كشف رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، منذ فترة، أنه مصاب بالتوحد. وكان لهذا فائدة في فهم الشخصية المؤثرة لماسك، وتسليط الضوء على نقاط القوة والصعوبات المتعلقة بالتوحد.
ولم يقل أغنى رجل في العالم وشخصية العام 2021 حسب صحيفة "التايم" صراحة أنه مصاب بالتوحد، إلا أنه اعترف بإصابته بمتلازمة أسبرجر، وهو تشخيص يعرف بأنه أحد اضطرابات طيف التوحد.
وعادة ما يتم تحديد التوحد من قبل الأطباء أثناء الطفولة، ولكن يتم الآن تشخيص عدد متزايد من الأشخاص بهذه الحالة في مرحلة البلوغ.
وقد يكون التشخيص في مرحلة متقدمة من العمر صعبا لأن العديد من البالغين يطورون استراتيجيات نفسية "تعويضية" للتعامل مع صعوبات التوحد لديهم. ويمكن أن يخفي هؤلاء أعراضهم عن الأطباء وأصحاب العمل وحتى أفراد الأسرة.
ويقول فريق من الخبراء، بما في ذلك بونيت شاه، أستاذ علم النفس المشارك في جامعة باث، ولوكا هارجيتاي، باحث دكتوراه في علم النفس بجامعة باث، ولوسي آن ليفينغستون، أستاذة علم النفس في كينغز كوليدج لندن: "بصفتنا باحثين في مجال التوحد، نعتقد أن من المهم زيادة الوعي وتحسين الموقف من التوحد. وهناك الآن تقدير متزايد للتنوع العصبي في المجتمع، وخاصة في قطاع العلوم والتكنولوجيا. وكان هناك أيضا نقاش حول مسألة كيف يمكن لأشخاص مثل الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ أن يكونوا ناشطين عظماء بسبب سمات التوحد لديهم (على الرغم من عدم وجود رابط إحصائي بين التوحد وحماية البيئة).
وتابعوا: "من المدهش أنه كان هناك القليل من النقاش حول التوحد لدى ماسك. لن يكون هذا مفيدا فقط لفهم ماسك، الذي أصبح الآن شخصية مؤثرة ويتعرض لانتقادات متزايدة، ولكنه قد يقطع شوطا طويلا في إبراز نقاط القوة والصعوبات المتعلقة بالتوحد".
وأضافوا: "من المهم أن نتذكر أنه (ماسك) لا يمثل السكان المصابين بالتوحد ولا عامة الناس. ولكن، إذا كنا نعتقد أن التجارب الفردية مهمة، فإن قصة ماسك هي فرصة للتعرف عليه، وعلى التوحد والتنوع العصبي. ونظرا لموقعه المميز في المجتمع، فإن الأمر يستحق محاولة فهم ماسك بدلا من ترك الخطاب العام يفسد أكثر".
تشارك ماسك قصصا عن صراعاته الاجتماعية عندما كان طفلا. وأفاد بأنه تعرض للتنمر و"كاد أن يُضرب حتى الموت" لكونه مختلفا. وفي فيلم وثائقي، تتحدث والدة ماسك عنه باعتباره "عبقريا صغيرا"، ولكنه أيضا طفل خجول ومربَك بلا أصدقاء. وبالنظر إلى هذه السمات معا، يمتلك ماسك ما يسميه علماء النفس "التاريخ التطوري" لخصائص التوحد والتجارب السلبية لعدم قبولهم في مرحلة الطفولة.
وقد استمرت الإساءة الموجهة إلى ماسك لكونه مصابا بالتوحد حتى مرحلة البلوغ.
ويعد ماسك في وضع أقوى بكثير للدفاع عن نفسه من معظم الآخرين. ولكن من الممكن أن يكون التنمر الذي تعرض له طوال حياته يتحدث عن سبب قدرته على "الدفاع والمحاربة" على "تويتر".
جدير بالذكر أيضا أنه على الرغم من أن ماسك يبدو قويا عاطفيا، إلا أنه غالبا ما يحدث عكس ذلك "تحت السطح" لدى المصابين بالتوحد والتنوع العصبي.
يرتبط التوحد أحيانا أيضا بطريقة التفكير الجانبي. ويتم تجسيد ذلك من خلال حمل ماسك مغسلة إلى مقر "تويتر"، الذي استحوذ على ملكيته مؤخرا، باعتباره تلاعبا بالعبارة الشائعة "دع هذا يغرق".
وكانت هذه، بالطبع، حيلة دعائية، لكنه ربما كان أيضا يشير إلى نقطة كوميدية في حقيقة أن العديد من العبارات الاصطلاحية لا معنى لها حرفيا. إن الاستخدام غير الحرفي لكلمات مثل هذه لا يأتي بالضرورة بشكل طبيعي للأشخاص المصابين بالتوحد، بحسب الخبراء.
وفي حين أن بعض الناس يفهمون ويقدرون هذا الأسلوب غير التقليدي للفكاهة، فمن المرجح أن يعتقد الكثيرون أنه غريب أو غير مناسب. ومن المحتمل أن يكون هذا قد ساهم في استقطاب الآراء حول ماسك، تلك التي قد تعكس جزئيا الاختلافات في طريقة الفكاهة بين المصابين بالتوحد وغير المصابين بالتوحد، كما كشفت الأبحاث.
وعند ظهوره في برنامج "ساترداي نايت لايف" في الولايات المتحدة، علق ماسك بنفسه على أسلوبه في التواصل مع التوحد كيف أنه يمكن أن يكون غير عادي.
ومن المرجح أيضا أن تعكس إنجازات ماسك نقاط القوة في التوحد في مجال العلوم والتكنولوجيا. ففي مقابلة العام الماضي، تحدث كيف "وجد أن من المجدي قضاء الليل كله في برمجة أجهزة الكمبيوتر... بمفردي فقط".
وقد يفسر هذا التفاني في اهتمامات محددة، بدلا من الأنشطة التقليدية اجتماعيا، مثل اللعب مع الأصدقاء، لماذا يتمتع بعض المصابين بالتوحد بمواهب غير عادية ويمكنهم أحيانا أن يتفوقوا على غير المصابين بالتوحد في مهام معينة. والأبحاث حول هذا الأمر قليلة ولكنها في تزايد.
صحيفة الإتحاد