المتاحف لم تعد تثمينا للماضي فقط بل استشراف للمستقبل
متحف المستقبل يكشف لزواره أسرار الحياة المتجددة عام 2071.
حنان مبروك
نظرة فاحصة لعملية تطوّر الإنسان الحالي
عاش الناس من قبلنا حياتهم الخاصة، فصنعوا حضارتهم وفق قدراتهم لتصبح في عصرنا الحالي منحوتات ومقتنيات وأسرارا تكشفها لنا المتاحف التاريخية في كل بقاع الأرض، وانطلاقا من هذه الفكرة نشأ متحف المستقبل في إمارة دبي التي يؤمن حكامها بأننا “لن نعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن نبدع شيئا يستمر للمئات من السنين”، إذ لا بدّ من متحف “يستشرف لنا مستقبلنا ويوثق للأجيال القادمة رحلتنا نحو التطور والابتكار”.
جرت العادة أن تكون المتاحف مخصصة للماضي بكل ما يحمله من أسرار عن حضارات تعاقبت على الأرض وتركت بصمتها في الفنون والتقنيات الحديثة، بعضها استطاع إنسان الحاضر أن ينجز خيرا منها فيما يظلّ أغلبها سرا غامضا لم تفك شيفراته بعد. إلا أن دبي، المدينة التي صارت سباقة في الكثير من المجالات، فاختار حكامها أن ينشئوا متحفا يجهز الأجيال الصاعدة للحياة القادمة، فيمكنهم من رسم ملامحها مستكشفين قدراتهم ومهاراتهم، في “متحف المستقبل”، الذي سيعيد لنا الأمل في الحاضر بعد أن ننظر إليه نظرة أعمق ومن زوايا تواكب التطور العالمي.
ويعتبر متحف المستقبل أو كما يطلق عليه “متحف دبي الجديد”، من الداخل والخارج من أكثر المباني تطورا في العالم، بدءا من تصميمه الفريد، الذي وضعه المهندس شون كيلا، وطابعه المختلف الذي يتجسد في روعة الخطوط العربية المنقوشة عليه، وصولا إلى استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في عمليات الإنشاء.
وافتتح هذا المتحف في الثاني والعشرين من فبراير الجاري، لكنه بدأ أنشطته وفعالياته العلمية والثقافية مباشرة بعد الافتتاح حيث استضاف عددا من رواد العالم في التكنولوجيا والابتكار، كان آخرهم أليكس كيبمان نائب رئيس شركة مايكروسوفت الذي استعرض قوة وتأثير التكنولوجيا على تجاوز قيود الزمان والمكان.
وفتح أبواب معارضه نحو المستقبل للزوار، وهو يبشرهم بنقلة لعام 2071 حيث من المتوقع أن يصبح سفرهم إلى الفضاء سهلا على متن “مكوك” ويمنحهم فرصة زيارة مكتبة متوقعة يتم فيها تخزين الآلاف من عينات الحمض النووي وتصنيفها.
وظل هذا المتحف لأسابيع طويلة حديث رواد مواقع التواصل، وتحديدا منذ الكشف عن سطحه الخارجي، الذي صنع من الفولاذ المقاوم للصدأ “الاستانلس ستيل”، ويبدو شكله البيضاوي عبارة على كلمات عربية كتبت بالخط العربي ليس من السهل على المارة والمتفرجين فهمها لكنها بالتأكيد لن تحيد عن الفكرة العامة للمتحف ألا وهي التشجيع على تخيل المستقبل وتصميمه والسعي إلى الإنجاز.
ووفق البيانات الصحافية المصاحبة لافتتاح المتحف، فإن الكلمات المكتوبة على متحف المستقبل هي ثلاث اقتباسات لنائب رئيس الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي “لن نعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن نبدع شيئا يستمر لمئات السنين”.
"متحف المستقبل" سيعيد لنا الأمل في الحاضر بعد أن ننظر إليه نظرة أعمق ومن زوايا تواكب التطور العالمي
“المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه، المستقبل لا يُنتظر، المستقبل يُمكن تصميمه وبناؤه اليوم”.
“سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية هو في كلمة واحدة: الابتكار”.
وقد قام مطر بن لاحج وهو فنان تشكيلي ومصور ونحات إماراتي بتصميم الخط العربي للاقتباسات المخطوطة والكتابة على سطح متحف المستقبل، التي جعلته يبدو كما لو كان تحفة فنية لا مثيل لها.
ويتميز المتحف بتصميمه البيضاوي الفريد الذي يحاكي أهدافه الرامية إلى استضافة أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا والتصاميم المعمارية، كما ستتغير المعروضات داخله كل 6 أشهر، ليبقى بذلك متماشيا مع التغيرات التكنولوجية العالمية.
كما سينظم متحف المستقبل مجموعة من الدورات وورش العمل لمناقشة الأبحاث والإبداعات العلمية والتقنية واتجاهاتها وتطبيقاتها المستقبلية والعملية. ويخصص جزءا كبيرا من أنشطتها للأطفال باعتبارهم “أبطال المستقبل”.
ويحظى المتحف بقيمة سياحية وثقافية رغم أنه يركز على مستقبل قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتأثيرها على حياة الإنسان، ويوفّر لروّاده تجربة تفاعلية فريدة من نوعها تمكّنهم من إلقاء نظرة ثاقبة على مستقبل هذا القطاع الذي بات أكبر مجالات التنافس بين الدول.
ويوفر بيئة علمية مجهزة بأفضل الوسائل والأدوات لتحفيز الأشخاص على الابتكار وإيجاد حلول للتحديات التي قد تواجه المدن الذكية في المستقبل، إذ يضم المتحف مختبرات للابتكار في العديد من المجالات، بما في ذلك الصحة والتعليم والذكاء الاصطناعي والطاقة والنقل، بالإضافة إلى مختبرات خاصة لاختبار الأفكار.
وتضم أقسام المتحف الداخلية منصة لاستعراض واختبار إبداعات الشركات التقنية الرائدة عالميا، كما ينقسم إلى 3 أجزاء رئيسية، يركز الجزء الأول منها على قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي ومدى تأثيرها على تحسين القدرات الذهنية للإنسان، فيما يسلط الجزء الثاني الضوء على العلاقة بين الإنسان والروبوت، كرعاية الروبوتات لكبار السن. أما الجزء الثالث فيتناول كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عمليات الإدارة واتخاذ القرارات، بما في ذلك مدى الثقة في الذكاء الاصطناعي لإدارة الأموال.
ويضم المتحف أيضا منطقة “فيتزانيا” التي تشمل مركزا خاصا لإجراء الفحوصات الطبية، علاوة على شخصية الروبوت المعالج الذي سيعمل على تقديم نصائح هامة لتفادي الحوادث، عدا عن تقديمه العديد من الحلول للإصابات الناجمة عن هذه الحوادث.
وبمجرد افتتاحه، شهد المتحف إقبالا كبيرا حيث تهافت عليه الإماراتيون والمقيمون لاكتشاف هذه الأيقونة المعمارية والتعرف على آخر الابتكارات التكنولوجية المعروضة ومن بينها طائرات دون طيار وعينات طبية ونماذج من التقنيات المخبرية، وحتى التفاصيل المعمارية الدقيقة التي تميّز المتحف وتجعله فريدا من نوعه.
وفيما يزور محبو الاستكشاف المتاحف للوقوف على أمجاد الماضي، يعتبر متحف المستقبل في دبي فرصة لا تُعوض للراغبين منهم في اكتشاف وتوقع أمجاد المستقبل والحياة التي يمكن أن يعيشها الأبناء والأحفاد، وبإمكانهم الإسهام في ذلك عبر التسجيل في مجموعة من البرامج التدريبية والتعليمية التي تنمي روح الابتكار لدى الشباب المبدعين في كافة المجالات.
متحف المستقبل يكشف لزواره أسرار الحياة المتجددة عام 2071.
حنان مبروك
نظرة فاحصة لعملية تطوّر الإنسان الحالي
عاش الناس من قبلنا حياتهم الخاصة، فصنعوا حضارتهم وفق قدراتهم لتصبح في عصرنا الحالي منحوتات ومقتنيات وأسرارا تكشفها لنا المتاحف التاريخية في كل بقاع الأرض، وانطلاقا من هذه الفكرة نشأ متحف المستقبل في إمارة دبي التي يؤمن حكامها بأننا “لن نعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن نبدع شيئا يستمر للمئات من السنين”، إذ لا بدّ من متحف “يستشرف لنا مستقبلنا ويوثق للأجيال القادمة رحلتنا نحو التطور والابتكار”.
جرت العادة أن تكون المتاحف مخصصة للماضي بكل ما يحمله من أسرار عن حضارات تعاقبت على الأرض وتركت بصمتها في الفنون والتقنيات الحديثة، بعضها استطاع إنسان الحاضر أن ينجز خيرا منها فيما يظلّ أغلبها سرا غامضا لم تفك شيفراته بعد. إلا أن دبي، المدينة التي صارت سباقة في الكثير من المجالات، فاختار حكامها أن ينشئوا متحفا يجهز الأجيال الصاعدة للحياة القادمة، فيمكنهم من رسم ملامحها مستكشفين قدراتهم ومهاراتهم، في “متحف المستقبل”، الذي سيعيد لنا الأمل في الحاضر بعد أن ننظر إليه نظرة أعمق ومن زوايا تواكب التطور العالمي.
ويعتبر متحف المستقبل أو كما يطلق عليه “متحف دبي الجديد”، من الداخل والخارج من أكثر المباني تطورا في العالم، بدءا من تصميمه الفريد، الذي وضعه المهندس شون كيلا، وطابعه المختلف الذي يتجسد في روعة الخطوط العربية المنقوشة عليه، وصولا إلى استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في عمليات الإنشاء.
وافتتح هذا المتحف في الثاني والعشرين من فبراير الجاري، لكنه بدأ أنشطته وفعالياته العلمية والثقافية مباشرة بعد الافتتاح حيث استضاف عددا من رواد العالم في التكنولوجيا والابتكار، كان آخرهم أليكس كيبمان نائب رئيس شركة مايكروسوفت الذي استعرض قوة وتأثير التكنولوجيا على تجاوز قيود الزمان والمكان.
وفتح أبواب معارضه نحو المستقبل للزوار، وهو يبشرهم بنقلة لعام 2071 حيث من المتوقع أن يصبح سفرهم إلى الفضاء سهلا على متن “مكوك” ويمنحهم فرصة زيارة مكتبة متوقعة يتم فيها تخزين الآلاف من عينات الحمض النووي وتصنيفها.
وظل هذا المتحف لأسابيع طويلة حديث رواد مواقع التواصل، وتحديدا منذ الكشف عن سطحه الخارجي، الذي صنع من الفولاذ المقاوم للصدأ “الاستانلس ستيل”، ويبدو شكله البيضاوي عبارة على كلمات عربية كتبت بالخط العربي ليس من السهل على المارة والمتفرجين فهمها لكنها بالتأكيد لن تحيد عن الفكرة العامة للمتحف ألا وهي التشجيع على تخيل المستقبل وتصميمه والسعي إلى الإنجاز.
ووفق البيانات الصحافية المصاحبة لافتتاح المتحف، فإن الكلمات المكتوبة على متحف المستقبل هي ثلاث اقتباسات لنائب رئيس الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي “لن نعيش مئات السنين، ولكن يمكن أن نبدع شيئا يستمر لمئات السنين”.
"متحف المستقبل" سيعيد لنا الأمل في الحاضر بعد أن ننظر إليه نظرة أعمق ومن زوايا تواكب التطور العالمي
“المستقبل سيكون لمن يستطيع تخيله وتصميمه وتنفيذه، المستقبل لا يُنتظر، المستقبل يُمكن تصميمه وبناؤه اليوم”.
“سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية هو في كلمة واحدة: الابتكار”.
وقد قام مطر بن لاحج وهو فنان تشكيلي ومصور ونحات إماراتي بتصميم الخط العربي للاقتباسات المخطوطة والكتابة على سطح متحف المستقبل، التي جعلته يبدو كما لو كان تحفة فنية لا مثيل لها.
ويتميز المتحف بتصميمه البيضاوي الفريد الذي يحاكي أهدافه الرامية إلى استضافة أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا والتصاميم المعمارية، كما ستتغير المعروضات داخله كل 6 أشهر، ليبقى بذلك متماشيا مع التغيرات التكنولوجية العالمية.
كما سينظم متحف المستقبل مجموعة من الدورات وورش العمل لمناقشة الأبحاث والإبداعات العلمية والتقنية واتجاهاتها وتطبيقاتها المستقبلية والعملية. ويخصص جزءا كبيرا من أنشطتها للأطفال باعتبارهم “أبطال المستقبل”.
ويحظى المتحف بقيمة سياحية وثقافية رغم أنه يركز على مستقبل قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتأثيرها على حياة الإنسان، ويوفّر لروّاده تجربة تفاعلية فريدة من نوعها تمكّنهم من إلقاء نظرة ثاقبة على مستقبل هذا القطاع الذي بات أكبر مجالات التنافس بين الدول.
ويوفر بيئة علمية مجهزة بأفضل الوسائل والأدوات لتحفيز الأشخاص على الابتكار وإيجاد حلول للتحديات التي قد تواجه المدن الذكية في المستقبل، إذ يضم المتحف مختبرات للابتكار في العديد من المجالات، بما في ذلك الصحة والتعليم والذكاء الاصطناعي والطاقة والنقل، بالإضافة إلى مختبرات خاصة لاختبار الأفكار.
وتضم أقسام المتحف الداخلية منصة لاستعراض واختبار إبداعات الشركات التقنية الرائدة عالميا، كما ينقسم إلى 3 أجزاء رئيسية، يركز الجزء الأول منها على قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي ومدى تأثيرها على تحسين القدرات الذهنية للإنسان، فيما يسلط الجزء الثاني الضوء على العلاقة بين الإنسان والروبوت، كرعاية الروبوتات لكبار السن. أما الجزء الثالث فيتناول كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في عمليات الإدارة واتخاذ القرارات، بما في ذلك مدى الثقة في الذكاء الاصطناعي لإدارة الأموال.
ويضم المتحف أيضا منطقة “فيتزانيا” التي تشمل مركزا خاصا لإجراء الفحوصات الطبية، علاوة على شخصية الروبوت المعالج الذي سيعمل على تقديم نصائح هامة لتفادي الحوادث، عدا عن تقديمه العديد من الحلول للإصابات الناجمة عن هذه الحوادث.
وبمجرد افتتاحه، شهد المتحف إقبالا كبيرا حيث تهافت عليه الإماراتيون والمقيمون لاكتشاف هذه الأيقونة المعمارية والتعرف على آخر الابتكارات التكنولوجية المعروضة ومن بينها طائرات دون طيار وعينات طبية ونماذج من التقنيات المخبرية، وحتى التفاصيل المعمارية الدقيقة التي تميّز المتحف وتجعله فريدا من نوعه.
وفيما يزور محبو الاستكشاف المتاحف للوقوف على أمجاد الماضي، يعتبر متحف المستقبل في دبي فرصة لا تُعوض للراغبين منهم في اكتشاف وتوقع أمجاد المستقبل والحياة التي يمكن أن يعيشها الأبناء والأحفاد، وبإمكانهم الإسهام في ذلك عبر التسجيل في مجموعة من البرامج التدريبية والتعليمية التي تنمي روح الابتكار لدى الشباب المبدعين في كافة المجالات.