يمام سامي.. فرشاة حرير على عباءات عراقية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يمام سامي.. فرشاة حرير على عباءات عراقية

    يمام سامي.. فرشاة حرير على عباءات عراقية


    المصدر عباءات عراقية

    رسمتْ الموروث الشعبي والرموز التاريخية مثل الكف وسبع عيون والشناشيل البغدادية والبَصْرية

    "أزياء شذرة" مشروع نفّذته من مشغلها في البيت وتسوّقه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي
    لم تفطن تلك الطفلة الهادئة المستكينة لحروف القراءة وأبيات الشعر ومفاتن الحكايا، إلى أن في مخيلتها مفاتيح لم تدرها بعد، وأن جينات الفن والأدب ستفتح أمامها عوالم أسطورية مدهشة، حتى جرَّبت مرة فرشاة ألوان على لوحة قديمة مهملة من أثاث البيت.

    مرة واحدة، استحضرت رموزًا سومرية، وخطوطًا بابلية بألوان فطرية، كانت قد ألفتها عبر أنواع البُسُط والمفارش الشتائية المحاكة من قبل العوائل الريفية الجنوبية، المهداة كثيرًا منها لمنزل جدها البغدادي المنحدر من تلك الجذور.

    رسمت لوحة كبرى يوم لم تزد سني عمرها عن العشر، وعلقتها مكان القديمة وكانت مفاجأة للجميع، إذ سرعان ما اكتشفت العمّات أن تلك اللوحة تحمل أسلوب والدها الفنان والخطاط والمصمم الصحفي الراحل سامي حسن العتابي الذي غيّب في السجون السياسية، ومن ثم أعدم قبل أن تدرك وجوده في حياتها.

    لم تعرف يمام والدها إلا عبر صور قليلة جمعتهما يوم لم يزد عمرها عن العامين فقط قبل اختفائه، لكن القدر استحضره لها من حيث لا تدري وتلقائيًّا وجدته معها في جيناتها، تواصل رسم خطوطه ووضع ألوانه عبر فضاءات لا متناهية.

    بداية تشكيلية

    يمام سامي، وقد استعارت من معاني اسمها الكثير، حلقت في رحاب الفن واستعارت أيقونات الجمال في لوحات مائية.. بادئ الأمر أقامت معرضها التشكيلي الأول في قاعة جميل حمودي بعنوان "نور وظل وربيع" عام 2001، يوم لم تكمل دراستها الجامعية بعد.

    انتقلت بعد تخرجها لتجربة أخرى بعد تركها العراق، لتبدأ رحلة طويلة من تدريس الفن عبر ورش للأطفال والكبار ضمن مؤسسات ثقافية مرموقة في دول الخليج، إلى جانب ممارستها لمهنة الصحافة والكتابة للأطفال، فأدارت تحرير وترجمت مجلات مخصصة للفتيات والأسرة والأطفال، مثل مجلة "فتيات" الصادرة عن والت ديزني، وميكي وميني، وParents العربية.

    لوحات متنقلة

    بعد غربة نحو 16 عامًا عادت يمام سامي إلى العراق لتجد أن فرص العمل محدودة إزاء جيوش من البطالة، فلم يكن أمامها سوى اللجوء ثانية إلى أحلامها وعوالمها اللونية، ولتبتكر هذه المرة فكرة اللوحات المتنقلة بغنج على أجساد البنات والسيدات.

    دشنت في البدء "مجموعة الربيع"، مستعيرة ثيمة معرضها الأول، على عباءات وشالات من أقمشة الحرير والكتان والجرجيت، فكانت بحق بساتين متنقلة زهت بألوان ربيعية من البنفسجي والوردي والأصفر والأحمر والأخضر، لتعود مرة أخرى إلى الموروث الشعبي والرموز التاريخية فرسمت "الكف" و"سبع عيون"، والشناشيل البغدادية والبَصْرية، على عباءات أو "بشوت"، كانت تلبس عادة من الرجال وباتت اليوم مختلفة بفعل تغيرات الموضة الخليجية لتصبح أزياء نسائية.

    وتناولت الموروث الفني الإسلامي بصيغ حداثوية، فرسمت الخط العربي بحروفيات مختلفة، وطرزتها على ظهور العباءات وعلى صدورها، فظهرت وكأنها واجهات للوحات ولقى تاريخية ثمينة.

    وحملّت شالاتها الحريرية لوحات لفتيات رومانسيات حالمات منطلقات في رحاب مرحة، في حين رسمت بورتريهات لشخصيات نسوية بملامح جمالية كلاسيكية، تعيد للمرأة سكونها في عالم الصخب والتشتت، لتصبح تلك الشالات وصفات علاج نفسي تزيح التوتر، وتمنح فرصًا للتأمل والصفاء.

    وبعيدًا عن المألوف عادت واستخدمت الرموز الشعبية مثل "سبع عيون" ومزجتها بتشكيلات زخرفية نباتية، لتشكل ثمارًا لأشجار أسطورية مدهشة.

    هواية وشغف

    عن فنها تقول يمام: الفن هواية وشغف ومتنفس مريح للنفس، عاش معي منذ طفولتي مثل رفيق ملازم، أركن إليه عند الشعور بالسعادة أو الحزن أو الحاجة للتعبير عمَّا يدور في ذهني بصور مرئية، إما بطريقة واضحة أو مرمزة، مضيفة: الرسم والتصميم هما طريقان لاستشعار الجمال وخلقه في عالمنا، وقد حاولت جاهدة لأن يستند عملي على هذه المهارات التي ترضي رغبتي بممارسة هوايتي من جانب، ومن جانب آخر توفير فرصة دخل للعيش لي ولأسرتي، وإن كانت ليس بمستوى العمل الثابت بالصحافة الذي عملت فيها لسنوات طويلة، وتتابع قائلة: هكذا كانت فكرة "أزياء شذرة"، وهي عمل خاص أمارسه من مشغلي في البيت، وأسوّقه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، مزجت فيه بين خبرتي الرسم وصحافة الموضة، وما جنتيه من معرفة مكتسبة بالفن التشكيلي الذي درسته على يد فنانين عراقيين كبار أمثال د. ماهود أحمد ونشأت الآلوسي، وعالم الموضة والأزياء والأعمال والتسويق الذي اطلعت عليه عن كثب أثناء عملي في مجلات ومواقع إلكترونية نسائية مرموقة ولايف ستايل مثل: "أنا زهرة" و"هي" و"بنت الخليج".

    مقاومة البطالة

    وتؤكد الفنانة والصحفية يمام سامي نجاح فكرة مشروعها قائلة: كانت بدايات هذا المشروع مبشرة بخير، لترضي طموحي وتبعد عني شبح البطالة أو الالتزام بالوظيفة التقليدية، فوجدت الكثير من الدعم والإعجاب بالفكرة والأزياء التي قدمتها، كونها تعد قطع فنية فريدة لا تتكرر، كل منها هي لوحة أصلية تزين صاحبتها وتعكس شغفها بالفن والموضة وتعيش معها طوال العمر، مثل الاستثمار بعمل فني أصيل، مضيفة: اقتنى الكثير من النساء هذه الأزياء على هيئة عباءة أو بشت أو شال، وسافرتْ إلى كثير من السيدات في البلدان الغربية، ليتزين بها في المناسبات الاجتماعية والدبلوماسية، كونها تعكس هوية وإرث العراق والوطن العربي بلمحة إسلامية من حيث الزخارف والتصاميم المحتشمة.











يعمل...
X