ولد آلان تورينغ في بادينغتون بلندن عام 1912. كان أبوه جوليوس ماتيسون تورينغ عضوًا بريطانيًا في الخدمة المدنية الهندية وكان في غالب الوقت خارج البلاد. وكانت أم آلان إيثل سارا ستوني ابنة كبير مهندسي سكك مدراس الحديدية والتقى والدا تورينغ وتزوجا في الهند. عندما كان عمر آلان سنة تقريبًا التحقت والدته بزوجها في الهند تاركة إياه في إنجلترا مع أصدقاء العائلة. أُرسِل آلان إلى المدرسة لكن بدا أنه لم يكن يستفيد منها فطُرد من المدرسة بعد بضعة أشهر.
بعد ذلك أُرسِل إلى مدرسة هازلهرست التحضيرية حيث بدا تلميذًا بين الجيد والمتوسط في معظم المواد لكنه واصل اتباع أفكاره الخاصة، وأصبح مهتمًا بالشطرنج خلال وجوده في هذه المدرسة وانضم كذلك إلى جمعية المناظرة.
أكمل امتحان القبول العام في 1926 وذهب إلى مدرسة شيربورن. كانت 1926 سنة الإضراب العام وعندما كان الإضراب جاريًا ركب تورينغ الدراجة 60 ميلًا من المدرسة إلى المنزل، ولم تكن مهمة شاقة لتورينغ الذي أصبح فيما بعد رياضيًا كفؤًا جيدًا بمواصفات أولمبية.
وجد آلان صعوبة كبيرة في الامتثال لما كان مُتَوقّعًا في مدرسته العمومية، إلا أن والدته كانت مصرّة أن يتلقّى تعليمًا في مدرسة عمومية. العديد المفكرين المتفردين كانوا يجدون التدريس التقليدي تقريبًا عملية غير مفهومة ويبدو أن هذا كان ينطبق على تورينغ، وقد قادته عبقريته في اتجاهاته الخاصة بدل تلك المطلوبة من المدرسين.
انتُقِد تورينغ بسبب خطه السيء ولقي صعوبات في الإنجليزية والرياضيات، كان مهتماً بأفكاره الخاصة فلم ينتج حلولًا للمسائل باستعمال الطرق التي يعلمها مدرّسوه. ورغم ابتكاره لأجوبة غير تقليدية، فاز توريتغ تقريبًا بكل جائزة رياضية ممكنة عندما كان في شيربورن.
وفي الكيمياء، وهي مادة اهتم بها منذ صغر سنه، أجرى تجارب لأهدافه الخاصة التي لم ترضِ مدرّسه. كتب مدير مدرسة تورينع: «إن أراد البقاء في مدرسة عمومية، فعليه أن يسعى إلى التعلم. إذا كان مقدرًا له أن يصبح مختصًا علميًا، فهو يضيّع وقته في مدرسة عمومية».
يخبرنا هذا عن النظام المدرسيّ الذي تعرّض له تورينغ أكثر مما يخبرنا عن تورينغ نفسه. مع ذلك، تعلّم تورينغ الرياضيات المعمّقة عندما كان في المدرسة، مع أن مدرسيه لم يكونوا على علم بالدراسات التي يقوم بها بمفرده. قرأ تورينغ أوراق مقالات آينشتاين عن النسبية وقرأ أيضًا عن الميكانيكا الكمية في كتاب أدينغتون «طبيعة العالم الفيزيائي».
جرى حدث مهمٌّ عام 1928 أثر تأثيرًا بالغًا على تورينغ طيلة حياته، إذ كوّن صداقة قريبة مع كريستوفر موركوم وهو تلميذ في السنة التي تسبقه في المدرسة، وعمل الاثنان على أفكار علميّة. ربّما للمرّة الأولى استطاع تورينغ إيجاد شخص يستطيع مشاركته أفكاره ورؤاه. إلا أن موركوم توفّي في فبراير 1930 وكانت التجربة مُحطِّمةً لتورينغ، وكان لديه شعور مسبقٌ عن موت موركوم في اللحظة التي مرض فيها وشعر بوجود شيءٍ يتجاوز ما يستطيع العلم تفسيره، وكتب لاحقًا: «ليس من الصعب أن تفسر هذه الأمور، لكنني أتساءل».
رغم سنوات المدرسة الصعبة، دخل آلان تورينغ جامعة كامبريدج الملكية في 1931 لدراسة الرياضيات. لم يمضِ ذلك دون صعوبات. ترشّح تورينغ لامتحان نيل المنح وربح فرصة للعرض لكن ليس منحة. لم يرض تورينغ بأدائه فاجتاز الامتحان مرة أخرى في العام التالي وحصل على منحة.
في جوانب عدة، كانت كامبريدج مكانًا أسهل بكثير من المدرسة للأشخاص غير الاعتياديين مثل تورينغ، وكان أقدر بكثير على البحث في أفكاره الخاصة وقرأ كتاب راسل «مدخل للفلسفة الرياضية» عام 1933. في نفس الوقت قرأ نص «فون نويمان» عن ميكانيكا الكم، وهو موضوع عاد إليه عدة مرات خلال حياته.
شهد العام 1933 بداية اهتمام تورينغ بالمنطق الرياضي. إذ قرأ مقالة لنادي العلم الأخلاقي بكامبريدج في ديسمبر من نفس العام.
قرأ تورينغ مقالة «في الرياضيات والمنطق»، وذهب إلى أن رؤية منطقية رمزية صرفة للرياضيات كانت قاصرة، وأن الافتراضات الرياضية لها تفسيرات متنوعة لم تكن المنطقية الرمزية إلا مجرد واحدة منها. وبالطبع كان 1933 أيضًا العام الذي وصل فيه هتلر إلى السلطة في ألمانيا وانتشرت فيه حركة مناهضة الحرب في بريطانيا. انظم تورينغ إلى حركة مناهضة الحرب لكنه لم ينجرف إلى الماركسية كما حصل للكثيرين.
تخرج تورينغ عام 1934، وفي ربيع 1935 حضر دروس ماكس نيومان المعمّقة عن أسس الرياضيات. اهتمت هذه الدروس بنتائج «غودل» عن عدم الاكتمال وسؤال «هيلبرت» عن «إمكانية القرار».
انتخب آلان تورينغ زميلًا لكامبريدج الملكية في 1935 لأطروحة عن دالة الخطأ لغاوس التي أثبتت نتائج أساسيةً عن نظرية الاحتمالات وتحديدًا مبرهنة النهاية المركزية. مع أن مبرهنة النهاية المركزية اكتُشِفَت حديثًا، لم يكن تورينغ على علم بها واكتشفها منفردًا. وفي عام 1936 فاز تورينغ بجائزة سميث.
كانت إنجازات تورينغ في كامبريدج لأجل عمله في نظرية الاحتمالات. مع ذلك، فقد عمل على «إمكانية القرار» منذ حضر دروس نيومان. في 1936 نشر مؤلفه عن الأرقام القابلة للحساب، مع تطبيق لمسألة «انتشايدونغ». وفي هذه المقالة قدم تورينغ آلة مجردة تسمى حاليًا «آلة تورينغ»، التي انتقلت من حالة إلى أخرى باستعمال عدد متناهٍ ودقيق من القواعد في جدول متناهٍ ومعتمدة على رمز واحد تقرأه من الشريط. استطاعت آلة تورينغ كتابة رمز على الشريط أو مسحه منه.
كتب تورينغ: «بعض الرموز التي كُتِبَت ستشكل تسلسلات الأرقام وهي الجزء العشري من العدد الذي يتم حسابه. أما الرموز الأخرى فهي مجرد ملاحظاتٍ لمساعدة الذاكرة. ستكون هذه الملاحظات التقريبية فقط عرضة للمسح».
عرف تورينغ الرقم القابل للحساب على أنه رقم يمكن لآلة تورينغ إنتاج امتداده العشريّ باستعمال شريط فارغ. وأظهر أن π عدد محوسب ولكن بما أن أعدادًا حقيقيّة معدودة هي قابلة للحساب، فمعظم الأعداد الحقيقية غير قابلة للحساب. ومن ثم وصف العدد غير القابل للحساب ولاحظ أن هذا يبدو مفارقة لأنه وصف بعناصر متناهية عددًا لا يمكن وصفه بعناصر متناهية، لكن تورينغ فهم مصدر هذه المفارقة الظاهرة. إنه من المستحيل أن تقرر باستعمال آلة تورينغ ما إذا كانت آلة تورينغ ستنتج تسلسلًا لا نهائيًا من الأرقام بتوفر جدول معطى من التعليمات.
رغم أن مقالته تحتوي على أفكار أثبتت أنّ لها أهمية أساسيةً للرياضيات ولعلوم الحاسوب منذ أن ظهرت، بدا أن نشرها في جمعيّة لندن الرياضية لم يكن سهلًا. كان السبب أن كنيسة ألونزو نشرت مسألة غير قابلة للحل في نظرية العدد الأولي في المجلة الأمريكية للرياضيات عام 1936 التي أثبتت أيضًا أنه لا يوجد نهج للقرار في الحساب.
كان أسلوب تورينغ مختلفًا عن أسلوب الكنيسة. تضمّنت مقالة تورينغ المراجَعَة إحالة على النتائج التي وجدتها التي اكتملت في أبريل 1936، وروجعت المقالة في أغسطس 1936 وطُبِعت وظهرت في 1937.
إن الميزة الجيدة من النقاشات التي أُجرِيَت مع الكنيسة هي أن تورينغ أصبح متخرّجًا من جامعة برينستون عام 1936. وفي برينستون، عمل تورينغ على البحث تحت إشراف الكنيسة وعاد إلى إنجلترا عام 1938، وكان قد عاد قبلها لإجازة الصيف في 1937 حين التقى ويتغنشتاين لأول مرة. إن المنشور الأهم الذي نتج عن عمله في برينستون كان «نظم المنطق القائمة على الأعداد الترتيبية». الذي نُشِر عام 1939.
كتب نيومان: «إن المقالة مليئة بالمقترحات والأفكار المثيرة للاهتمام. وهي تسلّط الضوء على رؤية تورينغ لمكانة البداهة في البرهنة الرياضية».
ربما تكون أكثر خاصية جديرة بالاهتمام من عمل تورينغ على آلات تورينغ هو أنه وصف الحاسوب الحديث قبل أن تبلغ التكنولوجيا إلى نقطة أصبح معها بناء الحاسوب مقترحًا واقعيًا، وقد أثبت في مقالته عام 1936 إمكانية وجود آلة تورينغ شاملة التي قد تُصنَع للقيام بعمل أية آلة ذات غاية خاصة، ما يعني أن تقوم بأي عمل من الحوسبة إن أُدخِلَ إليها شريط يحمل تعليمات مناسبة.
رغم أن «الحاسوب» بالنسبة لتورينغ كان شخصًا يجري عملية حوسبة، فلا بد أن نرى في وصفه لآلة تورينغ العالمية ما نراه اليوم كحاسوب ذي شريط.
عندما كان في برينستون، حاول تورينغ أن يجرب فكرة بناء حاسوب. ولما عاد إلى كامبريدج في 1938 بدأ بناء أداة ميكانيكية مماثلة للتحقيق في فرضية ريمان، التي يعتبرها اليوم العديد من الناس أكبر مسألة لم تُحلّ في الرياضيات. ومع ذلك، فإنّ عمله اتخذ بُعيد ذلك شكلًا جديدًا لأنه اتُصل به بعد عودته من قبل مدرسة التشفير والرموز الحكومية التي طلبت منه مساعدتهم في عملهم لكسر شيفرة “إنيغما” الألمانية.
عندما أُعلِنَت الحرب عام 1939 انتقل آلان تورينغ إلى العمل بدوام كامل في مدرسة التشفير والرموز الحكومية في منتزه بليتشلي. أفكار تورينغ العبقريّة في حل الشيفرات وتطوير الحواسيب للمساعدة على حلها قد تكون أنقذت الكثير من أرواح العسكريين.
إلى جانب رياضيّ آخر يدعى ويلشمان، طور تورينغ “بومب”، وهي آلة مرتكزة على عمل سابق لرياضيين بولنديين، التي كانت منذ أواخر 1940 تقوم بفك تشفير كل الرسائل التي ترسلها إنيغما من لوفتفاف. كان كسر شيفرة آلات إنيغما الخاصة بالبحرية الألمانية أصعب بكثير لكن هذا النوع من التحدي استمتع به تورينغ. وفي منتصف عام 1941 قاد منهج تورينغ الإحصائي مع المعلومات التي التقطت إلى فك شيفرة إشارات البحرية الألمانية في بليتشلي.
منذ نوفمبر 1942 حتى مارس 1943 كان تورينغ في الولايات المتحدة يقيم صلاتٍ حول الأمور المتعلقة بفك الشفرات. أي تغييرات في طريقة تشفير الألمان لرسائلهم كانت تعني أن بليتشلي فقدت القدرة على فك شيفرة الرسائل. لم يكن تورينغ منخرطًا مباشرة في كسر هذه الشيفرات المعقدة بنجاح، لكن أفكاره أثبتت أهميتها الكبرى في هذا العمل. فاز تورينغ بجائزة “أو.بي.اي.” في 1945 لإسهامه الحيوي في المجهود الحربي.
في نهاية الحرب استدعى مختبر الفيزياء الوطني بلندن تورينغ ليصمم حاسوبًا. قُدّمَ تقريره الذي اقترح محرك الحساب الأوتوماتيكي في مارس 1946. كان تصميم تورينغ في ذلك الوقت تصميمًا أصليًا مفصّلًا وبيانًا تمهيديًا لحاسوب بالمعنى الحديث. كان حجم مساحة التخزين التي قدّرها لمحرك الحساب الأوتوماتيكي يعتبر من قبل معظم الذين أخذوا التقرير بعين الاعتبار طَموحًا مبالغًا فيه، وكانت هنالك تأخيراتٌ في الموافقة على المشروع.
عاد تورينغ إلى كامبريدج للعام الجامعي 1947-48 حين تراوحت اهتماماته بين عدّة مواضيع بعيدة جدًا عن الحواسيب والرياضيات، ودرس بالأخص علم الأعصاب والفيزيولوجيا. لم ينسَ خلال هذه الفترة الحواسيب مع ذلك، وكتب شيفرة لبرمجة الحواسيب. وكانت له اهتماماتٌ خارج العالم الأكاديمي أيضًا، إذ أخذ ألعاب القوى بكل جدّيّة بعد نهاية الحرب. وكان عضوًا في نادي والتون الرياضيّ وربح بطولتي الثلاثة أميال والعشرة أميال في وقت قياسي. وشارك في ماراثون في 1947 وأحرز المركز الخامس.
بحلول عام 1948 كان بيومان أستاذًا للرياضيات في جامعة مانشستر وعرض على تورينغ أن يكون محاضرًا هناك. استقال تورينغ من مختبر الفيزياء الوطني ليتولّى الوظيفة في مانشستر.
كتب نيومان أنه في مانشستر: «بدأ العمل على بناء آلة حوسبة من قبل إف سي ويليامز وتي كيلبورن». كان المُتَوَقّع أن يقود تورينغ العمل على الجانب الرياضي، ولبضع سنين واصل العمل أولًا على تصميم الروتين الفرعي التي ستبنى منها لاحقًا برمجيات أكبر لمثل هذه الآلة، ومن ثمّ مسائل أخرى أكثر عموميّةً من التّحليل العددي عندما يصبح هذا العمل موحدًا.
في 1950 نشر تورينغ “آلات الحوسبة والذكاء” في مجلة “مايند”. وهو عمل آخر لافت للنظر من عقله المبتكر الذي بدا أنه تنبأ بالأسئلة التي ستطرح مع تطور الحواسيب. وقد درس المسائل التي هي اليوم في قلب الذكاء الاصطناعي. كانت هذه المقالة في 1950 هي التي اقترح فيها اختبار تورينغ الذي ما زال الناس يُستخدم إلى اليوم لتحديد ما إذا كان الحاسوب ذكيًا.
انخرط تورينغ في نقاشات حول التباينات والتشابهات بين الأدمغة والآلة. وجهة نظر تورينغ التي عبر عنها بكل قوة وذكاء، هي أن على هؤلاء الذين رأوا هوة سحيقة بين الاثنين أن يبينوا أين يكمن الفرق.
لم ينس تورينغ أمر مسألة «إمكانية القرار» التي كانت نقطة البداية لمنشورته الرياضية العبقرية. إحدى المسائل الأساسية في نظرية تمثيل المجموعات كان السؤال: في حال وجود أية كلمة في مجموعات مقدمة متناهية، هل توجد خوارزمية لمعرفة ما إذا كانت الكلمة تساوي المعادلة المتطابقة؟. بيّن “بوست” أنه لا توجد مثل هذه الخوارزمية لأنصاف المجموعات. ظن تورينغ في البداية أنه أثبت نفس النتيجة بالنسبة للمجموعات، ولكن قبل أن يقدم ندوة عن برهنته اكتشف خطأ. اذ استطاع أن يلاحظ من برهنته الخاطئة حقيقة أن هناك نصف مجموعة ملغاة بها مسألة كلمة غير قابلة للحل ونشر هذه النتيجة في 1950.
استعمل “بون” الأفكار الواردة في هذه المقالة لتورينغ ليثبت وجود مجموعة بمسألة كلمة غير قابلة للحل في 1957.
انتخب آلان تورينغ زميلًا بجمعية لندن الملكية في 1951، بفضل عمله على آلات تورينغ في 1936. بحلول عام 1951 كان يعمل على تطبيق النظرية الرياضيات في المزارع البيولوجية. في 1952 نشر الجزء الأول دراسته النظرية عن التشكل وتطور النمط والشكل في الكائنات الحية.
قبض على تورينغ لانتهاكه قانون المثلية الجنسية البريطاني في 1952 عندما ذكر للشرطة تفاصيل عن علاقة مثلية. وقد ذهب إلى الشرطة لأنه قد هُدد بالابتزاز. حوكم بتهمة المثلية الجنسية في 31 مارس 1952 ولم يقدم أي دفاع سوى أنه لم ير شيئا خاطئا في أعماله. نتيجة لإدانته أعطي الخيار بين السجن وحقن الإستروجين لمدة عام فقبل الاختيار الثاني وعاد إلى مجال واسع من المساعي الأكاديمية.
لم يواصل فقط التقدم في دراسة أعمق للتشكل، لكنه عمل أيضًا على أفكاره الجديدة في نظرية الكم وتمثيل الجزيئات الأولية عن طريق سبينور، وعن نظرية النسبية.
أصبحت عملية فك التشفير في منتزه بليتشلي الأساس للعمل الجديد على التشفير والذكاء في مقر الاتصالات الحكومية. ومع الحرب الباردة أصبحت هذه عملية مهمة وعاد تورينغ إلى العمل في مقر الاتصالات الحكومية مع أن زملائه في مانشستر لم يعلموا بالأمر.
وبعد إدانته، سُحب تصريحه الأمني، والأسوء من ذلك أن ضباط الأمن أصبحوا قلقين من وجود شخص على معرفة تامة بالعمل الذي يجري بمقر الاتصالات الحكومية مصنف كتهديد أمني. وقد كان له زملاء أجانب عدة كأي أكاديمي، لكن الشرطة بدأت تحقق مع زائريه الأجانب. وسببت عطلة أخذها تورينغ في اليونان عام 1953 الذعر لدى ضباط الشرطة.
توفي تورينغ متسممًا بسيانيد البوتاسيوم أثناء إجرائه لتجارب عن التحلل الكهربائي. وجد السيانيد على تفاحة نصف مأكولة بجانبه. توصلوا في التحقيق أن ذلك كان انتحارًا، لكن والدته أصرّت أنه كان حادثا.
المصدر:ibelieveinsci
بعد ذلك أُرسِل إلى مدرسة هازلهرست التحضيرية حيث بدا تلميذًا بين الجيد والمتوسط في معظم المواد لكنه واصل اتباع أفكاره الخاصة، وأصبح مهتمًا بالشطرنج خلال وجوده في هذه المدرسة وانضم كذلك إلى جمعية المناظرة.
أكمل امتحان القبول العام في 1926 وذهب إلى مدرسة شيربورن. كانت 1926 سنة الإضراب العام وعندما كان الإضراب جاريًا ركب تورينغ الدراجة 60 ميلًا من المدرسة إلى المنزل، ولم تكن مهمة شاقة لتورينغ الذي أصبح فيما بعد رياضيًا كفؤًا جيدًا بمواصفات أولمبية.
وجد آلان صعوبة كبيرة في الامتثال لما كان مُتَوقّعًا في مدرسته العمومية، إلا أن والدته كانت مصرّة أن يتلقّى تعليمًا في مدرسة عمومية. العديد المفكرين المتفردين كانوا يجدون التدريس التقليدي تقريبًا عملية غير مفهومة ويبدو أن هذا كان ينطبق على تورينغ، وقد قادته عبقريته في اتجاهاته الخاصة بدل تلك المطلوبة من المدرسين.
انتُقِد تورينغ بسبب خطه السيء ولقي صعوبات في الإنجليزية والرياضيات، كان مهتماً بأفكاره الخاصة فلم ينتج حلولًا للمسائل باستعمال الطرق التي يعلمها مدرّسوه. ورغم ابتكاره لأجوبة غير تقليدية، فاز توريتغ تقريبًا بكل جائزة رياضية ممكنة عندما كان في شيربورن.
وفي الكيمياء، وهي مادة اهتم بها منذ صغر سنه، أجرى تجارب لأهدافه الخاصة التي لم ترضِ مدرّسه. كتب مدير مدرسة تورينع: «إن أراد البقاء في مدرسة عمومية، فعليه أن يسعى إلى التعلم. إذا كان مقدرًا له أن يصبح مختصًا علميًا، فهو يضيّع وقته في مدرسة عمومية».
يخبرنا هذا عن النظام المدرسيّ الذي تعرّض له تورينغ أكثر مما يخبرنا عن تورينغ نفسه. مع ذلك، تعلّم تورينغ الرياضيات المعمّقة عندما كان في المدرسة، مع أن مدرسيه لم يكونوا على علم بالدراسات التي يقوم بها بمفرده. قرأ تورينغ أوراق مقالات آينشتاين عن النسبية وقرأ أيضًا عن الميكانيكا الكمية في كتاب أدينغتون «طبيعة العالم الفيزيائي».
جرى حدث مهمٌّ عام 1928 أثر تأثيرًا بالغًا على تورينغ طيلة حياته، إذ كوّن صداقة قريبة مع كريستوفر موركوم وهو تلميذ في السنة التي تسبقه في المدرسة، وعمل الاثنان على أفكار علميّة. ربّما للمرّة الأولى استطاع تورينغ إيجاد شخص يستطيع مشاركته أفكاره ورؤاه. إلا أن موركوم توفّي في فبراير 1930 وكانت التجربة مُحطِّمةً لتورينغ، وكان لديه شعور مسبقٌ عن موت موركوم في اللحظة التي مرض فيها وشعر بوجود شيءٍ يتجاوز ما يستطيع العلم تفسيره، وكتب لاحقًا: «ليس من الصعب أن تفسر هذه الأمور، لكنني أتساءل».
رغم سنوات المدرسة الصعبة، دخل آلان تورينغ جامعة كامبريدج الملكية في 1931 لدراسة الرياضيات. لم يمضِ ذلك دون صعوبات. ترشّح تورينغ لامتحان نيل المنح وربح فرصة للعرض لكن ليس منحة. لم يرض تورينغ بأدائه فاجتاز الامتحان مرة أخرى في العام التالي وحصل على منحة.
في جوانب عدة، كانت كامبريدج مكانًا أسهل بكثير من المدرسة للأشخاص غير الاعتياديين مثل تورينغ، وكان أقدر بكثير على البحث في أفكاره الخاصة وقرأ كتاب راسل «مدخل للفلسفة الرياضية» عام 1933. في نفس الوقت قرأ نص «فون نويمان» عن ميكانيكا الكم، وهو موضوع عاد إليه عدة مرات خلال حياته.
شهد العام 1933 بداية اهتمام تورينغ بالمنطق الرياضي. إذ قرأ مقالة لنادي العلم الأخلاقي بكامبريدج في ديسمبر من نفس العام.
قرأ تورينغ مقالة «في الرياضيات والمنطق»، وذهب إلى أن رؤية منطقية رمزية صرفة للرياضيات كانت قاصرة، وأن الافتراضات الرياضية لها تفسيرات متنوعة لم تكن المنطقية الرمزية إلا مجرد واحدة منها. وبالطبع كان 1933 أيضًا العام الذي وصل فيه هتلر إلى السلطة في ألمانيا وانتشرت فيه حركة مناهضة الحرب في بريطانيا. انظم تورينغ إلى حركة مناهضة الحرب لكنه لم ينجرف إلى الماركسية كما حصل للكثيرين.
تخرج تورينغ عام 1934، وفي ربيع 1935 حضر دروس ماكس نيومان المعمّقة عن أسس الرياضيات. اهتمت هذه الدروس بنتائج «غودل» عن عدم الاكتمال وسؤال «هيلبرت» عن «إمكانية القرار».
انتخب آلان تورينغ زميلًا لكامبريدج الملكية في 1935 لأطروحة عن دالة الخطأ لغاوس التي أثبتت نتائج أساسيةً عن نظرية الاحتمالات وتحديدًا مبرهنة النهاية المركزية. مع أن مبرهنة النهاية المركزية اكتُشِفَت حديثًا، لم يكن تورينغ على علم بها واكتشفها منفردًا. وفي عام 1936 فاز تورينغ بجائزة سميث.
كانت إنجازات تورينغ في كامبريدج لأجل عمله في نظرية الاحتمالات. مع ذلك، فقد عمل على «إمكانية القرار» منذ حضر دروس نيومان. في 1936 نشر مؤلفه عن الأرقام القابلة للحساب، مع تطبيق لمسألة «انتشايدونغ». وفي هذه المقالة قدم تورينغ آلة مجردة تسمى حاليًا «آلة تورينغ»، التي انتقلت من حالة إلى أخرى باستعمال عدد متناهٍ ودقيق من القواعد في جدول متناهٍ ومعتمدة على رمز واحد تقرأه من الشريط. استطاعت آلة تورينغ كتابة رمز على الشريط أو مسحه منه.
كتب تورينغ: «بعض الرموز التي كُتِبَت ستشكل تسلسلات الأرقام وهي الجزء العشري من العدد الذي يتم حسابه. أما الرموز الأخرى فهي مجرد ملاحظاتٍ لمساعدة الذاكرة. ستكون هذه الملاحظات التقريبية فقط عرضة للمسح».
عرف تورينغ الرقم القابل للحساب على أنه رقم يمكن لآلة تورينغ إنتاج امتداده العشريّ باستعمال شريط فارغ. وأظهر أن π عدد محوسب ولكن بما أن أعدادًا حقيقيّة معدودة هي قابلة للحساب، فمعظم الأعداد الحقيقية غير قابلة للحساب. ومن ثم وصف العدد غير القابل للحساب ولاحظ أن هذا يبدو مفارقة لأنه وصف بعناصر متناهية عددًا لا يمكن وصفه بعناصر متناهية، لكن تورينغ فهم مصدر هذه المفارقة الظاهرة. إنه من المستحيل أن تقرر باستعمال آلة تورينغ ما إذا كانت آلة تورينغ ستنتج تسلسلًا لا نهائيًا من الأرقام بتوفر جدول معطى من التعليمات.
رغم أن مقالته تحتوي على أفكار أثبتت أنّ لها أهمية أساسيةً للرياضيات ولعلوم الحاسوب منذ أن ظهرت، بدا أن نشرها في جمعيّة لندن الرياضية لم يكن سهلًا. كان السبب أن كنيسة ألونزو نشرت مسألة غير قابلة للحل في نظرية العدد الأولي في المجلة الأمريكية للرياضيات عام 1936 التي أثبتت أيضًا أنه لا يوجد نهج للقرار في الحساب.
كان أسلوب تورينغ مختلفًا عن أسلوب الكنيسة. تضمّنت مقالة تورينغ المراجَعَة إحالة على النتائج التي وجدتها التي اكتملت في أبريل 1936، وروجعت المقالة في أغسطس 1936 وطُبِعت وظهرت في 1937.
إن الميزة الجيدة من النقاشات التي أُجرِيَت مع الكنيسة هي أن تورينغ أصبح متخرّجًا من جامعة برينستون عام 1936. وفي برينستون، عمل تورينغ على البحث تحت إشراف الكنيسة وعاد إلى إنجلترا عام 1938، وكان قد عاد قبلها لإجازة الصيف في 1937 حين التقى ويتغنشتاين لأول مرة. إن المنشور الأهم الذي نتج عن عمله في برينستون كان «نظم المنطق القائمة على الأعداد الترتيبية». الذي نُشِر عام 1939.
كتب نيومان: «إن المقالة مليئة بالمقترحات والأفكار المثيرة للاهتمام. وهي تسلّط الضوء على رؤية تورينغ لمكانة البداهة في البرهنة الرياضية».
ربما تكون أكثر خاصية جديرة بالاهتمام من عمل تورينغ على آلات تورينغ هو أنه وصف الحاسوب الحديث قبل أن تبلغ التكنولوجيا إلى نقطة أصبح معها بناء الحاسوب مقترحًا واقعيًا، وقد أثبت في مقالته عام 1936 إمكانية وجود آلة تورينغ شاملة التي قد تُصنَع للقيام بعمل أية آلة ذات غاية خاصة، ما يعني أن تقوم بأي عمل من الحوسبة إن أُدخِلَ إليها شريط يحمل تعليمات مناسبة.
رغم أن «الحاسوب» بالنسبة لتورينغ كان شخصًا يجري عملية حوسبة، فلا بد أن نرى في وصفه لآلة تورينغ العالمية ما نراه اليوم كحاسوب ذي شريط.
عندما كان في برينستون، حاول تورينغ أن يجرب فكرة بناء حاسوب. ولما عاد إلى كامبريدج في 1938 بدأ بناء أداة ميكانيكية مماثلة للتحقيق في فرضية ريمان، التي يعتبرها اليوم العديد من الناس أكبر مسألة لم تُحلّ في الرياضيات. ومع ذلك، فإنّ عمله اتخذ بُعيد ذلك شكلًا جديدًا لأنه اتُصل به بعد عودته من قبل مدرسة التشفير والرموز الحكومية التي طلبت منه مساعدتهم في عملهم لكسر شيفرة “إنيغما” الألمانية.
عندما أُعلِنَت الحرب عام 1939 انتقل آلان تورينغ إلى العمل بدوام كامل في مدرسة التشفير والرموز الحكومية في منتزه بليتشلي. أفكار تورينغ العبقريّة في حل الشيفرات وتطوير الحواسيب للمساعدة على حلها قد تكون أنقذت الكثير من أرواح العسكريين.
إلى جانب رياضيّ آخر يدعى ويلشمان، طور تورينغ “بومب”، وهي آلة مرتكزة على عمل سابق لرياضيين بولنديين، التي كانت منذ أواخر 1940 تقوم بفك تشفير كل الرسائل التي ترسلها إنيغما من لوفتفاف. كان كسر شيفرة آلات إنيغما الخاصة بالبحرية الألمانية أصعب بكثير لكن هذا النوع من التحدي استمتع به تورينغ. وفي منتصف عام 1941 قاد منهج تورينغ الإحصائي مع المعلومات التي التقطت إلى فك شيفرة إشارات البحرية الألمانية في بليتشلي.
منذ نوفمبر 1942 حتى مارس 1943 كان تورينغ في الولايات المتحدة يقيم صلاتٍ حول الأمور المتعلقة بفك الشفرات. أي تغييرات في طريقة تشفير الألمان لرسائلهم كانت تعني أن بليتشلي فقدت القدرة على فك شيفرة الرسائل. لم يكن تورينغ منخرطًا مباشرة في كسر هذه الشيفرات المعقدة بنجاح، لكن أفكاره أثبتت أهميتها الكبرى في هذا العمل. فاز تورينغ بجائزة “أو.بي.اي.” في 1945 لإسهامه الحيوي في المجهود الحربي.
في نهاية الحرب استدعى مختبر الفيزياء الوطني بلندن تورينغ ليصمم حاسوبًا. قُدّمَ تقريره الذي اقترح محرك الحساب الأوتوماتيكي في مارس 1946. كان تصميم تورينغ في ذلك الوقت تصميمًا أصليًا مفصّلًا وبيانًا تمهيديًا لحاسوب بالمعنى الحديث. كان حجم مساحة التخزين التي قدّرها لمحرك الحساب الأوتوماتيكي يعتبر من قبل معظم الذين أخذوا التقرير بعين الاعتبار طَموحًا مبالغًا فيه، وكانت هنالك تأخيراتٌ في الموافقة على المشروع.
عاد تورينغ إلى كامبريدج للعام الجامعي 1947-48 حين تراوحت اهتماماته بين عدّة مواضيع بعيدة جدًا عن الحواسيب والرياضيات، ودرس بالأخص علم الأعصاب والفيزيولوجيا. لم ينسَ خلال هذه الفترة الحواسيب مع ذلك، وكتب شيفرة لبرمجة الحواسيب. وكانت له اهتماماتٌ خارج العالم الأكاديمي أيضًا، إذ أخذ ألعاب القوى بكل جدّيّة بعد نهاية الحرب. وكان عضوًا في نادي والتون الرياضيّ وربح بطولتي الثلاثة أميال والعشرة أميال في وقت قياسي. وشارك في ماراثون في 1947 وأحرز المركز الخامس.
بحلول عام 1948 كان بيومان أستاذًا للرياضيات في جامعة مانشستر وعرض على تورينغ أن يكون محاضرًا هناك. استقال تورينغ من مختبر الفيزياء الوطني ليتولّى الوظيفة في مانشستر.
كتب نيومان أنه في مانشستر: «بدأ العمل على بناء آلة حوسبة من قبل إف سي ويليامز وتي كيلبورن». كان المُتَوَقّع أن يقود تورينغ العمل على الجانب الرياضي، ولبضع سنين واصل العمل أولًا على تصميم الروتين الفرعي التي ستبنى منها لاحقًا برمجيات أكبر لمثل هذه الآلة، ومن ثمّ مسائل أخرى أكثر عموميّةً من التّحليل العددي عندما يصبح هذا العمل موحدًا.
في 1950 نشر تورينغ “آلات الحوسبة والذكاء” في مجلة “مايند”. وهو عمل آخر لافت للنظر من عقله المبتكر الذي بدا أنه تنبأ بالأسئلة التي ستطرح مع تطور الحواسيب. وقد درس المسائل التي هي اليوم في قلب الذكاء الاصطناعي. كانت هذه المقالة في 1950 هي التي اقترح فيها اختبار تورينغ الذي ما زال الناس يُستخدم إلى اليوم لتحديد ما إذا كان الحاسوب ذكيًا.
انخرط تورينغ في نقاشات حول التباينات والتشابهات بين الأدمغة والآلة. وجهة نظر تورينغ التي عبر عنها بكل قوة وذكاء، هي أن على هؤلاء الذين رأوا هوة سحيقة بين الاثنين أن يبينوا أين يكمن الفرق.
لم ينس تورينغ أمر مسألة «إمكانية القرار» التي كانت نقطة البداية لمنشورته الرياضية العبقرية. إحدى المسائل الأساسية في نظرية تمثيل المجموعات كان السؤال: في حال وجود أية كلمة في مجموعات مقدمة متناهية، هل توجد خوارزمية لمعرفة ما إذا كانت الكلمة تساوي المعادلة المتطابقة؟. بيّن “بوست” أنه لا توجد مثل هذه الخوارزمية لأنصاف المجموعات. ظن تورينغ في البداية أنه أثبت نفس النتيجة بالنسبة للمجموعات، ولكن قبل أن يقدم ندوة عن برهنته اكتشف خطأ. اذ استطاع أن يلاحظ من برهنته الخاطئة حقيقة أن هناك نصف مجموعة ملغاة بها مسألة كلمة غير قابلة للحل ونشر هذه النتيجة في 1950.
استعمل “بون” الأفكار الواردة في هذه المقالة لتورينغ ليثبت وجود مجموعة بمسألة كلمة غير قابلة للحل في 1957.
انتخب آلان تورينغ زميلًا بجمعية لندن الملكية في 1951، بفضل عمله على آلات تورينغ في 1936. بحلول عام 1951 كان يعمل على تطبيق النظرية الرياضيات في المزارع البيولوجية. في 1952 نشر الجزء الأول دراسته النظرية عن التشكل وتطور النمط والشكل في الكائنات الحية.
قبض على تورينغ لانتهاكه قانون المثلية الجنسية البريطاني في 1952 عندما ذكر للشرطة تفاصيل عن علاقة مثلية. وقد ذهب إلى الشرطة لأنه قد هُدد بالابتزاز. حوكم بتهمة المثلية الجنسية في 31 مارس 1952 ولم يقدم أي دفاع سوى أنه لم ير شيئا خاطئا في أعماله. نتيجة لإدانته أعطي الخيار بين السجن وحقن الإستروجين لمدة عام فقبل الاختيار الثاني وعاد إلى مجال واسع من المساعي الأكاديمية.
لم يواصل فقط التقدم في دراسة أعمق للتشكل، لكنه عمل أيضًا على أفكاره الجديدة في نظرية الكم وتمثيل الجزيئات الأولية عن طريق سبينور، وعن نظرية النسبية.
أصبحت عملية فك التشفير في منتزه بليتشلي الأساس للعمل الجديد على التشفير والذكاء في مقر الاتصالات الحكومية. ومع الحرب الباردة أصبحت هذه عملية مهمة وعاد تورينغ إلى العمل في مقر الاتصالات الحكومية مع أن زملائه في مانشستر لم يعلموا بالأمر.
وبعد إدانته، سُحب تصريحه الأمني، والأسوء من ذلك أن ضباط الأمن أصبحوا قلقين من وجود شخص على معرفة تامة بالعمل الذي يجري بمقر الاتصالات الحكومية مصنف كتهديد أمني. وقد كان له زملاء أجانب عدة كأي أكاديمي، لكن الشرطة بدأت تحقق مع زائريه الأجانب. وسببت عطلة أخذها تورينغ في اليونان عام 1953 الذعر لدى ضباط الشرطة.
توفي تورينغ متسممًا بسيانيد البوتاسيوم أثناء إجرائه لتجارب عن التحلل الكهربائي. وجد السيانيد على تفاحة نصف مأكولة بجانبه. توصلوا في التحقيق أن ذلك كان انتحارًا، لكن والدته أصرّت أنه كان حادثا.
المصدر:ibelieveinsci