تويت
أندرش زورن المسافر بين وجوهه
الوجه البشري مرآة تُظهر ما يحاول الإنسان إخفاءه أحيانا. مَن يعتبر تلك العبارة حقيقة مفروغا منها لا يعوّل على الصور الفوتوغرافية
زورن رسم بلده السويد من خلال ناسها
الوجه البشري مرآة تُظهر ما يحاول الإنسان إخفاءه أحيانا. مَن يعتبر تلك العبارة حقيقة مفروغا منها لا يعوّل على الصور الفوتوغرافية التي تلتقط الوجه في لحظة مصنوعة تنطوي على قدر من الزيف المطلوب بل تكون الرسوم بالنسبة إليه هي المعيار الذي يمكن أن يكون سليما من أجل التعرّف على الحقيقة.
ذلك له علاقة ببحث الرسام عن التعبير الذي يهب صورته نوعا من القوة. لم يرسم الهولندي رامبرنت إلاّ صورته، شابا وشيخا. رسم الكثيرين غير أن ذلك لم يكن مقصودا من أجل أن يظهروا بأسمائهم. كانوا جزءا من موضوع أو مشهد إنساني.
الإسباني فيلاسكس فعل الشيء نفسه. فنسنت فان غوخ هو الأكثر شعورا بالألم حين رسم صوره الشخصية. وعلى المستوى نفسه فقد كان للمكان تأثير تعبيري على الرسامين مثلما فعل الوجه.
المكان هو الآخر ينطوي على قيمة خلاّقة، من خلالها يعبّر الرسام عمّا يحدث في أعماقه. يمكن أن تحب بلدا أو مدينة صغيرة بسبب ما رأيته منها في رسوم احتلت حيزا في ذاكرتك. ذلك ما تفعله رسوم كلود مونيه التي احتفت بالزهور المائية.
وإن أردت التعرّف على بلد بعيد مثل السويد فما عليك سوى أن ترى لوحات أندرش زورن، المولع برسم الأشخاص بطريقة تجمع بين التعبيرية والانطباعية. زورن الذي عاش ما بين سنتي 1860 و1920 انشدّ إلى الوجه البشري باعتباره المساحة التي يمكن أن يقيم فيها العالم بسلامه وفوضاه وجماله وسخطه وتألقه وانهياره واضطرابه واستقراره.
من خلال تلك الرسوم يمكنك أن تتعرّف على العزلة باعتبارها قوة خلق وليست طاقة سلبية. ذلك مفهوم هو جزء أساس في الحياة السويدية، حيث المناخ القاسي فرض شروطا تملي على الإنسان قوة إرادة استثنائية من أجل البقاء. رسم زورن ناس بلاده من مختلف المستويات الاجتماعية في مختلف الحالات كما لو أنه قرّر أن يرسم بلاده من خلال بشرها.
وهو من خلال ذلك إنما وضع أمامنا خارطة أخرى لبلاده مادتها البشر بكل ما تنطوي عليه وجوههم من قدرة على التعبير. الرسم بطريقة أو بأخرى يُظهر ما يُخفيه المشهد العام من حقائق. تلك واحدة من وظائفه.
PreviousNext
فاروق يوسف
كاتب عراقي
الوجه البشري مرآة تُظهر ما يحاول الإنسان إخفاءه أحيانا. مَن يعتبر تلك العبارة حقيقة مفروغا منها لا يعوّل على الصور الفوتوغرافية
زورن رسم بلده السويد من خلال ناسها
الوجه البشري مرآة تُظهر ما يحاول الإنسان إخفاءه أحيانا. مَن يعتبر تلك العبارة حقيقة مفروغا منها لا يعوّل على الصور الفوتوغرافية التي تلتقط الوجه في لحظة مصنوعة تنطوي على قدر من الزيف المطلوب بل تكون الرسوم بالنسبة إليه هي المعيار الذي يمكن أن يكون سليما من أجل التعرّف على الحقيقة.
ذلك له علاقة ببحث الرسام عن التعبير الذي يهب صورته نوعا من القوة. لم يرسم الهولندي رامبرنت إلاّ صورته، شابا وشيخا. رسم الكثيرين غير أن ذلك لم يكن مقصودا من أجل أن يظهروا بأسمائهم. كانوا جزءا من موضوع أو مشهد إنساني.
الإسباني فيلاسكس فعل الشيء نفسه. فنسنت فان غوخ هو الأكثر شعورا بالألم حين رسم صوره الشخصية. وعلى المستوى نفسه فقد كان للمكان تأثير تعبيري على الرسامين مثلما فعل الوجه.
المكان هو الآخر ينطوي على قيمة خلاّقة، من خلالها يعبّر الرسام عمّا يحدث في أعماقه. يمكن أن تحب بلدا أو مدينة صغيرة بسبب ما رأيته منها في رسوم احتلت حيزا في ذاكرتك. ذلك ما تفعله رسوم كلود مونيه التي احتفت بالزهور المائية.
وإن أردت التعرّف على بلد بعيد مثل السويد فما عليك سوى أن ترى لوحات أندرش زورن، المولع برسم الأشخاص بطريقة تجمع بين التعبيرية والانطباعية. زورن الذي عاش ما بين سنتي 1860 و1920 انشدّ إلى الوجه البشري باعتباره المساحة التي يمكن أن يقيم فيها العالم بسلامه وفوضاه وجماله وسخطه وتألقه وانهياره واضطرابه واستقراره.
من خلال تلك الرسوم يمكنك أن تتعرّف على العزلة باعتبارها قوة خلق وليست طاقة سلبية. ذلك مفهوم هو جزء أساس في الحياة السويدية، حيث المناخ القاسي فرض شروطا تملي على الإنسان قوة إرادة استثنائية من أجل البقاء. رسم زورن ناس بلاده من مختلف المستويات الاجتماعية في مختلف الحالات كما لو أنه قرّر أن يرسم بلاده من خلال بشرها.
وهو من خلال ذلك إنما وضع أمامنا خارطة أخرى لبلاده مادتها البشر بكل ما تنطوي عليه وجوههم من قدرة على التعبير. الرسم بطريقة أو بأخرى يُظهر ما يُخفيه المشهد العام من حقائق. تلك واحدة من وظائفه.
PreviousNextفاروق يوسف
كاتب عراقي