تستمر عواقب إساءة تناول المشروبات الكحولية في سن المراهقة لعقود، دراسة أجرتها روتجرز على أكثر من 2700 زوج من التوائم. أظهرت دراسة أجرتها روتجرز وجامعة فيرجينيا كومنولث أنّ المراهقين الذين يُسيئون تناول المشروبات الكحولية مُعرّضون أكثر للمعاناة من مشاكل المشروبات الكحولية في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، فهم يعانون أيضًا من وضع صحّي سيئ ورضاً أقل عن حياتهم، وذلك مع حساب الجينات والبيئة الأسرية التي تطوروا فيها.
من المعروف أن مشكلة تناول المشروبات الكحولية في مرحلة المراهقة ترتبط بالصعوبات الصحية والحياتية المستمرة، ويُساعد التعمّق في معرفة هذه العلاقة إلى المساهمة في إجراء تدخلات وقائية مبكرة قد تمنع العواقب السلبية طويلة الأمد أو تخفف منها.
نُشِرَتْ هذه الدراسة في مجلة (Alcoholism: Clinical and Experimental Research)، وحدد الباحثون إساءة تعاطي المراهقين للمشروبات الكحولية بناءً على استجابات حول تواتر الثمالة وتواتر تناول المشروبات الكحولية ومشاكل الكحول في عمر 16 و17 سنة ومنتصف عمر 18 سنة. ووضّحت أيضًا المسارات المباشرة وغير المباشرة لتناول المشروبات الكحولية في عمر المراهقة، التي قد ينتج عنها ظهور آثار طويلة الأمد.
اقتُصِرَت عيّنة الدراسة على التوائم، ما سمح بالنظر في العوامل الوراثية والبيئية المشتركة التي قد تؤثر على النتائج.
ملأ المشاركون الاستبيانات التي تضمنت أسئلة عن عمر 16 و17 سنة ومنتصف عمر 18 سنة، وفي مرحلة الشباب (حوالي 24 سنة)، وفي مرحلة مبكرة من منتصف عمر الإنسان (حوالي 34 سنة).
تضمّنت نتائج المرحلة المبكرة من منتصف عمر الإنسان (34 سنة) التي درسوها: الرضا عن الحياة والأعراض الجسدية والصحية المرتبطة بالذات.
باستخدام بيانات من استبيانات خضع لها 2733 زوج من التوائم المولودين في فنلندا في أواخر 1970، التي ظلّت ثابتة حتى بعد التحكم في العوامل الجينية والبيئية التي يشترك فيها الأشقّاء التوائم، وكان نصف المشاركين من الإناث، وثلث العينة من التوائم المتطابقة.
قيّمت الاستبيانات كلًا مما يلي:
- تواتر تناول المشروبات الكحولية والتسمم ومشاكل الكحول عند المراهقين، إضافةً إلى الجنس ومؤشّر كتلة الجسم ومعدل التدخين.
- غطَّتْ الدراسات الاستقصائية للكبار مشاكل الكحول، مثل الإدمان والانسحاب والانقطاع وإهمال المسؤوليات.
- غطّى الاستطلاع النّهائي المشاركين عندما كانوا في منتصف عمر الثلاثين، والأعراض الصحية والجسدية التي ظهرت (آلام المعدة وآلام أسفل الظهر)، والرضا عن الصحة والحياة.
- تضمّنت الاستبيانات أسئلة عن حالة العلاقات والتعليم والتوظيف والسجائر وغيرها من تعاطي المخدرات.
استخدم الباحثون التحليل الإحصائي لاستكشاف الارتباط بين إساءة تناول المشروبات الكحولية في سن المراهقة، وبين صحة البالغين ونتائج الحياة والعوامل الديموغرافية.
ارتبط ارتفاع تناول المراهقين للمشروبات الكحولية بارتفاع مشاكل الكحول لدى الشباب، في المقابل ارتبطت مشكلة تناول المشروبات الكحولية في العشرينات بظهور مشاكل ناجمة عن الكحول في أوائل منتصف الثلاثينات.
ارتبطت سلوكيات الشرب هذه بضعف في الصحة البدنية وانخفاض الرضا عن الحياة، وتُشير النتائج إلى التأثير غير المباشر لتناول المراهقين المشروبات الكحولية في صحة الجسم في منتصف عمر الإنسان ونتائج الحياة.
قال باحثو هذه الدراسة: «إنّ النتائج تؤكد أهمية التداخلات الوقائية التي تستهدف المراهقين الذين يُسيئون تناول المشروبات الكحولية وتخفف العواقب الصحية في وقتٍ لاحقٍ من مرحلة البلوغ».
قالت جيسيكا سالفاتور، المؤلّفة المشاركة في الدراسة وأستاذة مشاركة ومديرة برنامج الجينات والبيئات والتنمية العصبية في الإدمان في كلية روتجرز روبرت وود جونسون للطب: «تصميم التوائم الطولي مفيد بشكل خاص لتوضيح ما إذا كانت هنالك عوامل عائلية مربكة تُهيّئ شخصًا ما لإساءة تناول المشروبات الكحولية في سن المراهقة.
نتيجةً لذلك يعاني من ضعف الصحة البدنية والرفاهية في وقتٍ لاحقٍ من المرحلة المبكرة لمنتصف عمر الإنسان؛ وذلك لأن التصميم المزدوج يسمح لنا بمقارنة العوامل التي يتعرضون لها ونتائجها بمرور الوقت داخل العائلة نفسها».
على عكس الدراسات الأخرى من ذات النوع التي وجدت أن إساءة استخدام المراهقين للمشروبات الكحولية تؤثر بشكل مباشر في تعاطي المخدرات في وقتٍ لاحقٍ من الحياة، ولها نتائج متعلقة بالصحة العقلية.
وجدت دراسة جديدة أن إساءة تناول المراهقين للمشروبات الكحولية قد تُؤثر على الصحة البدنية والرضا عن الحياة على مدى عقود متعددة بشكلٍ غير مباشر بدلًا من التأثير فيها مباشرةً وهذه النتائج ناجمة عن مشاكل تناول المشروبات الكحولية المستمرة.
قالت سالفاتور: «على الرّغم من ملاحظتهم هذه التأثيرات، فإنها كانت متواضعة إلى حدٍ ما، ما يشير إلى أنّ إساءة استخدام المراهقين للمشروبات الكحولية، ليست المسبّب الوحيد لضعف الصحة البدنية وعدم الرضا عن الحياة في وقتٍ لاحقٍ من الحياة، فقد تلعب دورًا أيضًا المشاكل المستمرة المتعلقة بالمشروبات الكحولية».
في حين أن الدراسات السابقة عن تعاطي المراهقين المشروبات الكحولية غالبًا ما بحثت في النتائج الصحية في سن الرشد، بعد فترة قليلة من دراسة المراهقين، فحص الباحثون في هذه الدراسة النتائج الصحية للمرحلة المبكرة من منتصف عمر الإنسان عبر عدة عقود.
أضافت سالفاتور: «هذه الدراسة فريدة من نوعها إذ إنها تسعى إلى فهم ما إذا كانت العواقب الصحية البدنية السيئة تستمر إلى ما بعد عمر العشرين.
أشارت هذه النتائج التي توصّلوا إليها إلى أنّ تناول المشروبات الكحولية في مرحلة المراهقة والعواقب التي تتبعها، تظهر بعد عقدين من الزمن عبر مراحل النمو المتعددة».
تُشير النتائج إلى التأثير غير المباشر لتناول المراهقين المشروبات الكحولية في الصحة البدنية ونتائج الحياة في منتصف العمر، وتسلط الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات الوقاية من أجل صحة أفضل على المدى الطويل.
كانت الآثار متواضعة إلى حد ما، ما يشير إلى أنّ تناول المراهقين للكحول ليس الدافع الوحيد للأمراض اللاحقة وعدم الرضا عن الحياة، لكن النتائج تفاوتت في المقارنات بين التوائم، ما يشير إلى العلاقة بين تناول المراهقين للمشروبات الكحولية والمعاناة في مرحلة البلوغ.
أكدت الدراسة أن مشاكل الكحول المستمرة تتوسط الارتباط بين تناول المراهقين للمشروبات الكحولية والنتائج السيئة في الجزء الأول من منتصف عمر الإنسان، وسلّطت الضوء على أهمية التدخلات الوقائية التي تستهدف المراهقين التي يمكن أن تخفف من العواقب الصحية والحياتية السلبية على مدى عقود عديدة.
تشمل الاستراتيجيات الفعالة وضع القواعد الأبوية، والتّثقيف حول تعاطي المخدرات، والبرامج التي تعالج التثقيف النفسي، وعوامل الخطورة الشخصية مثل البحث عن الأحاسيس، وتقنيات التّأقلم غير التكيفية.
توجد حاجة إلى مزيد من البحث لاستكشاف مسارات إضافية محتملة، مثل استخدام مواد أخرى قد تؤثر في نتائج منتصف عمر الإنسان.
المصدر:ibelieveinsci