تناغم في التأليف وصياغة ممتعة بمنحوتات النحات عادل خضر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تناغم في التأليف وصياغة ممتعة بمنحوتات النحات عادل خضر

    النحّات عادل خضر
    تجربة هامة وحاضرة بتواضع أنيق في ساحة التشكيل السوري المعاصر
    غازي عانا
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	316409917_10160388059493774_3737321888680918336_n.jpg 
مشاهدات:	20 
الحجم:	76.6 كيلوبايت 
الهوية:	40960

    عادل خضر النحات المخلص بانتمائه إلى تنوّع الثقافة السورية وثراءها المعرفي والبصري، هو عرف مبكّراً كيف ينشئ تلك العلاقة بين كل ذلك وبين ما هو إنساني، من خلال عمله في الحياة والفن معتمداً (الإنسان) كقيمة عليا في هذا الكون الفسيح، وكفنان مازال يسعى بدأب أن يجسد في أعماله النحتية وفي بعض رسوماته ما تحويه تلك الذاكرة من القيم والمثل النبيلة إيماناً منه بأن الفن كان وسيبقى هو التعبير الصادق والمكثّف عن الحياة، وهذا برأيي هو الأهم بالنسبة لأي مشتغل بالفن عموماً وبالنحت خاصة، لارتباط هذا الشكل من التعبير بما تركته تلك الشعوب التي عاشت في هذه المنطقة من فكر وحضارة وثقافة بصرية ومعرفية استمرت فيها إلى اليوم.

    عادل خضر الذي استفاد منتصف الثمانينات من خبرة "هجرس" النحات المصري الذي عمل وعاش لفترة في دمشق، بعد ذلك قدم نفسه كنحات ممارس أول مرة من خلال مشاركته في ملتقى النحت الثاني على الرخام في قلعة دمشق، مكرّراً التجربة في نفس العام تقريباً في ملتقى الأمل الأول بحلب 1998، مؤكـّداً حضوره كنحّات محترف في ملتقى مدينة المعارض العام 2003، بالإضافة إلى مشاركات عديدة في الملتقيات النحتية بأكثر من مناسبة ومكان سوريا، وهكذا طوّر ذاته الفنية من خلال متابعته للنشاط الفني واحتكاكه أكثر مع الفنانين من خلال المعارض التي بدأ يشارك فيها بأعمال تـُظهر اهتماماً بالتقنية وفهماً تشكيلياً طليعياً، وكل هذا لم يبعده عن تعلّقه بالنحت كهواية وغواية جعلته يبادر إلى تنفيذ بعض الأعمال المميّزة في مكان عمله الوظيفي قبل إحالته على التقاعد، مستفيداً من بقايا المواد المستهلكة هناك، وهذه المبادرة الطيبة تـُسجَل له بما تحمل من نوايا طيّبة وأهداف جمالية نبيلة نتمنى أن تُعمّم على معظم المؤسّسات والشركات الإنتاجية من أجل المساهمة في التقـليل من مساحات التلوّث البصري المحيط والمحيق بنا وبذائقتنا من كل حدب وصوب.
    كما عُرف عن النحات عادل خضر اشتغاله على مواد متنوعة (صلصال، جبس، خشب، معدن، حجر ورخام)، وبتميّزه بعمل "الميدالية - البورتريه"، منفّذا بهذا الشكل من التعبير أعمالاً كثيرة منها وبخامات متنوعّة لأهم الشخصيات الفنية والثقافية السورية والعربية والأجنبية، محتفظاً بنسخة لكل منها معلّقة هناك على جدران مشغله، وهي مُصاغة بأسلوب واقعي مهتماً بالتأكيد على بعض مميزات الوجه من حيث التعبير الذي ساهم في مطابقة الشبه بين النموذج والموديل محافظاً على جماليات خصائص الميدالية كفن مستقل، ومعظم تلك الأعمال مازالت تنتظر في مشغله من يهتم بها وخاصة تلك الشخصيات الوطنية، ليتابع تنفيذها بمادة البرونز لتخلّد مآثر هؤلاء الأشخاص وقيمة أصحابها وبالتالي تأخذ تلك الأعمال مكانها الطبيعي واللائق، والتي لم تـُنفـّذ أصلاً لغاية تجارية، بدليل عرض أكثر من واحدة على جهات رسمية مجّاناً لإهدائها إلى أصحابها باسم الجهة ذاتها، وللأسف دون جدوى .
    وهذه المبادرة الذاتية الثانية من الفنان تؤكـّد مدى شفافيته وحماسه وشغفه بالنحت الذي بالنسبة له ليس إلاّ غاية جمالية علينا أن نساهم كفنانين في تعميمها كحالة بصرية حضارية من صلب تراثنا وثقافتنا السورية العريقة.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	316411885_10160387987598774_1858381178034651640_n.jpg 
مشاهدات:	17 
الحجم:	242.5 كيلوبايت 
الهوية:	40961
    قبل أن أنتقل إلى جانب آخر من اهتماماته كفنان تشكيلي لابد من إضاءة حول أعماله النحتية التي تنهض في الفراغ ككتلة متحرّرة من بعض الجاذبية برشاقة وغنج رغم ضخامة حجمها في كثير من الأحيان مراعية حالة التناغم في التأليف والصياغة السهلة والممتعة من أجل ذلك الحوار الُمفترض بينها وبين المتلقي على اختلاف مستوى ثقافته البصرية ومعرفته بالنحت، هو يولي التكنيك في العمل أهمية في مراحله النهائية لتبدو أكثر أناقة وجاذبية دون التفريط بالقيمة الجمالية التي هي إحدى الغايات من العمل والنصبي خاصة، ولا ننسى جمالية تلك العلاقة التي ينشئها الفنان أثناء الاشتغال ما بين الغائر والنافر من السطح وأيضاً في شكل استقرارها العمودي، ترتكز بقوة على القاعدة كما تسمو بخفّة باتجاه الأعلى، وكأن الفنان باللاوعي يقصد التذكير بجدلية تلك العلاقة (الجاذبية) بين ما هو أرضي وما في السماء من قوة جذب غير منظورة، أو بين ما هو مادي وبين الروحي في يومياتنا، وهذا أيضاً أحد غايات الفن أن يسمو بذائقتنا ويعزّز ما هو إيجابي من خلال انتصار الخير بداخلنا.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	316672477_10160388060103774_7716441775385295636_n.jpg 
مشاهدات:	18 
الحجم:	419.8 كيلوبايت 
الهوية:	40962

    وفي المعدن له تجربة مميّزة، مغايرة ومُغامِرة في كل ما يتعلّق بما أهمله الآخرون من مواد وأدوات تلفته بشكلها للوهلة الأولى ليفكّر في تدويرها وإعادة تهيئتها بشكل فني يحمل كل مواصفات أعمال " التجهيز بالفراغ" وأحياناً الأعمال الفنية النُصبية في الحدائق وبعض المواقع المناسبة، إذن مجرّد التفكير بتحويل المادة من شيء ملقىً إلى قيمة جمالية وفنية، هو حالة إيجابية بالعموم وغايتها الاستفادة من الطاقة القصوى لأي مادة حتى لا تتحوّل إلى عبء ومصدر تلوّث بصري وبيئي، بالإضافة إلى هذا الجانب وبشكل مواز اهتم وما زال بتشكيل المنحوتات من صفائح وقصاصات الحديد القاسية وفضلاته في الورشات الصناعية والاستفادة من إمكانات هذه المادة بالشكل الأمثل، فنفّذ مجموعة كبيرة منها بموضوع التشخيص وتأليف أكثر من حالة لمنحوتة تضم وضعيات مختلفة ومتنوعة لشخص أو أكثر بوضعيات أنسن فيها هذه المادة وطوّعها بطريقة لطيفة تخدم موضوعاته حول العائلة، الحب، العزلة، الحرب والسلام وغيرها من أشكال المتناقضات الموجودة في الحياة بطريقة لافتة ومحبّبة، وبأسلوب واقعي مبسط مختزلاً التفاصيل لصالح التعبير عن الحالة التي وصلت بزخم تعبيرها إلى المتلقي ليتفاعل مع أكثرها بحسب درجة إفصاحها وجمالية حضورها، هذا من حيث الشكل بينما كان يبحث الفنان في نفس الوقت عن الجانب النفسي والفلسفي في المنحوتة وهي الأهم من وجهة نظره، كان يسعى الفنان لأن يحقق متعته ورضاه هو قبل الآخرين، فكان يهدف من الشكل الإنساني الذي كرّره مرات عديدة بأشكال ووضعيات مختلفة في تجربته عموماً ولهذا النوع من الاشتغال هو حالة الإنسان اليوم المفرغ من الداخل، والخاوي المنهك من أعباء وضغط الظروف بسبب ما وصلت به الحياة بتعقيداتها، محاولاً أن يعيش كإنسان طبيعي يحب ويحلم ويفكر بتحسين ظروف عيشه، تكرر هذا الشخص في المنحوتة الواحدة وفي أعماله كثيراً بتجليات عديدة، تشبه هذه الحالة من التأليف إلى حد بعيد "مسرحة النحت"، تحويل المشهد إلى لقطة من مسرحية بكامل أدواتها التعبيرية، مظهراً قدراً كبيراً من الاهتمام بالإخراج النهائي لاستقرار العمل محقّقاً في معظمها نجاحات لافتة، كما شارك في بعض منها بمعارض عديدة، حيث لاقت وقتها استحسانا وتفاعلاً من الجمهور والفنانين، وهذه الشخوص باختلاف وضعياتها كم تشبه بعضنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، من حالة الفراغ والخواء والتشرّد التي يعيشها الإنسان في أكثر من منطقة بالعالم بسبب الحروب المعلنة والعقوبات وغيرها من الوسائل التي تنعدم فيها أي مقومات للحياة، مع استمرار عمل بعض الهيئات والمنظمات الإنسانية الدولية الخاوية هي من إي فاعلية وقدرة بسبب إفلاسها أو ارتهانها للقوى العظمى المهيمنة على كل مقدرات الشعوب.
    وفي شكل آخر من التعبير كانت له محاولات مجتهدة بدأت كهواية قبل فترة من الزمن، كانت تشبه الخربشات الممتعة على أوراق صغيرة (كرت فيزت)، وغالباً ما كانت تضيق المساحة بما يريد إيصاله من أفكار وحالات إنسانية مختلفة من خلال الوجه أو أكثر ضمن تلك المساحة المحدودة، يفرّغ من خلالها طاقات كامنة بداخله وبجهد عضلي أقل من النحت، ذلك الصعب الممتع والمُكلف، وبشكل طبيعي ومن غير قرار تطوّرت تلك الرسومات (الموتيفات) وأصبحت تشدّه أكثر اليوم ليهتم بإنجازها كما يجب، وكمشروع لوحة فنية تضم بعض فهمه الخاص بالغرافيك كنتيجة نهائية لفنان لم يدرس تقنيات هذا الفن أكاديميا، والأهم ما وصلت إليه تلك النتائج من فهم يقارب فيه الخصوصية التي تعكس ثقافته كفنان تميّزت تجربته عموماً وما زالت بسمة التجريب، وعندما أضاف بعض اللون إلى تلك المحاولات المجتهدة بدأ يكتشف أهمية ما وصل إليه من حالة اجتمعت فيها خصائص الغرافيك كرسم وخطوط قوية وواثقة مع التصوير كلون وتدرجاته على مساحة في معظمها مشغولة بحساسية الاسود والأبيض.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	316414499_10160387987103774_2108824569148877991_n.jpg 
مشاهدات:	17 
الحجم:	148.8 كيلوبايت 
الهوية:	40963
    وهنا لابدّ من الإشارة إلى اهتمام الفنان بهذا الشكل من التعبير (اللوحة)، إلى درجة بات يساوي فيها اهتمامه بالنحت وبمتعة قد توازي اشتغاله فيه، وخاصة بعد أن أنهى تأطير بعض اللوحات التي فاجأته هو أولاً وإلى درجة بات يفكر بإنجاز معرض شخصي يضم كل من النحت والتصوير، وهذا برأي من حق أي فنان كما أجده ضروريا ليسمع آراء الآخرين باشتغاله في التصوير والنحت.
    أخيراً وقبل مغادرتنا لفضاء هذا الفنان وللإنصاف، عادل خضر ومن خلال معرفتي به كصديق أولاً، ولمن لا يعرفه عن قرب لابدّ من إضاءة أراها ضرورية لعلاقتها بأسلوبه في الحياة والفن، هو شخص يُشعرك من أول لقاء به بأنك تعرفه من قبل، بما يحمل من مشاعر إنسانية نبيلة اتجاه الآخر، وثقافة وفكر حرّ يعبّر عنه ببساطة وحبّ كبيرين، أول ما ينعكس كلّ هذا في أعماله الفنية (النحت أولاً، ومن ثمّ الرسم الذي يمارسه برغبة قوية هذه الفترة كما ذكرت، علّه يعوّض من خلال ذلك ما نقصه من دراسة أكاديمية لم يحصلها)، تلك الصفات التي تصقّل هذه الشخصية نقرأها بسهولة في أي عمل نحتي وخاصة التصاميم النُصبية العديدة الغير مُنجزة التي بقيت كنماذج صغيرة الحجم من الجصّ تنتظر فرص تنفيذها على الواقع بحجوم كبيرة وخامات مناسبة، وهي على حالها تشكّل مساحة مهمّة - بالعديد والقيمة التي تحملها- من تجربته الاحترافية والتي تمتدّ لأكثر من عقدين من الزمن .
    تجربته في التدريس بالمعهد التقني للفنون التشكيلية بقلعة دمشق لها حكاية مختلفة وتستحق الإشارة، والإشادة بها، أولاً لأهميتها وخصوصيتها بالنسبة له وعلاقته التي انشأها مع النحاتين الذين تخرّجوا أو اللذين مازالوا طلّاباً للعلم والمعرفة بتقنيات النحت خلال سنتين، هو يعشق التدريس وتأسيس الطلاب على طريقته، يحضّر لهم الدروس ويطبعها على شكل نوتات ومن ثمّ يوزّعها عليهم ليتبادلوها فيما بينهم، في أصول ومبادئ التشكيل إلى تقنيات صبّ القوالب وخواص المواد والتعرّف على أهم الأدوات لكل مادة، بالإضافة إلى تصنيع عديد من الأدوات الخشبية والمعدنية في مشغله وتوزيعها على الطلاب، كما يصرّ أن تكون حصة العملي للسنة الأولى حوارية ومع كل طالب بمفرده أثناء تنفيذه للمشروع وبحسب مستوى الطالب وجملة معارفه حول الفن بشكل عام والنحت بشكل خاص.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	316826205_10160387985743774_3082758724825734520_n.jpg 
مشاهدات:	12 
الحجم:	148.6 كيلوبايت 
الهوية:	40964

    عادل خضر فنان حقّق خلال فترة قصيرة نسبياً حضوراً لافتاً من خلال ما أنجزه من أعمال نحتية في الملتقيات بالإضافة إلى عدد من المشاركات في معارض جماعية هامة، وتدريسه للنحت في المعهد التقني للفنون بقلعة دمشق، هذه التجربة برأي ساهمت في تحقيق إضافة مختلفة وهامة إلى ما هو موجود في ساحة التشكيل السوري المعاصر .

    عادل خضر :
    • دمشق 1959.
    • درس الفن في معهد أدهم اسماعيل .
    • تتلمذ في محترف النحّات المصري محمد حسين هجرس 1982 – 1988 .
    • مشارك في المعرض السنوي ومعارض نقابة الفنون الجميلة .
    • مشاركة في ملتقيات عديدة للنحت في كل من دمشق، حلب والسويداء .
    • نفّذ عدد كبير من الميداليات لشخصيات معروفة ولفنانين سوريين .
    • له تجربة متميّزة بالاشتغال على المعدن المباشر .
    • تمتاز أعماله النحتية بحيوية ارتقائها وامتشاقها العمودي وتستند في موضوعاتها على تبسيط الشكل الإنساني وتحويره بلطف وانسيابية وبأسلوب تعبيري يميل إلى التجريد.
    • مدرّس لمادة النحت في المعهد التقاني للفنون
يعمل...
X