«هز وسط البلد» بترجمة انجليزية في عرض افتتاحي أول بـ«الأقصر للسينما الأوروبية»
«سينماتوغراف» ـ هشام لاشين
نجحت «سينماتوغراف» في الكشف عن المفاجأة التي لم يتم الإعلان عنها خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوربية أمس الأول، حيث حضرت بالفعل عرضا خاصا لفيلم «هز وسط البلد» الذي تم الاتفاق ليكون عرض إفتتاحه الأول ضمن فعاليات المهرجان، وذلك بعد انتهاء مخرجه محمد أبو سيف من مكساج الفيلم ووضع ترجمه إنجليزية عليه، وهو ما يسابق الزمن لفعله الان بعد انتهاء مرحلة المونتاج وتجهيز التريللر الإعلاني الأول.
وفي نفس الوقت كان من المفترض أن يطرح الفيلم بدور العرض خلال إجازة نصف العام الدراسي بدءا من يوم 21 يناير الحالي، لكن هناك مؤشرات لتأجيل العرض ليوم 28 من نفس الشهر ليتزامن مع عرضه بالمهرجان في نفس اليوم وهو الإحتمال الأرجح.
وقد أقام المخرج عرضا بالمونتاج قبل أن تخضع النسخة للمكساج لكل من يوسف شريف رزق الله وماجدة واصف بإعتبارهما مسئولين عن المهرجان وحازت علي إعجابهما وهو مادفعهما للإتفاق علي عرض الفيلم بالمهرجان.
ويناول الفيلم نصف يوم من حياة شريحة كبيرة من المجتمع المصري في منطقة وسط البلد بأسلوب البانوراما حيث تتشابك بينها العلاقات، وتتعقد لتعلن عن مأساة تقترب من شكل الكوميديا السوداء حيث يكشف سيناريو الفيلم الذي كتبه نفس المخرج عن أقنعة الزيف في مجتمع يعيش طول الوقت علي الخداع وإرتداء وجوه غير حقيقية.. وهو يشتبك في تحايلات ويمارس الغش والاعمال غير المشروعة أحيانا مبررا ذلك بالفقر والحاجة.
وتتنوع شخصيات الفيلم بين بين سايس السيارات وصاحب السينما والمنتج وتاجرة تتخذ المحل الذي تمتلكه وتسوق من خلاله الملابس الحريمي ستارا للدعارة، وكذلك بائع للجرائد الذي يبدو طول الوقت شهما وشريفا حتي يأمنه الجميع قبل أن يغدر بهم قبل النهاية بقليل. وهناك المتسولة «حورية» التي تضطر لبيع احد أطفالها قبل أن تتراجع في لحظة متأخرة يكون قد سبق فيها السيف العزل. ثم يتعرض باقي أطفالها للضياع والموت فتفقد صوابها، وهو احد الأدوار الهامة التي لعبتها إلهام شاهين ويرشحها لجائزة خلال الفترة القادمة.
وتمتد الشخصيات الكثيرة والمتنوعة لتشمل السفير المتقاعد والذي يجلس علي مقهي وسط مجموعة تستدعي ذكريات قديمة عن تاريخ شوارع وسط البلد، وهناك صاحب محل التبغ الذي يكتشف ان الناس لم تعد تدخن البايب حيث إستبدلت سجائر البانجو به، وأن الولاعات البلاستيك حلت مكان ولاعات الرونسون الشهيرة حيث تستخدم لعدة مرات ثم يقذف بها في سلة المهملات، وان عليه ان يستوعب ما لجأ إليه إبنه من بيع اي شيئ وكل شيئ في مجتمع صار مستهلكا لكل ماهو رخيص وزاهدا في كل ما له قيمة حقيقية، مثلما عليه أن يفهم أن هناك رشاوي وشهريات تدفع لمسئولين وبلطجية لتنظيف الشارع لأن الدولة قد رفعت يدها عن كل شيئ في البلد رغم انها تحصل علي الضرائب بإنتظام بل وتطارد حتي المتسولين بهدف الجباية.
ووسط هذه الجوقة من السماسرة والمنحرفين والفقراء، بل والمتطرفين حيث تجارة الذقون والجلباب كستار لإرهاب يبرزه الفيلم متوعدا بالشارع وينتهي به في لحظة فاصلة حيث تقبض المتسولة المجنونة علي كتلة من المتفجرات وسط راقصة تفتتح العرض السينمائي «صدر وورك» في سخرية واضحة من نوعية الأفلام المنتشرة. وها هي حورية تسأل المشغولين عنها هل يرغبون في شراء ساعة الكترونية بينما هم منصرفون ومغيبون، وهو مشهد يذكرنا بفيلم «كباريه» وان كانت تترات النهاية تكتفي بإظلام الشاشة حيث علينا ان نفهم النهاية المنطقية لمجتمع يرتع في كل هذا العفن.
ويستخدم المخرج محمد ابو سيف وسيلة درامية فكاهية للتخفيف من وطأة التراجيديا الواقعية التي يقدمها حيث يستخدم علي لوحات السيارات التي تمر طول الوقت في الشارع كلمات من نوعية «عفن – فقر- قواد» بهدف التعليق علي المشاهد والشخصيات وهو إسلوب مبتكر وفي صميم النسيج رغم مايبدو فيه من مباشرة لكنه ترك الأثر الكوميدي المطلوب.
وعموما هذه قراءة أولي لنسخة عمل الفيلم قبل أن تكتمل بمؤثراتها الصوتية والموسيقي التصويرية ولنا عودة بعد إكتمالها وعرضها الجماهيري الذي نترقبه خلال الأيام القليلة المقبلة.