يقصد بفقدان الوعي عدم قدرة الشخص على الاستجابة لمنبهات الوسط المحيط (1)، وتعد من الحالات الطارئة طبيًّا (2)، ويجب التعامل معها بسرعة وبدقة (1). فهو ليس كالنوم؛ إذ يتنبّه الشخص النائم إلى الأصوات المرتفعة أو عند تنبيهه وهزّه بلطف، لكن لا يحدث هذا عند الشخص الفاقد الوعي (2).
لا تُعد كل حالات فقدان الوعي بالخطورة ذاتها، فهناك درجات تختلف بمدة فقد الوعي، فمنها ما تكون قصيرة المدّة الزمنية، ويدعى هذا بالإغماء Fainting (1)، والاسم العلمي المُرادف هو الغشي Syncope، ويعرف بفقدان وعي مفاجئ ومؤقت (3). ومنها ما تكون مدة فقدان الوعي أطول ويكون المريض مضطربًا عند الاستيقاظ. أما في الحالات الأطول فقد يدخل المريض في الغيبوبة coma، ويبقى فاقدًا الوعيَ مدةً طويلة جدًّا (1).
ما الذي يسبب فقد الوعي؟
للحفاظ على الوعي يتطلب الدماغ مقدارًا معيّنًا من الأوكسجين، ويحدث الغشي (الإغماء) عندما تصل كمية أقل من الأوكسجين إلى الدماغ، وفي حالات نقص الأكسجة الشديدة قد يفقد الشخص وعيه. وتتنوع آليات نقص الأوكسجين حسب المرض أو الحالة المسببة (3). وعادةً ما يكون السبب الكامن وراء الإغماء انخفاضَ ضغط الدم، ففي هذه المدة الزمنية الوجيزة لا يحصل الدماغ على التدفق الكافي من الدم الذي يحتاجه (4).
الإغماء:
سنبدأ بالإغماء الذي يحدث فجأة، ويستعيد المريض وعيه بسرعة، أو قد يشكو المريض من حالة تسمى ما قبل الغشي فيمر بأعراض دوخة والحاجة إلى الجلوس أو الاستلقاء (3-5).
عادةً ما يكون سبب الإغماء بسيطًا، فإذا حدث عند شخص يتمتع بصحة جيدة ولمرة واحدة فعلى الأغلب ألا يكون السبب خطيرًا (5).
ومن الأسباب البسيطة التي قد تسبب إغماءً: التجفافُ ونقص سكر الدم وهبوط الضغط الانتصابي الذي يحدث في أثناء الوقوف فيُجذب الدم باتجاه القدمين بتأثير الجاذبية، ومن ثم تنقص كمية الدم المتدفقة إلى الدماغ.
من الأسباب الأخرى: تنبيه العصب المبهم الذي يحدث مثلًا في حال الضغط الزائد في أثناء التغوط أو الضحك بشدة أو عند سماع أخبار سيئة (2-4).
لكن على الرغم من شيوع الأسباب البسيطة للإغماء ومن كونه عابرًا فقد يخفي في بعض الحالات مرضًا خطيرًا، ويزداد احتمال أنّ هناك سببًا خطيرًا مع تقدم العمر، فالإغماء عند الأشخاص المسنين قد يشير إلى مشكلات في القلب كعدم انتظام ضربات القلب أو أمراض الشرايين والدسامات القلبية (مثل تضيق الصمام الأبهري)، وتسبِّب هذه المشكلات جميعها الشعورَ بالخفقان وضيق النفس والألم الصدري. ومن الضروري مراجعة الطبيب عند الشعور بهذه الأعراض (4).
هناك بعض الحالات الخطيرة التي قد تسبب إغماءً منها الاختلاجات التي يكون سببها اضطرابًا دماغيًا (4). ومن الأسباب الأخرى فقر الدم والجلطات وتكوّن كتلة دماغية وإصابات الرأس (6) أو النزف (4) أو تأثير جانبي لبعض الأدوية (5).
بالنسبة للإغماء عند الأطفال فكما عند الكبار معظم الحالات لا تنبئ بسبب خطير، لكن هذا لا ينفي أنّ هناك بعض الحالات التي قد تشير إلى أمراض قلبية أو عصبية (6).
هناك بعض الأعراض التي قد تترافق مع الإغماء وتزيد احتماليةَ خطورة المرض، منها الإغماء في أثناء أداء التمارين الرياضية أو الإغماء الذي يترافق مع الشعور بقوة ضربات القلب وسرعتها والغشي مع وجود تاريخ عائلي لحدوث موت قلبي مفاجئ (6).
ماذا يجب أن نفعل حالَ شعرنا أننا على وشك الإغماء؟
إن كنت تشعر بالدوار أو بأنك على وشك فقد الوعي ابحث عن مكان للجلوس حالًا؛ كي تتجنب السقوطَ وإيذاء نفسك، وإن كان المكان مناسبًا استلقِ وارفع قدميك لزيادة تدفق الدم إلى القلب ومنه إلى الدماغ، وفي حال ترافقت الأعراض مع الشعور بالغثيان نمْ على جانبك لتجنب الاختناق حالَ فقد الوعي، وإن كنت غيرَ قادر على الاستلقاء يمكنك وضع رأسك بين ركبتيك.
إن فقدت الوعي فعلًا، فبعد استيقاظك ابقَ مستلقيًا ل 10 أو 15 دقيقة، وتفقد جسدَك إن حدثت أذية من السقطة، وحاول أن تحرك قدميك وبعدها قف ببطء (5).
أما في حال مصادفةِ شخص فاقد الوعيَ يجب الإلمام بخطوات الإسعافات الأولية:
- إن رأيت شخصًا على وشك الإغماء، حاول أن تسنده؛ ليتجنب السقطة، ثم مدده وارفع قدميه.
- إن لم يستعد وعيَه في خلال دقيقة اتصل فورًا بالإسعاف، أو اطلب من أحد المرافقين الاتصال (2). (كذلك يجب طلب المساعدة الطبية فورًا في حالات أخرى نوردها في الفقرة التالية من المقال).
- يجب مراقبة ضربات القلب والتنفس.
- بعد التأكد من وجود ضربات القلب وأن المريض لا يزال يتنفس أمِلْه على جانبه، لكن بشرط ألا يكون هناك احتمال لإصابة في النخاع الشوكي، ولا تنسَ مراقبة التنفس والقلب باستمرار (2).
- بعد إمالة المريض، اثنِ القدم العلوية حتى تشكل كلٌّ من الركبة والورك زاوية قائمة (كما في الصورة)، وارفع الرأس بلطف إلى الأعلى للحفاظ على المجرى الهوائي مفتوحًا (2).
Image: https://physicalsportsfirstaid.files...wing.jpg?w=640
- وفي حال الشك بإصابة في النخاع الشوكي اترك المصاب مستلقيًا كما وجدته (وهو ما يزال يتنفس)، وحاول أن تُبقي المريض دافئًا لحين وصول المساعدة الطبية (2).
- حاول أن تعْلَم -إن أمكنك- سببَ فقد الوعي، ففقد الوعي بسبب نقص السكر يُستدل عليه ببعض العلامات التي تحدث قبل فقد الوعي منها عدم التوجه وتهيج المريض والتعرق والرجفان (1).
- من المهم الانتباه إلى عدم وضع أي شيء في فم المريض لتجنب الاختناق، كذلك لا يجوز محاولة إيقاظ المريض عبر رش الماء أو الصفع على الوجه (2).
- إن حدث توقف في القلب أو التنفس، نعيد المريض إلى وضعية الاستلقاء ويجرى الإنعاش القلبي الرئوي* (2).
كذلك يجب طلب المساعدة الطبية الفورية في الحالات الآتية أيضًا (2):
- عند سقوط الشخص على الأرض أو إصابته أو إنْ كان هناك نزيف.
- إن كان المريض مصابًا بالسكري.
- إن عانى المريض نوباتِ اختلاج.
- إن لم يتنفس المريض.
- إن كان عمر المريض أكبرَ من 50 سنة.
- إن كانت المريضة حاملًا.
- إن فقد المريض السيطرةَ على مثانته أو أمعائه.
- إن استعاد المريض وعيَه وشعر بألم صدري أو ضغط أو عدم راحة في الصدر، أو إن شعر بالخفقان أو عدم انتظام ضربات القلب.
- إن استعاد المريض وعيه ولم يتمكن من الكلام، أو شكا من مشكلات في الرؤيا أو لم يتمكن من تحريك يديه وقدميه (2).
المصادر:
1. Safety on the Hill - First Aid for Unconsciousness [Internet]. Home.lagrange.edu. 2020 [cited 28 June 2020]. Available from:هنا
2. aid U. Unconsciousness - first aid: MedlinePlus Medical Encyclopedia [Internet]. Medlineplus.gov. 2019 [cited 28 June 2020]. Available from:هنا
3. Pallais J, Schlozman S, Puig A, Purcell J, Stern T. Fainting, Swooning, and Syncope. The Primary Care Companion For CNS Disorders. 2011;13(4). Available from:هنا
4. Publishing H. When should you worry about fainting? - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2019 [cited 28 June 2020]. Available from: هنا
5. A Serious Look at Fainting - Health Encyclopedia - University of Rochester Medical Center [Internet]. Urmc.rochester.edu. 2020 [cited 28 June 2020]. Available from: هنا
6. Syncope in Children - Health Encyclopedia - University of Rochester Medical Center [Internet]. Urmc.rochester.edu. 2020 [cited 28 June 2020]. Available from:هنا