قصص قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصص قصيرة

    وتبقي القصص
    =================================
    ابراهيم عامر
    كنت عائدا من العمل فى نحو التاسعة من مساء أحد أيام صيف 2012 . . وكانت الكهرباء أنقطعت فى المنطقة كلها . . وبدا من حديث الناس فى الطريق أنها كذلك منذ ساعة أو أكثر . . فأشعلت مصباح هاتفي، ودخلت حوش بيتنا . . وكنت أكره أن أفعل ذلك، وأود لو قضيت الوقت فى أحد المقاهي القريبة ريثما يرجع النور، إلا أنني كنت منهكا للغاية، فصعدت السلم فى هدوء . .

    فجأة سمعت جلبة علي السلم، كانت من أعلي، فشعرت بالفزع وتوقفت . . وشعرت بجسد يمر من جواري مهرولا لأسفل، فأنخلع قلبي هلعا . . وتوقفت لحظات غير مستوعب ما جري، وقلت فى بالي لعله أحد اللصوص استغل هذه الفرصة، فلعنته فى سري، ولعنت الظروف التي تهيأت له لكي يفعل فعلته . .

    أكملت صعودي بقلب مرتجف متحفز لأي شر قادم . . ومررت بشقة جارنا الاستاذ عبد العظيم . . وأذا بي ألمح أبنته تقف خارج الشقة، وما أن لمحتها حتى دق قلبي مجددا رعبا، كنت أكره أن أري أي أحد فى هذه اللحظات . .، فزفرت فى ضيق، وألقيت عليها السلام محاولا أن أخفي حنقي من المشهد برمته . . وعاد النور من جديد، وسمعنا أصوات الفرحة فى الشوارع . .

    ردت تحيتي فى حياء معروفة به بنات السابعة عشر، ووجدتها تقترب مني، وتقول: "استاذ خليل ممكن أقصدك فى خدمة؟"، فتنهدت، وقلت: "خدمة أيه يا فريال؟"

    لحظت كم خرج صوتي جافا من العبوس علي وجهها، فقلت مستدركا: "لو حاجة فى استطاعتي مش هتأخر" . . أبتسمت وهي ترد: "آه . . تقدر عليها جدا" . .

    أقتربت مني، وهي تهمس: "شوف يا استاذ خليل . . اللي طالباه منك أنك تخبط علي الباب، ولما بابا يفتح لك، تقوم تسحبه كدة بالكلام فى أي حاجة . . وتبعده عن الباب ولو عشرة سنتي بس" . .

    أبتسمت، وقلت: "ليه؟"، بدا علي وجهها الخجل . . وردت: "علشان مش عاوزاه يعرف أني فتحت الباب وكنت برة" . .

    هنا برقت فى ذهني فكرة ما حدث كله . . نعم الآن بدا كل شيء . . الشبح الخاطف الذي مر من جواري لم يكن سوي صديق لهذه الفتاة . . فتحت له الباب من وراء أبيها . . وهي الآن تخشي أن تطرق الباب فيراها أبوها، ويسألها أين كانت؟، فقلت فى ضيق: "لأ . . من فضلك أنا محبش أتدخل فى حاجة زي كدة" . .

    نظرت لي فى حزن، وقالت: "أرجوك . . دة بابا ممكن يقطع رقبتي"، فقلت فى سري: "يكون أفضل، كي تحرمي أن تقابلي عشيقك علي السلم!"، وهممت أن أتركها، وأواصل صعود السلم . . لولا أن رق قلبي لحالها، فعدت إليها، وقلت: "طيب . . أبعدي عن الباب شوية، ولا أقول لك: أطلعي فوق كدة قدام شقتي، ولما تلاقيني آخدت والدك وبعدت . . أبقي أتحركي، وخشي علي طول" . .

    قالت فى لهفة: "هتقول له أيه؟" . .

    فكرت، وقلت: "يعني هقول له أيه! لازم تكون حاجة كبيرة علشان يتحرك معايا بسرعة، وما يلحقش يفكر"، فأبتسمت، وصفقت بيديها فى سعادة، وصعدت درجات السلم أمامي، فتأملتها فى إعجاب . . جميلة ولذيذة وبها من الأنوثة ما لا تمتلكه من تخطين العشرين والثلاثين . .

    تنهدت، وزفرت فى حرارة، وفجأة أخذت أطرق علي الباب بقوة، وأحاول أن أجعل وجهي يبدو جادا كي لا تنفضح لعبتي . . وخرج الاستاذ عبد العظيم مندهش الوجه، ناظرا لي فى ذعر . . "الله . . مالك يا استاذ خليل؟"، قلت علي الفور: "حريقة . . حريقة يا استاذ عبد العظيم حريقة" . .

    كرر ورائي فى رعب: "حريقة . . . . يا خبر أبيض! فين؟"

    "في شقتي . . حريقة كبيرة جدا" . .

    بدا علي الرجل العجوز الأرتباك الشديد، وكم رثيت لأجله وهو يدور حول نفسه محاولا أن يجد حلا . . وهتف بصوت عال: "طب والعمل أيه؟"، قلت علي الفور: "العمل . . العمل . . تجيب طشت مليان ماية"، فسألني: "ماية سخنة؟" . . صحت به: "وأنا بقول لك واحدة عاوزين نولدها يا استاذ عبد العظيم . . دي حريقة حريقة كبيرة . . يا خرابي علي اللي جري فى شقتي يا خراابي" . .

    وأخذت أولول أمامه، فدخل شقته . . . .

    نظرت لأعلي فوجدتها غارقة فى الضحك، فأبتسمت رغما عني . .

    خرج حاملا طشت مياه، فحملته عنه، ودفعته أمامي دفعا للأسفل . . ونزلنا حوالي أربع درجات، وتوقف فجأة، وصاح بي: "أنت . . مش بتقول أن الحريقة فى شقتك؟"

    أنتبهت، وقلت: "آه" . . هتف بي: "أومال واخدنا ورايح علي فين؟"

    تسمرت فى مكاني، وبدا أن طشت الماء بأكمله أندلق فوق جسمي كله!

    صعد أمامي الدرجات، وهو يهتف: "شفت السربعة واللهوجة بتعمل أيه فى البني آدم؟"

    وهنا حدثت الكارثة التي لم أرغب بها إطلاقا!

    لقد أصطدم الاستاذ عبد الحميد وهو طالع السلم بأبنته فريال وهي نازلة علي السلم، وخرجت من فمها صرخة فزعة . . سمعته يهتف بها: "بنت أنتي كنتي فين؟ . . ردي يا بنت كنتي فين؟ . . من ساعة قطع الكهربا وأنا مش سامع لك حس" . . . .

    فجرت من أمامه، ودخلت شقتهم، فألتفت إلى، ووجهه كله غضب وصرامة: "يعني كانت معاك . . كانت معاك طول ما النور مقطوع . . يا أخي أخص عليك وعلي الجيرة . . أخص!"

    وألقي بـ "الطشت" علي السلم، فجرت المياه علي السلم، كجريان الدم فى عروقي، التي نشفت تماما!

    =================================

    كتبت في أغسطس 2022 ..
يعمل...
X