راسل لـ«دفاتر السينما»: الموسيقى والحبكة وشخصيات أحبّها عناصر (أتنفّس) من خلالها أفلامي
في نوفمبر 25, 2022
فرنسا ـ «سينماتوغراف»
منذ 18 سبتمبر 2022، يُعرض “أمستردام” (2022)، الفيلم الجديد للأميركي ديفيد أو. راسل (مواليد نيويورك، 1958)، في صالات أميركية وأوروبية عدّة: في ثلاثينيات القرن الـ20، ثلاثة أصدقاء (طبيب وممرّضة ومحام) يُصبحون شهوداً على جريمة قتل، لكنّهم يتحوّلون سريعاً إلى مشتبه بهم. في تلك الأثناء، يكتشفون إحدى أكثر المؤامرات فضائحية في التاريخ الأميركي. يُصبح الثلاثة، بن (كريستيان بيل)، وهارولد (جون ديفيد واشنطن)، وفاليري (مارغو روبي)، أصدقاء في فرنسا، في الحرب الكبرى، قبل أنْ تتوطّد أكثر في فترة قصيرة لهم في أمستردام، “في عصرٍ ذهبي للبوهيمية والدادائية”. بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، يلتقون مجدّداً في الولايات المتحدّة الأميركية، للتحقيق في “الموت الغامض لمن كان جنرالاً في فرقتهم”.
بحسب الناقد السينمائي فرناندو غانزو (دفاتر السينما، نوفمبر 2022)، يتناول الفيلم موضوع الصداقة، المرتبطة بالجيش وأوروبا: “هذا نصّ كلاسيكي في هوليوود، منذ الرفاق الثلاثة (1938)، لفرانك بورزاج، وصولاً إلى الساعة الثالثة و17 دقيقة بعد الظهر باتجاه باريس (2018)، لكلينت إيستوود”. صداقة أقوى من هشاشةٍ تُصيب أجساداً وأوضاعاً نفسية وحالات اجتماعية (يهوديّ وأسود وامرأة). يُضيف غانزو أنّ راسل يستخدم تفاصيل مختلفة، كالعين الزجاجية والندوب والظهور المشوّهة والكآبة والدوار، صانعاً منها (يصفها الناقد بالتشوّهات)، “مُحرّكاً (أساسياً) لطريقة إخراجه، حيث فائضها وثقلها يُحيلان إلى أسلوب الأخوين كُوِن”.
يُنجز راسل جديده هذا بعد 7 أعوام من تحقيقه Joy، وهذه “فجوة” زمنية أطول من تلك الحاصلة بين فيلمي I Heart Huckabees، المنجز عام 2004، وThe Fighter، المُنجز عام 2010: “كنتُ منهمكاً في الكتابة. هناك 14 نسخة مختلفة من النصّ السينمائي لـ(أمستردام). إنّها مرحلة جديدة في مساري المهنيّ”، يقول المخرج في حوار منشور في المجلة السينمائية الفرنسية بروميير (نوفمبر 2022). يُضيف أنّ جديدَه “أولُ فيلم ملحميّ لي. أردتُ دائماً أنْ أروي حكاية عن (المُصلحين)، عن أناسٍ يحلّون المشاكل. شيءٌ يُشبه قليلاً جاك نيكلسون في (تشاينا تاون)، (1974، رومان بولانسكي ـ المحرّر). هنا (أمستردام) يوجد طبيبٌ ومحامٍ”.
عن التمثيل عادة، وفي “أمستردام” (سيناريو راسل نفسه) تحديداً (بالإضافة إلى الثلاثة المذكورة أسماؤهم أعلاه)، هناك أيضاً روبرت دي نيرو ورامي مالك، يسأل فرديريك فوبير المخرج/ السيناريست: “ما الذي يُثير خيالك في المرتبة الأولى: الشخصيات أو الممثلون؟”، فيُجيبه: “الأمر نفسه (بين الطرفين)”. بالنسبة إليه، تُبنى شخصياته عندما يتحدّث مع الممثلين والممثلات: “أتحدّث ساعاتٍ مع بيل أو روبي أو واشنطن أو بوب (دي نيرو)، لأنّ حقيقةَ الفيلم تظهر عندما أتحدّث مع من يكون مصدر وَحْي لي. إنْ أبقى وحيداً في المنزل، أفكّر كثيراً. هذا غير جيّد. لذا، كنتُ (مشلولاً) قليلاً بعد فيلمي الأخير”.
رغم هذا كلّه، يُشير ديفيد أو. راسل إلى أنّ هناك 3 مسائل أساسية بالنسبة إليه: “الموسيقى والحبكة، وشخصيات أحبّها. ما إنْ أحصل على هذه الأوراق الـ3، حتى (أتنفّس) الفيلم”. في سياق لاحق، يوافق على أنّ أفلامه تبدو مُصمَّمة للإعلان عن “وجود النجوم”، في مقابل قولٍ يُفيد بأنّه لم يعد هناك نجوم: “أقف أمام مدخل خيمة السيرك، وأدعو الناس إلى حضور العرض. أصرخ بهم: تعالوا وشاهدوا كريستيان بيل ومارغو روبي كما لم تشاهدوهما من قبل. اخرجوا من منازلكم، أنتم الذين لا تخرجون منها إلّا لمشاهدة (توب غان) و(مارفل). نريد أنْ تبقى صالات السينما حيّة”، ثم يُشدِّد على ضرورة إظهار الممثلين والممثلات بطريقة غير مسبوقة: “هذا تأثير خاص بي أنا”.
أعتبر فوبير أنّ راسل جزءٌ من جيل “صندانس”، مع كوينتين تارانتينو وبول توماس أندرسن “والعصابة كلّها”. يسأل: “بعد 30 عاماً، هل لا تزال تملك شعور المغامرة الجماعية؟ أم أنّ مسارك، في العمق، وحيد؟”. قبل إجابته، يُعلن راسل كم أنّه يحبّ فرنسا والوجودية: “أنا جدّيٌ. أنا أعبدكم. أين كنا سنكون لولا (جان ـ بول) سارتر و(ألبير) كامو؟”. أما إجابته، فتكمن في تأكيده على أنّه ينتمي إلى هذا الجيل، مع سبايك جونز وكيمبرلي بيرس وكاترين بيغولو: “أتواصل مع وس (أندرسن)، رغم أنّ لقاءاتنا أقلّ منذ إقامته في باريس (أندرسن متزوّج من اللبنانية جومانة معلوف، مُصمّمة أزياء وكاتبة وممثلة أدوار دوبلاج، وابنة حنان الشيخ ـ المحرّر). تارانتينو عارفٌ بكلّ شيءٍ منذ البداية. هذه قوة من الطبيعة. إنّه عبقري. حتى آرون سوركن يقول بهذا. هناك أيضاً ألكسندر باين وغييرمو دل تورو وآدم ماكاي، والأخير ساعدته في إنتاج آنشورمان: أسطورة رون بورغاندي (2004). باولو سورنتينو أيضاً. نتبادل النصوص السينمائية لقراءتها، والأفلام لمُشاهدتها (قبل إطلاق عروضها). نشبه شخصيات أمستردام، في الواقع. رفاق السلاح. إخوة وأخوات”.
في نوفمبر 25, 2022
فرنسا ـ «سينماتوغراف»
منذ 18 سبتمبر 2022، يُعرض “أمستردام” (2022)، الفيلم الجديد للأميركي ديفيد أو. راسل (مواليد نيويورك، 1958)، في صالات أميركية وأوروبية عدّة: في ثلاثينيات القرن الـ20، ثلاثة أصدقاء (طبيب وممرّضة ومحام) يُصبحون شهوداً على جريمة قتل، لكنّهم يتحوّلون سريعاً إلى مشتبه بهم. في تلك الأثناء، يكتشفون إحدى أكثر المؤامرات فضائحية في التاريخ الأميركي. يُصبح الثلاثة، بن (كريستيان بيل)، وهارولد (جون ديفيد واشنطن)، وفاليري (مارغو روبي)، أصدقاء في فرنسا، في الحرب الكبرى، قبل أنْ تتوطّد أكثر في فترة قصيرة لهم في أمستردام، “في عصرٍ ذهبي للبوهيمية والدادائية”. بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، يلتقون مجدّداً في الولايات المتحدّة الأميركية، للتحقيق في “الموت الغامض لمن كان جنرالاً في فرقتهم”.
بحسب الناقد السينمائي فرناندو غانزو (دفاتر السينما، نوفمبر 2022)، يتناول الفيلم موضوع الصداقة، المرتبطة بالجيش وأوروبا: “هذا نصّ كلاسيكي في هوليوود، منذ الرفاق الثلاثة (1938)، لفرانك بورزاج، وصولاً إلى الساعة الثالثة و17 دقيقة بعد الظهر باتجاه باريس (2018)، لكلينت إيستوود”. صداقة أقوى من هشاشةٍ تُصيب أجساداً وأوضاعاً نفسية وحالات اجتماعية (يهوديّ وأسود وامرأة). يُضيف غانزو أنّ راسل يستخدم تفاصيل مختلفة، كالعين الزجاجية والندوب والظهور المشوّهة والكآبة والدوار، صانعاً منها (يصفها الناقد بالتشوّهات)، “مُحرّكاً (أساسياً) لطريقة إخراجه، حيث فائضها وثقلها يُحيلان إلى أسلوب الأخوين كُوِن”.
يُنجز راسل جديده هذا بعد 7 أعوام من تحقيقه Joy، وهذه “فجوة” زمنية أطول من تلك الحاصلة بين فيلمي I Heart Huckabees، المنجز عام 2004، وThe Fighter، المُنجز عام 2010: “كنتُ منهمكاً في الكتابة. هناك 14 نسخة مختلفة من النصّ السينمائي لـ(أمستردام). إنّها مرحلة جديدة في مساري المهنيّ”، يقول المخرج في حوار منشور في المجلة السينمائية الفرنسية بروميير (نوفمبر 2022). يُضيف أنّ جديدَه “أولُ فيلم ملحميّ لي. أردتُ دائماً أنْ أروي حكاية عن (المُصلحين)، عن أناسٍ يحلّون المشاكل. شيءٌ يُشبه قليلاً جاك نيكلسون في (تشاينا تاون)، (1974، رومان بولانسكي ـ المحرّر). هنا (أمستردام) يوجد طبيبٌ ومحامٍ”.
عن التمثيل عادة، وفي “أمستردام” (سيناريو راسل نفسه) تحديداً (بالإضافة إلى الثلاثة المذكورة أسماؤهم أعلاه)، هناك أيضاً روبرت دي نيرو ورامي مالك، يسأل فرديريك فوبير المخرج/ السيناريست: “ما الذي يُثير خيالك في المرتبة الأولى: الشخصيات أو الممثلون؟”، فيُجيبه: “الأمر نفسه (بين الطرفين)”. بالنسبة إليه، تُبنى شخصياته عندما يتحدّث مع الممثلين والممثلات: “أتحدّث ساعاتٍ مع بيل أو روبي أو واشنطن أو بوب (دي نيرو)، لأنّ حقيقةَ الفيلم تظهر عندما أتحدّث مع من يكون مصدر وَحْي لي. إنْ أبقى وحيداً في المنزل، أفكّر كثيراً. هذا غير جيّد. لذا، كنتُ (مشلولاً) قليلاً بعد فيلمي الأخير”.
رغم هذا كلّه، يُشير ديفيد أو. راسل إلى أنّ هناك 3 مسائل أساسية بالنسبة إليه: “الموسيقى والحبكة، وشخصيات أحبّها. ما إنْ أحصل على هذه الأوراق الـ3، حتى (أتنفّس) الفيلم”. في سياق لاحق، يوافق على أنّ أفلامه تبدو مُصمَّمة للإعلان عن “وجود النجوم”، في مقابل قولٍ يُفيد بأنّه لم يعد هناك نجوم: “أقف أمام مدخل خيمة السيرك، وأدعو الناس إلى حضور العرض. أصرخ بهم: تعالوا وشاهدوا كريستيان بيل ومارغو روبي كما لم تشاهدوهما من قبل. اخرجوا من منازلكم، أنتم الذين لا تخرجون منها إلّا لمشاهدة (توب غان) و(مارفل). نريد أنْ تبقى صالات السينما حيّة”، ثم يُشدِّد على ضرورة إظهار الممثلين والممثلات بطريقة غير مسبوقة: “هذا تأثير خاص بي أنا”.
أعتبر فوبير أنّ راسل جزءٌ من جيل “صندانس”، مع كوينتين تارانتينو وبول توماس أندرسن “والعصابة كلّها”. يسأل: “بعد 30 عاماً، هل لا تزال تملك شعور المغامرة الجماعية؟ أم أنّ مسارك، في العمق، وحيد؟”. قبل إجابته، يُعلن راسل كم أنّه يحبّ فرنسا والوجودية: “أنا جدّيٌ. أنا أعبدكم. أين كنا سنكون لولا (جان ـ بول) سارتر و(ألبير) كامو؟”. أما إجابته، فتكمن في تأكيده على أنّه ينتمي إلى هذا الجيل، مع سبايك جونز وكيمبرلي بيرس وكاترين بيغولو: “أتواصل مع وس (أندرسن)، رغم أنّ لقاءاتنا أقلّ منذ إقامته في باريس (أندرسن متزوّج من اللبنانية جومانة معلوف، مُصمّمة أزياء وكاتبة وممثلة أدوار دوبلاج، وابنة حنان الشيخ ـ المحرّر). تارانتينو عارفٌ بكلّ شيءٍ منذ البداية. هذه قوة من الطبيعة. إنّه عبقري. حتى آرون سوركن يقول بهذا. هناك أيضاً ألكسندر باين وغييرمو دل تورو وآدم ماكاي، والأخير ساعدته في إنتاج آنشورمان: أسطورة رون بورغاندي (2004). باولو سورنتينو أيضاً. نتبادل النصوص السينمائية لقراءتها، والأفلام لمُشاهدتها (قبل إطلاق عروضها). نشبه شخصيات أمستردام، في الواقع. رفاق السلاح. إخوة وأخوات”.