فقوتها نابعة من مفهومها للحياة تنثره لنا ببلاغة لغوية هادفة تجعل الحرف من يكتبها، وليس العكس، فالحرف عندها كلمة ناطقة على كل الصعد، يميز قصائدها النثرية أنها ذات طابع أدبي وفلسفي بآن واحد، إضافة إلى أنها امتلكت القدرة المتاحة في إخضاع الروح للعنصر الحسي في اللغة بإيقاع روحي جميل مع وحيها الرباني الذي هو مدخلها لعالمها ذات الجمال الحقيقي والغني بكل شيء، فهي من خلال كتاباتها تصوغ مفرداتها المزلزلة لكيان القارئ ليعيد قراءتها مرات ومرات، وتحرك كل البراكين الخامدة في النفوس التي تقرؤها لتثور تلك النفوس ضد نفسها والطبيعة وكل العادات والتقاليد البالية والبائسة».
في أحد ملتقياتها الأدبية
الجدير بالذكر، أن الأديبة "ندى محمد عادلة" من مواليد "السلمية"، خريجة جامعة "دمشق"، قسم الفلسفة عام 1985، من دواوينها: "أرتوي من ضحكاتكم"، و"إبداع بلون الشفق"، و"الكل أنا".
الأديبة ندى محمد عادلة
- نجوى عبد العزيز محمود
حماه
لم تمنعها دراسة الفلسفة من الاهتمام بموهبتها الشعرية، فعلى الرغم من أنها دخلت عالم الأدب متأخرة، إلا أنها استطاعت أن تخطّ طريقها الأدبي بجرأة وتحجز لنفسها مكاناً متميزاً على الساحة الأدبية؛ إنها الأديبة "ندى محمد عادلة".
"الشعر هو تعبير إنساني فردي يتمدد ظله الوارف في الاتجاهات الأربعة ليشمل الإنسانية بعموميتها، فهو الشكل الفني والإبداعي للحياة على اعتبار أن الخيال هو أحد أعمدته، فهو تجاوز للمألوف على كافة الصعد، وهو قول مختلف ومغاير وإبداع مطلق"؛ هذا ما بدأت به كلامها الأديبة "ندى محمد عادلة" لمدونة وطن "eSyria"، وعن بداياتها الأدبية تقول: «رافقني الكتاب منذ الصغر، فهو يعدّ جزءاً من تراث عائلتي ومن مكونات منزلي، فقد كان النافذة الوحيدة المفتوحة أمام أبناء جيلي، حيث كنت أنا وأخي "نزار" نتشارك القراءة والكتابة يومياً حتى أصبح الكتاب لعبتنا وملعبنا في ذلك الوقت، كما أن للبيئة التي نشأت فيها دوراً كبيراً في صقل موهبتي الشعرية وتكوين ذاكرتي الثقافية، ففي مدينة "سلمية" التي تحمل عمقاً ثقافياً وحضارياً ينتقل من جيل إلى جيل، ويعدّ مزيجاً من ثقافة التصوف وثقافة الانفتاح أبصرت عيناي النور، إضافة إلى أنني نشأت ضمن بيئة دينية لكنها منفتحة وغنية، فكل بيئة وكل مكان له منظومة ثقافية خاصة به تؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر في حياة وفكر البشر، فإذا كانت الثقافة هي العلاقة الجدلية والتبادلية بين جميع المعارف والفنون والأديان والقوانين، إضافة إلى الخبرات الشخصية؛ فهي إذاً منطلق الإبداع وأرضيته الأساسية، كما أن التجريب ضرورة للإبداع، وهو رد على محاولة تقنين الشعر وقولبته، فالعمل الإبداعي الحقيقي تجريبي بامتياز من حيث اللغة والصورة والمضمون، فالإبداع جميل نثراً كان أم شعراً، والعمل الذي يحمل مقومات الإبداع هو الذي أفضّله، فمن خلال باكورة أعمالي الأدبية أسعى أن يكون نتاجي تجاوزاً للسائد بأنماطه المختلفة، أضف إلى أن القصيدة هي حالة إبداعية شعورية وفكرية ذاتية، أما الرواية، فهي تأريخ محكوم بالزمان والمكان والقالب، لكن برأيي الرواية الحقيقية قد تخرج من هذه المعطيات وتشاكسها».
برأيي إنها لا تساهم بدعم الحركة الثقافية، فنحن نفتقد للأديب القادر على إعادة الجمهور والقامات الكبيرة المؤثرة، كما أن الأديب أصبح ملحقاً بالسلطات والإدارات؛ وهذا أدى إلى تراجع الجمهور وفقد ثقته بالأديب، إضافة إلى الأمية الثقافية التي أصبحت حالة سائدة وسبباً مهماً لأسباب التراجع، فالملتقيات الأدبية برأيي لا تقدم ولا تؤخر لكونها لا تحمل مشروعاً؛ فهي ملتقيات بروتوكولية إعلامية
وعن الأنواع الأدبية التي كتبتها، حدثتنا بالقول: «في الحقيقة لم أعتمد في كتاباتي نوعاً واحداً، وإنما تنوعت أعمالي ما بين الصحافة والنثر والنقد الأدبي، لكن البداية كانت في الصحافة لكونها برأيي تعدّ أقصر الطرائق لوصول الفكرة، وكتبت أيضاً دراسات نقدية تتناول نتاج وإبداع بعض الشعراء المحليين، واحتلت القصيدة النثرية مكاناً مهماً في كتاباتي لكونها تعنى بالموضوعات الإنسانية، أضف إلى أن المزج بين الأنماط الأدبية المختلفة من نثر وشعر وقصة ورواية هو إرهاص لولادة نوع أدبي جديد، كما هو الحال في النص، فهو شعر وقصة بآن واحد؛ ليس شعراً بالمفهوم العام، وليس قصة كما هو متعارف؛ فهو نص فقط، باعتبار النص سمة كل الأنواع الأدبية، فالكتابة بالتوصيف هي إنشاء لا يكون إلا بناء على فكرة وهدف وقرار، والكتابة الحقيقية هي تجاوز للمألوف على كافة المستويات، كما أن لحظة الكتابة هي لحظة التجلي ولحظة وجود الفكرة وضرورة التعبير عنها، فهي لا ترتبط بوقت محدد، فالكتابة حالة قصدية تتطلب إعمال الفكر وتحريك ملكة النقد لدى الكاتب، وفي داخل كل كاتب أو شاعر ناقد؛ فهو عندما يقوم بتصحيح نتاجه وتنقيحه يقوم بعمل نقدي، فالثروة اللغوية والملكة اللسانية هي نتاج أكثر من ألف وأربعمئة عام تبدأ من القرآن مروراً بالفكر الفلسفي الإسلامي، وتنتهي مع المعارف والفنون الحديثة، هذا هو المكون الثقافي لأبناء جيلي وثروتهم اللغوية على مرّ الزمن».
أحد إصداراتها
وعن الملتقيات الأدبية ودورها في دعم الحركة الثقافية، قالت: «برأيي إنها لا تساهم بدعم الحركة الثقافية، فنحن نفتقد للأديب القادر على إعادة الجمهور والقامات الكبيرة المؤثرة، كما أن الأديب أصبح ملحقاً بالسلطات والإدارات؛ وهذا أدى إلى تراجع الجمهور وفقد ثقته بالأديب، إضافة إلى الأمية الثقافية التي أصبحت حالة سائدة وسبباً مهماً لأسباب التراجع، فالملتقيات الأدبية برأيي لا تقدم ولا تؤخر لكونها لا تحمل مشروعاً؛ فهي ملتقيات بروتوكولية إعلامية».
وفي حديث مع الأديب "منذر الغباري"، قال عنها: «تعدّ الأديبة "ندى" ثورة شعرية أدبية حقيقية تخوض بعمقها الفلسفي في قضايا إنسانية نبيلة لتحمل صوت الحق من دون خوف، وتلفظ سلبيات المجتمع التي طفحت في هذا الزمن الغابر بالإرهاب والفتن، فقوتها نابعة من مفهومها للحياة تنثره لنا ببلاغة لغوية هادفة تجعل الحرف من يكتبها، وليس العكس، فالحرف عندها كلمة ناطقة على كل الصعد، يميز قصائدها النثرية أنها ذات طابع أدبي وفلسفي بآن واحد، إضافة إلى أنها امتلكت القدرة المتاحة في إخضاع الروح للعنصر الحسي في اللغة بإيقاع روحي جميل مع وحيها الرباني الذي هو مدخلها لعالمها ذات الجمال الحقيقي والغني بكل شيء، فهي من خلال كتاباتها تصوغ مفرداتها المزلزلة لكيان القارئ ليعيد قراءتها مرات ومرات، وتحرك كل البراكين الخامدة في النفوس التي تقرؤها لتثور تلك النفوس ضد نفسها والطبيعة وكل العادات والتقاليد البالية والبائسة».
في أحد ملتقياتها الأدبية
الجدير بالذكر، أن الأديبة "ندى محمد عادلة" من مواليد "السلمية"، خريجة جامعة "دمشق"، قسم الفلسفة عام 1985، من دواوينها: "أرتوي من ضحكاتكم"، و"إبداع بلون الشفق"، و"الكل أنا".
الأديبة ندى محمد عادلة