من هم السريان
بعيدًا قليلًا في الزمن، حيث بدأت المسيحية في الانتشار، وعمّ الدين المسيحي أرجاءً متفرقةً من الأرض. بدأت المجموعات المختلفة تتشكل وبدأ الدين المسيحي يضم في حواشيه أقسامًا متنوعةً. وشكل السريان إحدى أبرز هذه المجموعات التي شكلت على مدى قرن من الزمن حضارة كبرى تشهد لها كتب التاريخ والآثار والمدونات القديمة. وسنتعرف هنا على السريان بشكلٍ أقرب في الأسطر القادمة.
معنى كلمة السريانية
أطلقت كلمة السريانية على كلٍ من السوريين الشرقيين (أو النسطوريين) واليعقوبيين السوريين. فعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، لا يطلق مصطلح المسيحيين السوريين على سكان أرض سوريا، بل إلى المسيحيين الذين يتكلمون السريانية وهم –كما ذكرنا- اليعقوبين من بلاد ما بين النهرين وتركيا بالإضافة النسطوريين من سكان بلاد النهرين وإيران في لبنان والكلدان وغيرهم.
من هم السريان
ينحدر السريان من الآراميين الذين عاشوا في بلاد ما بين النهرين بالقرب من نهر الفرات. عرف الآرميين بوثنيتهم واعتنقوا الإسلام في وقتٍ متأخرٍ في حوالي القرنين الأول والثاني. وأطلقوا على أنفسهم اسم السوريين كونهم شكلوا امتدادًا لسوريا الكبرى في ذلك الوقت، ومنها اشتقت كلمة السريان، وهو الأمر الذي يفسر تسمية الكنائس التي بنوها بالكنائس السورية. وتأسست أولى هذه الكنائس في أنطاكيا من قبل بولس عام 37م. وتألفت الكنيسة السريانية في الشرق الأوسط من مجموعتين هما الآشوريين والآراميين، حيث استقر الآشوريون شرقي نهر الفرات، بينما تمركز الآراميون غربه.
اللغة
ما يجعل السريان مميزين هو لغتهم التي تحمل مكانةً دينيةً كبيرةً. إذ كُتب الكتاب المقدس باللغة الآرامية، وهو ما يدل على الوجود الحقيقي للسريان في الشرق الأوسط. كما تحدث يسوع المسيح اللغة الآرامية، التي كانت تمثل العبرية المنطوقة في ذلك الوقت. ومع تبني منطقة الشرق الأوسط للمسيحية، أصبحت اللهجة الآرامية تعرف باسم "السريانية" وأصبحت اللغة المكتوبة القياسية في جميع أنحاء المنطقة.
وفيما بعد، أصبحت السريانية لغةً جديدةً عندما جمع المبشرون البروتستانت الإنجيليون من الولايات المتحدة والمستشرقون جهودهم في أوائل القرن التاسع عشر لدراسة اللغة علمياً واختزالها إلى كتابةٍ مفهومةٍ وموحدة النموذج. وبمجرد الانتهاء من دراستهم العلمية وإعادة صياغة اللغة في شكلها الحديث، شرع المبشران دوايت وإيلي سميث لترجمة الكتاب المقدس إلى السريانية.
ولا يزال السوريون الشرقيون يتحدثون بالأشكال الشعبية المحكية (العامية) للسريانية. أما بقية المسيحيين السوريين- بمن فيهم الموارنة- فيستخدمون اللغة العربية للعامية. ومع ذلك، لا يزال جميعهم يستخدم السريانية كلغةٍ في طقوسهم وعباداتهم في الكنيسة. ويستخدم الموارنة الخط السرياني لتسجيل صلواتهم العربية.
كما تنبع أهمية السريانية من كونها حلقة وصلٍ بين الشرق والغرب من خلال ترجمة العديد من الكتب الآرامية واليونانية إلى اللغة العربية، والعكس بالعكس
الإبادة الجماعية السريانية
على مر العصور، كان هناك اضطهاد للمسيحيين السريانيين بسبب إيمانهم. ولم يكن للسريان دولتهم الخاصة لحمايتهم وإعطائهم حقوقهم. بل كانوا ينتمون إلى مجموعةٍ من الممالك التي تلاشت بمرور الوقت. فكان للكاثوليك واليونانيين والأرمن دولهم أو إمبراطورياتهم الخاصة التي تحميهم في أوقات الاضطهاد. في حين لم يكن للسريان هذا النوع من الكيانات لحمايتهم.
وبالحديث عن بعض المذابح التي تعرض لها السريان نذكر واحدةً من أكبر المذابح الموثقة في التاريخ والتي شنتها الإمبراطورية العثمانية- والتي وصلت ذروتها في عام 1915- والمعروفة باسم سيفو، وهي كلمةٌ سريانيةٌ تعني "السيف". وهذا يدل على السلاح الذي استخدم في قتل العثمانيين الهمجي للسريان. ولا توجد إحصاءات دقيقة عن العدد الإجمالي للإصابات، لكن يقدر المؤرخون عدد الضحايا السريان بحوالي 250 ألف إلى 500 ألف شخصٍ.
ومثلت هذه المذابح السبب الرئيسي لتفريق السريان في جميع أنحاء العالم وفقدهم لأراضيهم وأديرتهم.
السريان في سوريا
عانت الطائفة المسيحية السريانية في سوريا ككلٍ معاناةً كبيرةً واضطهادًا على مر العصور، من الفرس والبيزنطيين والإسلام انتهاءً بالأتراك العثمانيين. وقد أدت الإبادة الجماعية في تركيا ضد الطوائف السريانية والأرمنية واليونانية في عامي 1915 و1916 إلى الحد من الوجود السرياني في المنطقة.
أما الآن، تجري نهضة في الطائفة السريانية المسيحية المحصورة في منطقة شمال شرق سوريا، في القامشلي والحسكة وغيرها من المدن والقرى المحيطة بها، والتي تحاول إحياء اللغة والثقافة السريانية بعد عقودٍ من الإهمال والقمع.
إذ تعمل الرابطة الثقافية السريانية في سوريا على تعزيز الثقافة السريانية وتعزيز الروابط الثقافية في المنطقة من خلال المحاضرات والمؤتمرات والقراءات الشعرية التي تشمل المجتمعات الكردية والعربية.
بعيدًا قليلًا في الزمن، حيث بدأت المسيحية في الانتشار، وعمّ الدين المسيحي أرجاءً متفرقةً من الأرض. بدأت المجموعات المختلفة تتشكل وبدأ الدين المسيحي يضم في حواشيه أقسامًا متنوعةً. وشكل السريان إحدى أبرز هذه المجموعات التي شكلت على مدى قرن من الزمن حضارة كبرى تشهد لها كتب التاريخ والآثار والمدونات القديمة. وسنتعرف هنا على السريان بشكلٍ أقرب في الأسطر القادمة.
معنى كلمة السريانية
أطلقت كلمة السريانية على كلٍ من السوريين الشرقيين (أو النسطوريين) واليعقوبيين السوريين. فعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، لا يطلق مصطلح المسيحيين السوريين على سكان أرض سوريا، بل إلى المسيحيين الذين يتكلمون السريانية وهم –كما ذكرنا- اليعقوبين من بلاد ما بين النهرين وتركيا بالإضافة النسطوريين من سكان بلاد النهرين وإيران في لبنان والكلدان وغيرهم.
من هم السريان
ينحدر السريان من الآراميين الذين عاشوا في بلاد ما بين النهرين بالقرب من نهر الفرات. عرف الآرميين بوثنيتهم واعتنقوا الإسلام في وقتٍ متأخرٍ في حوالي القرنين الأول والثاني. وأطلقوا على أنفسهم اسم السوريين كونهم شكلوا امتدادًا لسوريا الكبرى في ذلك الوقت، ومنها اشتقت كلمة السريان، وهو الأمر الذي يفسر تسمية الكنائس التي بنوها بالكنائس السورية. وتأسست أولى هذه الكنائس في أنطاكيا من قبل بولس عام 37م. وتألفت الكنيسة السريانية في الشرق الأوسط من مجموعتين هما الآشوريين والآراميين، حيث استقر الآشوريون شرقي نهر الفرات، بينما تمركز الآراميون غربه.
اللغة
ما يجعل السريان مميزين هو لغتهم التي تحمل مكانةً دينيةً كبيرةً. إذ كُتب الكتاب المقدس باللغة الآرامية، وهو ما يدل على الوجود الحقيقي للسريان في الشرق الأوسط. كما تحدث يسوع المسيح اللغة الآرامية، التي كانت تمثل العبرية المنطوقة في ذلك الوقت. ومع تبني منطقة الشرق الأوسط للمسيحية، أصبحت اللهجة الآرامية تعرف باسم "السريانية" وأصبحت اللغة المكتوبة القياسية في جميع أنحاء المنطقة.
وفيما بعد، أصبحت السريانية لغةً جديدةً عندما جمع المبشرون البروتستانت الإنجيليون من الولايات المتحدة والمستشرقون جهودهم في أوائل القرن التاسع عشر لدراسة اللغة علمياً واختزالها إلى كتابةٍ مفهومةٍ وموحدة النموذج. وبمجرد الانتهاء من دراستهم العلمية وإعادة صياغة اللغة في شكلها الحديث، شرع المبشران دوايت وإيلي سميث لترجمة الكتاب المقدس إلى السريانية.
ولا يزال السوريون الشرقيون يتحدثون بالأشكال الشعبية المحكية (العامية) للسريانية. أما بقية المسيحيين السوريين- بمن فيهم الموارنة- فيستخدمون اللغة العربية للعامية. ومع ذلك، لا يزال جميعهم يستخدم السريانية كلغةٍ في طقوسهم وعباداتهم في الكنيسة. ويستخدم الموارنة الخط السرياني لتسجيل صلواتهم العربية.
كما تنبع أهمية السريانية من كونها حلقة وصلٍ بين الشرق والغرب من خلال ترجمة العديد من الكتب الآرامية واليونانية إلى اللغة العربية، والعكس بالعكس
الإبادة الجماعية السريانية
على مر العصور، كان هناك اضطهاد للمسيحيين السريانيين بسبب إيمانهم. ولم يكن للسريان دولتهم الخاصة لحمايتهم وإعطائهم حقوقهم. بل كانوا ينتمون إلى مجموعةٍ من الممالك التي تلاشت بمرور الوقت. فكان للكاثوليك واليونانيين والأرمن دولهم أو إمبراطورياتهم الخاصة التي تحميهم في أوقات الاضطهاد. في حين لم يكن للسريان هذا النوع من الكيانات لحمايتهم.
وبالحديث عن بعض المذابح التي تعرض لها السريان نذكر واحدةً من أكبر المذابح الموثقة في التاريخ والتي شنتها الإمبراطورية العثمانية- والتي وصلت ذروتها في عام 1915- والمعروفة باسم سيفو، وهي كلمةٌ سريانيةٌ تعني "السيف". وهذا يدل على السلاح الذي استخدم في قتل العثمانيين الهمجي للسريان. ولا توجد إحصاءات دقيقة عن العدد الإجمالي للإصابات، لكن يقدر المؤرخون عدد الضحايا السريان بحوالي 250 ألف إلى 500 ألف شخصٍ.
ومثلت هذه المذابح السبب الرئيسي لتفريق السريان في جميع أنحاء العالم وفقدهم لأراضيهم وأديرتهم.
السريان في سوريا
عانت الطائفة المسيحية السريانية في سوريا ككلٍ معاناةً كبيرةً واضطهادًا على مر العصور، من الفرس والبيزنطيين والإسلام انتهاءً بالأتراك العثمانيين. وقد أدت الإبادة الجماعية في تركيا ضد الطوائف السريانية والأرمنية واليونانية في عامي 1915 و1916 إلى الحد من الوجود السرياني في المنطقة.
أما الآن، تجري نهضة في الطائفة السريانية المسيحية المحصورة في منطقة شمال شرق سوريا، في القامشلي والحسكة وغيرها من المدن والقرى المحيطة بها، والتي تحاول إحياء اللغة والثقافة السريانية بعد عقودٍ من الإهمال والقمع.
إذ تعمل الرابطة الثقافية السريانية في سوريا على تعزيز الثقافة السريانية وتعزيز الروابط الثقافية في المنطقة من خلال المحاضرات والمؤتمرات والقراءات الشعرية التي تشمل المجتمعات الكردية والعربية.