المخرجة الفلسطينية مي مصري: نجمع الشتات ونبني وطننا من خلال السينما
خاص ـ «سينماتوغراف»
ميّ مصري، مخرجة سينمائية فلسطينية، من مواليد عمّان وتقيم في بيروت، درست الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة الأمريكية، وعادت إلى بيروت حيث كان الاحتلال الإسرائيلي قد بدأ اجتياحه للبنان، ومن ذلك الوقت بدأت عملها كمخرجة للأفلام، سواء بشكل مشترك مع زوجها المخرج اللبناني جان شمعون، أو بشكل مستقل، وعبر مسيرة طويلة في صناعة الأفلام الوثائقية.
قدمت فيلمها الروائي الأول «3000 ليلة»، الذي اعتبر نقلة في مسيرتها السينمائية.
وتتحدث ميّ مصري عن بداياتها، وشغفها بالسينما النابع من عدة أمور حيث تعزوها إلى نشأتها ببيروت في وقت كانت فيه النهضة الثقافية والفنية، أما لماذا السينما تحديداً فتقول: «لأنني كنت أسعى لأن أقدم شيئاً مؤثراً في حياتي، وبذات الوقت فنياً، فوجدتُ بالسينما مبتغاي، فهي فن وبها التأثير وأيضاً العمل مع الناس، وتضيف: وربما لأنني فلسطينية شعرت أن بإمكاني من خلال السينما أن أحمل قضيتي للعالم.
درست ميّ مصري الإخراج السينمائي في جامعة سان فرانسيسكو وعادت إلى لبنان عام 1982 وبدأت عملها في أوقات الحرب الصعبة، أثناء اجتياح بيروت، وعن تلك التجربة تعلق، قائلة: أعتبر أنني تعلمت السينما وأنا أصنع الأفلام على الأرض، فالدراسة الأكاديمية النظرية أعطتني المفاتيح، لكن التجربة العملية على الأرض هي التي علمتني، فمدرستي الحقيقية هي الأفلام التي عملت بها، وكل فيلم علمني أمراً جديداً.
تصف ميّ بداياتها الإخراجية، وتسرد قائلة: أول فيلم بدأته كان تجربة مشتركة مع زوجي المخرج اللبناني جان شمعون أثناء حصار بيروت، وكانت تلك البداية لسلسة أفلام وثائقية، كانت تجربةً صعبة، حيث بيروت محاصرة وتتعرض للقصف جواً وبراً وبحراً. كان للحرب تأثير علي كإنسانة وكسينمائية، لكن هذه التجربة حضّرتني لما بعدها، وكما في كل فيلم كانت تجربتي تتطور أكثر.
كان عمري 17 عاماً حين قررت أن أصنع سينما، غادرت بيروت التي كانت غارقة بالحرب إلى كاليفورنيا، ودخلت مجال دراسة السينما، لأن ذلك المجال لبى طموحي وميلي للفنون والحكايات وحب الناس، والأمر الآخر هو لأنني فلسطينية وشعرت أنني يجب أن أقدم شيئا لقضيتي، وشعرت أن السينما أفضل الوسائل لتقديم هذه القضية. درست أربع سنوات وعدت عام 1982 وهناك بدأت مرحلة جديدة في حياتي، حيث تعرفت على زوجي وبدأنا العمل على أفلام معاً.
كان الفيلم الأول أثناء الاجتياح الاسرائيلي لبيروت «تحت الأنقاض»، موضوعه الناس وخلفيته حصار بيروت، صوّرته خلال شهور الحصار الثلاثة، فيلم يعايش الناس أثناء الحصار وصمودهم أثناء الحرب والاجتياح والمجازر كمجزرة صبرا وشاتيلا، ورغم قسوته إلا أنه جاء توثيقياً للمرحلة.
ومنذ ذلك الوقت بقيت أعمل ضمن الظروف الصعبة منذ اجتياح بيروت وحتى العدوان الإسرائيلي الأخير عام 2006، لكنني كنت مستعدة وكانت التجربة قد صقلتني للعمل في الظروف الصعبة.
وتضيف: سينمائياً بدأت أسأل نفسي ما هي اللغة السينمائية التي يمكن أن تعبر عن الظروف الإنسانية التي نعيشها، تلك اللغة التي بدأت بتطويرها في الفيلم الثاني «زهرة القندول» الذي يحكي قصة النساء في جنوب لبنان أثناء الاحتلال، كيف صمدن وقاومن، حيث معظم الرجال بالسجون والنساء على الأرض تقاوم. ركزنا على قصة امرأة كانت معتقلة اسمها خديجة، لديها علاقة شاعرية وخاصة بالأرض فأخذ الفيلمُ منحاً شاعرياً، كما أن الفيلم مزج بين المشهدية الوثائقية والدرامية، حيث أعاد الناس تمثيل مشاهد وظروف عاشوها. كنّا نصور بكاميرا سينمائية وكانت أول تجربة لي أحمل فيها الكاميرا، وكنت من أوائل النساء اللواتي حملن الكاميرا في تلك الفترة.
أفلام ميّ الأولى في لبنان كانت تجارب إخراج مشترك مع زوجها المخرج اللبناني جان شمعون، وتصف ميّ تلك التجربة بقولها: عملت أربعة أفلام مشتركة مع جان، وهي تجارب غنية ومنسجمة، علمتني العمل ضمن الفريق، وأضافت لي الكثير، ولأن السينما تعتمد العمل المشترك لفريق العمل، شكلنا فريق عمل يكمّل بعضه. تزوجنا أثناء عملنا مع بعضنا وهي تجربة لم تنته، لا زلنا نساعد بعضنا، واليوم لدينا ابنتان، وتعملان معنا، حيث مثلت معي ابنتاي في فلمي الأخير. يسمينا البعض الثنائي السينمائي، وكنا من القلائل ممن عملوا مع بعض واستمروا بذلك وقتاً طويلاً.
محطات سينمائية
بالنسبة لي كل فيلم من أفلامي يعتبر محطة، لأن شخصيتي تكونت من خلال أفلامي، كذلك هويتي وانتمائي، لكن أكثر أفلامي الذي شكل نقلة بالنسبة لي كان أول فيلم صورته في فلسطين، في مدينتي نابلس عندما عدت هناك في أواخر الثمانينيات وكانت الانتفاضة الفلسطينية في أوجها، وكان أول تجربة منفردة أقدمها كمخرجة، في فترة حرجة فرض فيها منع التجوال لفترات طويلة، فقمنا بالتصوير بشكل سرّي، حيث الاحتلال كان قد أعلن نابلس منطقة عسكرية مغلقة، لكنني كنت مستعدة لتلك التجربة خاصة بعد تجربتي في حرب لبنان واجتياح عام 1982.
وفي ذلك الفيلم بنيت علاقتي بالمدينة والناس فيها من خلال الكاميرا، استرجعت الماضي والطفولة وما يشبه استعادة الأرض المسلوبة، فقد كان التصوير ممنوعاً، والانتفاضة في تلك الفترة كانت تتركز في نابلس وغزة، وبسبب منع التجول، قمت بتصوير معظم الفيلم بالحيّ الذي كنت أعيش فيه، عدا عن تعاون الناس معنا وإحساسهم الكبير بأهمية الفيلم وتوثيقه لممارسات الاحتلال الذي كان يمنع التصوير ووسائل الأنباء من تغطية ما يحدث في المدينة. عائلتي من مدينة نابلس، لكنني لم أعش في المدينة ولم أنشأ فيها وفي ذلك الفيلم عرفت ماذا تعني فلسطين.
بعد ذلك جاء فيلمي الخامس على صعيد التجربة الشخصية، والثاني ضمن ثلاثية موضوعها الأطفال، وهو «أطفال شاتيلا»، الذي يجمع بين واقع أطفال فلسطين ولبنان حيث تدور قصته حول طفلة من مخيم شاتيلا في لبنان تدعى منى وطفلة أخرى من مخيم الدهيشة في بيت لحم.
تلك الثلاثية التي بدأتها في نابلس في «أطفال جبل النار»، ثم في لبنان «أطفال شاتيلا» والأخير بالثلاثية «أحلام المنفى»، عن أطفال فلسطين في الداخل ومخيمات الشتات. رأيت من خلال تلك الثلاثية العالم من خلال عيون أطفال فلسطين، وجانبه الإبداعي كان من خلال العمل على خيال الأطفال، عن التناقض بين الواقع الصعب والحلم الذي يعيشونه، والعمل على شاعرية الصورة.
من خلال الأطفال شعرت بالأمل والشعب الحي بأحلامه وآماله، حيث جاءتني فكرة إعطاء الكاميرا للأطفال ليقوموا بالتصوير وهذا كان أساس فكرة أطفال شاتيلا، وتحديداً من خلال الطفل الذي عاش حادث سير وفقد الذاكرة لكنه يملك عمق ورؤية وكذلك فرح.
بعد سنوات من «أطفال شاتيلا» الذي أنتج عام 1989 في الذكرى الأربعين للنكبة، عدت لألتقي نفس الأطفال عام 2000 لأرصد ما حدث معهم، وخلال تلك الفترة التي بدأوا فيها الاتصال بأطفال في فلسطين من خلال الإنترنت الذي كان حديثاً وقتها، وكان ذلك بدايات التواصل بين الفلسطينيين بالداخل والشتات بعد طول قطيعة منذ النكبة، ولاحقاً حدثت اللحظة التاريخية بتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، فحدث اللقاء الحقيقي بينهم على أسلاك الحدود الشائكة بين لبنان وفلسطين.
وعودة لتجربة العمل المشترك مع جان شمعون، تقول ميّ: الفيلم الثاني مع جان شمعون كان اسمه «زهرة القندول»، صورناه في جنوب لبنان وكان الاحتلال الإسرائيلي قد انسحب جزئياً من الجنوب، فكان التصوير بالقرى المحررة بعد أيام قليلة من التحرير، وكان موضوع الفيلم المرأة في الجنوب والمقاومة اللبنانية. في تلك الفترة عشنا 6 شهور في القرى مع الناس، وكان الفيلم يتمحور حول قصة أسيرة لبنانية اعتقلت خلال الاحتلال الاسرائيلي، من خلالها تتبعت تجربة المرأة في السجون الاسرائيلية، فذهبنا لاحقاً للتصوير في السجن الذي كانت معتقلة فيه بالنبطية جنوب لبنان، ومنذ تلك التجربة بدأت العمل أكثر على اللغة السينمائية، فأحكي قصص الواقع بلغة جديدة وإعادة بناء المشاهد واستخدام اللغة الشاعرية.
تطورت تجربة ميّ المشتركة مع جان شمعون أكثر، في تجربتهما الثالثة في فيلم «بيروت جيل الحرب»، والذي تصفه بقولها: بأنه فيلم يحكي قصة الأجيال الثلاثة التي عاشت الحرب اللبنانية، كان معظم التصوير على الجبهات سنة 1987، كنّا نصور مع المقاتلين على الجبهة، راصدين مرارة التجربة حيث الشباب وقود وضحية الحرب. الفيلم يصور على الجبهات بين المتاريس والألغام، وهي التجربة التي صقلتني وعرّفتني بتجارب قاسية وإنسانية وغريبة بذات الوقت، ومن خلال الأفلام التي عملتها تعرفت أكثر على تجارب وأنماط حياة الناس، عن استغلال الشباب من قبل السياسيين كوقود للحرب، فأفلامي ليست عن الضحايا بل عن الجوانب الإنسانية والأمل والصمود والمقاومة رغم الظروف، وهذا ما يشدني في المواضيع: كيف نحافظ على إنسانيتنا رغم قسوة الظروف.
تجارب مختلفة
تقول ميّ: أعمل كثيراً على تنويع مواضيعي وكذلك تطوير لغتي السينمائية، فمثلاً في فيلم «أحلام معلقة» عام 1992، والذي يحكي قصة أربع شخصيات منهم اللبنانية وداد حلواني التي خُطفَ زوجها عام 1982 فأسست مع آخرين حركة أهالي المخطوفين الذين لليوم وبعد 35 سنة لا زالوا يطالبون بمعرفة مصير أكثر من 75 ألف مفقود منذ الحرب اللبنانية، وأخريات أثّرن بي شخصياً، لكلٍ منهن تجربة مختلفة، كذلك حنان عشرواي، واللواتي ساهموا بنقل رواية الحدث للجمهور العالمي، وأيضاً خديجة في جنوب لبنان ومنى ومنار في فيلم «أحلام المنفى»، وكذلك الأطفال، لكون النساء والأطفال أكثر من لاقوا اهتماماً في أفلامي.
بعد «أحلام معلقة» جاء فيلم «يوميات بيروت» والذي يحكي عن شباب لبنان وعلاقتهم بالتغيير وطموحهم، صورته عام 2005 وهي مرحلة مفصلية بتاريخ لبنان، وفي عام 2006 صورت فيلم «33 يوم» والذي يحكي قصة المقاومة الشعبية للاحتلال الاسرائيلي والعدوان على لبنان ودور الصحافيين والفنانين أثناء الحرب، وكيف كان لكلٍ منهم أسلوبه في التصدي للعدوان، وأطلعت على تجاربهم الإنسانية التي عادة ما تنسى بعد الحرب.
بعد عام 2006 حدثت نقلة كبيرة بتجربتي من خلال انتقالي من الوثائقي إلى الروائي بفيلم «3000 ليلة»، القائم على تجارب حقيقية لأسيرات فلسطينيات في سجون الاحتلال، وبالتحديد لأسيرة فلسطينية ولدت طفلها في سجن إسرائيلي وهي امرأة تعرفت عليها في الانتفاضة الأولى أثناء تصوير فيلم «أطفال جبل النار»، ومنها سمعت كيف ولدت في السجن، وظلت تلك الفكرة لقسوتها تعيش برأسي لسنوات، كيف يمكن لامرأة أن تلد وهي مقيدة بالحديد، فكرة ولادة طفل بسجن، لذلك بدأت أهتم بموضوع الأسيرات وأبحث كثيراً وبالتحديد من أجل فيلم روائي لأعيد فيه بناء القصة من جديد مع الطفل والأسيرات، فكل الشخصيات استوحيتها من شخصيات حقيقية عاشت التجربة خاصة بسنوات الثمانينيات وهي مرحلة غنية من حيث تجربة الحركة الأسيرة الفلسطينية ودور الأسيرات فيها.
تضيف ميّ بأنها صوّرت الفيلم في سجن حقيقي في الأردن، وكان معظم طاقم الفيلم من فلسطين والأردن، وغالبية الممثلات كنَّ قريبات من التجربة، عملنا معاً أنا والفريق والممثلين على موضوع الأسر وتعرفنا على الأسيرات الحقيقيات، كما أن بعض الممثلين عاشوا تجربة الأسر بشكل مباشر أو من خلال أهاليهم، فالفيلم يحكي قصة مدرّسة فلسطينية تعتقل بتهمة ملفقة وتلد بداخل السجن وتربي طفلها هناك مع بقية الأسيرات اللواتي يصبحن أمهات لذلك الطفل، بسجن يجمع الأسيرات السياسيات الفلسطينيات بأخريات جنائيات إسرائيليات، وهو ما أغنى الموضوع من حيث التفاصيل داخل السجن، كما عملتُ أكثر على علاقة الأم بطفلها لأعيد بناء الطفولة بعالم داخل السجن من خلال الحكايات والرسوم على الجدران.
عن أكثر مَشاهد الفيلم تأثيراً بالنسبة للمخرجة، تقول بأنّه مشهد السجينة الصغيرة التي تُقتل، ما جعلَ السجن كاملاً ينتفض، وقد لعبت ابنتي هذا الدور، وأنا شخصياً أثناء التصوير تأثرت جداً، بالإضافة إلى اللحظات التي رصدت علاقة الأم بالطفل وهو الدور الذي أدته الممثلة القديرة من مدينة الناصرة ميساء عبد الهادي، دور الأم ليال. التفاصيل بينها وبين ابنها نور والعصفور الخشبي ورمزيته والطفل الذي بدأ ينطق أولى كلماته وراء قضبان السجن، وهو طفل عمره سنتين فكان صعباً لكنه حقيقي، لأن الطفل لم يكن يمثل ولكن يتفاعل كطفل حقيقي، كنا أثناء التصوير مسحورين بالطفل والأم، وهذه من اللحظات التي لن أنساها.
فريق العمل كان فلسطينياً أردنياً وأيضا كان معنا مدير الإضاءة الفرنسي وكذلك المنتجة اللبنانية والمنتجة الفرنسية، فريق العمل كان متعاوناً جداً لحساسية الموضوع بالنسبة لهم، لأن الموضوع كان أكثر من فيلم، فهو يعالج موضوع الاعتقال والأسر، فكنا منسجمين جداً ونصوّر بسجن حقيقي، وكان التحضير لذلك قد ساعدنا جداً، عملت مع مدير التصوير على الألوان والكاميرا المتحركة لتعطي مزيداً من الإحساس بالواقعية، الكاميرا محمولة على الكتف، ورفعنا اإاضاءة ليتسنى للمثلين الاندماج مع الدور.
حاولت من خلال شكل اللقطات من خلف القضبان والمشاهد التي جاء معظمها داخل الغرف المغلقة، أن أدخل المشاهد إلى داخل السجن ليعيش التفاصيل أكثر، وكذلك من خلال اللغة البصرية والألوان، حيث أن الألوان ممنوعة في السجن، وحين تظهر الألوان تبدو كأنها أمر غريب مقارنة بألوان السجن القاتمة والرمادية.
كان التصوير يستمر لساعات طويلة في درجات حرارة عالية في الصحراء الأردنية وحولنا تنتشر العقارب والحشرات الصحراوية، ووجود أطفال أعمارهم بين عشرين يوم وسنتين جعله أمراً غاية في الصعوبة، وأهم صعوبات العمل كانت المسؤولية التي يلقيها موضوع العمل، هو قضية بشر عاشوا التجربة من قبل، بالإضافة لمشاكل تمويل هذا النوع من الافلام. بالإضافة إلى أنها أول مرة أعمل بها مع ممثلين، وكانت تلك صعوبة الانتقال من الوثائقي للروائي، لكن كلّ فيلم يعد بمثابة عملية ولادة جديدة.
ما بعد «3000 ليلة»
السينما هي سينما سواء كانت روائية أو وثائقية كما تقول ميّ مصري، لكن تبقى الثوابت الإنسانية هي الأساس، ومن الممكن للفيلم القادم أن يكون روائياً، لكن إن وجدت الفكرة الوثائقية الجيدة سأقوم بعملها.
كل أفلامي عرضت على شاشات تلفزيونات ومهرجانات ووصلت لأعداد كبيرة من الناس حول العالم، وهي مسألة أعتز بها، فالناس بدأت تعرفني من خلال أفلامي، وهذا ما قربني أكثر للناس، وحصلت على عدة جوائز، وحركت مشاعر الناس تجاه قضايانا.
حصل فيلم «3000 ليلة» حتى أخر مشاركاته في مهرجان كرامة لحقوق الإنسان بالأردن على ما يزيد عن أربعين جائزة دولية، بالإضافة لجائزتين في مهرجان مالمو، منذ عرضه الأول في مهرجان تورنتو في كندا، وعروضه الأخرى في لندن، دبي، ستوكهولم، الهند، أستراليا، كوريا الجنوبية، واشنطن، فرنسا، وحصلت على الكثير من جوائز الجمهور وهو فعلا ما أسعدني، تقول، وكذلك في سويسرا حيث حصل على جائزة حقوق الإنسان، كما رشحته الأردن للأوسكار والأن استعد لجولة جديدة من المهرجانات وهو منبر مهم للتوزيع، وتم توزيع الفيلم في العديد من الدول العربية في فلسطين، لبنان، مصر، الكويت، السويد، وفي خمسين صالة في فرنسا، وعروض في كل الولايات المتحدة الامريكية.
تتابع ميّ إن أكثر الوسائل الفنية التي يمكن أن توصل القضية الإنسانية قد تكون السينما، ففيها الحكاية التي تُروى بالصورة والصوت، وخاصة إذا كان صانع الفيلم صادقاً فيما يقدمه، فالسينما هي سفيرة القضايا الإنسانية، والناس تميل أكثر لرواية الحكايات.
وخاصة السينما الفلسطينية التي بدأنا نوصل من خلالها قضيتنا للجمهور العالمي ونعيد تعرفيه بها، ومؤخراً حين بدأت تعرض الأفلام الفلسطينية في كبريات المهرجانات العالمية وتحصد العديد من الجوائز ما يعني تقدير الجمهور العالمي وتعكس اهتمامه بالقضية من خلال مرآتها السينمائية. ولأنها أفلام جيدة وليس فقط لمضمونها الانساني، هنالك تطوير كبير لسينمانا. من خلال صناع السينما الفلسطينيين نستطيع أن نلم شمل وطن مجزأ، ومن خلال أفلامنا نستطيع جمع شمل الإنسان الفلسطيني المشتت بكل المنافي، ونبني وطننا من خلال السينما.