ما هو الذباب الالكتروني
انتقلت الصراعات والحروب في عالمنا المعاصر من ساحات المعارك الحقيقية إلى الفضاء الافتراضي، واختلفت أسلحتها، والتي يندرج ضمنها ما يُعرَف باسم الذباب الالكتروني (Electronic Flies) أو اللجان الالكترونيّة، المصطلح الذي شاع تداوله في في ظل التغييرات وتأجج العديد من النزاعات في مناطق مختلفة حول العالم في السنوات الأخيرة
تعريف الذباب الالكتروني
الذباب الالكتروني (Electronic Flies) عبارة حسابات افتراضية على وسائط التواصل الاجتماعي (Twitter، وFacebook، وInstagram)، يتم تشغيلها بواسطة برامج متخصصة، أو من قبل مجموعة من المديرين، وتعمل على تكثيف نشر منشورات معينة أو تغريدات وبأعداد هائلة، والتي تتضمن معلومات غير كاملة أو كاذبة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى صعوبة الوصول إلى المنشورات الحقيقية، بهف تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام، وذلك خدمة لمصالح بعض الدول أو الكيانات أو الأشخاص.
ظهور الذباب الالكتروني
ظهور الذباب الالكتروني كظاهرة
تُعد ظاهرة الذباب الإلكتروني نتيجة مباشرة للتطور التكنولوجي ولاسيما ظهور الجيل الثاني من الويب (Web 2.0)،
الذي تحوّل معه الإنترنت لمنصة عمل أكثر من كونها مجرد مواقع، وتتكون بشكل أساسي من الشبكات الاجتماعية وتطبيقاتها من المدونات، والويكى (المحتوى الموسوعي)، واليوتيوب، وصفحات يستطيع رواد المواقع التعديل على مضمونها، كما يمكن لكل مستخدم أن ينشر ما يحلو له من المعلومات، مما أدى إلى زيادة تدفق المعلومات وفي الوقت نفسه صعوبة أو حتى في بعض الأحيان استحالة التحقق من صحتها.
بعد أن انفردت وسائل الإعلام التقليدية لفترة طويلة من الزمن في التأثير على الرأي العام وتوجيهه، أفرزت شبكات التواصل الاجتماعي ذات الشعبية الواسعة عالميًا فئة جديدة من المؤثرين (مستخدمي هذه المواقع) ممن يجيدون مخاطبة المتابعين بلغة بسيطة، وجذبهم وإقناعهم، لتغدو بذلك الشبكات الاجتماعية أداة فعّالة ومؤثرة في توجيه الرأي العام في المجتمعات.
كما باتت هذه المواقع، ولاسيما Twitter وFacebook، مصدرًا أساسيًا للأخبار للصحفيين والمحررين حول العالم، ولا يمكن أن نغفل عن ظهور ما يُعرف باسم صحافة المواطن (Citizen’s Press أو Citizen Journalism)،
حيث يمكن لأي شخص نقل الأحداث دون أن يكون مراسلًا أو صحفيًا من خلال إرسال التغريدات والأخبار عبر المنصّات، وعلى الرغم من الإيجابيات العديدة لصحافة المواطن، إلا أنها في كثير من الحالات تفتقر للمعايير المهنية، وتساهم في نشر الأخبار حتى دون التأكد من صحتها ودون الوعي بالمخاطر الجسيمة التي تترتب على ذلك.
ظهور الذباب الالكتروني كمصطلح
ظهر مصطلح الذباب الالكتروني في عام 2017، من قبل المخرج في قناة الجزيرة ياسر أبو هلالة (Yaser Abu-Hilalah)، والذي استخدمها لوصف الحسابات الآلية التي يُزعم أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة استخدمتها للتأثير على الرأي العام خلال ما يُعرف بالأزمة الخليجية (الأزمة الدبلوماسية مع قطر).
أنواع الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي
يتطلب التعرف على مفهوم الذباب الالكتروني التمييز ما بين الأنواع المختلفة للحسابات الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالاعتماد على ماهيّة العلاقة بين كل من الهوية الحقيقية والإلكترونية (الرقمية) لكل شخص، فهويتك على الإنترنت ليست بالضرورة أن تكون مطابقة لهويتك في العالم الحقيقي، إذ إنّ الهوية الحقيقية (Real-World Identity) للإنسان تعبر عن مجموعة من الخصائص التي تميز الإنسان دونًا عن غيره، وبعض هذه الخصائص لا تتغير أبدًا؛ كتاريخ الميلاد ومكانه، وبعضها الآخر يتغير بمرور الوقت كلون الشعر وقياس الخصر. أما الهوية الرقمية (Online Identity)؛ هي مجموعة السمات التي تميز طريقة تفاعل وسلوك الفرد مع المواقع الالكترونية المختلفة.
شخص حقيقي وهوية رقمية حقيقية
شخص حقيقي موجود على أرض الواقع، قام بإنشاء حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وأرفقه ببياناته الصحيحة من اسم وصورة شخصية ورقم هاتفه وبريده الإلكتروني وما سوى ذلك، ليتفاعل عبر حسابه بصورة تنسجم مع طبيعة شخصيته واهتماماته في الحياة.
شخص حقيقي وهوية رقمية مزيفة
يختار الشخص عدم الكشف عن هويته الحقيقية من خلال إضافة بيانات وهمية لحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي (هوية رقمية مزيفة)، وتختلف دوافع الأفراد في هذه الحالة؛ فقد يكون الغرض هو عمليات الاحتيال على الآخرين، أو لتعويض ما يفتقده صاحب الحساب في حياته الفعلية من خلال خلق شخصية افتراضية خاصة به، أو لمراقبة بعض المواضيع، مثل المواد الإباحية، والتي قد يشعر المرء بالحرج من تتبعها في حال الكشف عن شخصيته الحقيقية.
حساب إلكتروني دون هوية رقمية لشخص وهمي
حساب إلكتروني وهمي لشخص غير موجود على أرض الواقع، ليس له هوية حقيقية أو رقمية فيما يُعرف باسم الذباب الالكتروني أو البوت (BOT). قد يخلو من الصورة الشخصية أو يُستخدم فيه عوضًا عن ذلك صور لشخصيات عامة، أما اسم ومعرّف المستخدم له، فيتم إنشاؤه بواسطة مولدات الكترونية على هيئة رقم تسلسلي أو رمز. يقتصر عمل هذه الحسابات على أوقات معينة فقط بهدف تكثيف نشر منشور أو هاشتاغ معين، أو حتى الترويج لمنتجات أو أفكار ما. يكون مصير هذه الحسابات هو الحذف بعد أن يتم اكتشافها من قبل Twitter، أو تصبح غير نشطة في حال عدم وجود أي حملات بحاجة للدعم.
هوية رقمية متكاملة لشخص وهمي
يُستخدم هذا النوع من قبل الشركات الضخمة، حيث يتم إنشاء حسابات إلكترونية وهمية وكل حساب له هويته الرقمية الكاملة، المُعدة بعناية بدءًا من الصورة الشخصية، وصولًا إلى الاسم والانتماء العائلي أو القبلي، بالإضافة إلى وضع اهتمامات وآراء معينة تنسجم مع المهمة المطلوبة.
من يقف وراء الذباب الالكتروني
بات إنشاء الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي مصدرًا لتحقيق أرباح طائلة وتجارة رابحة تديرها شركات غير قانونية على مستوى العالم.
حوادث أثّر فيها الذباب الالكتروني حول العالم
تتعدد الأخبار حول العالم والتي يلعب فيها الذباب الالكتروني دورًا حاسمًا في توجيه دفة الأحداث، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
انتخابات الرئاسة في البرازيل 2010
توصل تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عام 2018 إلى استخدام حسابات ومدونات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم ترشيح ديلما روسيف (Dilma Rousseff) لمنصب الرئاسة في البرازيل عن حزب العمال البرازيلي خلال الحملة الانتخابية لعام 2010.
واحدة من أهم المدونات المؤثرة آنذاك ـ Seja Dita Verdade؛ أو بمعناها “دع الحقيقة تُقال” ـ والتي كان يُعتقد أنَّ ملكيتها تعود لأرماندو سانتياغو جونيور (Armando Santiago Jr)، والذي تمَّ تصويره على أنه رجل متزوج، يبلغ من العمر 56 عامًا، يعيش حياة عادية في مدينة صغيرة في جنوب شرق البرازيل تُدعى بوكوس دي كالداس (Pocos de Caldas)، وهو من أشد المؤيدين للرئيسة ديلما روسيف وحزب العمال البرازيلي على حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي.
مدونة دع الحقيقة تُقال (Seja Dita Verdade)
تبيّن لاحقًا بأنه شخصية وهمية لا وجود له على أرض الواقع، أما مدونته وحساباته على Orkut وTwitter، فقد كان يديرها أربعة أشخاص يتقاضون حوالي 1400 دولار شهريًا لكتابة ونشر منشوراته والتي تدين الشائعات المزعومة حول روسيف، بالإضافة إلى مهاجمة خصمها الرئيسي خوسيه سيرا (José Serra) مرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فقد تبيّن قيام إحدى الشركات خلال الحملة الانتخابية لعام 2010 بإدارة شبكة من الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لدعم حزب العمال، وزيادة فرص روسيف بالفوز، والتي فازت بالفعل بالانتخابات، كما تمَّت إعادة انتخابها بعد أربع سنوات، ليتم عزلها أخيرًا بتهم فساد في عام 2016.
احتجاجات الجزائر 2019
اندلعت احتجاجات في الجزائر في 22 فبراير من عام 2019، مع إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة، فخرج على إثر ذلك آلاف المواطنين للتظاهر تعبيرًا عن رفضهم لقرار الرئيس في ظاهرة غير مسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي.
مع ارتفاع وتيرة حركات التظاهر، استقال بوتفليقة في أبريل، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتهدئة الأوضاع، فقد نشد المتظاهرون تغييرات وإصلاحات على نطاق أوسع. في هذه المرحلة فقط، تغيرت طبيعة المواجهة لتغدو الكترونية (عبر وسائل التواصل الاجتماعي).
في هذا السياق، ادّعى عدد من الناشطين ظهورَ مجموعة من الحسابات الوهمية في موجة من الذباب الالكتروني لنشر العديد من الرسائل المؤيدة للحكومة، والأخبار والمعلومات الكاذبة، والتعليقات السلبية على صفحات ومنصات الحراك والمعارضة، وأشاروا إلى وجود عدة سمات مشتركة بين كثير من تلك الحسابات، فقد تمَّ إنشاؤها بعد الاحتجاجات مباشرة، ولكلٍّ منها أقل من 100 صديق أو متابع، علاوةً على تكرارها لنفس التعليقات على عدة منشورات.
صفحة مجموعة الشباب المناضل على الفيسبوك، والتي ـ حسب مزاعم مؤسّسيها ـ فقد تعرضت للعديد من الهجمات الالكترونية
أزمة الخليج العربي الدبلوماسيّة 2017
في عام 2017، ألمَّ صراع سياسي جديد بمنطقة الخليج العربي بين دولة قطر من جهة، وجيرانها من جهة أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفائها، وقد لعبت فيها الحسابات المزيفة وعمليات القرصنة الالكترونيّة على مستوى الدول والاختراق دور المحرّك الرئيسي للأحداث، والتي كانت كفيلة في نهاية المطاف بتقويض العلاقات ما بين الطرفين، ووصولها مراحل صعبة ومعقّدة.
في ظل ذلك الانقسام الشديد، والتحرّكات الدبلوماسيّة، والخطابات شديدة اللهجة، استعرت حرب الهاشتاغات بين الطرفين على موقع تويتر، وقد كشف تحقيق أجرته شبكة BBC البريطانيّة، أن غالبية هذه التغريدات، والتي تعود لكلا الطرفين دون استثناء، قد تمَّ نشرها بواسطة حسابات مزيفة (روبوتات) في هيئة موجات من الذباب الالكتروني في محاولة لكسب التأييد عبر زيادة شعبية بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
انتقلت الصراعات والحروب في عالمنا المعاصر من ساحات المعارك الحقيقية إلى الفضاء الافتراضي، واختلفت أسلحتها، والتي يندرج ضمنها ما يُعرَف باسم الذباب الالكتروني (Electronic Flies) أو اللجان الالكترونيّة، المصطلح الذي شاع تداوله في في ظل التغييرات وتأجج العديد من النزاعات في مناطق مختلفة حول العالم في السنوات الأخيرة
تعريف الذباب الالكتروني
الذباب الالكتروني (Electronic Flies) عبارة حسابات افتراضية على وسائط التواصل الاجتماعي (Twitter، وFacebook، وInstagram)، يتم تشغيلها بواسطة برامج متخصصة، أو من قبل مجموعة من المديرين، وتعمل على تكثيف نشر منشورات معينة أو تغريدات وبأعداد هائلة، والتي تتضمن معلومات غير كاملة أو كاذبة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى صعوبة الوصول إلى المنشورات الحقيقية، بهف تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام، وذلك خدمة لمصالح بعض الدول أو الكيانات أو الأشخاص.
ظهور الذباب الالكتروني
ظهور الذباب الالكتروني كظاهرة
تُعد ظاهرة الذباب الإلكتروني نتيجة مباشرة للتطور التكنولوجي ولاسيما ظهور الجيل الثاني من الويب (Web 2.0)،
الذي تحوّل معه الإنترنت لمنصة عمل أكثر من كونها مجرد مواقع، وتتكون بشكل أساسي من الشبكات الاجتماعية وتطبيقاتها من المدونات، والويكى (المحتوى الموسوعي)، واليوتيوب، وصفحات يستطيع رواد المواقع التعديل على مضمونها، كما يمكن لكل مستخدم أن ينشر ما يحلو له من المعلومات، مما أدى إلى زيادة تدفق المعلومات وفي الوقت نفسه صعوبة أو حتى في بعض الأحيان استحالة التحقق من صحتها.
بعد أن انفردت وسائل الإعلام التقليدية لفترة طويلة من الزمن في التأثير على الرأي العام وتوجيهه، أفرزت شبكات التواصل الاجتماعي ذات الشعبية الواسعة عالميًا فئة جديدة من المؤثرين (مستخدمي هذه المواقع) ممن يجيدون مخاطبة المتابعين بلغة بسيطة، وجذبهم وإقناعهم، لتغدو بذلك الشبكات الاجتماعية أداة فعّالة ومؤثرة في توجيه الرأي العام في المجتمعات.
كما باتت هذه المواقع، ولاسيما Twitter وFacebook، مصدرًا أساسيًا للأخبار للصحفيين والمحررين حول العالم، ولا يمكن أن نغفل عن ظهور ما يُعرف باسم صحافة المواطن (Citizen’s Press أو Citizen Journalism)،
حيث يمكن لأي شخص نقل الأحداث دون أن يكون مراسلًا أو صحفيًا من خلال إرسال التغريدات والأخبار عبر المنصّات، وعلى الرغم من الإيجابيات العديدة لصحافة المواطن، إلا أنها في كثير من الحالات تفتقر للمعايير المهنية، وتساهم في نشر الأخبار حتى دون التأكد من صحتها ودون الوعي بالمخاطر الجسيمة التي تترتب على ذلك.
ظهور الذباب الالكتروني كمصطلح
ظهر مصطلح الذباب الالكتروني في عام 2017، من قبل المخرج في قناة الجزيرة ياسر أبو هلالة (Yaser Abu-Hilalah)، والذي استخدمها لوصف الحسابات الآلية التي يُزعم أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة استخدمتها للتأثير على الرأي العام خلال ما يُعرف بالأزمة الخليجية (الأزمة الدبلوماسية مع قطر).
أنواع الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي
يتطلب التعرف على مفهوم الذباب الالكتروني التمييز ما بين الأنواع المختلفة للحسابات الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالاعتماد على ماهيّة العلاقة بين كل من الهوية الحقيقية والإلكترونية (الرقمية) لكل شخص، فهويتك على الإنترنت ليست بالضرورة أن تكون مطابقة لهويتك في العالم الحقيقي، إذ إنّ الهوية الحقيقية (Real-World Identity) للإنسان تعبر عن مجموعة من الخصائص التي تميز الإنسان دونًا عن غيره، وبعض هذه الخصائص لا تتغير أبدًا؛ كتاريخ الميلاد ومكانه، وبعضها الآخر يتغير بمرور الوقت كلون الشعر وقياس الخصر. أما الهوية الرقمية (Online Identity)؛ هي مجموعة السمات التي تميز طريقة تفاعل وسلوك الفرد مع المواقع الالكترونية المختلفة.
شخص حقيقي وهوية رقمية حقيقية
شخص حقيقي موجود على أرض الواقع، قام بإنشاء حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وأرفقه ببياناته الصحيحة من اسم وصورة شخصية ورقم هاتفه وبريده الإلكتروني وما سوى ذلك، ليتفاعل عبر حسابه بصورة تنسجم مع طبيعة شخصيته واهتماماته في الحياة.
شخص حقيقي وهوية رقمية مزيفة
يختار الشخص عدم الكشف عن هويته الحقيقية من خلال إضافة بيانات وهمية لحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي (هوية رقمية مزيفة)، وتختلف دوافع الأفراد في هذه الحالة؛ فقد يكون الغرض هو عمليات الاحتيال على الآخرين، أو لتعويض ما يفتقده صاحب الحساب في حياته الفعلية من خلال خلق شخصية افتراضية خاصة به، أو لمراقبة بعض المواضيع، مثل المواد الإباحية، والتي قد يشعر المرء بالحرج من تتبعها في حال الكشف عن شخصيته الحقيقية.
حساب إلكتروني دون هوية رقمية لشخص وهمي
حساب إلكتروني وهمي لشخص غير موجود على أرض الواقع، ليس له هوية حقيقية أو رقمية فيما يُعرف باسم الذباب الالكتروني أو البوت (BOT). قد يخلو من الصورة الشخصية أو يُستخدم فيه عوضًا عن ذلك صور لشخصيات عامة، أما اسم ومعرّف المستخدم له، فيتم إنشاؤه بواسطة مولدات الكترونية على هيئة رقم تسلسلي أو رمز. يقتصر عمل هذه الحسابات على أوقات معينة فقط بهدف تكثيف نشر منشور أو هاشتاغ معين، أو حتى الترويج لمنتجات أو أفكار ما. يكون مصير هذه الحسابات هو الحذف بعد أن يتم اكتشافها من قبل Twitter، أو تصبح غير نشطة في حال عدم وجود أي حملات بحاجة للدعم.
هوية رقمية متكاملة لشخص وهمي
يُستخدم هذا النوع من قبل الشركات الضخمة، حيث يتم إنشاء حسابات إلكترونية وهمية وكل حساب له هويته الرقمية الكاملة، المُعدة بعناية بدءًا من الصورة الشخصية، وصولًا إلى الاسم والانتماء العائلي أو القبلي، بالإضافة إلى وضع اهتمامات وآراء معينة تنسجم مع المهمة المطلوبة.
من يقف وراء الذباب الالكتروني
بات إنشاء الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي مصدرًا لتحقيق أرباح طائلة وتجارة رابحة تديرها شركات غير قانونية على مستوى العالم.
- تلجأ بعض الدول إلى التأثير على الرأي العام لحسم الخلافات السياسية مع الدول الأخرى لصالحها مستهدفةَ إياها من خلال ترويج الأكاذيب والشائعات باستخدام الحسابات الوهمية.
- في الوقت الذي تستعين فيه الحكومات بهذه الظاهرة، تلجأ المعارضات أيضًا إلى استخدامها من أجل تحقيق أهداف سياسيّة، وبنفس الطريقة، من خلال نشر ملايين التعليقات المسيئة إلى الحكومات، وغيرها من المنشورات من حسابات وهمية.
- يعمد البعض للاستعانة بقطيع الذباب الالكتروني بهدف زيادة عدد المتابعين لحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي سعيًا وراء الشهرة والمال.
- يُستخدم في إطار الحروب الاقتصادية بين الشركات المتنافسة، حيث تسعى بعض الشركات لإقصاء المنافسين التجاريين لهم، وذلك من خلال تشويه سمعتهم والإساءة لمنتجاتهم.
حوادث أثّر فيها الذباب الالكتروني حول العالم
تتعدد الأخبار حول العالم والتي يلعب فيها الذباب الالكتروني دورًا حاسمًا في توجيه دفة الأحداث، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
انتخابات الرئاسة في البرازيل 2010
توصل تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عام 2018 إلى استخدام حسابات ومدونات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لدعم ترشيح ديلما روسيف (Dilma Rousseff) لمنصب الرئاسة في البرازيل عن حزب العمال البرازيلي خلال الحملة الانتخابية لعام 2010.
واحدة من أهم المدونات المؤثرة آنذاك ـ Seja Dita Verdade؛ أو بمعناها “دع الحقيقة تُقال” ـ والتي كان يُعتقد أنَّ ملكيتها تعود لأرماندو سانتياغو جونيور (Armando Santiago Jr)، والذي تمَّ تصويره على أنه رجل متزوج، يبلغ من العمر 56 عامًا، يعيش حياة عادية في مدينة صغيرة في جنوب شرق البرازيل تُدعى بوكوس دي كالداس (Pocos de Caldas)، وهو من أشد المؤيدين للرئيسة ديلما روسيف وحزب العمال البرازيلي على حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي.
مدونة دع الحقيقة تُقال (Seja Dita Verdade)
تبيّن لاحقًا بأنه شخصية وهمية لا وجود له على أرض الواقع، أما مدونته وحساباته على Orkut وTwitter، فقد كان يديرها أربعة أشخاص يتقاضون حوالي 1400 دولار شهريًا لكتابة ونشر منشوراته والتي تدين الشائعات المزعومة حول روسيف، بالإضافة إلى مهاجمة خصمها الرئيسي خوسيه سيرا (José Serra) مرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فقد تبيّن قيام إحدى الشركات خلال الحملة الانتخابية لعام 2010 بإدارة شبكة من الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لدعم حزب العمال، وزيادة فرص روسيف بالفوز، والتي فازت بالفعل بالانتخابات، كما تمَّت إعادة انتخابها بعد أربع سنوات، ليتم عزلها أخيرًا بتهم فساد في عام 2016.
احتجاجات الجزائر 2019
اندلعت احتجاجات في الجزائر في 22 فبراير من عام 2019، مع إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة، فخرج على إثر ذلك آلاف المواطنين للتظاهر تعبيرًا عن رفضهم لقرار الرئيس في ظاهرة غير مسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي.
مع ارتفاع وتيرة حركات التظاهر، استقال بوتفليقة في أبريل، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتهدئة الأوضاع، فقد نشد المتظاهرون تغييرات وإصلاحات على نطاق أوسع. في هذه المرحلة فقط، تغيرت طبيعة المواجهة لتغدو الكترونية (عبر وسائل التواصل الاجتماعي).
في هذا السياق، ادّعى عدد من الناشطين ظهورَ مجموعة من الحسابات الوهمية في موجة من الذباب الالكتروني لنشر العديد من الرسائل المؤيدة للحكومة، والأخبار والمعلومات الكاذبة، والتعليقات السلبية على صفحات ومنصات الحراك والمعارضة، وأشاروا إلى وجود عدة سمات مشتركة بين كثير من تلك الحسابات، فقد تمَّ إنشاؤها بعد الاحتجاجات مباشرة، ولكلٍّ منها أقل من 100 صديق أو متابع، علاوةً على تكرارها لنفس التعليقات على عدة منشورات.
صفحة مجموعة الشباب المناضل على الفيسبوك، والتي ـ حسب مزاعم مؤسّسيها ـ فقد تعرضت للعديد من الهجمات الالكترونية
أزمة الخليج العربي الدبلوماسيّة 2017
في عام 2017، ألمَّ صراع سياسي جديد بمنطقة الخليج العربي بين دولة قطر من جهة، وجيرانها من جهة أخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحلفائها، وقد لعبت فيها الحسابات المزيفة وعمليات القرصنة الالكترونيّة على مستوى الدول والاختراق دور المحرّك الرئيسي للأحداث، والتي كانت كفيلة في نهاية المطاف بتقويض العلاقات ما بين الطرفين، ووصولها مراحل صعبة ومعقّدة.
في ظل ذلك الانقسام الشديد، والتحرّكات الدبلوماسيّة، والخطابات شديدة اللهجة، استعرت حرب الهاشتاغات بين الطرفين على موقع تويتر، وقد كشف تحقيق أجرته شبكة BBC البريطانيّة، أن غالبية هذه التغريدات، والتي تعود لكلا الطرفين دون استثناء، قد تمَّ نشرها بواسطة حسابات مزيفة (روبوتات) في هيئة موجات من الذباب الالكتروني في محاولة لكسب التأييد عبر زيادة شعبية بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.