ما هو الجناس والطباق في علم البديع وما الفرق بينهما
يشكّل علم البديع أحد الأضلاع في مثلث البلاغة العربية إلى جانب علم المعاني وعلم البيان، وقد أشار الجاحظ بأن علم البديع مقتصرٌ على العرب فقط، ولهذا السبب فإن اللغة العربية فاقت كل اللغات وأصبحت على كل لسانٍ.
ما هو علم البديع
تعني كلمة البديع عند الجاحظ: الصور والمحسنات اللفظية والمعنوية، حتى لو لم يوضحها بشكلٍ دقيقٍ، ورغم تعرضه لبعض أنواع البديع فهو لم يضع تعريفًا أو مصطلحاتٍ لها، لأن اهتمامه فيها كان منصبًّا على إعطاء الأمثلة وليس وضع القواعد.
ويذهب البعض أن عبد الله بن المعتز، هو واضع علم البديع وهو أول من حاول تأسيس العلم بشكلٍ علميٍّ، وتحديد مباحثه التي اختلطت قبلًا بعلم المعاني وعلم البيان، كما يشير كتاب ألّفه عام 274هـ، وكأنه ردّ على من زعم أن بشار بن برد وأبا النواس ومسلم بن الوليد الأنصاري قد سبقوه في شعرهم باستعمال البديع. ويقال أن أبا تمام قد أُغرم به بعد هؤلاء، وتفرّع فيه وقد أحسن في نواحٍ وأساء في أخرى.
أقسامه
تحدث ابن المعتز في كتابه عن خمسة أبوابٍ عن أصول البديع الكبرى حسب رأيه: وهي الاستعارة والجناس والمطابقة ورد أعجاز الكلام على ما تقدّمها، والمذهب الكلامي (كما سمّاه الجاحظ).
والمحسنات البديعية نوعان: معنوية (لتحسين المعنى) وأحيانًا يفيد تحسين اللفظ ومنها المطابقة أو الطباق، ولفظية لتحسين اللفظ أصلًا ويتبع ذلك تحسين المعنى ومنها الجناس.
الجناس في علم البديع
هو كلمتان تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها في اللفظ مع اختلافٍ في المعنى، وإيراد الكلام على هذا الوجه. وهو من أكثر فنون علم البديع التي تصرف بها العلماء، حيث تم تأليف الكثير من الكتب فيه، وقُسم إلى أبوابٍ عديدةٍ مع الاختلاف فيه وتداخل بعض الأبواب مع بعضها الآخر.
ويطلق عليه اسم تجنيس ومجانسًا إلى جانب الجناس، ويعود سبب التسمية إلى أن تركيب حروف الألفاظ يكون من جنسٍ واحدٍ.
عرفه السكاكي بأنه: "تشابه الكلمتين في اللفظ" واتفق معه في التعريف الخطيب القزويني.
وقد عرّفه ابن المعتز بقوله: "التجنيس أن تجيء الكلمة تجانس الأخرى في بيت شعرٍ وكلامٍ، ومجانستها لها أن تشبهها في تأليف حروفها". وقد اقتصر المفهوم عنده على التشابه في حروف الكلمات دون أن يظهر ما إذا كان التشابه يمتد إلى معاني الكلمات المتشابهة بالحروف أم لا. لكن الخليل بن أحمد قد ذكر ما يبين هذا الأمر بقوله: "الجنس لكل ضربٍ من الناس والطير والعروض والنحو، فمنه ما تكون الكلمة تجانس أخرى في تأليف حروفها ومعناها وما يشتق منها كما جاء في القول الآتي:
يومٌ خلجت على الخليج نفوسهم...
وقد يكون التجانس في الحروف وليس المعنى كما قال تعالى: "وأسلمت مع سليمانَ لله ربِّ العالمين".
أنواع الجناس
يقسم الجناس في علم البديع إلى:
الجناس التام: هو ما اتفق فيه اللفظان في أمورٍ أربعة هي: نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها. ومثال عن اختلافهما في المعنى قوله تعالى: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ". ونجد فيه أن لفظ الساعة تكرر مرتين، وأن معناه جاء مرةً يوم القيامة، ومرةً إحدى الساعات الزمنية.
وجاء في قول أبو تمام:
ما مات من كرم الزمان فإنه يحيا لدى يحيى بن عبد الله
الجناس
غير التام: ما اختلف فيه
اللفظان في نوع الحروف أو شكلها أو عددها أو ترتيبها.
كما في قول الله تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر".
وقول الخنساء في
رثاء أخيها:
إن البكاء هو الشفا ء من الجوى بين الجوانح
نرى فيهما تجانسًا غير تامٍ بوجود كلمتين مختلفتين في ركنٍ من أركان الوفاق الأربعة وهما: تقهر وتنهر والجوى والجوانح.
ونراها بين ينهون وينأون في قول الله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه"
وذكر البلاغيون أجناسًا أخرى للجناس الناقص: مثل الجناس المصحّف والجناس المحرّف، وما يلحق الجناس وهما شيئان: أن يجمع الاشتقاق اللفظين، أو أن يجمعهما المشابهة وهي ما يشابه الاشتقاق وليس منه.
الطباق في علم البديع
ويقال له التطبيق والمطابقة والتضاد.
جاء في قاموس لسان العرب: طبق أي "تطابق الشيئان: تساويا، والمطابقة تعني الموافقة. والتطابق: الاتفاق. وطابقت بين الشيئين: جعلتهما على حذوٍ واحدٍ وألزقتهما".
والمطابقة:
المشي في القيد.
أما الطباق اصطلاحًا فجاء في معجم المصطلحات: أنه "الجمع بين الضدّين أو المعنيين المتقابلين في الجملة".
يقول الأصمعي: أصل المطابقة هو وضع الرجل موضع اليد في مشي ذوات الأربع. ويقول الخليل بن أحمد: طابقت بين الشيئين إذا جمعت بينهما على حدٍ واحدٍ.
ولا يوجد أي مناسبةٍ بين المسمى اللغوي والاصطلاحي، لأن الطباق عند أهل علم البديع هو الجمع بين الضدين أو بين الشيء وضدّه في شعر أو كلام، مثل الجمع بين اسمين كالنهار والليل والحسن والقبح أو بين فعلين مثل يُظهر ويُبطِن أو يحيي ويميت. كما قد يكون بين نوعين مختلفين كما ورد في قول الله تعالى: "أومن كان ميتًا فأحييناه" فالضد الأول هو "ميتًا" والآخر هو "أحييناه". وقد ذكر زكي الدين بن أبي الأصبع المصري أن المطابقة ضربان: واحدٌ يأتي بألفاظ الحقيقة وهو ما يسمى بـالمطابقة أو الطباق ومن أمثلته:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
أما الضرب الآخر فيأتي بألفاظ المجاز وهو ما سماه قدامة بن جعفر بالتكافؤ، كما في قول الشاعر:
حلو الشمائل وهو مر باسل يحمي الدمار صبيحة الإرهاق
أنواع الطباق
يقسم الطباق في علم البديع إلى:
مثل قول أبي العلاء المعري:
والحمد والكِبْر ضدان اتفاقهما مثل اتفاق فتاء السن والكِبَر
جاء الطباق الإيجاب بين الكِبر والحمد وبين فتاء السن والكبر.
وكما في قوله تعالى: "وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود".
وفي: العدو يظهر السيئة ويخفي الحسنة.
كما في قوله تعالى: "يستخفُون من الناس ولا يستخفون من الله"
وفي قول: اللئيم يعفو عند العجز،
ولا يعفو عند المقدرة
وجاء بين يُفني ولا يفنى، ويُبلي ولا يبلى في البيت الآتي:
يُفني ولا يَفنى ويُبلي ولا يبلى ويأتي برخاءٍ وويل
ويذهب البعض إلى وجود نوعٍ ثالثٍ وهو: إيهام التضاد أي أن يوهم لفظ الضد بأنه ضدٌ وهو ليس كذلك كما في قول الشاعر:
يبدي وشاحًا أبيضًا من سيبه والجو قد لبس الوشاح الأغبرا
يشكّل علم البديع أحد الأضلاع في مثلث البلاغة العربية إلى جانب علم المعاني وعلم البيان، وقد أشار الجاحظ بأن علم البديع مقتصرٌ على العرب فقط، ولهذا السبب فإن اللغة العربية فاقت كل اللغات وأصبحت على كل لسانٍ.
ما هو علم البديع
تعني كلمة البديع عند الجاحظ: الصور والمحسنات اللفظية والمعنوية، حتى لو لم يوضحها بشكلٍ دقيقٍ، ورغم تعرضه لبعض أنواع البديع فهو لم يضع تعريفًا أو مصطلحاتٍ لها، لأن اهتمامه فيها كان منصبًّا على إعطاء الأمثلة وليس وضع القواعد.
ويذهب البعض أن عبد الله بن المعتز، هو واضع علم البديع وهو أول من حاول تأسيس العلم بشكلٍ علميٍّ، وتحديد مباحثه التي اختلطت قبلًا بعلم المعاني وعلم البيان، كما يشير كتاب ألّفه عام 274هـ، وكأنه ردّ على من زعم أن بشار بن برد وأبا النواس ومسلم بن الوليد الأنصاري قد سبقوه في شعرهم باستعمال البديع. ويقال أن أبا تمام قد أُغرم به بعد هؤلاء، وتفرّع فيه وقد أحسن في نواحٍ وأساء في أخرى.
أقسامه
تحدث ابن المعتز في كتابه عن خمسة أبوابٍ عن أصول البديع الكبرى حسب رأيه: وهي الاستعارة والجناس والمطابقة ورد أعجاز الكلام على ما تقدّمها، والمذهب الكلامي (كما سمّاه الجاحظ).
والمحسنات البديعية نوعان: معنوية (لتحسين المعنى) وأحيانًا يفيد تحسين اللفظ ومنها المطابقة أو الطباق، ولفظية لتحسين اللفظ أصلًا ويتبع ذلك تحسين المعنى ومنها الجناس.
الجناس في علم البديع
هو كلمتان تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها في اللفظ مع اختلافٍ في المعنى، وإيراد الكلام على هذا الوجه. وهو من أكثر فنون علم البديع التي تصرف بها العلماء، حيث تم تأليف الكثير من الكتب فيه، وقُسم إلى أبوابٍ عديدةٍ مع الاختلاف فيه وتداخل بعض الأبواب مع بعضها الآخر.
ويطلق عليه اسم تجنيس ومجانسًا إلى جانب الجناس، ويعود سبب التسمية إلى أن تركيب حروف الألفاظ يكون من جنسٍ واحدٍ.
عرفه السكاكي بأنه: "تشابه الكلمتين في اللفظ" واتفق معه في التعريف الخطيب القزويني.
وقد عرّفه ابن المعتز بقوله: "التجنيس أن تجيء الكلمة تجانس الأخرى في بيت شعرٍ وكلامٍ، ومجانستها لها أن تشبهها في تأليف حروفها". وقد اقتصر المفهوم عنده على التشابه في حروف الكلمات دون أن يظهر ما إذا كان التشابه يمتد إلى معاني الكلمات المتشابهة بالحروف أم لا. لكن الخليل بن أحمد قد ذكر ما يبين هذا الأمر بقوله: "الجنس لكل ضربٍ من الناس والطير والعروض والنحو، فمنه ما تكون الكلمة تجانس أخرى في تأليف حروفها ومعناها وما يشتق منها كما جاء في القول الآتي:
يومٌ خلجت على الخليج نفوسهم...
وقد يكون التجانس في الحروف وليس المعنى كما قال تعالى: "وأسلمت مع سليمانَ لله ربِّ العالمين".
أنواع الجناس
يقسم الجناس في علم البديع إلى:
الجناس التام: هو ما اتفق فيه اللفظان في أمورٍ أربعة هي: نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها. ومثال عن اختلافهما في المعنى قوله تعالى: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ". ونجد فيه أن لفظ الساعة تكرر مرتين، وأن معناه جاء مرةً يوم القيامة، ومرةً إحدى الساعات الزمنية.
وجاء في قول أبو تمام:
ما مات من كرم الزمان فإنه يحيا لدى يحيى بن عبد الله
- أقسام الجناس التام
- المماثل.
- المستوفى .
- جناس التركيب المرفُو.
الجناس
غير التام: ما اختلف فيه
اللفظان في نوع الحروف أو شكلها أو عددها أو ترتيبها.
كما في قول الله تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر".
وقول الخنساء في
رثاء أخيها:
إن البكاء هو الشفا ء من الجوى بين الجوانح
نرى فيهما تجانسًا غير تامٍ بوجود كلمتين مختلفتين في ركنٍ من أركان الوفاق الأربعة وهما: تقهر وتنهر والجوى والجوانح.
ونراها بين ينهون وينأون في قول الله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه"
- أقسام الجناس غير التام
- الجناس الناقص.
- الجناس المختلف في أنواع الحروف (شرط ألا يكون بأكثر من حرف) ولهذا أنواع: الجناس المضارع والجناس اللاحق.
- الجناس المختلف في ترتيب الحروف ويسمى جناس القلب وهو ضربان: قلب الكل وقلب البعض.
وذكر البلاغيون أجناسًا أخرى للجناس الناقص: مثل الجناس المصحّف والجناس المحرّف، وما يلحق الجناس وهما شيئان: أن يجمع الاشتقاق اللفظين، أو أن يجمعهما المشابهة وهي ما يشابه الاشتقاق وليس منه.
الطباق في علم البديع
ويقال له التطبيق والمطابقة والتضاد.
جاء في قاموس لسان العرب: طبق أي "تطابق الشيئان: تساويا، والمطابقة تعني الموافقة. والتطابق: الاتفاق. وطابقت بين الشيئين: جعلتهما على حذوٍ واحدٍ وألزقتهما".
والمطابقة:
المشي في القيد.
أما الطباق اصطلاحًا فجاء في معجم المصطلحات: أنه "الجمع بين الضدّين أو المعنيين المتقابلين في الجملة".
يقول الأصمعي: أصل المطابقة هو وضع الرجل موضع اليد في مشي ذوات الأربع. ويقول الخليل بن أحمد: طابقت بين الشيئين إذا جمعت بينهما على حدٍ واحدٍ.
ولا يوجد أي مناسبةٍ بين المسمى اللغوي والاصطلاحي، لأن الطباق عند أهل علم البديع هو الجمع بين الضدين أو بين الشيء وضدّه في شعر أو كلام، مثل الجمع بين اسمين كالنهار والليل والحسن والقبح أو بين فعلين مثل يُظهر ويُبطِن أو يحيي ويميت. كما قد يكون بين نوعين مختلفين كما ورد في قول الله تعالى: "أومن كان ميتًا فأحييناه" فالضد الأول هو "ميتًا" والآخر هو "أحييناه". وقد ذكر زكي الدين بن أبي الأصبع المصري أن المطابقة ضربان: واحدٌ يأتي بألفاظ الحقيقة وهو ما يسمى بـالمطابقة أو الطباق ومن أمثلته:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
أما الضرب الآخر فيأتي بألفاظ المجاز وهو ما سماه قدامة بن جعفر بالتكافؤ، كما في قول الشاعر:
حلو الشمائل وهو مر باسل يحمي الدمار صبيحة الإرهاق
أنواع الطباق
يقسم الطباق في علم البديع إلى:
- طباق إيجاب: هو ما لم يختلف فيه الضدان إيجابًا وسلبًا.
مثل قول أبي العلاء المعري:
والحمد والكِبْر ضدان اتفاقهما مثل اتفاق فتاء السن والكِبَر
جاء الطباق الإيجاب بين الكِبر والحمد وبين فتاء السن والكبر.
وكما في قوله تعالى: "وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود".
وفي: العدو يظهر السيئة ويخفي الحسنة.
- طباق سلب: هو ما اختلف فيه الضدان إيجابًا وسلبًا.
كما في قوله تعالى: "يستخفُون من الناس ولا يستخفون من الله"
وفي قول: اللئيم يعفو عند العجز،
ولا يعفو عند المقدرة
وجاء بين يُفني ولا يفنى، ويُبلي ولا يبلى في البيت الآتي:
يُفني ولا يَفنى ويُبلي ولا يبلى ويأتي برخاءٍ وويل
ويذهب البعض إلى وجود نوعٍ ثالثٍ وهو: إيهام التضاد أي أن يوهم لفظ الضد بأنه ضدٌ وهو ليس كذلك كما في قول الشاعر:
يبدي وشاحًا أبيضًا من سيبه والجو قد لبس الوشاح الأغبرا