"العجمي"... حداثة الرؤية الدمشقية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "العجمي"... حداثة الرؤية الدمشقية


    "العجمي"... أصالة المهنة وحداثة الرؤية الدمشقية
    • شيرين خليل


    دمشق
    يعتبر "العجمي" من الحرف الدمشقية القديمة التي استخدمت لتزيين المباني المعمارية كـ "الجامع الأموي"، وقد بقيت هذه الحرفة محافظة على وجودها ضمن عائلات دمشقية معينة لاتزال تعجن بأصابع يدها تلك العجينة التي تحتل مكانة كبيرة من منازلنا الدمشقية.

    موقع "eSyria" زار "دمشق القديمة"، وخلال تواجدنا هناك التقينا الدكتورة "هبة الصواج" وهي مغتربة في "أميركا" وقد جاءت لتصمم ديكور غرفة كاملة باستخدام زخرفة "العجمي" عن رأيها بهذه الزخرفة تحدثنا قائلة: «هذه المهنة أصبحت من الكماليات، لكنها توحي إلى التراث وإلى كل ما هو شرقي بشكل عام ودمشقي بشكل خاص، وأردت أن أنقلها معي إلى منزلي في الغربة لكي تذكرني بعبق الشام وأصالتها».
    هذه المهنة أصبحت من الكماليات، لكنها توحي إلى التراث وإلى كل ما هو شرقي بشكل عام ودمشقي بشكل خاص، وأردت أن أنقلها معي إلى منزلي في الغربة لكي تذكرني بعبق الشام وأصالتها

    أما الأستاذ "محمد الأحمد" وهو أستاذ "تاريخ" كان أحد الزائرين لمحل "العجمي" عن رأيه يقول: «"العجمي" يذكرنا بتاريخنا من خلال الزخارف الموجودة في اللوحات والدمج بينها، فهناك زخارف مزجت بين العثماني والأموي وهذا شيء جميل يحمل في داخله معاني ومفاهيم تراثية وتاريخية مرتبطة بعمق حضارتنا».


    مرحلة العمل بالعجينة

    ولمعرفة المزيد عن هذه الحرفة التقينا السيد "زاهر نعمو" الذي يعمل بحرفة "العجمي" منذ أن كان عمره أربعة عشر عاماً والتي ورثها عن جده، عن أهمية هذه المهنة وتاريخها يحدثنا قائلاً: «يعود تاريخ "العجمي" إلى حوالي 1400 عام، فأول مكان تم استخدام "العجمي" في بنائه المعماري هو "المسجد الأقصى"، حيث طُلب من فناني العهد "العثماني، الأموي وبلاد فارس" وضع خبراتهم في الزخرفة والكتابة والألوان، وكانت نتيجة عملهم إبداع زخارف غريبة وألوان متميزة ومن هنا سموها بـ "العجمي" ومعناها "ما هو غريب"، أو غير مألوف، آنذاك كان "الوليد بن عبد الملك" حاكم "دمشق" بعد سماعه بتزيين العمارة نقل هذه التجربة إلى "دمشق" ليتم تزيين "الجامع الأموي" بهذه الزخرفة الجديدة في ذلك العهد، ومن هنا انطلق "العجمي" إلى البيوت الدمشقية القديمة، فحتى الآن لا يخلو بيت عربي من "العجمي" إن كان في كافة غرف البيت أو في البهو، أو فقط في البحرة».

    أما عن العائلات التي تعمل بهذه المهنة في "دمشق" يقول السيد "زاهر نعمو": «هذه المهنة محصورة ضمن عائلات محددة بدمشق ولا يعلمونها لأحد إلا لأبناء العائلة نفسها، فمن أهم العائلات التي تعمل بـ"العجمي" هم "الأوطه باشي، الخياط والرز"، ومن أهم الأماكن التي قمنا بترميمها في سورية "قلعة حلب"، فنتيجة الحروب التي جرت حَدَث نقص في العجمي الموجود في قاعة العرش، وقام بترميمها جدي "نادر أوطه باشي"، فتعد "دمشق" الدولة الوحيدة الذي مازالت تعمل وتحافظ على "العجمي"، كما يوجد أيضاً في "تركيا" لكنها بدائية ولا يعمل بها أحد، فنحن نصدر منتجاتنا إلى الكثير من الدول العربية والأوروبية».


    خلال العمل

    ولمعرفة المزيد عن طريقة العمل بـ"العجمي" يحدثنا السيد "زاهر" قائلاً: «العمل بها يتم يدوياً لا ندخل إليها أية آلة وهذا سبب غلاء أسعارها، فعند البدء باللوحة الزخرفية نأتي بالقطعة الخشبية ونأخذ المقاسات، ثم يتم الرسم على ورق الزبدة بالإبرة، ومن ثم نأتي بالفحم و ندقها لكي تصبح على شكل بودرة، فيرش الفحم على الرسمة الموجودة على ورق الزبدة وهكذا تطبع الرسمة على القطعة الخشبية، أحياناً نضع البودرة العادية بدل الفحم لطبع الزخرفة على الأماكن الغامقة، وثم نأتي بالعجينة الخاصة بـ"العجمي" وتوضع على الرسمة يدويأً، فتركيبة العجينة عبارة عن غضروف البقر يشترى من السوق ومسمى "الغريه الحمرة"، ثم نضيف إليها مواد وتصبح عجينة خاصة بـ "العجمي"، وبعد وضع العجينة على الزخرفة تترك لتنشف ويتم حف القطعة، وبعدها نقوم بتلوينها، فالألوان المستخدمة بـ"العجمي" هي "البيج، التركواز، العفني، الزيتي والخمري وهذه ألوان شرقية، وفي بعض الزخارف يتم وضع ورق الذهب على الأماكن النافرة وهذا يستخدم كثيراً في زخرفة الآيات القرآنية، فورق الذهب له عيارات مختلفة والنوع الممتاز منه لونه يميل إلى الخضار، وبعض الزخارف بعد الانتهاء منها تعتق بمادة خاصة لكي تظهر قديمة».

    أما عن أنواع الزخارف المستخدمة بـ "العجمي" فيحدثنا السيد "زاهر" بالقول: «من أنواع "العجمي" الزخرفة النباتية والهندسية أما الزخرفة بالألوان فقط فيسمى بـ"الحريري"، وعند استخدام العجينة فيه يسمى بالزخرفة النباتية والهندسية، فقبل الإسلام كانت الزخارف المستخدمة حيوانية، كان الفارسيون يستخدمون في زخارفهم الحيوانات والإنسان وكان يسمى بـ"فارسي مجوسي"، ولكن بعد الإسلام حُرمت هذه الزخارف وأصبحت الزخارف فقط نباتية وهندسية، فكل حقبة اختارت نمطا خاصا بهم لكي تميزهم، ففي العهد العثماني اختصوا بالمزهريات بحيث أصبحت زخارفهم أشبه إلى الحقيقية، أما في عهد المماليك كانت الزخارف ناعمة جداً ومتصلة ببعضها بحيث لا يوجد فراغ في اللوحة، وأثناء العمل بالعجمي لا يقتصر على نوع معين من الزخارف فيمكن في اللوحة الواحدة الدمج بين الزخارف الفاطمية والعثمانية والأموية أيضاً».


    العجمي
يعمل...
X