"علي أمين": الخط لسان اليد
- محمد القصير
حماه
«العربي: من كانت لغته العربية، وعاش على الأرض العربية، أو تطلع إلى الحياة فيها وآمن بانتسابه لها». والمقولة الثانية: «فليست العربية لأحدكم بأبٍ أو أمٍ، من كان لسانه عربياً فهو عربي». مقولتان كتبتا بالخط العربي، في مناسبة بتنا أحوج إليها في هذه الفترة، ولا بد من أن نعمل معاً على تمكين اللغة العربية، وهناك حملة واسعة للاعتناء بها، بسبب الهجمة الغربية ضد كل ما هو شرقي، وبسبب طغيان اللغة الإنكليزية على برامج الحاسوب والشابكة، أي "الانترنت".
كان هذا في معرض للخط أقامه الأستاذ "علي أمين" بمشاركة عدد من الخطاطين في "سلمية".
أهتم بالخط "الكوفي" لأنه غني بالتشكيلات الفنية، وكذلك بالخط "الديواني" لانسيابيته وجماليته، وبقية الخطوط فلي تجارب كثيرة فيها، وخاصة في خطي "النسخ" و"الرقعة" وذلك لكتابة اللوحات، واللافتات الإعلانية
موقع eSyria التقى الأستاذ "علي" وهو الخطاط المعروف، والمدرس المتقاعد، المهتم بالثقافة والفنون التشكيلية، وبالطبع الخط العربي منها، هو عضو في إدارة جمعية العاديات في "سلمية"، وعضو لجنة مهرجان الشعر السنوي أيضاً.
الخط لسان اليد
فحدثنا عن أولى خطواته في الخط العربي قائلاً: «متى بلغت المرحلة الإعدادية حتى بدأت أتلمس حسن الخط، وكان هذا من باب المفاخرة بأن خط فلان أفضل من خط فلان، كما أن المعلمين في تلك الفترة يحبذون صاحب الخط الواضح والجميل، وعندما بلغت المرحلة الثانوية في مدرسة "سلمية" الرسمية للبنين، والتي تحول اسمها فيما بعد إلى "قتيبة بن مسلم الباهلي"، كان أحد المدرسين واسمه "أحمد علي إسماعيل" وهو خطاط من الطراز الرفيع، وكان له الدور الأساسي في تعلقي بالخط العربي لما كان يظهره لنا من فن جميل ومدهش، وكنت فيما مضى وقبل أن أحال على التقاعد، أعمل في كتابة اللافتات واللوحات الإعلانية، وكانت تدر لي دخلاً إضافياً».
وعن سر الهندسة في الخط العربي، ما جعله يتميز عن باقي الخطوط في اللغات الأخرى، يقول: «يمتاز الخط العربي عن بقية الخطوط في اللغات الأخرى بأنه يمتلك قدرات تشكيلية تسمح للخطاط بابتكار أشكال جديدة في كل مرة، حيث إن الخط العربي يمتلك امتدادات أفقية وعمودية، تساعد الخطاط في تنويع الحروف والأشكال، ومنه على استنباط خطوط أخرى من الخطوط العربية الأساسية والتي هي: "النسخ" و"الثلث" و"الديواني" و"الفارسي" والذي يطلق عليه خط "التعليق"، كذلك هناك الخط "الكوفي" و"الرقعي"، ولكل من هذه الخطوط أنواع، وتفرعات عديدة غير محدودة».
هندسة الخط العربي مميزة
ولأن كل منطقة عربية، أو حتى إسلامية أخذت نوعاً من الخط على عاتقها، وأصبح يعرف باسمها على سبيل المثال الخط "الفارسي" نسبة لبلاد فارس، فتحدث عن الخطوط التي تميزت فيها المناطق العربية من بين هذا الكم الهائل والمتنوع، فقال: «وجد خطّا "النسخ" و"الكوفي" في العراق، في حين تطور خط "الثلث" في بلاد الشام، ثم في العراق زمن "العباسيين" وله عدة تفرعات. واعتنت بلاد فارس بخط "التعليق" الذي يدعى بـ"الفارسي" وله تفرعات كـ "نستعليق"، في حين اعتنى الأتراك في زمن الدولة العثمانية بالخط "الديواني" الذي كان من ابتكارهم، وكذلك اعتنوا بخط "الثلث" بكافة أشكاله وخط "الرقعة"، وكان هناك خط قديم اسمه "الطومار" يكتب به في زمن "بني أمية"، وحالياً هناك اهتمام واسع بالخط العربي بكافة أنواعه في كل من سورية والعراق ومصر حيث توجد مدارس ومعاهد لتعليم الخط العربي».
وأعطانا لمحة عن تاريخ الخط، فقال: «نشأ الخط العربي في بدايته قبل الإسلام بشكل بسيط بالاعتماد على خط "المسند"، وبعض الخطوط التي كانت سائدة في الجزيرة العربية وبعد الإسلام بدأ يتطور تدريجياً، وبخاصة في "العصر الأموي" حيث ظهر بعض الكتاب الذي طوروا الخط كـ "عبد الحميد الكاتب" و" الشجري" وغيرهم، ثم تطور بشكل أوسع في "العصر العباسي" على يد عدد كبير من الخطاطين نذكر منهم "ابن البواب" و"ياقوت المستعصمي" وغيرهم، بعد ذلك قام الخطاطون العثمانيون بتطوير الخط بشكله الحالي وكان من أشهرهم الخطاط "حامد الآمدي" واشتهر من العرب في العصر الحالي في سورية "بدوي الديراني"، والخطاط "حلمي حباب" وفي العراق "هاشم البغدادي" و"حسن المسعود"، في مصر "حسني البابا" والد المطربة "نجاة الصغيرة" والممثلة "سعاد حسني" وهو سوري الأصل، وهناك الكثير من الخطاطين منتشرين في أنحاء الوطن العربي».
عليكم بحسن الخط
وعنه شخصياً فهو يفضل الخطوط ذات الطابع الفني الهندسي، وعنها يقول: «أهتم بالخط "الكوفي" لأنه غني بالتشكيلات الفنية، وكذلك بالخط "الديواني" لانسيابيته وجماليته، وبقية الخطوط فلي تجارب كثيرة فيها، وخاصة في خطي "النسخ" و"الرقعة" وذلك لكتابة اللوحات، واللافتات الإعلانية».
أما المعارض التي شارك فيها، فيذكرها قائلاً: «معارض محلية فنية مشتركة مع بقية الفنون التشكيلية الأخرى ومعارض نقابة المعلمين، وآخر معرض شاركت فيه كان بموازاة مهرجان الشعر بإشراف المجمع الإداري للتربية في "سلمية"، ونقابة المعلمين تحت عنوان "تمكين اللغة العربية والخط العربي"».
وعلى اعتبار أن معظم لوحات الخط العربي يكون محتواها إما آية قرآنية، أو حكمة مأثورةً، أو بيتاً من الشعر، أو حتى مثلاً شعبياً، فهذا قد يخلق إضافة لكل ما تحمله من حالة فنية وجمالية،
قد يخلق تنازعاً ما أو صراعاً ما لشدِّ المتلقي بين اللوحة واللوحة نفسها، وبالتحديد بين شكلها ومضمونها، بين المعنى الذي تحمله الكلمات وبين جمالية الخط الذي كتبتْ به، فأيهما الأكثر قدرة على استحواذ المتقلي العربي؟،
يجيبنا الأستاذ "علي": «لا بد أن نشير أولاً إلى وجود مدرستين في فن الخط فيما يخص هذه النقطة بالتحديد، الأولى وهي التي تعتمد على آيات قرآنية - كما ذكرت- وأقوال وحكم وأبيات شعرية، أي أنها تبحث عن الشكل اعتماداً على المضمون. أما المدرسة الثانية فروادها يرون أن الحروف العربية فيها جمالية فنية تشكيلية بذاتها، أي لا حاجة لمعنى حاملٍ للخط، فيكتبون حروفاً ويشكلون منها حالة فنية.
أنا من أنصار المدرسة الأولى،
وأعتقد أن المعنى الجميل يشكل حافزاً للبحث عن نوع الخط الذي تختاره، وطريقة تشكيله، فإذا كان الخط متقناً، وينطوي على حالة إبداعية محضة فأعتقد أنه يستطيع مقارعة المعنى في جذب اهتمام كل من يرى اللوحة».
والجدير ذكره أن الأستاذ "علي أمين" هو من مواليد "سلمية" في العام 1941
وقد تم تكريمه في مهرجان "محمد الماغوط" المسرحي الثاني الذي أقيم في "سلمية" في العام 2008.
شاركغرّدأرسلأرسل